حسم القرار الصادر من رئاسة الجمهورية بالموافقة على التجديد لطارق عامر فى منصب محافظ البنك المركزى المصرى حالة الجدل التى سادت السوق المحلية خلال الأسابيع الماضية بشأن الأسماء المرشحة للمنصب الأرفع داخل الجهاز المصرى والتى كان من بينها وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد ورئيس البنك التجارى الدولى هشام عز العرب.
التجديد لـ “عامر” كما تقول مصادر كان أقرب التوقعات نظرا لنجاح البنك المركزى المصرى خلال فترته الأولى فى إدارة مجموعة من الملفات الرئيسية من بينها أزمة نقص العملة الأجنبية وأسعار الفائدة ومبادرات دعم الاقتصاد .
وأكد محمد أبو باشا محلل الإقتصاد الكلى لدى المجموعة المالية هيرميس أن محافظ المركزى نجح بجدارة فى التحدى الرئيسى الخاص بإدارة ملفات السياسة النقدية خلال المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادى وتحقيق كافة المستهدفات النقدية ومنها تقليص التمويل النقدى لعجز الموازنة والهبوط بالتضخم لأقل مستوى من 14 عام والنزول بأسعار الفائدة لمستويات ما قبل 2016 بجانب ملفات سعر الصرف والتحول الرقمى
فى التقرير التالى ترصد “المال” كيف أدار عامر مجموعة من التحديات البارزة خلال ولايته الأولى
منظومة تحرير سعر الصرف
أعلن البنك المركزى المصرى يوم 3 نوفمبر عن إطلاق الحریة للبنوك العاملة فى مصر فى تسعیر النقد الأجنبى وذلك من خلال آلیة الإنتربنك ، كان القرار بمثابة حد فاصل لأزمة عملة طاحنة ظهرت عقب ثورة 25 يناير 2011 أسفرت عن سوق موازى للدولار واختفاء العملة الأجنبية من البنوك وتعطل عدد واسع من خطط الشركات للتوسع الرأسى والأفقى وخروج للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بالإضافة لوجود سعرين للعملة أحدهما رسمى بنحو 7.83 جنيها للدولار والآخر بالسوق السوداء بلغ 18 جنيها وقت التعويم.
وحقق سعر الصرف صعوداً كبيراً عقب التعويم ليصل الى مستوى 19.5 جنيها بنهاية عام 2016 قبل أن يبدأ حركة تصحيح كسب خلالها 17% ليصل الى 16.15 جنيها فى الوقت الحالى.
ويرى محللون أن تحرير سعر الصرف كان نقطة البداية الحقيقية للإصلاح الإقتصادى والإتفاق على برنامج اقراض بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولى واستعادة تدفق العملة الى القنوات الرسمية وانهاء السوق السوداء
سعر الدولار وقت تولى عامر
175% زيادة فى الإحتياطى الأجنبى :
نجح عامر عبر الإستفادة من عودة العملات الأجنبية لقنوات الصرف الرسمية عقب تحرير سعر الصرف فى إعادة تعبئة الإحتياطى الأجنبى لمصر ليرتفع بنحو 175% الى مستوى 45.25 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضى مقارنة بنحو 16.4 مليارا وقت توليه المسئولة فى نوفمبر 2015
ولعبت الديون الخارجية دورا فى بناء تلك الاحتياطيات لكن بات ينظر إلى تلك الديون على أنها أكثر استدامة، خاصة مع استعادة البلاد قدرتها على التعامل مع أسواق الدين الدولية والمستثمرين الدوليين فى أسواق الدين المحلى بالإضافة لقدرة المركزى على هيكلة المديونية الخارجية قصيرة الأجل.
وحصلت مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار بموجب اتفاقية التسهيل الممدد مع صندوق النقد الدولى، إلى جانب حزمة تمويلية عبر الاتفاقيات الثنائية، خلال الثلاث سنوات الماضية.
ومنذ تحرير سعر الصرف وحتى نهاية الربع الثالث من العام المالى الماضى تلقى البنك المركزى تدفقات نقد أجنبية بلغت 150 مليار دولار منها 88 مليار دولار للبنوك خلال عامين. حسب تصريحات لـ “عامر”.
أقل مستوى للتضخم منذ 14 عام
تسبب قرار تحرير سعر الجنيه فى حدوث موجة تغير هائلة فى أسعار الأصول بالعملة المحلية ليقفز معدل التضخم الى مستوى 35% عقب شهر من التعويم قبل أن يتم محاصرته من جانب البنك المركزى استنادا لأدواته النقدية المختلفة ليصل بنهاية أكتوبر الماضى الى مستوى 3.1% وهو أقل مستوى خلال 14 عام
وأقدم البنك تحت رئاسة عامر على رفع سعر الفائدة نحو %10 أثناء توليه منصبه ، كما رفع نسبة الاحتياطى الإلزامى التى أقرها على مدخرات البنوك إلى %14 بعد أن كانت %10 وذلك بالتوازى مع بعض الإجراءات المصرفية التى وجه البنوك خاصة بنوك الدولة «الأهلى ومصر» لها للسيطرة على التضخم وأبرزها طرح شهادات إدخار بعائد 20% والتى ساهمت بنسبة كبيرة فى جذب السيولة وتقييد القوى الشرائية.
مبادرات تعزيز القطاعات الاقتصادية
شهدت فترة عامر الأولى إطلاق وتجديد عدد من المبادرات الهامة لتعزيز القطاعات الإقتصادية المتضررة من الإجراءات النقدية والمالية المصاحبة لبرنامج الإصلاح الإقتصادى ، فقد أصدر مجلس إدارة البنك المركزى فى ديسمبر 2015 تعريفا موحدا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وألزم البنوك مطلع 2016 بالوصول بنسبة قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة الى %20 من محافظها الائتمانيةخلال أربع سنوات مع الموافقة على منحه قروض بفائدة مدعمة 5 و 7% فى محاولة لضخ نحو 200 مليار جنيه للقطاع وفقا لمبادرة من رئيس الجمهورية.
كما أعلن المركزى فى فبراير 2016 عن تخصيص 5 مليارات جنيه لإعادة إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة بغرض تمويل الآلات ومعدات الإنتاج لمده 10 أعوام.
كما أصدر البنك المركزى ثلاثة تعديلات على مبادرة تنشيط التمويل العقارى التى تم إطلاقها قبل تولى عامر وسمح من خلالها لشركات التمويل العقارى بالدخول مباشرة فى التمويل من خلال المبادرة وإضافة شرائح جديدة من العملاء.
وأطلق «عامر» مبادرة لتعزيز الشمول المالى بهدف زيادة المتعاملين مع القطاع المصرفى من خلال فتح حسابات مصرفية بدون مصروفات.
وأصدر البنك مبادرة لإعادة إحلال وتجديد الفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحى وإتاحة 5 مليارات جنيه تعيد البنوك إقراضها بفائدة %10 متناقصة.
وسمح للبنوك بعدم إدراج الشركات الحاصلة على تسهيلات مؤقتة بالعملة الأجنبية ضمن الشركات المتعثرة
وقام بإدراج الشركات والمنشآت الصغيرة العاملة فى المجال الزراعى والألبان والأعلاف والثروة السمكية والداجنة والحيوانية ضمن منظومة المشروعات التى يتم اقراضها بنسبة 5% عبر تخفيض حجم أعمالها ليصبح 250 ألف جنيه.
وخلال العامين الأخيرين للبنك المركزى، كانت خطواته أكثر تحديدًا نحو التوجه لمجتمع لانقدى، وتدعيم ركائز التكنولوجيا المالية عبر تدشين حاضنة الأعمال «فينتك-مصر»، وصندوق تطوير الابتكارات برأسمال مليار جنيه، وتعديل قواعد المدفوعات الالكترونية .
وشهدت السنوات الأخيرة تحركات جادة نحو ميكنة الدين العام، عبر تدشين نظام حفظ وإيداع مركزى، بالتعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية والبنك الدولى.
ومؤخرًا كشف النقاب عن ملامح مشروع قانون البنك المركزى الجديد، والذى شمل عدة بنود بشأن شفافية وحوكمة البنوك، ورؤوس الأموال للقطاع المصرفى والبنك المركزى، وآلية التدخل السريع حال تعرض أحد البنوك للتعثر، وشمل فصلاً كاملاً للمدفوعات الإلكترونية وتم إعداد القانون بالتعاون مع مكاتب استشارات قانونية عالمية وكذلك قدم صندوق النقد الدولى مشورات فنية.