لحماية محدودي الدخل.. التأمين متناهي الصغر نهج شامل في إدارة المخاطر الزراعية (جراف)

وتولي شركات السوق أهمية كبيرة لهذا النوع من التأمين

لحماية محدودي الدخل.. التأمين متناهي الصغر نهج شامل في إدارة المخاطر الزراعية (جراف)
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

5:39 م, الجمعة, 12 أبريل 24

يستهدف التأمين متناهي الصغر الفئات محدودة الدخل، مما يعكس دورًا كبيرًا لأهمية زيادة الوعي بفوائده، من خلال توفير تغطية تتناسب مع دخل واحتياجات تلك الفئات، حيث تولي نسبة كبيرة من الشركات العاملة في السوق أهمية كبيرة لهذا النوع من التأمين في إطار دوره في حماية محدودي الدخل.

ومن الجدير بالذكر أن شركات التأمين تتعاون مع المنظمات والجهات ذات العلاقة بالتأمين متناهي الصغر، كالمستشفيات وشركات إدارة الخدمات الطبية، لنشر الثقافة التأمينية في المدارس والجامعات؛ الأمر الذي ينعكس بشكل غير مباشر على النتائج النهائية لشركات التأمين ونسبة مساهمة القطاع في الناتج القومي.

ولا بد من الالتفات إلى أهمية تحسين مستوى الخدمة المقدمة للعملاء، باعتبار أن بعض الممارسات السيئة من جانب عدد من شركات التأمين العاملة في السوق، مثل عدم دفع تعويضات للعملاء وفق الأساليب الفنية، تساهم في الإضرار بسمعة القطاع بشكل عام.

والجراف التالي يبين تطور نسب سكان الريف المصري منذ 1976 حتى 2017، طبقًا لـ”المركزي للتعبئة العامة والإحصاء”:

الهند.. تمتع خدمتك دون تحايل

أوضحت أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين واستشاري العلاقات الدبلوماسية بالاتحاد الأفروأسيوي للقانون الدولي، لزوم استخدام التكنولوجيا لمكافحة الاحتيال على شركات التأمين لمكافحة معدلات مطالبات التأمين العالية غير الواقعية، للحصول على التغطية، ولمواجهة تلك الظروف في الهند على سبيل المثال؛ يقوم الطبيب البيطري بوضع علامة بلاستيكية خارجية على أذن الحيوان كمؤشر على أن هذا الحيوان المحدد مؤمن عليه، كيلا يتم تغييره بغيره من الحيوانات، إلا أن هذه العلامات البلاستيكية شقت طريقها بشكل ما إلى الماشية النافقة، بشكل متكرر للغاية، ما أدى إلى ستخدم العديد من شركات التأمين رقائق تحديد التردد اللاسلكي (RFID) التي يتم حقنها تحت جلد الحيوان، وهي أقل إيلامًا من وضع العلامات.

كينيا.. ادفع مؤخرًا

وبيّنت أماني الماحي أن كينيا -على سبيل المثال- تستخدم التأمين المستند إلى المؤشر، حيث يؤدي مؤشر خارجي إلى الدفع للعملاء بدلًا الاتصال للإبلاغ عن مطالبة العميل، وتجمع تلك الطريقة بين نظام الدفع عبر الهاتف المحمول ومحطات الطقس التي تعمل بالطاقة الشمسية، لتزويد المزارعين في كينيا بتأمين الدفع عند ابتداء كل موسم زراعي.

وتعمل تلك الطريقة التي أشارت إليها الماحي، بأن يذهب المزارع إلى تاجر معتمد ويشتري كيسًا من الأسمدة، ويدفع 5٪ إضافية للحصول على تغطية مناخية، بينما يقوم التاجر بمسح رمز شريطي خاص، والذي يقوم على الفور بتسجيل البوليصة لدى شركة التأمين، برسالة نصية تؤكد بوليصة التأمين إلى الهاتف المحمول للمزارع، وعندما تشير البيانات المنقولة من محطة طقس معينة إلى حدوث جفاف أو حدوث حالة قاسية أخرى، يتلقى المزارع المسجل في تلك المحطة المدفوعات تلقائيًا عبر خدمة تحويل الأموال خلال الهاتف المحمول.

الصين.. «متناهي الصغر» من الهواء!

واستهدفت الصين، مثلًا، محدودي الدخل من خلال تخفيف قيود السيولة، حيث يشكل لحم الخنزير هنالك ما يقرب من 48٪ من إنتاج الثروة الحيوانية، بينما يتم تربية معظم الخنازير بشكل عام بأعداد صغيرة من قبل الأسر الريفية في ساحاتها الخلفية، مما يجبر مزارعي الخنازير الصينيين على مواجهة أخطار الإصابة بأمراض الخنازير، وعلى الرغم من الفوائد الواضحة لمنتجات التأمين متناهي الصغر، ما يزال الطلب منخفضًا عليه بسبب القيود النقدية وانعدام الثقة في مقدمي خدمات التأمين.

قدمت الماحي تعليقًا على ذلك، قالت إن الشركات هنالك قد سمحت للمزارعين بالحصول على التأمين مع تأخير دفع الأقساط حتى نهاية فترة التأمين، والتي تزامنت مع بيع الخنازير، مما أدى لارتفاع أقساط التأمين الخاصة بهم بنسبة 11٪، ومن ناحية أخرى قامت شركات الاتصالات بتضمين أقساط التأمين في عقود الخدمة الخاصة بهم، مع ميزة تقديم تغطية مجانية في كثير من الأحيان، كجزء من خطة موجودة مسبقًا.

وأضافت أن التأمين متناهي الصغر بإفريقيا، على سبيل المثال، مجاني، باستخدام بيانات الهاتف فقط.

إندونيسيا.. أقساط التأمين من القمامة!

وذكرت أن التغطيات ربما كانت عن طريق القمامة، حيث تعد عملة جديدة مع شركة Garbage Clinical Insurance (GCI) الإندونيسية، والتي أسسها طبيب يبلغ من العمر 26 عامًا؛ جمال البين، مشيرة إلى أن من خلال GCI يتم تشجيع سكان المجتمع على إعادة التدوير والحصول على تغطية الرعاية الصحية في نفس الوقت، لأنه يتم تحويل القمامة إلى أموال يمكن استخدامها لاحقًا لدفع تكاليف التأمين الطبي.

«متناهي الصغر» يجفف منابع الفقر بالريف

وقالت هبة الله موسى، مدير مساعد إدارة المخاطر بشركة قناة السويس للتأمين وعضو لجنة التأمين المستدام بالاتحاد المصري للتأمين، إن استخدام التأمين بالاقتران مع أدوات أخرى كجزء من نهج شامل في إدارة المخاطر الزراعية، تُمكِّن الأسر بالمناطق الزراعية من الإنتاج والكسب واستثمار المزيد وبناء أصولها مما يعزز قدرتها على الصمود.

وبّينت أن التأمين الزراعي ضد الأخطار المناخية في المناطق الريفية من العالم النامي يمثل نسبة ضئيلة من حجم هذا القطاع، مما يعرض المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لمخاطر كبيرة، فالتأمين الزراعي لا يغطي حاليًا سوى أقل من 20% من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة حول العالم، وتقل هذه النسبة عن 3% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حسب الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد IFAD).

فقد ثبت أن دمج مخططات التأمين في البرامج التي يدعمها الصندوق تحقق قيمة أفضل للعملاء عن طريق الجمع بين التأمين والمنتجات المالية وغير المالية الأخرى، مثل توفير الأسمدة الزراعية، ويُساعد ذلك على تحسين سُبل وصول المحرومين من الخدمات إلى التأمين، وفي الوقت نفسه تنمية أسواق مستدامة لشركات التأمين.

وأضافت أن هناك تحديات كثيرة تجعل الوصول إلى التأمين مسألة غير ميسورة أمام المجموعات التي تحتاجه، إذ من المهم أن نوفر التوعية والمساعدة التقنية المتخصصة لأصحاب المصلحة وهم المستفيدين من التأمين حتى نعزز ثقتهم في المنتج المقدم.

التأمين يعزز الصمود المالي

وأضافت هبة الله موسى أن التأمين يسعى إلى تعزيز برامج لدعم الصمود المالي في المناطق الريفية ودعم التنمية الاقتصادية لهم، برفع قدرة الأسر في هذه المناطق على إدارة المخاطر، وتعزيز سُبل معيشتها، بتقديم خدمات توعوية وتأمينية تهدف لحماية الدخل وتعزيز القدرة على الاستثمار الزراعي لدى أصحاب الحيازات الصغيرة.

وذكرت أن تطوير التأمين الزراعي والتأمين ضد المخاطر المناخية، فضلًا على تصميم إستراتيجيات وسياسات التأمين بالشراكة مع الحكومة، من أجل دمج وتعزيز دور التأمين في البرامج والإستراتيجيات الاقتصادية للدولة سيعود بالنفع على السكان بالمناطق الريفية.

ولفتت إلى أن تصميم مخططات تأمينية وتنفيذها ضمن مبادرات التنمية الاقتصادية للريف المصري يعمل على ازدهار الوعي المالي والتأميني لدى المواطنين بتلك المناطق، ما يعزز قدرة المؤسسات المحلية العامة والخاصة على استخدام التأمين ضد المخاطر الزراعية والمناخية كأدوات شاملة لإدارة المخاطر.