هذا المقال آخر مقالات 2021، واسترجاعا لأمس ولى وعام يتنفس توقعاً، قمت بمراجعة مقالاتى فى 12 شهراً، عز أزمة كورونا، مشكلة سيدات نادى الجزيرة، مقترح تنظيم النسل، الدين الإبراهيمى الجديد، حرب الوعى الجمعى، ملف سد النهضة، قمة الـ 7، بناء الإنسان المصرى، استلام طالبان لحكم أفغانستان، المادة 98 عقوبات، اقتصاد الحرب، حكماء أحد، تحرير دخل الفرد، جسور العقل، جمهورية مصر العالمية، غزو المُعز، وغيرها من رؤى ومقالات، شاركت بها مع غيرى لمحاولة فهم الشأن العام المصرى والخارجى، وجميعنا نتراوح بين الرصد والتحليل أو التعليق والتوقع ومحاولة استشراف غد نصارع لأن نكون جديرين به.
على خلاف أمنيات العام الجديد، دعونا نفكر بما لا نريده فى 2022! ما لا نريده كشعب أو كدولة كشعب؛ لا نريد الطابور الخامس العمدى أو المُغيب! لا نريد مساحات أكبر لشائعات وسطحيات السوشيال ميديا وادارتها لوعى شعب كامل بالأزمات المفتعلة. لا نريد مزيدا من مخدرات الحس والفكر. لا نريد سرقة الجهود والجيوب والأحلام. لا نريد مزيدًا من المرجعيات المتحكمة والسيوف المُسلطة على الفكر والرأى. لا نريد مزيداً من التجريب فى عقول وتعليم أبنائنا وتجاهل دراسات وأهل خبرة يئنون من نحر هوية تعليمنا. لا نريد مزيداً من الجزر المنفصلة فى التعامل مع ثقافة المواطن ومواهبه وإبداعه. لا مزيد من مشروعات تقنية تولد عملاقة ويقزمها الورق والتنفيذ والمصالح. لا نريد مزيداً من ابداع النخبة فى التملص من المسئوليات. لا نريد تشريعات تسبق دراسة الواقع وتكاليف وضرائب تجافى واقع الطبقة الوسطى الغاربة والفقيرة السائدة. لا نريد تجاهل حرب تخريب الوعى الجمعى بمسخ أهميته وفهمه وتأثيره. لا نريد سينما فقدت بوصلتها بوجوه مفروضة وموضوعات تفرغ هويتنا وقيمنا. لا نريد مهرجانات فشل بزعم التجديد والتطوير وقصور مواجهتها بحلول موضوعية وصمت حكومى مريب.
لا نريد مجلس أمة وشيوخ منفصلاً عن واقع الحياة والناخبين. لا نريد ابتزازاً عاطفياً للمجتمع بإعلام «محتاج علام»، يرفع الهوام ثم يشكو الخواء. لا نريد قطاع خاص يئن من انعدام المنافسة ويستفيد من تنمية فعلية. لا نريد غموضاً بالخطاب الحكومى فى ملفات حرجة. لا نريد «عاجية» الهيئة العامة للاستعلامات ووصولها لحياة المواطن. لا نريد زيادة الكيل فى التزامات المواطن عن مكيال حقوقه. لا نريد الصمت عن الحق فى الرأى والتفكير بالأصول. لا نريد تجاوز التكلفة للدخل والشروط للإمكانيات. لا نريد الإدارة بالأزمات والخوف. لا نريد الإدارة بالتعمية والتسطيح. لا نريد تعبيد عظام الطبقة الوسطى فلنكات الطرق الجديدة. لا نريد استمراء المواطن لحياة جديدة دون ثمنها العادل. لا نريد طفرة قاسية دون التوعية بمتطلبات القفز. لا نريد فناً عالة على استثمارات الخليج. لا نريد بيع مرافق وخدمات وأصول لا نقدر على استعادتها مستقبلا. لا نريد أيادى مرتعشة فى عالم يتساقط بسرعة. لا نريد حكم الأموات للأحياء. لا نريد نواب مقاعد مكيفة بناخبين مرتزقة. لا نريد اقتصاد ظل يعوق الدولة واقتصاد أسود يعيش على دم أهلنا. لا نريد تجاهل الشباب وتسطيحه والصمت عن تمييعه. لا نريد جامعات ورق وأبحاثاً درجية وحرب اقدميات ومزايا وظيفية. لا نريد خبرات وكفاءات تدفن بالمعاش. لا نريد تابعين مستأسدين للظل ناشرين. لا نريد مراكز قوى بمسميات جديدة. لا نريد تطوراً اقتصادياً للخاصة فقط. لا نريد موظفين كهنة لمجرد الأقدمية. لا نريد تديناً يكفر أو متكفرين يدينون. لا نريد تكبيل الاجتهاد على حساب الازدراء. لا نريد ترويض المواطن بالعلم والطاعة بل بالاشتراك والمساعدة. لا نريد أن تعنى مصر القاهرة والمحافظات الكبيرة فقط.
لا نريد غنيمة الأمان دون غُرم البناء. لا نريد تحديثاً يذوّب التراث والتاريخ. لا نريد تبسيط فواجع لمجرد الاستمرار بأمل النجاة. لا نريد تساهلا فى تخريب وعينا بالفن والثقافة ودين التابعين والمتدينين. لا نريد مهاجمة إنجازات وتنمية دون موضوعية وبدائل. لا نريد مصريين غرباء بمصر الجديدة، بل شركاء فهم وتجديد.
لا نريد كدولة؛ جيلاً نرجسياً يهمل الأحفاد، يدمن الماضى ويتهيب الغد. لا نريد إدارت وسطى أحرص على المرتب والمعاش من مصلحة المواطن. لا نريد طابوراً خامساً من الموعودين والطامعين والمُغيبين. لا نريد مقاومة لضرب الفساد وضبط الأداء. لا نريد مواطناً يرى الإفاقة مكلفة فيكمل غفوته وغيبته. لا نريد اقتصاد ظل وأسود يمص دم تنمية الاقتصاد الرسمًى. لا نريد مدمنى فتن وتجارة رمادية وتقوّت بالمشاكل. لا نريد فصل الوعى بين الحاجة لشعب يحتاج إلى حياة كريمة وجيش تصدى لمسئولية حفظ أمة. لا نريد مُنفذى سياسات ملكيين أكثر من الملك. لا نريد شباباً معطوباً نفسياً وفكرياً لبلد يحتاج إلى سواعده وفكره. لا نريد تنكر المصالح فى المبادرات. لا نريد إعلاماً إمعة يستجيب لأحابيل السقوط والتمييع. لا نريد رفضاً وشجباً وانتقاداً بدون طرح بدائل ونقد موضوعى. لا نريد تبنى التمرد بزعم التغيير. لا نريد انكار حالة حرب حقيقية والمطالبة بمزايا زمن السلم. لا نريد دولة دينية بل متدينة. لا نريد مغالطة فهم المستقبل بزعم الحالى أولى. لا نريد مواطناً يرفض الفطام. لا نريد نظام تعليم بل مواطناً يحب أن يتعلم. لا نريد خريجى ورق بل فرصاً تتخطف كفاءاتهم. لا نريد إرهاب روبيضة السوشيال ميديا بالشائعات والفتن والانتقام. لا نريد مجتمع تجارة القشور والنزوات والإلهاء. لا نريد تنكر الحرام والفساد والجهل والتبجح فى مسوح حرية الفكر والرأى والعقيدة. لا نريد مخدرات الفكر والنفس والروح. لا نريد تباكياً على خضار وإهمال أصفر يصرخ لتخضيره. لا نريد عوائق أصولية أو أصولاً معوقة. لا نريد عاصمة إدارية جديدة، بل تغزو روحها مصر لتكون كل ربوعها جديدة.
لا نريدها دولة قوية بلا شعب يتقوى، ولا شعباً ملولاً لدولة تتقدم. لا نريد إلا ما يريده الشعب المصرى.. حياة كريمة رغم اقتصاد حرب، برؤية نستكمل نحتها من 2022!
* محامى وكاتب مصرى