أجرت مجموعة لافارج مصر للأسمنت مؤتمرًا صحفيًا مع مجموعة من وسائل الإعلام للحديث عن مستقبل الشركة وسوق صناعة الأسمنت فى السوق المحلية.
وحضر المؤتمر سولومون بومجارتنر أفيلزانترفيو الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات لافارج في مصر، والذى توقع بانخفاض الطلب على الأسمنت فى السوق المصرية خلال العام الحالى بنحو 13% إلى 15% عن المسجل خلال العام الماضى.
ما مدى تأثر موازين العرض والطلب بأزمة كورونا وقرارات وقف تراخيص البناء؟
يعاني قطاع الأسمنت في مصر من اختلال موازين العرض والطلب، حيث يوجد فائض في معدلات العرض بنسبة 40%، الأمر الذي يهدد استمرارية المنتجين في سوق الأسمنت المصري كونه سوق غير تنافسي. بدأ انهيار شركات الأسمنت بخروج الشركة القومية للأسمنت من طابور المنتجين، ومن المتوقع أن يتبعها أكثر من 6 كيانات عاملة أخرى إذا استمر الوضع كما هو عليه ولم تتدخل الحكومة المصرية لإسعاف الموقف ووقف نزيف الخسائر.
فلم تبدأ معاناة قطاع الأسمنت في مصر بأزمة كورونا أو وقف إصدار تراخيص البناء، بل تكمن المشكلة في ما هو أبعد من ذلك بكثير. ففي عام 2016، بلغ فائض الإنتاج 15 مليون طن ليتزايد حجمه ويصل إلى 33 مليون طن/عام حالياً.
وفي عام 2020، تضاعف الضغط على السوق بسبب أزمة كورونا بجانب حملات الدولة على الإنشاءات المخالفة ووقف التراخيص – والتي أثرت سلباً على الطلب بنسبة تتراوح ما بين 10% – 15% مقارنة بإغلاق عام 2019 البالغ 42-43 مليون طن. هذا ومن المتوقع إنخفاض حجم الطلب على الأسمنت بنحو 20% خلال الربع الأخير من العام الجارى فى ظل التوقف التام لأعمال البناء.
هل شهد سوق الأسمنت المصري زيادة في الأسعار في الفترة القليلة الماضية؟
لم يتغير معدل أسعار الأسمنت في السوق المصري منذ عام 2016، أي قبل تحرير سعر الصرف، الأمر الذي ينبئ عن أزمة كبيرة تضاعفت بسبب جائحة كورونا ووقف تراخيص البناء.
في ضوء المشروعات الضخمة التي تتبناها الدولة، وإعلانها عن ضخ 300 مليار جنيه لدعم قطاع البناء، و كيف لسوق الأسمنت أن ينهار بذلك الشكل المخذي؟!
يحتل الأسمنت السائب والذي دائماً ما يستخدم في المشروعات الكبرى نسبة لا تتجاوز الـ25-30% من سوق الأسمنت المصري، بينما يحتل الأسمنت المعبئ والذي تقوم عليه البنايات والإنشاءات الفردية نسبة 70%، لذا تأثر حجم أعمالنا بشدة جراء وقف تراخيص البناء بجانب وجود فائض مهول في معدلات العرض، مع العلم أن منتجات
الأسمنت لا يمكن تخزينه. من هنا، لا يتثنى لنا إلا أن نجزم بأن الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج والضرائب والذي قابله انخفاض في الأسعار أدى إلى وضع قطاع الأسمنت المصري على حافة الانهيار.
هل سيسهم خفض معدلات العرض بشكل ملحوظ وسريع في حل الأزمة الحالية؟
يوجد لدينا فائض يقدر بحوالي 40% في معدلات العرض يقابله زيادة سنوية في موازين الطلب تتراوح ما بين 3 – 4%، الأمر الذي قد يتطلب سنوات بل وعقود لتقييم أثره، فالطاقة التشغيلية بالسوق المصري حالياً لا تتعدى الـ60% فقط.
كيف أثرت الأزمة الحالية على حجم أعمالكم في السوق؟! وما هو حجم الخسائر التي تكبدتها لافارج مصر؟
كوننا جزءاً أصيلاً من كيان عالمي متعدد الجنسيات، تحاول لافارج مصر أن تبذل قصار جهدها لطرح الحلول والتوصيات للحكومة المصرية لإنعاش هذا القطاع الحيوي وإنقاذه من الانهيار والحفاظ على مشاريعها في مصر.
ولكن رغم كل تلك المساعي الجادة، لم تلقى تلك الجهود الحثيثة مردوداً يذكر إذ إن الشركة حالياً لا تسعى إلى تحقيق ربحية بسبب الأزمة الراهنة بقدر حرصها على دفع مرتبات عمالتها في محافظتي السويس وعين السخنة وعدم اللجوء لتسريحهم، حيث يعتمد قطاع الأسمنت المصري على العمالة المحلية بشكل كلي.
ومع الأسف، لجأت بعض شركات القطاع إلى الاقتراض لتفادي إفلاسها ولجئ البعض الأخر إلى تصفية أعماله كالشركة القومية للأسمنت، الأمر الذي دفع لافارج مصر إلى إعادة تقييم استمرارها في السوق المصري رغم توقعاتها له كسوق واعد. هذا وتبحث الشركة حالياً إلى تقليل تكاليف التشغيل لتفادي الخسائر. وعليه، تطالب لافارج مصر بسرعة اتخاذ قرارات صائبة، وإلا ستضيع كل تلك المساعي هباءاً، فالوضع الراهن لا يبشر بالخير.
هل تقدمت لافارج مصر بتوصيات للحكومة المصرية للخروج من تلك الأزمة ؟
تدعم لافارج مصر بقوة مبادرة رئيس الوزراء التي تم إطلاقها في الـ28 من مايو 2020 والتي نصت على خفض حجم المبيعات للمنتجين لفترة محددة بنسبة مئوية مقررة سلفاً وفق القدرة الإنتاجية المرخصة
ترى لافارج أن تلك المعايير ستسهم على المدى القصير في إعادة تقييم معدلات العرض وانعكاسها بصورة ملحوظة على معدلات الطلب، ومن ثم، السماح للسوق بالعمل تحت ضغط تنافسي ملائم، على أن تضمن الحكومة تنفيذ تلك القرارات بشفافية بالغة بعد التحقق من جدواها ومواءمتها مع قانون المنافسة لضمان أن كافة الكيانات العاملة تعمل بمسئولية تامة طبقاً لتلك المعايير.
من هنا، تقدمت لافارج مصر للحكومة المصرية بتوصيات تفيد سن معايير صارمة لتحقيق أقصى إنتاجية مع الالتزام بمعدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كتلك المطبقة في العديد من الدول، والتي تتوافق مع نتائج أعمال اللجنة المشتركة بين وزارة الصناعة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
وبذلك، تضمن الدولة أن الكيانات العاملة لن تتنافس فقط على الكميات المنتجة والأسعار ولكنها ستتنافس أيضا على الكفاءة وسبل الحفاظ على البيئة، لتتمكن من وضع اشتراطات تراعي معدلات الإنتاج والانبعاثات وتعيد موازين العرض والطلب إلى طبيعتها.
ومع ذلك، لم تحرك تلك التوصيات ساكناً على مدار عام حتى الآن، حيث سارعت كيانات قطاع الأسمنت المصري الـ22 بتقديم توصياتهم أيضاً للحكومة المصرية ولا يزال قطاع الأسمنت المصري يتكبد المزيد والمزيد من الخسائر الفادحة دون تدخل واضح وسريع من الدولة.
منذ إندلاع الأزمة بقطاع الأسمنت، هل بادرت الدولة المصرية بطرح حلول لتفاديها؟
التقى رئيس الوزراء بالمنتجين لأول مرة في 28 مايو 2019، تلاها لقاء وزير التجارة والصناعة في الـ13 من يونيو 2020 لمتابعة نشاط القطاع، والذي أوصى بتقديم إقرارات مكتوبة، والتزمت لافارج مصر وساري الكيانات العاملة بتقديمها، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم إمدادنا بأي حلول ولم يعاود الحوار ولا الاتصال بالجهات المعنية من حينها.
من هنا، تناشد لافارج مصر الحكومة المصرية إقامة حوار مفتوح يجمع صانعي القرار بمنتجي هذا القطاع لإيجاد حلول مجدية وسريعة على المدى القريب والبعيد لوقف نزيف الخسائر حيث إننا لا نمتلك رفاهية الوقت، إذ إن لافارج مصر حالياً لا تبحث عن تحقيق مكاسب ولكنها تبحث عن دفع مرتبات موظفيها والاستمرار بأعمالها في السوق المصرية.
هل من الممكن أن يسعف التصدير قطاع الأسمنت المصري؟! وهل هناك تراجع بصادرات الأسمنت؟
في ظل الأزمة التي تواجهها شركات الأسمنت في الوقت الحالي، والمتمثلة في عدم توازن العرض والطلب، فإن التصدير لا يقدم فارق في حل الأزمة الحالية نظرا لوجود فائض في العرض يقدر بنسبة 40%، تلك النسبة الضخمة التي لا يمكن للأسواق الإقليمية استيعابها في الوقت الراهن نظراً للتنافسية الشديدة التي تقدمها الأسواق الإقليمية مثل الإمارات والسعودية وتركيا وباكستان في توفير أسعار أفضل من تلك المقدمة في السوق المصري، الأمر الذي قد يعرقل الاستيراد من مصر. قد يساعد خفض سعر الغاز الطبيعي، كذلك المقدم لمصانع الحديد والصلب، إلى تقليل سعر الأسمنت وزيادة الصادرات، في ضوء ظهور أسواق واعدة في أفريقيا وأوروبا، ولكن زيادة التصدير لن يكفي بأي حال لحل الأزمة التي نعاني منها منذ سنوات على الصعيد المحلي.
هل خفض سعر الغاز المقدم لمصانع الأسمنت سيؤدي لتحسين وضع شركات الأسمنت في مصر؟
ليست الأزمة متعلقة بأسعار الأسمنت، ولكنها متعلقة بوجود فائض في العرض وهو ما يضع عبء على عاتق شركات الأسمنت للاستمرار في السوق المصري، في ظل وجود حلول واضحة للخروج من الأزمة ومعروفة للجميع. وفيما يخص أسعار الغاز، نرى أن السعر المقدم لمصانع الحديد والصلب هو سعر عادل، وفي حال تطبيقه في قطاع الأسمنت سيضيف ميزة تنافسية لأسواق التصدير، من خلال تقليل تكاليف الإنتاج.
هل ستستكمل لافارج مصر مشروعاتها البيئية كمشروع Geocycle لإدارة المخلفات؟
في ظل الأزمة الحالية، ونحن على مشارف انهيار صناعة الأسمنت في مصر وعدول لافارج عن الربحية لسداد مستحقات عمالها وموظفيها بعين السخنة والسويس، لا نضع نصب أعيننا سوى وضع خطة لحل الأزمة على المدى القريب والبعيد. وبالرغم من حرص لافارج مصر على تطبيق معايير السلامة البيئية وتبني دوراً فعالاً للحفاظ على البيئة بمشروعات Geocycle والنجاحات المشتركة مع وزارة البيئة، إلا إننا لا نستطيع استكمال جهودنا في مجال إدارة المخلفات قبل الوصول لحلول لأزمة القطاع، وما ترتب عليها من خسائر فادحة للشركة. فنحن لا نسعى الى الربح الآن ولكن نسعى ان نستطيع ان نستمر في السوق المصري ولا ننهار.