كي لا ترتد الحرب بين العرب وإسرائيل إلى المربع الأول

شريف عطية

9:08 ص, الأحد, 26 أبريل 20

شريف عطية

شريف عطية

9:08 ص, الأحد, 26 أبريل 20

لم يسبق لدول الصراع العربى الإسرائيلى منذ الحرب بينهما على أرض فلسطين 1948، أن اجتمع عليهم التعرض، لأسباب متباينة، إلى مثل تلك الحقبة الانتقالية المشوشة التى يعانون تبعاتها المتضخمة منذ العقد الأخير، سواء لما وقر فى قناعتهم عن اللاجدوى من استئناف الحرب (تنبه إسرائيل فى 22/4 عناصر «حزب الله» للابتعاد عن مواقع غاراتها).. أو سواء لتوسلهم بلا جدوى استئناف المفاوضات المجمدة تسوياتها قبل ربع قرن مضى، سواء على صعيد المسارات الثنائية بين دول الإطار المباشر أو عبر «المسارات المتعددة» مع دول الأنساق التالية فى منطقتى الخليج والمغرب العربى.

ذلك وفقا لتوصيات مؤتمر مدريد للسلام 1991، ولينغلق السياق عن الجانبين العربى والإسرائيلى داخل حلقة زئبقية من اللاسلم واللاحرب، تنعكس بالسلب ليس فقط على فاعلية تحركاتهم الخارجية فحسب، بل كذلك بالنسبة لأوضاعهم الداخلية المرتبكة، إذ تعانى إسرائيل من جانبها أزمات متتالية من الفراغ الحكومى منذ أبريل 2019.. ذات توابع تراجعية فى مجالات الصحة والاقتصاد والتعليم والحقوق المدنية، فضلا عن تأزم المسألة الفلسطينية داخل أحشائها دون بارقة أمل لتسوية أزمة الوجود بين الشعبين المتصارعين، ذلك فيما العالم العربى على الجانب الآخر من التل.. يعانى إرهاصات انقلابات ومتغيرات وصدامات دراماتيكية.

أقرب ما تكون – بل ربما أشد وطأة – لما تعرضت له أوضاعه الداخلية من قلاقل عقب حرب فلسطين، فى سوريا ومصر ولبنان والعراق طوال عقد الخمسينيات، ذلك بالتزامن مع مجاهدات إسرائيل لتثبيت الدولة فى نفس الحقبة بين جناحى «بن جوريون» و«شاريت» للتسوية مع العرب من خلال التفاوض أو من مركز القوة، وبالتوازى مع تداخل الولايات المتحدة لأول مرة للتوسط بمبادراتها بين مصر وإسرائيل، أدى فشلها فى التوصل إلى تسويات متفق عليها وقتئذ إلى استمرار حالة الحرب.. انحازت واشنطن بمقتضاها إلى جانب إسرائيل، قبل أن تمر مياه كثيرة تحت جسور الحرب والسلام خلال العقود السبعة الماضية،.. وصولاً إلى الحقبة الانتقالية المشوشة لكل من العرب «إسرائيل» لا تستثنى الولايات المتحدة من توقعات إخفاق خطتها الأخيرة للسلام (صفقة القرن).. للتعامل مع صراع شديد التعقيد.. امتد لعقود طويلة ولا يزال.

فى سياق ما يجرى من تطورات سابقة وحالية، أوصلت الأطراف المعنية ذات الصلة بالصراع العربى الإسرائيلى إلى مفترق طرق.. فيما بين احتمال التوصل إلى توافقات متبادلة تؤدى إلى سلام عادل شامل «متكافئ».. لا يحمل بذور نزاعات استراتيجية مستقبلية ليست غير مستبعدة، وبين القبول بامتداد حالة اللاسلم واللاحرب لحين تبدل فى المعطيات الإقليمية والدولية، تمضى التسوية من حالة الجمود الواقعى إلى تحركات أشبه بخداع النظر الكل فيها خاسر، أو إلى حين بروز قيادات محلية تتقبل ما يطلق عليه سلام الشجعان.. الذى من أجل التوصل إليه، جرى اغتيال السادات 1981.. و«رابين» 1995.. إلى تغييب «عرفات» 2004، وسجن «أولمرت» 2009، قبل أن يتسلم «نتانياهو» رئاسة الحكومة لعشر سنوات تالية حتى اليوم، يسعى خلالها لاستكمال مشروع «إسرائيل الكبرى» عبر «ضم الأراضى» من القدس إلى الجولان إلى الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، وبموافقة أميركية.

واعتراض الاتحاد الأوروبى، فيما تهدد الرئاسة الفلسطينية بإلغاء كل الاتفاقات والتفاهمات فى هذه الحالة مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة، فيما يرفض العرب فى غضون ذلك.. إطالة أمد النقاش بشأن (صفقة القرن).. مستمسكين بمرجعية مبادرة القمة العربية للسلام فى بيروت 2002، أما على الجانب الإسرائيلى.. فتتعرض حكومة الطوارئ المنتظرة (نتانياهو – جانتس ) لهجوم من اليمين واليسار والصحافة.

تنذر باحتمال إفشال إعلانها توطئة لانتخابات رابعة خلال العام المنصرم، فيما تأتى المواجهة المشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين لوباء «كورونا» كى تذكرهم بمدى ارتباط مصيرهم ببعضهم البعض، لربما تقلص العوائق التى شكلت علاقاتهم على مدى عشرات السنين، الأمر الذى ربما لا يكون مستبعدا معه، إحداث نقلة نوعية فى تسوية الصراع خاصة إذا صدقت التوقعات بائتلاف حكومى بين كل من حزب الجنرالات ( يسار اليمين) مع قوى اليسار المتبنية (حل وسط إقليمى) مع القائمة العربية (ثالث الكتل النيابية داخل الكنيست) ما قد يمهد لحوار مباشر بإشراف دولى بين الفلسطينيين وإسرائيل .. التى تزداد قناعتها – وفقا لخبراء عسكريين بأنها لن تنعم بالأمان إلا بتحقيق السلام حيث من المحتمل أن ينكسر حينئذ الجمود القائم بشأن.. «حل الدولتين» التى يتفق حوله معظم الأطراف المعنية بالمسألة الفلسطينيية، ومن ثم إلى فتح الطريق إلى سلام شامل عادل و متكافئ لا يحمل بذور نزاعات استراتيجية يمكن أن ترتد بحالة الحرب بين العرب وإسرائيل إلى المربع الأول.