قال خبراء مصرفيون إن رفع سعر الفائدة بواقع %3 خلال اجتماع السياسة النقدية الأخير سيتسبب فى زيادة تكلفة الإقراض على الشركات، مما يؤدى لزيادة نسب التعثر فى المستقبل، ويدفعها للبحث عن مصادر تمويلية أو استثمارية أخرى، أقل تكلفة.
وأضافوا، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن زيادة تكاليف التمويل والإقراض ستكون بنسب أقل بكثير من الاتجاه للسوق الموازية للحصول على الدولار، مشيرين إلى أن الهدف النهائى هو ضبط سعر الصرف بأسرع وقت ممكن وتقريب السعر الرسمى لصرف الجنيه أمام الدولار؛ لتستقر بعدها الأسعار وتهدأ الأسواق، ويعاود سعر الصرف الانخفاض تدريجيا، وعودة معدلات الفائدة بشكل طبيعي، من ثم تتحصل الشركات على تسهيلات للاقتراض تدفعها لإنشاء خطوط إنتاج جديدة.
وكان البنك المركزي، قد أقرالخميس الماضي، أكبر رفع للفائدة خلال 2022 بنسبة %3 دفعة واحدة على الإيداع والإقراض فى آخر اجتماع للجنة السياسة النقدية خلال العام الجارى، لتصل إلى %16.25 على الإيداع و%17.25 على الإقراض.
من جانبه، قال الدكتور عز الدين حسانين خبير مصرفى، إن رفع سعر الفائدة تسبب فى زيادة تكلفة الإقراض على الحكومة وبالتالى زيادة الأعباء التمويلية على الموازنة العامة للدولة بمقدار بـ170 مليار جنيه.
وأضاف حسانين، فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أنه سيتسبب في زيادة تكلفة الإقراض على الشركات، مما يؤدى لزيادة نسب التعثر فى المستقبل القريب من الشركات المتوسطة والصغيرة، أما ذات الأرباح المرتفعة، فقد تسرع من وتيرة سداد المستخدمين من أرصدة القروض، وبالتالى انخفاض هوامش الربحية بالبنوك، وزيادة السيولة بالبنوك تباعا.
وتابع حسانين أن زيادة التكلفة ستؤثر على القطاع العائلى وقروض التجزئة المصرفية مثل «الشخصية» و«كروت الائتمان» و«السيارات» وغيرها، مما قد يتسبب فى زيادة معدلات التخلف عن السداد.
وذكر الخبير المصرفى أن قيام البنوك بالتحوط ضد مخاطر التخلف عن السداد، سواء للشركات أو الأفراد، سيدفعها للبدء فى زيادة المخصصات مما ينعكس سلبا على ربحيتها.
وأفاد أن زيادة التكلفة ستسبب فى زيادة أسعار المنتجات النهائية، التى ستتحمل الجزء الأكبر من زيادة تكاليف الإقراض مما يسهم فى زيادة التضخم، وبالتالى تباطؤ النشاط الاقتصادى وقد تنخفض معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الثالث من العام المالى 2022/2023.
ويرى الخبير المصرفى أن رفع سعر الفائدة %3 دفعة واحدة، غرضه الأساسى هو الوصول إلى سعر عائد مناسب لمستثمرى أدوات الدين الأجانب، من تسجيل تدفقات نقدية دولارية سريعة تعزز الاحتياطى النقدى الدولاري، وتسانده فى قرار خفض الجنيه وتعويمه كاملا.
وأوضح الخبير المصرفى أن البنك المركزى ووزارة المالية يلجآن الآن لزيادة تكاليف وأعباء التمويل الحكومية وخفض الاستثمار المحلي، من أجل ضبط سعر الصرف بأسرع وقت ممكن وتقريب السعر الرسمى لصرف الجنيه أمام الدولارمقارنة بالسوق الموازية خلال فترة من 3 إلى 6 شهور ليعاود سعر الصرف فى الانخفاض تدريجيا.
وأكد الخبير المصرفى أن السيولة النقدية بالأسواق مازالت مرتفعة، فالنقد المتداول خارج القطاع المصرفى 800 مليار جنيه تقريبا، ومعدل نمو السيولة المحلية %24 وفق بيان نشره البنك المركزى عن شهر أغسطس 2022.
وقال الدكتور أحمد متولي، الخبير المصرفي، إنه كلما ازداد سعر الفائدة يؤدى ذلك إلى تراجع فورى للطلب على الاقتراض من القطاع المصرفي، وارتفاع الطلب على إيداع الأموال بالنسبة للأفراد.
وأضاف متولى خلال تصريحات خاصة لـ«المال»، أن رفع الفائدة يدفع الأشخاص الاعتبارية أو الشركات للتأنى قبل الإقدام على الاقتراض من القطاع المصرفي، مما يدفعهم للبحث عن مصادر تمويلية أو استثمارية أخرى، أقل تكلفة، ينتج عنه تباطؤ فى معدلات النمو الاقتصادى إلى حد ما، وتأجيل الشركات لقرار التوسع يمتد تأثيره لوتيرة الاستثمار.
وأشار الخبير المصرفى إلى أنه عند زيادة سعر الفائدة، يؤثر إيجابيا على معدلات التضخم نظرا لأنها سجلت %21.5 بنهاية نوفمبر الماضي، حيث سيتبعه إقبال الأفراد على الإيداع وانخفاض السيولة فى السوق، تترتب عليها انخفاض الاستهلاك.
وأوضح الخبير المصرفى أن الزيادات فى سعر الفائدة التى وصلت لـ%8 على مدار اجتماعات السياسة النقدية لعام 2022، مؤقتة مثلما حدث فى عام 2016، مشيرا إلى أنه متوقع بعد انقضاء الربع الثانى من 2023، أن يتراجع منحنى معدلات الفائدة مرة أخرى، من ثم تتحصل الشركات على تسهيلات للاقتراض تدفعهم لعمل خطوط إنتاج جديدة.
هانى حافظ: التكلفة ستكون بمعدلات أقل كثيرا من الاتجاه للسوق الموازية للحصول على الدولار
وقال هانى حافظ، الخبير المصرفى إنه نظرا لأن معظم الاقتصاد قائم على الاستيراد، فإن الشركات فى مصر كانوا يلجأون للسوق الموازية للحصول على الدولار، والشراء بـ 3 أو 4 أضعاف سعر السوق الرسمية، مما يتسبب فى زيادة التكاليف عليها.
وأضاف حافظ فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن رفع سعر الفائدة جاء للقضاء على الدولرة، إلى جانب كبح جماح التضخم، لتوفير حصيلة دولارية، مشيرا إلى أن رفع سعر الفائدة ستسبب فى زيادة التكاليف للتمويل والإقراض ولكن بنسب أقل بكثير من الاتجاه للسوق الموازية للحصول على الدولار.
ويمكن تعريف الدولرة بأنها توقف استخدام الدولة للعملة الوطنية الخاصة بها لفقدانها وظائفها الأساسية كوسيط للتبادل ومخزن للقيمة، واللجوء إلى استخدام العملة الأجنبية كالدولار الأمريكى أو الين اليابانى أو اليورو أو أى عملة قابلة للتحويل.
وتابع الخبير المصرفي، أن هناك احتمالية أن تطرح البنوك أوعية ادخارية بعائد أعلى قليلا، لرفع قيمة الاستثمار على الجنيه، مشيرا إلى أننا شهدنا هذه المرحلة خلال تحرير سعر الصرف عام 2016، حتى عاودت أسعار الفائدة الانخفاض مرة أخرى.
وأفاد الخبير المصرفى بأن ما نشهده الآن تأثير على المدى القصير لحين استقرار الأوضاع والعودة للمستويات الطبيعية.
ولفت إلى أن كل المؤشرات تؤكد وجوب رفع سعر العائد على الأوعية والمدخرات حتى لو لمدة عام، مشيرا إلى أن كل بنك يحسبها وفقا لتكلفة الأموال وقاعدته الرأسمالية.
وكان هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصري، أكد أنه لا يوجد أى نية لدى البنك الأهلى وبنك مصر لطرح شهادات ادخار بعائد يصل إلى %20 الفترة المقبلة، عقب قرارات البنك المركزى برفع الفائدة.
وذكر الخبير المصرفى أن ما نشهده يأتى من جانب العرض وليس الطلب، مشيرا إلى أنه فى حالة استمرار أزمة الدولار هناك بدائل أخرى لتخفيف الضغط على العملة، من خلال اللجوء للعمل بعملات أجنبية مثل اليورو والروبل الروسي، والذى بدأ العمل به مؤخرا، وسينعكس على أرض الواقع قريبا، وبالتالى لن نضطر لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.