كيف ننجح في تصنيع سيارة مصرية 100%

كتب- شريف عيسى   يصدر ما بين الحين والآخر على لسان العديد من المسئولين الحكوميين بمختلف مناصب تصريحات عن مساعى الدولة لتصنيع سيارة مصرية بنسبة 100%، إلا أن هذا النوع من التصريحات ليس وليد تلك الفترة، والتى تعود فى حقيقتها إلى الحقبة الناصرية فى ظل الشعار الذى تبنته القيادة السياسية خلال تلك الف

كيف ننجح في تصنيع سيارة مصرية 100%
جريدة المال

المال - خاص

7:16 م, السبت, 20 مايو 17

كتب- شريف عيسى
 
يصدر ما بين الحين والآخر على لسان العديد من المسئولين الحكوميين بمختلف مناصب تصريحات عن مساعى الدولة لتصنيع سيارة مصرية بنسبة 100%، إلا أن هذا النوع من التصريحات ليس وليد تلك الفترة، والتى تعود فى حقيقتها إلى الحقبة الناصرية فى ظل الشعار الذى تبنته القيادة السياسية خلال تلك الفترة فى الوصول لاكتفاء ذاتي من “الإبرة للصاروخ”.
 
ومع مساعى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق حلمة فى تصنيع سيارة مصرية، تم تدشين شركة النصر لصناعة السيارات والتى تمكنت فى عام 1961 من إطلاق أولى طرازاتها والتى عرفت بـ”رمسيس”، بمحرك ألمانى، بمكونات أجنبية 70%، ومحلية بنسبة 30%.
 
ومع رغبة الحكومة فى تعزيز المكون المحلى، تعاقدت النصر مع شركة فيات الإيطالية، وتوقفت الشركة عن إنتاج رمسيس فى عام 1963، ليكتفوا بتجميع سيارات فيات ذات الجودة العالية، مقارنة برمسيس.
 
وبعد استكمال الشراكة المصرية الإيطالية، بدأت النصر فى تجميع فيات في مصانعها، بداية من السيارة 128 والتى بدأ إنتاجها فى 1969، وحتى إنتاج للنصر شاهين، وفلوريدا.
 
وفى أعقاب ثورة 30 يونيو، تزايدت وتيرة تلك التصريحات من قبل المسئولين، إلا أن قررت الحكومة وقف إجراءات تصفية شركة النصر للسيارات، فى سبتمبر من العام الماضى، لتعود تلك التصريحات بقوة مرة أخرى.
 
وفى نوفمبر من العام الماضى، أعلن وزير قطاع الأعمال العام عن اقتراب مشروع تصنيع سيارة مصرية عبر استغلال خطوط الإنتاج المعطلة بالنصر لصناعة السيارات، بالتعاون مع مصنعيين عالميين، على أن يتم طرح السيارة رسمياً خلال الشهر المقبل “يونيو 2017″، إلا ان مصادر بالنصر أكدت على ان المفاوضات مع تلك الشركات بأت بالفشل بعد وصولها لطريق مسود لأسباب تتعلق بالإدارة، والتشعيل، ونسبة المكونات المحلية المستخدمة.
 
وفى الثانى عشر من الشهر الجارى، أعلن ابراهيم عجلان، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة “النصر”، عن رغبته فى تكوين شراكة مع المستثمرين، وأصحاب الشركات العالمية والمحلية الراغبين بالاستثمار فى مجال صناعة السيارات وتطوير الشركة.
 
وأشار إلى أن الدعوة تستهدف إنتاج سيارة مصرية منافسة لمثيلاتها فى السوق المحلية والعالمية، من حيث الإمكانيات والمواصفات والثمن، مع الاحتفاظ بمعايير الأمان والجودة بنسبة مكونات محلية تفوق 60%.
 
ولم تكتف تلك التصريحات عند هذا الحد، فأعلن اليوم وزير الدولة للإنتاج الحربى محمد العصار عن مباحثات مع لاصين ووكيل محلى من القطاع الخاص تعتمد على التعاون وتوطين لتكنولوجيا صناعة السيارات مع الجانب الصينى “بايك” بهدف إنتاج سيارة مصرية.
 
وقال العصار: “نبحث مع شعبة الصناعات المعدنية تعظيم المكون المحلى فى السيارات التى يتم تجميعها حالياً فى مصر، بالاستفادة من الإمكانيات الفنية لدى مصانع الإنتاج الحربى، ونهدف إلى مصاعفة تصنيع الأجزاء الهيكلية أو الداخلية، وصولاً إلى إنتاج كامل لسيارة مصرية اقتصادية فى مصانع الإنتاج الحربى”.
 
تصريحات العصار تأتى فى الوقت الذى يعانى فيه المستهلك المصرى صعوبة شراء سيارة جديدة بعد أن بلغت أسعارها حاليًّا حدود قدرته المالية، نتيجة للزيادات السعرية المستمرة التى واكبت قرار البنك المركزى الصادر فى الثالث من نوفمبر الماضى بتحرير أسعار الصرف.
 
“المال” استطلعت آراء خبراء صناعة السيارات فى مصر حول مدى قدرة الاقتصاد ومصانع التجميع على تصنيع سيارة مصرية بنسبة تصل إلى 100%.
 
فى البداية، قال سمير علام، مدير إنتاج سابق بجنرال موتورز العالمية، إن تصنيع سيارة مصرية بالكامل هو أمر صعب للغاية، فكبرى دول صناعة السيارات مثل اليابان لا يمكنها أن تنتج سيارة يابانية بنسبة 100%، نظراً لاعتمادها على موردين من الهند وعدد من الدول الأخرى فى الحصول على مكونات أو أجزاء بالسيارة.
 
وأشار علام فى تصريحات لـ”المال” أن غالبية دول العالم تعتمد على مكونات محلية نسبة تصل إلى 60% إلى 80%، فيما تلجأ إلى مصنعيين من دول أخرى فى الحصول على باقى المكونات، موضحاً ذلك بالسيارة “لوجان” والتى يتم تصنيعها بالمغرب.
 
وتابع: “أن لوجان رغم تصنيعها بالمغرب إلا أنه مازال المصريون يؤكدون أنها فرنسية، مع العلم أن نسبة المكونات المحلية المغربية فى اللوجان لا تتعدى 35%، فى حين يتم استيراد باقى المكونات من فرنسا ورومانيا وتونس وعدد من الدول الأخرى”.
 
وبين أن المغرب اعتمدت على مصنعى عالمى فى تجميع بعض الطرازات لديها بهدف تحقيق الاكتفاء من السوق المحلية، والتصدير للخارج، ولم تلجأ إلى أن تخترع سيارة بنسبة 100%.
 
وأوضح أن تصنيع سيارة مصرية بنسبة 100%، يتلزم استثمارات كبيرة للغاية تتخطى حاجز المليار دولار، معددًا الخطوات التى يتم انتهاجها فى مساعى تصنيع سيارة مصرية بالكامل.
 
وتابع: أن من أولى تلك الخطوات، تدشين مركز تطوير وتصميم لتحديد اسم جديد للسيارة كى تتحول إلى علامة تجارية، ووضع تصميم لها، وتدشين قاعدة صناعية للمكونات بكافة أنواعها بداية من الأجوزاء البسيطة وصولاً للأجزاء الأكثر تعقداً مثل المحرك، وصندوق التروس وغيرها.
 
كما يتطلب تصنيع سيارة مصرية 100%، تدشين معامل لاختبار الأجزاء المصنعة، مع تدشين خطوط الإنتاج لإنتاج السيارة، على أن يعقبها تدشين معمل لاختبار أمان السياراة والمعروف بـ crash tests.
 
وأشار مصدر فضل عدم ذكر اسمه أن تصنيع سيارة مصرية 100% يتعارض مع فكرة المفاوضات التى يجريها المسئولون مع الشركات العالمية مثل بيك على سبيل المثال للمعاونة فى تصنيعها، مؤكداً أن سيارة جديدة بنسبة 100% تعنى أن الدولة تسعى للابتكار وليس لنقل التكنولوجيا.

ومن جانبه، قال عمرو إسكندرانى، الخبير فى مجال صناعة السيارات: إن سوق السيارات المصرى الذى لا يتجاوز مبيعاته الإجمالية 200 ألف سيارة، لا يمكن بأى حال من الأحوال استيعاب إنتاج سيارة محلية بالكامل، مؤكداً فى الوقت ذاته أن غياب وجود صناعة مكونات حقيقية يجعل من الصعب بمكان البد فيها.

وأشار إلى أن تصنيع سيارة مصرية يتطلب سوقا قادرة على بيع مليون سيارة سنويا حتى يكون الإنتاج مُجديا من الناحية الاقتصادية، على أن يتم توزيع الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الداخلى، أو التصدير للخارج.

واستنكر إسكندراني التصريحات التى يدلي بها المسئولون عن مساعيهم لتصنيع سيارة مصرية 100%، خاصة أن كبرى مصنعى السيارات فى العالم نسبة المكونات المحلية بسياراتهم المنتجة فى بلادهم لا تتخطى 80%، موضحا أنه لا يوجد مصنع للسيارات فى العالم وليكن فولكس فاجن أو رينو قادر على تصنيع سيارة بالكامل بمفرده، إذ إنه لابد من الاعتماد على موردين ومصنعيين آخرين فى الحصول على مكونات مثل الضفائر الكهربائية، والزجاج، وأجزاء من المحركات وغيرها.

وأشار إلى أنه لا يمكن قيام صناعة سيارات حقيقة فى مصر بدون إحداث ثورة وتقدم فى مجال صناعة المكونات والتى يطلق عليها الصناعات المعذية، مؤكداً أن نسبة المكونات التى تخدم صناعة التجميع فى مصر حالياً لا تتعدى 15%، وليس كما يذاع بأنها 45%.

واختتم إسكندرانى تصريحاته قائلاً: “إن مصنعى المكونات فى مصر عاجزون حاليا عن إنتاج هياكل، أو أى جزء من أجزاء المحرك، أو الفيتيس، وبالتالى فإن حلم صناعة سيارة مصرية هو غير واقعى، على حد قوله”.

جريدة المال

المال - خاص

7:16 م, السبت, 20 مايو 17