ظهرت أزمة الرقائق الإلكترونية فى العالم مع تفشى الموجة الأولى من فيروس كورونا المستجد خلال النصف الأول من العام الماضى مما أدى إلى زيادة الطلب على الأجهزة الإلكترونية الشخصية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب الشخصى وغيرها من الأجهزة بشكل عجزت معه الشركات المنتجة لها عن مواكبة الطلب المرتفع.
فى الوقت ذاته تسبب الوباء فى حدوث حالة إغلاق شبه كامل للشركات والمصانع بما فى ذلك مصانع إنتاج السيارات مما دفعها إلى إلغاء طلباتهم من قطع الغيار والرقائق الإلكترونية فى ظل حالة الركود التى أصابت الاقتصاد العالمى فى ظل التوقعات التى تشير إلى انخفاض مبيعات المركبات.
وبالفعل انخفضت مبيعات السيارات حتى بعد انتهاء الموجة الأولى من الوباء، إلا أنه مع إعلان الدول خطة التعايش مع كورونا وسيطرت اتجاه عالمى يشير إلى اتجاه غالبية الأفراد إلى السيارات الخاصة كبديل عن مركبات النقل الجماعى بهدف تقليل احتمالية الإصابة.
واكتشف التجار وجود طفرة فى مبيعات السيارات بصورة فاقت كل التوقعات مما دفع الشركات المصنعة للمركبات عالميًا إلى بحث سبل زيادة الإنتاج لمواجهة الطلب القوى، لذلك طلبت شركات السيارات مع موردى قطع الغيار والمكونات والتى من بينها الرقائق زيادة معدلات التوريد، إلا أن ذلك لم يحدث خاصة وأن استهلاك الرقائق من قبل شركات التكنولوجيا ارتفع للغاية مع تزايد معدلات إتمام مهام العمل من المنزل.
ومع احتكار عدد من الدول فى منطقة آسيا والمحيط الهادى لإنتاج الرقائق بات من الصعب على شركات السيارات بناء مخزون منها، أو إيجاد حلول بديلة تسمح لخطوط الإنتاج باستمرار العمل بنفس الطاقة الإنتاجية.
ومع كل هذه التعقيدات، نشب حريق فى مصنع «رينيساس إلكترونيكس» اليابانى المتخصص فى إنتاج الرقائق الإلكترونية مما صعب من التداعيات السلبية على مصانع السيارات خاصة اليابانية.
ولمعرفة الأزمة بمزيد من القرب، فإن الرقائق هى عبارة عن ترانزستورات صغيرة مصنوعة من مادة السيليكون والتى تتواجد فى معظم المعادن الموجودة على سطح الأرض، وأنها تمثل مكونا حيويا وأساسيا فى العديد من الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية، والأجهزة الكهربائية، والحواسب سواء الشخصية أو الثابتة.
وتعتمد صناعة السيارات على الرقائق الإلكترونية مع الثورة التى شهدتها التصميمات خلال الفترة الماضية إذ تشير التقارير إلى أن السيارة الواحدة تعتمد فى صناعتها ما بين 500 إلى 1500 شريحة إلكترونية حسب تعقد التكنولوجيا المتوافرة فى المركبة.
وأدت الأزمة إلى حدوث تغيرات فى خريطة المركبات المصنعة إذ اتجهت شركة «بيجو» إلى الاعتماد على العدادات التقليدية بديلًا عن الديجيتال فى بعد موديلاتها مثل بيجو 208، كما اتجه المصنعون إلى خفض إنتاج الطرازات التى تعانى من ضعف الطلب وكونها أقل ربحية مثل الشاحنات الصغيرة بيك آب، وسيارات الدفع الرباعى، مع إعادة توجيه الإنتاج للمركبات التى تدر إيرادات أكبر، كما أعلن عدد من المصنعين وقف إنتاج بعض الموديلات لحين توافر مكوناتها من الشرائح.
ونشرت وكالة بلومبرج تقريرًا بعنوان من قوة الحصان إلى الرقائق الإلكترونية لتشير إلى عمق الأزمة وتداعياتها على صناعة السيارات، إذ أكدت أن السيارات الحديثة باتت تعتمد بشكل أكبر على الإلكترونيات.
وأشارت إلى أنه فى عام 2000 كانت أشباه المواصلات تمثل فقط %18 من تكلفة السيارات، إلا أن النسبة ارتفعت إلى %27 بنهاية 2010.
وتسببت أزمة نقص الرقائق فى حدوث أزمة فى صناعة السيارات خاصة وأنها بدت تشكل ما يقرب من %40 من تكلفة إنتاج المركبات فى العالم بنهاية 2020.
وعلى الرغم من الآثار السلبية الناجمة عن نقص الرقائق إلا أن شركة «IHS Markit» توقعت ارتفاع نسبة الرقائق الإلكترونية من إجمالى تكاليف إنتاج السيارة إلى %45 بنهاية 2030.