كيف سيغير الذكاء الاصطناعي من طريقة تفاعلنا مع الهواتف الذكية

إعادة تعريف تجربة المستخدم بالكامل

كيف سيغير الذكاء الاصطناعي من طريقة تفاعلنا مع الهواتف الذكية
نيفين نبيل

نيفين نبيل

5:14 م, السبت, 22 فبراير 25

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مفهوم مستقبلي، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ويشكل الطريقة التي نتفاعل بها مع أجهزتنا المحمولة. من المساعدين الصوتيين الذين يتنبأون باحتياجات العملاء إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي على الأجهزة التي تعزز الأمان والأداء، يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في تكنولوجيا الهواتف الذكية بطرق لم يكن أحدا يتخيلها قبل عدة سنوات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التحول؟ وكيف سيؤثر ذلك في مستقبل التفاعل بين الإنسان والجهاز؟

يصف مارتن وارنر، الرئيس التنفيذي لشركة warpSpeed، هذا التحول بقوله: “الذكاء الاصطناعي يحول أجهزتنا المحمولة من أدوات إلى رفقاء بديهيين يفهمون احتياجاتنا الخاصة ويتكيفون معها”. ومن تقنيات التصوير المدعمة بالذكاء الاصطناعي إلى ميزات إمكانية الوصول في الوقت الفعلي، يواصل الهاتف الذكي تطوره بوتيرة مذهلة.

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد ميزة تكميلية في الهواتف الذكية، بل أصبح ضرورة أساسية. فقد تم دمج الذكاء الاصطناعي في المساعدين الصوتيين، أنظمة التعرف على الوجه، التنبؤ النصي، وحتى إدارة البطارية. ومع هذه الإضافات، يقوم الذكاء الاصطناعي بإحداث تغيير جذري في الطريقة التي نتفاعل بها مع أجهزتنا.

يوضح نايان جين، المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي في شركة ustwo، قائلاً: “المساعدون الصوتيون التقليديون الذين لطالما كان يُنظر إليهم على أنهم أدوات روتينية قد أصبحوا الآن مدعومين بالذكاء الاصطناعي التوليدي. يساعد هذا التطور في تقليل الحاجة إلى استدعاء الشبكة للمهام المعتادة مثل إنشاء النصوص أو ضبط المنبهات”.

مع هذه التطورات، أصبح التفاعل مع الذكاء الاصطناعي سلسًا بشكل أكبر. فقد ولت أيام الردود الآلية، إذ أصبحت الأجهزة الآن تتذكر المحادثات السابقة، تفهم السياق، وتكتشف حتى التغييرات الطفيفة في نبراتنا الصوتية. في المستقبل القريب، يتصور وارنر أن مساعدي الذكاء الاصطناعي قد يصبحون أكثر استباقية، حيث يقدمون لنا المساعدة قبل أن نطلبها، مثل تذكيرنا بمهمة مهمة أو حتى طلب قهوتنا المفضلة عند الاقتراب من المقهى.

أحد أبرز التحولات في تكنولوجيا الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي هو ظهور وحدات المعالجة العصبية (NPUs)، وهي شرائح متخصصة تم تصميمها لأداء مهام الذكاء الاصطناعي على الجهاز مباشرة، بدلاً من الاعتماد على المعالجة السحابية.

ويشرح كامدن وولفين، رئيس مجموعة تسويق منتجات الذكاء الاصطناعي في GRC International Group، قائلاً: “الميزة الرئيسية لوحدات المعالجة العصبية تكمن في السرعة والأمان. حيث تتم المعالجة على جهازك مباشرة، مما يجعلها أسرع وأكثر أمانًا. هذه السرعة تقلل من الوقت المستغرق في الردود، بينما يساهم الحفاظ على الحسابات محليًا في تعزيز الأمان“.

وتعتبر وحدات المعالجة العصبية أيضًا أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالمعالجات التقليدية، مما يساعد في تحسين عمر البطارية. وهو ما يُعد تحولًا مهمًا خاصة في ظل زيادة استخدام ميزات الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية.

من أكثر التطبيقات تأثيرًا للذكاء الاصطناعي في الأجهزة المحمولة هو ما يقدمه في مجال تحسين إمكانية الوصول. فبالنسبة للأفراد ذوي الإعاقة، يعد الذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد وسيلة راحة؛ إنه يغير حياتهم بشكل جذري.

ويقول وولفين: “لقد أثبت الذكاء الاصطناعي أنه يحدث فرقًا كبيرًا للمستخدمين ذوي الإعاقة. تطبيقات مثل Seeing AI من Microsoft توفر للمستخدمين رفيقًا للذكاء الاصطناعي يستطيع وصف محيطهم، قراءة النصوص، وتحديد الكائنات”.

وتشمل التطبيقات الأخرى للذكاء الاصطناعي في هذا السياق الترجمة الفورية للغة الإشارة، أجهزة سمعية تقوم بتصفية الضوضاء الخلفية، وأنظمة التغذية الراجعة اللمسية التي تتيح للمستخدمين الصم “الشعور” بالموسيقى. كما أضاف جين: “الذكاء الاصطناعي أصبح يمكن الأفراد المعرضين لفقدان أصواتهم من استنساخها ببساطة عن طريق تسجيل عبارات معينة“.

هذه الابتكارات لا تقتصر فائدتها على ذوي الإعاقة فقط، بل تسهم في تحسين تجربة الهاتف المحمول لجميع المستخدمين. حيث تقوم الأوامر الصوتية، التنبؤ النصي، والتلخيص الآلي بتبسيط استخدام الهواتف الذكية، مما يجعلها أكثر سهولة وكفاءة.

من بين الجوانب الأكثر إثارة في الذكاء الاصطناعي ضمن تكنولوجيا الهواتف المحمولة هو قدرته على تقديم التحليلات التنبؤية. فالأجهزة الذكية أصبحت قادرة على التنبؤ بسلوك المستخدم وتقديم المساعدة قبل أن يطلبها.

ويقول مارتن وارنر من WarpSpeed: “جهازك الآن يتعلم عاداتك لدرجة أنه يمكنه التنبؤ بما ستفعله بعد ذلك – سواء كان ذلك يتعلق بتخطيط العشاء أو حجز طاولة في مطعمك المفضل، أو حتى تنظيم عطلتك القادمة قبل أن تقرر التواريخ“.

هذه التكنولوجيا هي التي تدعم ميزات مثل الردود الذكية على البريد الإلكتروني، والردود المقترحة في تطبيقات المراسلة، والتعديلات التلقائية على التنقل بناءً على ظروف المرور. الهدف النهائي هو تقليل الاحتكاك في الحياة اليومية، مما يسمح للمستخدمين بالتركيز على الأهم.

تعد التكنولوجيا المحمولة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد أداة تعزز الراحة الشخصية، فهي تعيد تشكيل مشهد الأعمال بالكامل. في هذا السياق، يشير الدكتور سبيروس أنجيلوبولوس، أستاذ كلية إدارة الأعمال بجامعة دورهام، إلى الدور الحيوي الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي المحمول في التجارة الحديثة، قائلاً: “من خلال جمع كميات ضخمة من البيانات حول سلوك المستخدم وتفضيلاته وموقعه، يمكن للأجهزة المحمولة تمكين الشركات من تقديم تجارب مخصصة تتناغم مع احتياجات العملاء بشكل دقيق“.

من روبوتات الدردشة التي تدير استفسارات العملاء إلى الأنظمة الذكية التي تولد توصيات للمنتجات، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأجهزة المحمولة لتبسيط العمليات وتعزيز التفاعل مع العملاء. كما تساهم تقنيات الواقع المعزز في تحسين التجربة التجارية، حيث تتيح للعملاء معاينة المنتجات قبل اتخاذ قرار الشراء، مثل مشاهدة التجارب الافتراضية أو المعاينات ثلاثية الأبعاد للأثاث داخل منازلهم.

مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستصبح الأجهزة المحمولة أكثر ذكاءً واستجابة لاحتياجات المستخدمين. يتوقع كامدن وولفين، رئيس مجموعة تسويق منتجات الذكاء الاصطناعي في GRC International Group، حدوث تحول ملحوظ في السنوات المقبلة، حيث قال: “أحد أبرز التحولات التي سنشهدها هو دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة في الهواتف المحمولة بدلاً من الاعتماد على السحابة. وبحلول نهاية عام 2025، ستكون حوالي ثلث الهواتف الجديدة مزودة بهذه التقنية”.

نيفين نبيل

نيفين نبيل

5:14 م, السبت, 22 فبراير 25