يتوقع أن ترتفع أسعار السيارات فى السوق المحلية خلال الفترة المقبلة على خلفية أزمة الرقائق الإلكترونية التى عصفت بصناعة السيارات على المستوى العالمى دافعة العديد من المصنعين إلى إغلاق أبوابهم وإيقاف العملية الانتاجية أو تخفيض معدلات التشغيل انتظارًا لوصول شحنات من الموصلات تسهم فى إعادة تشغيل خطوط الإنتاج.
تباينت التقديرات بشأن الزيادات المرتقبة فى الأسعار لكنها تتراوح بين 3 و %10 وربما تقل عن ذلك وفق بعض التقديرات، ويعود السبب وراء هذه الفجوة الكبيرة بين الحدين الأدنى والأقصى للزيادات المرتقبة إلى اختلاف وجهات النظر بشأن مدى استيعاب السوق لجزء كبير من تداعيات الأزمة فى صورة زيادات سعرية خلال الأسابيع الماضية؛ إذ يرى البعض أن الشركات لجأت إلى إقرار زيادات سعرية كجزء من تداعيات أزمة الرقائق الإلكترونية ومن ثم لن تتجاوز الزيادات المرتقبة حتى نهاية العام مستوى %3 فى حين يرى البعض أن الأزمة لم تنته ومن ثم فالزيادات السعرية ستتراوح بين 5 و%10.
وخلال الشهور الأولى من وباء كورونا؛ لجأت شركات السيارات إلى الإغلاق الكلى أو الجزئى ومن ثم خفضت طلبياتها من الموصلات، وهو ما تزامن مع زيادة الطلب على المنتجات الإلكترونية مع بقاء الناس فى المنازل وزيادة اعتمادهم على الإلكترونيات لتسيير أمور الدراسة والعمل. وحين عادة شركات السيارات للعمل مع تخفيف الإجراءات الوقائية؛ لم تنجح فى تدبير احتياجاتها من الموصلات بسبب عدم قدرة منتجيها على تدبير احتياجات منتجى السيارات والإلكترونيات بنفس الكميات المطلوبة خاصة أن تنفيذ الطلبية ووصولها لخطوط الانتاج يتطلب عدة أشهر، وهو ما تسبب فى لجوء العديد من شركات السيارات مرة أخرى إلى الإغلاق.
منتصر زيتون: زيادات لا تتجاوز %3 بنهاية العام الحالى
أوضح منتصر زيتون عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات أن حركة البيع والشراء ضعيفة فى ظل اختفاء العديد من الطرازات من خريطة السوق وارتفاع «الأوفر برايس» على العديد من الطرازات النادرة موضحًا أن الأزمة تشمل كافة المنتجات المستوردة وكذلك العديد من الطرازات المجمعة محليا مثل هيونداى إتش دى التى تنتج بكميات منخفضة بسبب نقص الرقائق الإلكترونية أيضًا وهو ما أدى إلى بيعها بأوفر برايس يتراوح بين 10 و15 ألف جنيه بعد أن كانت تباع بالسعر الرسمى أو بخصومات.
أشار إلى أن أزمة الموصلات هى السبب الرئيسى فى زيادات الأسعار التى تمت خلال الفترة الماضية، وستمتد الأزمة لنهاية السنة الحالية على أقل تقدير ومن ثم يتوقع حدوث زيادات جديدة فى الأسعار مع انخفاض الكميات الموردة للسوق المحلية والتى لا تزال تتراجع بشكل مستمر.
قال إن ما يجرى توريده من جانب الشركات العالمية للسوق المحلية محدود للغاية ولا يغطى المصروفات التى تتحملها الشركات المستوردة خاصة ما يتعلق بمصروفات الشحن، موضحًا أن السفينة كانت تسع لنحو 4 الاف سيارة ومن ثم يجرى توزيع تكلفة الشحن على هذه الكمية فى حين لا تتجاوز الكميات التى قد يتم شحنها للسفينة الواحدة حاليا نحو 300 سيارة فى بعض الأحيان وهو ما يؤدى إلى مضاعفة نصيب السيارة من تكلفة الشحن.
أشار إلى أن الزيادة المتوقعة فى الأسعار قد تقارب مستوى %3 فقط كحد أقصى من جانب الوكلاء وذلك بسبب استيعاب السوق جزء كبير من تداعيات الأزمة خلال الشهور الماضية، لكن قد تحدث زيادات أخرى بشكل غير رسمى فى صورة «أوفر برايس».
استطرد أن التقديرات العالمية توضح أن الأزمة امتدت لتشمل كافة العلامات التجارية للسيارات فى حين نجحت تويوتا فى تفادى جانب كبير من تداعيات الأزمة بفضل سياستها الإنتاجية المتبعة بسبب معاناتها فى وقت سابق من تداعيات انفجار مفاعل نووى باليابان والتى أدت إلى تأثر سلسلة التوريدات لمكونات وأجزاء السيارات التى تعتمد عليها خطوط الانتاج التابعة للعلامة التجارية خاصة الموصلات.
لفت إلى أنه مع استعادة عملية التشغيل بعد الانفجار عانت الشركة من أزمة فى الموصلات امتدت لنحو 6 أشهر وهو ما دفع إدارة الشركة إلى إبرام تعاقدات على مكونات الانتاج تكفى للتشغيل لمدة طويلة خوفا من تقلبات الأحداث والظروف التى تحدث فجأة؛ مضيفًا أنه مع تأثيرات أزمة كورونا لم تتوقف سلاسل التوريد الممتدة مع الاعتماد على مخزون الشركة من المكونات خاصة من الموصلات التى تأثرت إمداداتها سلبًا مع أزمة كورونا.
حسين مصطفى: الارتفاعات ستتراوح بين 5 و%10
قال حسين مصطفى خبير سوق السيارات إن الزيادات السعرية خلال الفترة المقبلة أمر شبه مؤكد وستتراوح نسبتها بين 5 و %10 فى صورة زيادات رسمية من قبل الوكلاء والمستوردين نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن أو فى صورة زيادات غير رسمية من قبل التجار والموزعين فى صورة «أوفر برايس» عبر تحصيل مبالغ إضافية على السعر الرسمى وذلك فى ظل ندرة المعروض مع التأخر فى تسليم السيارات للموزعين نظرا لقلة التوريدات للوكلاء من جانب الشركات الام والتى اضطرت لخفض الانتاج فى ظل أزمة الرقائق الإلكترونية التى طالت غالبية مصانع السيارات العالمية.
أشار إلى أن الرقائق الالكترونية تدخل فى نحو %40 من مكونات السيارة فى صورة حساسات أو وحدات تحكم فى أداء السيارة.. إلخ كما أنها مكون أساسى فى أنظمة الامان لمختلف السيارات.
قال مصطفى إن الشركات العالمية لن تلجأ إلى إقرار زيادات جديدة من جانبها وأن الزيادات ستكون فقط من جانب الوكلاء والموزعين والتجار الذين قد يستغلون نقص المعروض ويسعون لزيادة ربحيتهم على كل سيارة مباعة لتعويض نقص المبيعات ومن ثم سيحصلان على مبالغ إضافية على السعر الرسمى للسيارة.
صلاح الكمونى: دعم الصناعة المحلية كلمة السر لتلافى تبعات الأزمات العالمية
قال صلاح الكمونى عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية ورئيس الكمونى للسيارات إن القطاع بحاجة إلى دعم الدولة لمواجهة التحديات التى تحد من فرص نمو السوق وتجعله عرضة للتقلبات بسبب الأزمات المتتابعة وفى مقدمتها أزمة الرقائق الإلكترونية وأزمة وباء كورونا ما أدت إليه من نقص المعروض من مختلف الطرازات فى السوق المحلية، وهو ما يهدد بزيادات سعرية خلال الفترة المقبلة.
أشار إلى أن الحل يكمن فى دعم الصناعة المحلية كما يحدث بدول المنطقة الأخرى مثل المغرب وتونس ففى الوقت الذى تتراوح فيه المبيعات بمصر حول مستوى 120 ألف سيارة ملاكى؛ احتفلت المغرب فى وقت سابق بالوصول إلى إنتاج نحو مليون سيارة وذلك بعد نجاحها فى جذب العديد من الشركات العالمية للاستثمار وإقامة مصانع انتاج السيارات بعد أن كانت هذه الشركات تدرس الاستثمار فى مصر.
أوضح أن التمكن من تطوير الصناعة المحلية سيجعل السوق فى مأمن بنسبة كبيرة من تقلبات الأسعار فى الأسواق العالمية خاصة فى حالة مواجهة أزمات مفاجئة كما هو الحال فى الوضع الراهن؛ مشيرا إلى أن مصر تمتلك الإمكانيات التى تحتاجها للنهوض بصناعة السيارات فى ظل وجود نحو 19 مصنعا للسيارات بخلاف مصنع النصر الذى تعتزم الدولة تشغيله عبر شراكات عالمية، كما يوجد نحو 250 مصنعا للمكونات فضلا عن العمالة الفنية المؤهلة.