تبنت بنوك الاستثمار محلية نظرة متفائلة للشركات المدرجة فى البورصة المصرية والعاملة بقطاعات السيراميك والحديد والصلب جراء قرار خفض أسعار الغاز ، فيما استبعدوا استفادة قطاع الأسمنت عدا شركة «جنوب الوادى للأسمنت».
وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قد أعلن الخميس الماضى، عن موافقة المجلس على اعتماد توصيات اللجنة الوزارية بشأن إعادة دراسة ومراجعة تسعير الغاز لكل نشاط من الأنشطة الصناعية.
ووافق مجلس الوزراء على أسعار الغاز بحيث تكون 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعة الأسمنت، و5.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية لصناعات الحديد والصلب، والألومنيوم، والنحاس، والسيراميك والبورسلين.
وقال مارك أديب، المحلل المالى لدى بنك الاستثمار «فاروس القابضة»، إن قرار الحكومة بخفض تسعيرة الغاز لا يعنى تمامًا تحول الشركات من الخسائر إلى الربحية.
وأوضح أن القرار، جاء على عكس توقعات «فاروس»، موضحًا أن الإجراءات الوقائية المفروضة على بعض الصناعات مثل فرض تعريفات جمركية على منتجات الحديد الجاهز وشبه الجاهز، أكثر فاعلية، وأقل تكلفة على الحكومة، وتحمى الشركات ككل على حد سواء.
ورأى أن أبرز المستفيدين فى البورصة من القرار هى شركات الحديد والبلاط، فعلى صعيد شركات الحديد قال «أديب» إن المستفيد الأكبر هى شركة «حديد عز، إذ سيؤدى خفض الأسعار بمعدل 1.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى تقليل التكاليف بما يقرب من 72 مليون دولار سنويًا، مضيفًا أن ذلك سيُترجم إلى 1.173 مليون جنيه كأرباح بالنسبة للشركة.
وأشار إلى أن قطاع الحديد لا يزال فى حاجة إلى فرض تعريفات جمركية كبيرة على واردات البليت والحديد الجاهز بنسبة تزيد عن %42 من أجل الحفاظ على ارتفاع مستويات الأسعار الحالية بنسبة %53.
وأوضح أن فرض تعريفات جمركية سيساعد على تحسين الهوامش، بمساعدة العوامل الأخرى الخاصة بخفض أسعار الغاز الطبيعى وانخفاض أسعار الحديد المحلى خلال الفترة الأخيرة.
وتابع : «أن أسعار الحديد شهدت مؤخرًا انخفاضًا بنسبة 600 جنيه للطن، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض الإيرادات بنسبة 2.400 مليون جنيه، أى انخفاض يزيد عن مقدار التوفير فى التكاليف وفقًا لما ذُكر سابقًا».
وأوضح أن هذا الانخفاض سيؤدى إلى خفض التكاليف على منتجى البلاط، إلا أن هذا التأثير قد يعوقه المشكلات المتواجدة بالفعل والتى تعانى منها الشركات منذ فترة والخاصة بزيادة المعروض، التى من المحتمل أن تجعل الشركات تتخذ قرارًا بخفض أسعار المنتجات بصفة عامة حفاظًا على التنافسية.
وأخيرًا وفيما يتعلق بشركات الأسمنت، أكد أن القرار لن يؤثر على شركات الأسمنت، لأن التكلفة الكلية لاستخدام مصادر الطاقة لديهم تتراوح بين 3.5 – 5.0 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وفقًا لمزيج مصادر الطاقة المستعان به فى التشغيل.
فيما رجح استفادة استثنائية لشركة «جنوب الوادى للأسمنت»، لتكون الشركة الوحيدة التى قد تنتفع من هذا القرار، وعلى الرغم من الاستفادة المتوقعة، رجح أن تواصل الشركة تسجيل هوامش سلبية نتيجة للمشكلات التى يشهدها القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع الأسمنت يمر بوضع صعب خلال الفترة الحالية، وهو ما اتضح بشكل كبير فى معدلات الربحية التى تُحققها الشركات، وتحولت بعضها إلى الخسارة، ومنها من أعلن عن الإيقاف المؤقت من بينها شركة «بورتلاند طُرة» التى أعلنت مؤخرًا إيقافها المؤقت، كما تمت تصفية «القومية للأسمنت» بشكل نهائى.
وتُشير الإحصاءات إلى أن إجمالى مبيعات القطاع قد انخفضت (على المستوى المحلى والصادرات) بنسبة %3.3 خلال النصف الأول من العام الحالى بالرغم من نمو أحجام المبيعات فى شهر يونيو الماضى بنحو %4.5 على أساس سنوي.
ليسيكو: مكاسبنا محدود ومشكلات الشركات أكبر من القرار
وتوقع شادى العفيفى، المحلل المالى لدى «برايم»، أن تشهد أسهم الأسمنت استفادة محدودة نتيجة تحديات تُخمة المعروض، وضعف الطلب، فيما رجح أن تَجنى صناعة البورسلين آثارا إيجابية من القرار وبخاصة سهمى عز الجوهرة وليسيكو.
وفيما يتعلق بقطاع السيراميك، قالت إيما مرعى، المحلل المالى لدى شركة «العربى الأفريقي» لتداول الأوراق المالية، إن القرار سيدعم الشركات العاملة بالقطاع والمدرجة بالبورصة، بشكل إيجابى.
وأضافت، أن الشركات المقيدة والعاملة بقطاع السيراميك، تواجه منذ فترة مجموعة من الضغوط المتعلقة بتراجع الطلب فى السوق المحلية، وأزمة ارتفاع تكاليف الإنتاج مع ثبات أسعار البيع، أو عدم القدرة على زيادتها حفاظًا على التنافسية، إلى جانب ضعف فرص التوسع فى الصادرات خلال الفترات الحالية.
وأكدت أن وضع القوة الشرائية لا يزال يخضع لعوامل ضغط السوق المحلية، متأثرًا بأوضاع المستهلكين المحليين، والهدوء فى القطاع العقارى.
العربى الأفريقي: يدعم منتجى السيراميك وهوامش الارباح
وأشارت إلى أن بند التكلفة على الشركات العاملة يمثل أحد أهم العوامل المؤثرة على أرباح الشركات، وأى تحركات لتقليلها سيكون بمثابة عوامل محفزة وداعمة لهوامش الأرباح ومعدلات الربحية النهائية.
وتوقعت أن يساهم القرار فى تحسن أرباح بعض الشركات أو تقليل نسبة الخسائر، مع احتمالية مساعدة بعضها على التحول للربحية.
ولفتت إلى أن الشركات المحلية دائمًا ما تسعى إلى بحث سبل أخرى، لمحاولة الخروج من مأزق ضعف الطلب المحلى، إذ تقوم شركتا «الجوهرة» و «ليسيكو» بتصدير جزء من إنتاجهما.
فى السياق ذاته، قال طاهر غرغور، الرئيس التنفيذى لشركة «ليسيكو –مصر»، إن تكلفة الطاقة تمثل 25 : 30% من إجمالى تكلفة الإنتاج الإجمالية التى تتحملها شركته.
وأضاف، أن القرار الأخير سيساهم فى تخفيض تكلفة الطاقة التى تتحملها الشركة بمعدل 5% فقط، أى بقيمة 50 مليون دولار سنويًا، مما يوضح أن الأثر الإيجابى على الشركة محدود.
ولفت إلى أن شركته تمتلك 5 مصانع، 3 مصانع منها مخصصين لإنتاج الأدوات الصحية، وإثنان للسيراميك، موضحًا أن تكلفة الغاز للـ3 مصانع الأولى ثابتة بقيمة 5 دولارات للمليون وحدة حرارية.
وأوضح أن القرار الأخير سيدعم مصنعين فقط، مما يجعل الأثر الإيجابى على شركته محدودًا، مستبعدًا أن يساعد فى تحول شركته من الخسائر إلى الربحية.
ونوه، إلى أن المشكلات التى يواجهها قطاع السيراميك أكبر بكثير من قرار خفض تكلفة الغاز، إذ تؤول بشكل أكبر لزيادة معدلات الإنتاج وضعف معدلات الطلب التى تشهدها السوق المحلية، مشيرًا إلى أن الإنتاج محليًا أكثر من الطلب بنسبة %30.
وتوقع أن تستمر معدلات تراجع الطلب على منتجات السيراميك بالسوق المحلية، نظرًا لضعف القوة الشرائية وتأزم الأوضاع التى يشهدها المستهلكون المحليون مما يدفعهم إلى تأجيل بعض خططهم.
ولفت إلى أن شركات السيراميك وتحديدًا شركته كان أمامها فرصة للتصدير خلال السنوات السابقة، خاصة إلى ليبيا و سوريا والعراق، ولكن عقب تغير الأوضاع الداخلية لتلك البلاد، أصبحت تواجه صعوبة فى الوصول بمنتجاتها.
وتابع : «أن تلك العوامل زادت من الضغوط التى تواجهها الشركة، مشيرًا إلى أن شركته تحاول دائمًا فتح أسواق جديدة تعويضًا للأسواق سالفة الذكر، إذ تسعى إلى اختراق والتوسع فى السوق الأمريكية، وأوروبا، فيما تسعى إلى اختراق السوق الألمانية بمنتجات الأدوات الصحية».
وعلى جانب آخر، لفت إلى أن شركته ستحافظ على أى سيولة مالية، كسعى منها لتخفيض حجم القروض لديها والبالغ 1.200 مليار جنيه، كرغبة منها لتقليل التكاليف التمويلية التى تتحملها، وذلك فى إطار توجهاتها لخفض التكاليف بشكل عام.
مباشر : يوفر 75 مليون دولار لـ «حديد عز»
وعلى صعيد قطاع الحديد والصلب، قصر هشام الشبينى، رئيس قسم البحوث بشركة «مباشر»، حديثه على شركة «حديد عز» متوقعًا تأثيرات إيجابية للشركة بشكل واضح، مما سيدفعها للتحول إلى الربحية خلال العام المقبل.
وأضاف أن تحول الشركة من الربحية للخسارة خلال الفترات الماضية، جاء بسبب 3 عوامل، أولًا ارتفاع معدلات الفائدة بشكل كبير والتى كانت تحملها تكاليف تمويلية مرتفعة، وتباطؤ الطلب فى السوق المحلية، وأخيرًا ارتفاع التكاليف سواء المواد الخام أو تكلفة الطاقة والغاز.
ولفت إلى أن تلك العوامل تبدأ بالانفراج قليلًا خلال الفترات الحالية، فى ظل القرارات المتتالية الخاصة بخفض الفائدة والتى بلغت %2.5 خلال العام الحالى، إلى جانب التوقعات بالمزيد خلال الفترات المقبلة، وأيضًا خفض تكلفة الغاز أيضًا، مما قد يُتيح للشركة متنفسًا.
وأوضح أن خفض الفائدة بنسبة %2.5 سيعمل على خفض تكلفة التمويل (مصروفات التمويل) التى تتحملها الشركة بقيمة 466.7 مليون جنيه سنويًا من القوائم المالية المجمعة.
ولفت إلى أن تسعيرة الغاز الجديدة ستساعد الشركة على خفض تكلفلة الغاز بقيمة 75 مليون دولار، من تكاليف الإنتاج السنوية بالنسبة للقوائم المالية المجمعة للشركة.
وأشار إلى أنه إذ تم تطبيق القرار خلال الفترة المتبقية من العام فمن المتوقع أن تظهر تأثيراته الإيجابية على نتائج أعمال الربع الأخير من العام فقط، ولكن الخسائر المُحققة منذ بداية العام ستُلغى تلك الاستفادة أى ستستمر الشركة فى تحقيق خسائر.
وقال إن التوقعات السابقة للشركة خلال العام كانت تُشير إلى خسائر متوقعة 3.8 مليار جنيه بنهاية العام الحالى، فيما هناك إمكانية أن تنخفض لـ2 مليار دولار عقب التطورات الأخيرة.
يُذكر أن الشركة تحولت إلى الخسارة خلال الربع الأول من العام الجارى، لتحقق صافى خسارة 1.2 مليار جنيه، مقابل أرباح بقيمة 184 مليون جنيه للفترة المماثلة من العام السابق له.
وبررت الشركة حينها تحولها إلى الخسارة لعدة أسباب أولها الزيادة فى أسعار خام الحديد مع استمرار الضغوط على سعر المنتجات النهائية.
وعلى صعيد آخر، توقع محلل مالى بأحد بنوك الاستثمار المحلية، أن تستفيد شركات الحديد المدرجة بالبورصة من قرار خفض تسعيرة الغاز فى ظل الأجواء الصعبة التى تُصيبها.
وأوضح أن شركة «حديد عز» ستكون أكبر المستفيدين من القرار، ثم شركة «الحديد والصلب المصرية» وأخيرًا «العز الدخيلة».
وأشار، إلى أن القرار سيوفر لشركة «حديد عز» أرباحا بقيمة 1.2 مليار جنيه، قبل خصم الضرائب والإهلاك والاستهلاك، مستبعدًا ظهور الأثر الإيجابى خلال العام الجارى، ولكن خلال العام المقبل.
وفيما يتعلق بشركة الحديد والصلب، قال إن القرار إيجابى للشركة، ولكن المشكلات الداخلية ستحد من ظهوره، موضحًا أن الشركة تحتاج إلى إعادة هيكلة داخلية لمساعدتها لتتخطى حاجز الخسائر.