مع تجاوز الإصابات بفيروس كورونا 19 مليون شخص والوفيات 17 ألفا؛ واستمرار عمليات الإغلاق فى العديد من الدول وإلغاء خطط التعايش فى دول أخرى للتصدى للموجات الجديدة من الوباء؛ تتزايد الضربات التى تتلقاها صناعة السيارات عبر العالم؛ وإن أظهرت نتائج الأعمال خلال الأسابيع القليلة الماضية تحسنًا فى مبيعات بعض الدول.
ورصد تقرير نشره موقع «Asianews» خريطة الخسائر التى تعرضت لها صناعة السيارات بسبب وباء كورونا، والنتائج الإيجابية التى حققتها خطط التعايش فى بعض الدول؛ والوسائل التى لجأ إليها مصنعو السيارات للتكيف مع التداعيات السلبية لانتشار الوباء.
وأشار التقرير إلى وجود توقعات بانخفاض مبيعات المركبات الخفيفة بنسبة %22 على أساس سنوى خلال 2020؛ لتبلغ 70 مليون وحدة بدلا من 90 مليونًا وفق تقديرات مؤسسة “IHS Markit” البحثية.
وأدت عمليات الإغلاق التى تبنتها العديد من الدول فى إطار مساعى تطويق انتشار “كورونا” إلى توقف العديد من مصانع السيارات فى جميع أنحاء العالم وحتى عندما استؤنفت عمليات الإنتاج فى العديد من الدول؛ لا تزال الشركات تواجه مشكلات لوجستية فضلًا عن انخفاض الطلب.
وبسبب التحديات المالية التى يواجهها العملاء تراجع معظمهم عن فكرة اقتناء سيارة جديدة فى الوقت الراهن؛ حتى إن من يفكرون فى اتخاذ هذه الخطوة يتخوفون من زيارة معارض السيارات، ويفضل الغالبية التعرف على المركبات بالاعتماد على خبرات الآخرين وتقييماتهم.
ويتوقع محللون من “Counterpoint “ انخفاض مبيعات السيارات فى الولايات المتحدة خلال 2020 بنسبة %24 بعدما هبطت مبيعات السيارات الجديدة هناك بالفعل بنسبة %55 مقارنة بعام 2019.
ومع انهيار طلب المستهلكين، يتضاءل العرض بفعل خفض الإنتاج؛ فخلال مارس 2020؛ كان %93 من الطاقة الإنتاجية للسيارات فى الولايات المتحدة خارج الخدمة.
وشهدت الدول الأوروبية انخفاضًا مشابهًا فى المبيعات؛ وسط توقعات لشركة “IHS Markit” بانخفاض قدره %25 فى مبيعات المركبات الخفيفة لتسجل الوحدات المباعة 13.6 مليون فقط فى عام 2020، وذلك على خلفية عمليات الإغلاق فى العديد من الدول الأوروبية مما أدى إلى إعاقة عمليات النقل والتجارة مؤديةً إلى آثار سلبية على إنتاج السيارات وتسليمها وستختلف درجة تعافى صناعة السيارات فى أوروبا وفقًا للقيود التى تفرضها كل حكومة.
وفى المملكة المتحدة؛ انخفضت تسجيلات السيارات الجديدة بنسبة %44 وهو انخفاض حاد مقارنة مع المستويات المسجلة خلال الركود العالمى لعام 2008 وهو الأسوأ منذ عام 1999وعانت البلدان الأوروبية من الانتكاسة نفسها مع انخفاض تسجيلات السيارات الجديدة بنسب أكبر من تلك المسجلة فى المملكة المتحدة.
وبالنسبة للصين، تكبدت صناعة السيارات أيضًا خسائر فادحة؛ خاصة بالنظر إلى أن الصين تزود العالم بقطع غيار بقيمة 34 مليار دولار وفق إحصائيات 2018 وعانت الصين من خسائر كبيرة خلال المراحل الأولى من تفشى كورونا وتحديدً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.
وعقب التعامل مع الفيروس بشكل فعال؛ بدأت عملية التعافى بعد ذلك بوقت قصير، ومع ذلك، يعتقد الخبراء أن البلاد ستظل تعانى من خسارة بنسبة %15.5 فى مبيعات المركبات الخفيفة خلال 2020.
وسائل التكيف
فى إطار محاولات التكيف مع التداعيات السلبية لوباء كورونا؛ أعلنت العديد من شركات السيارات عن تأخير عمليات تسليم السيارات التى تم طلبها مسبقًا، كما أطلق المصنعون حول العالم مبادرات لتسهيل عمليات الشراء.
وأطلق «CarWow» وهو موقع لمقارنة المركبات، برنامجًا جديدًا يتيح للتجار الترويج لخدمات مثل الشراء عن بُعد، والجولات الافتراضية، وحتى اختبار المركبات منزليًا، ومثل جميع الصناعات الأخرى؛ بدأ قطاع السيارات أيضًا فى الاستفادة من التجارة الإلكترونية؛ إذ يمكن للمستهلكين البحث عن فيديوهات السيارات والجولات الافتراضية وأدوات المقارنة عبر الإنترنت للبحث عن سياراتهم المفضلة.
وأظهر استطلاع أجراه موقع «CarWow» أن %54 من المشاركين ما زالوا يتطلعون لشراء سيارة قريبًا، ويفضل ما يقرب من %30 من المشاركين إجراء اختبار قيادة من المنزل والتوصيل المباشر للمركبات من جانب مسئولى المعارض.
كما أبدى مصنعو السيارات تفهمهم للخسائر المالية التى يعانى منها عملاؤهم خلال فترة انتشار الوباء، عبر إطلاق برامج لمساعدتهم على التعامل مع الصعوبات التى يواجهونها.
وعلى سبيل المثال؛ قدمت «فورد» مؤخرًا عرضا يسمح للمستهلكين بتأجيل المدفوعات لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويطبق العرض فقط على السيارات التى تم شراؤها خلال شهرى أبريل ومايو، وأطلقت “هيونداي” برنامجًا لتحمل الأقساط لمدة تصل إلى 6 أشهر إذا فقد أحد العملاء وظيفته أثناء الوباء، كما يتيح البرنامج إمكانية تأجيل المدفوعات لمدة 90 يومًا.
تحسن مؤشرات الأداء خلال النصف الثانى
يقوم العالم بتخفيف القيود والعودة تدريجياً إلى الوضع الطبيعى مع اتباع الاحتياطات اللازمة، وفى النصف الثانى من 2020 يتوقع انخفاض إنتاج السيارات بنسبة %8 فقط مقارنة مع %35 خلال النصف الأول.
يأتى ذلك بعد أن سمحت الصين للعديد من مصانع السيارات ببدء الإنتاج حيث من المقرر أن يعود التصنيع إلى طبيعته وفقًا لطلب المستهلكين.
وبالنسبة للدول الأوروبية؛ ظلت القيود الحكومية صارمة حتى مايو 2020. وقد استؤنفت عملية الإنتاج بالعديد من المصانع، وعادت مبيعات السيارات المستعملة إلى وضعها الطبيعى.
ورغم ذلك، يختلف الوضع قليلاً من دولة إلى أخرى، اعتمادًا على القوانين والإجراءات الوطنية، ففى فرنسا؛ ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة %1.2 فى يونيو على أساس سنوى إلى ما يقرب 234 ألف وحدة، وتسير ألمانيا وإسبانيا فى نفس الاتجاه.
وفى المملكة المتحدة؛ ارتفعت المبيعات فى يونيو بسبب التراجع عن عمليات الإغلاق، ويقدر الانخفاض فى عمليات تسجيل السيارات مؤخرا بنحو %35 فقط مقارنة مع %44 خلال مارس الماضى، ومع ذلك تواجه مبيعات السيارات فى المملكة المتحدة تحديات عدة منها الشكوك التى تنتاب العملاء بشأن جدوى شراء سيارة جديدة فى ظل الظروف المالية الصعبة التى يعايشونها فى ظل الوباء.
وعلى عكس الدول الأخرى؛ لا يزال الانتعاش فى الولايات المتحدة مشكوكًا فيه حتى الآن؛ إذ لم يتم التغلب على الفيروس حتى الآن، ومن المرجح أن تطول فترة الإغلاق هناك، مما يدفع المحللين للإبقاء على توقعاتهم السابقة بأن الولايات المتحدة ستعانى من انخفاض بنسبة %24 فى مبيعات السيارات الخفيفة فى عام 2020.
ونظرًا لتعقد سلسلة التوريد للمكونات، فإن استئناف عمليات التصنيع بشكل فعال يتطلب تنسيقًا أكبر بين الولايات الأمريكية.