تطمح الحكومة المصرية لمضاعفة إيراداتها من قطاع السياحة لنحو 30 مليار دولار سنويًا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، كما تستهدف زيادة أعداد الوافدين بنسب تتراوح بين 25 إلى %30 في العام.
كانت مصر قد حققت إيرادات سياحية خلال العام المالى 2022/2021 وصلت إلى 10.7 مليار دولار، وفقًا لبيانات صادرة عن البنك المركزي، فيما بلغ أعداد السائحين الوافدين إلى المقصد المصري لنحو 8 ملايين من مختلف دول العالم خلال 2021.
ويرى عددٌ من ممثلى القطاع السياحي أن مصر تتمتع بمقومات فريدة من نوعها تُمكنها من الوصول إلى هذا المستهدف، ولكن ذلك مرهون بتوافر عدد من المحاور التى لابد من العمل عليها لتحقيق ما تطمح إليه من إيرادات وأعداد سياحية تضاهي الدول المنافسة للمقصد المصري.
يشار إلى أن وزارة السياحة والآثار، تُكثف حاليًا جهودها بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية للانتهاء من الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالسياحة المصرية والمقرر إطلاقها خلال الربع الأول من عام 2023.
وتتضمن محاور هذه الاستراتيجية وفقًا لما صرح به أحمد عيسي وزير السياحة والآثار، العمل على زيادة أعداد السائحين الوافدين لمصر، وتحسين مناخ الاستثمار مع رفع القدرة الاستيعابية للمطارات والطائرات المصرية، بالإضافة إلى تحسين التجربة السياحية.
أبرز التوصيات
وفي هذا السياق، قال هشام زعزوع، وزير السياحة الأسبق، إن هناك 6 محاور لابد من التركيز عليها لتحقيق هدف الـ 30 مليار دولار سنويًا، مضيفا أن الأول يتمثل في أهمية الاستعانة بوسائل تكنولوجية حديثة في خطط الترويج مع عدم الاعتماد على أداة واحدة، متابعًا : أنه لابد أن تتناسب كل أداة مع السوق المستهدف جلب أعداد سياحية منه.
وأضاف زعزوع في تصريحات لـ”المال”، أنه على سبيل المثال الحملة الترويجية الموجهة للسوق الإيطالية لابد أن تختلف عن الحملات الدعائية المخصصة للإنجليز وهكذا، مشيرا إلى أهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا في عملية الترويج.
زعزوع: استخدام الوسائل الحديثة في الترويج وإطلاق برامج تحفيزية للطيران أبرز المقترحات.. وتنشيط «اليخوت» و«الجولف» و«النيلية» يستقطب وافدين ذوي إنفاق مرتفع
وتابع أن المحور الثاني يتضمن أن يكون محتوي الحملات الدعائية منطوقا باللغة التى يتحدث بها مواطنو السوق السياحية المستهدفة، مع أهمية إطلاق الإعلانات الترويجية في القنوات المحلية الأكثر متابعة لكل دولة على حدة وعدم الاعتماد على قنوات محددة.
ولفت وزير السياحة الأسبق، إلى أن البند الثالث يختص بالنقل الجوي، مقترحًا تدشين برنامجين لتحفيز الطيران لكي نستطيع استقطاب أكبر عدد ممكن من طاقات النقل الموجودة، مطالبا بالتركيز على هذا الملف والتعرف على الصعوبات التى تواجه هذه المنظومة والعمل علي حلها.
وفيما يخص المحور الرابع، قال زعزوع، إنه في حال ارتفع حجم الطلب وهناك تدنٍ في أسعار المقصد السياحي المصري فالحل يكمُن في إيجاد منتجات جديدة عالية القيمة تستقطب السائحين من ذوي الإنفاق المرتفع.
ووصف زعزوع، السياحة المصرية بالهرم قاعدته تضم الرحلات الشاملة، وللوصول إلى القمة لابد من التركيز أيضًا على السياحات المتخصصة مثل اليخوت، الجولف والنيلية.
وطالب وزير السياحة الأسبق، بضرورة إيجاد وتنشيط منتج السياحة الثقافية، موضحا أن السياحة الأثرية تختلف كليًا عن الثقافية وهناك خلط بينهما في مصر، فالأخيرة تعني إبراز القوي الناعمة المصرية في المحافل الدولية من بينها العادات والتقاليد والثقافة والأطعمة المتنوعة والفنون المحلية.
وأشار إلى أن البند الخامس يتمثل في ضرورة توفير وسائل ترفيهية متنوعة في المقاصد السياحية المصرية منها إنشاء مطاعم جديدة، سيرك، مدينة على غرار ديزني لاند وسينمات ومسارح لكي نجتذب السائح للخروج من موقع إقامته بالمنشآت الفندقية مما يحقق الاستفادة للمجتمعات المحلية.
وأكد وزير السياحة الأسبق، أهمية تدشين لافتات باللغة الأجنبية لتوضيح المسارات والطرق في كل مدينة، كما يجب الحرص على نظافة المقاصد السياحية.
ونوه بأن المحور السادس يتطلب إزالة كافة المعوقات التي تواجه السائحين بداية من الوصول إلى المطار وحتى انتهاء رحلتهم، مشيرا إلى أن السياحة المصرية مصنع جاهز للتشغيل وأحد وسائل جلب العملة الحرة ونستطيع استقطاب هذه الأعداد والإيرادات ولكن بالعمل على المحاور المذكورة أعلاه.
وشدد وزير السياحة الأسبق، على أن الدول المنافسة سياحياً لمصر تتبع هذه المحاور، مقترحا تدشين منتجات سياحية جديدة والتنوع في زيارة المتاحف والتى يصل عددها إلى 77 متحفا منهم 24 في القاهرة الكبري.
مصر تحتل المرتبة 25 عالميًا في أعداد السائحين
من جانبه قال الدكتور سعيد البطوطي، المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، إنه لكي تحقق مصر هذه الأرقام المستهدفة سواء كانت إيرادات أو أعدادًا سياحية، فلابد من تحسين الخدمات ونظم الإدارة في المنافذ التى يصل من خلالها السائحين، وإعادة تخطيط المناطق السياحية ومراجعة تكامل الخدمات بها.
البطوطى: طاقة الفنادق حالياً تستوعب 17 مليون كحد أقصى.. ..وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وتحسين الخدمات يسهمان في تحقيق الخطة الطموحة
وأشار إلى أهمية مراجعة الطاقة الاستيعابية للوجهة السياحية المصرية مع وضع خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد من أجل تطويرها، منوها بأن الطاقة الاستيعابية حاليًا في مصر تصل إلى حوالي 17 مليون سائح كحد أقصى (مع الأخذ في الاعتبار متوسطات مدد الإقامة والموسمية).
وأكد البطوطي، أن الوصول لهذه الإيرادات السياحية يستلزم خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وهو ما سيكون حافزا لتدشين استثمارات في أماكن الإقامة والخدمات السياحية الأخرى ذات الصلة وبالتالي زيادة الطاقة الاستيعابية وحجم الإيرادا
المقارنة مع المقاصد المنافسة
وعن المقارنة بين مصر وتركيا كمقصد سياحي منافس، قال البطوطي إن تركيا لديها خبرة في إدارة الوجهة السياحية بصورة احترافية وبواسطة متخصصين، مع توزيع الطاقة الاستيعابية للفنادق بدرجات مختلفة.
وأضاف المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، أن المطارات التركية تدار بأنظمة حديثة تشرف عليها الشركة الألمانية المتخصصة في إدارة المطارات Fraport، إضافة إلى الخدمات السياحية مثل وسائل النقل المحدد التعريفة ووسائل النقل السياحي وأماكن الضيافة والترفيه وغيرها.
ونوه بأن هذه العوامل جعلت منها وجهة سياحية جذابة لشرائح عديدة من المستهلكين السياحيين بالأسواق المختلفة، مما يعني انتعاش الطلب والذي بدوره يحفز الاستثمارات السياحية وزيادة الطاقة الاستيعابية المخططة للفنادق.
ولفت البطوطي، إلى أنه في الأعوام الأخيرة وصل إجمالي عدد السائحين الوافدين لمصر في عام 2019 قبل بداية الوباء إلى 13 مليون سائح، ثم انخفض في 2020 بسبب كورونا إلى 3.7 مليون سائح، وعاود الارتفاع مرة أخرى خلال عام 2021 إلى 8 ملايين وافد.
وأشار المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، إلى أن ترتيب مصر عالمياً من حيث أعداد السائحين الوافدين كان في عام 2019 الـ 34، وفي 2020 وصل إلى المرتبة الـ 29 ليواصل ارتفاعه في عام 2021 للمرتبة الـ 25.
وأضاف أنه بنهاية العام الجاري سيستمر ارتفاع مصر في الترتيب العالمي من حيث أعداد السائحين الوافدين إليها، خاصة أن هناك طلبا من الأسواق الأوروبية ولم تتأثر رغبة الناس هناك في السفر للخارج.
وتوقع المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية، أن يتراوح عدد السائحين الوافدين إلى المقصد المصري من 10 إلى 11 مليون سائح وذلك مع نهاية العام الجاري
إحصائيات
وكانت الإيرادات السياحية المصرية قد شهدت تطورًا على مدار 11 عامًا، إذ وصلت في عام 2010 إلى 12.5 مليار دولار، لتتراجع في 2011 إلى 8.7 مليار بعد اندلاع ثورة يناير، وفي 2012 وصلت إلى 9.9 مليار دولار، ثم هبطت إلى 5.9 مليار في 2013.
وفي عام 2014 حققت الإيرادات السياحية حوالي 7.2 مليار دولار، بينما وصلت في 2015 إلى 6.1 مليار دولار، لتهوي إلى 2.6 مليار في 2016، فيما ارتفعت مرة أخري في 2017 إلى 7.8 مليار دولار.
ووصلت إيرادات السياحة في 2018 إلى 11.6 مليار دولار، لترتفع لنحو 13 مليارا في 2019، وبسبب جائحة فيروس كورونا هبطت إلى 4.4 مليار دولار في عام 2020.
قطاع النقل الجوي الخاص
وعلى صعيد قطاع الطيران، قال يسري عبد الوهاب، رئيس الاتحاد المصرى للنقل الجوى سابقا، إن المقصد السياحي المصري يستطيع تحقيق هذه الخطة المستهدفة لما يتمتع به من مقومات فريدة من نوعها.
وأضاف أن قطاع الطيران المصري الخاص يحتاج إلى مساندة ودعم كبير من الحكومة خاصة وأنه يسهم في جلب السائحين إلى مصر، مطالبا بضرورة إطلاق حزمة من التسهيلات لكي تستطيع الكيانات المصرية التنافس مع نظيرتها العالمية وتحقق هذه الخطة الطموح.
وزير الطيران: تخفيض رسوم الهبوط أفقدنا ما بين 200 إلى 250 مليونا من إيرادات الشركة المصرية للمطارات العام المالى الأخير
وطالب عبد الوهاب، بضرورة تقديم تخفيضات لشركات الطيران المصرية الخاصة بنسبة %50 أقل من نظيرتها الأجنبية على رسوم الهبوط والإقلاع بالمطارات المصرية مع اقتصار ذلك على الرحلات السياحية.
وأشار رئيس الاتحاد المصرى للنقل الجوى سابقا، إلى أن الطيران المصري الخاص كان ينقل قبل جائحة فيروس كورونا ما يزيد على 3 ملايين سائح إلى مصر، ومن الممكن أن ينقل ما يقرب من 5 ملايين سائح في حال توافرت لديه سبل الدعم الكافي، مشيدا بلقاء الفريق محمد عباس حلمي وزير الطيران مع شركات الطيران الخاص مؤكدا أن اللقاء كان مثمراً.
كان وزير الطيران المدنى، عقد منذ عدة أيام، اجتماعا موسعا مع رؤساء مجالس إدارات وممثلى شركات الطيران المصرية الخاصة لمناقشة آليات العمل وتطويرها، ودور الشركات الخاصة فى تنشيط حركة السياحة الداخلية والخارجية خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن وزارة الطيران حريصة على تقديم كل أوجه الدعم والتيسيرات للشركات المصرية الخاصة، بما يعزز دورها الكبير فى منظومة النقل الجوى ويسهم فى زيادة معدلات الدخل القومى، خاصة وأن قطاع الطيران يشهد طفرة تنموية واضحة خلال الفترة الحالية.
وطالب الوزير، شركات الطيران الخاصة بأن تواكب رؤية التطوير المستقبلية التى تستهدفها الوزارة من أجل تنشيط الحركة الجوية والسياحية الوافدة إلى مصر، إذ تم خلال الاجتماع مناقشة عدد من الموضوعات التى تتعلق بنشاط الطيران الخاص وسبل توفير جميع التسهيلات اللازمة لجذب المزيد من الاستثمارات بقطاع النقل الجوى.
واستعرض أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، خلال فعاليات اليوم الثانى لـ”المؤتمر الاقتصادى . مصر 2022”، فى جلسة عُقدت أمس الأول الاثنين، تحتَ عُنوان خريطة طريق الوصول إلى 30 مليون سائح، المحاور الرئيسية للاستراتيجية الوطنية للنهوض بالسياحة والتى تهدف إلى تحقيق نمو فى التدفق السياحى للمقصد المصرى.
وقال عيسى إن أبرز محاور هذه الاستراتيجية هى الطيران فمن المستهدف مضاعفة وزيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات والطائرات، وتحسين التجربة السياحية للسائحين فى مصر وجودة الخدمات المقدمة لهم، مع تحسين مناخ الاستثمار، مشيراً إلى أنه جارٍ العمل على إعداد الخطط التنفيذية ومسارات العمل المؤدية إلى تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الاستراتيجية بالتنسيق مع القطاع الخاص.
وأوضح أن وزارة السياحة والآثار تستهدف مضاعفة الإنفاق العام على الأنشطة الترويجية للمقصد السياحى المصرى ورفع كفاءاته، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات السياحية لزيادة الطاقة الفندقية.
ومن جانبه، أكد الفريق محمد عباس حلمى، وزير الطيران المدنى، أهمية التنسيق المستمر مع وزارة السياحة والآثار للترويج للمقاصد السياحية المصرية، منوها بأنه لا توجد سياحة بدون طيران بالإضافة إلى ضرورة استهداف أسواق جديدة تسهم فى زيادة الحركة الجوية والسياحية إلى مصر ورفع الوعى السياحى وخاصة للمتعاملين مع السائحين.
ولفت إلى وجود خطة لزيادة أسطول شركة مصر للطيران والتوسع فى شبكتها الجوية، مشيرا إلى موافقة مجلس الوزراء على طلب وزارة الطيران بشأن مد إعفاء شركات الطيران الأجنبية من مقابل الجُعل حتى 30 إبريل 2023 وذلك لجميع دول العالم.
وتابع أن الوزارة استمرت فى منح شركات الطيران حزمة من التخفيضات وصلت إلى %50 على رسوم الهبوط والإيواء بالمطارات السياحية المصرية، كما وصلت التخفيضات فى الخدمات الأرضية من %30 إلى %40.
وأشار إلى أن هذه التخفيضات فى رسوم الهبوط فقط بالمطارات السياحية جعلت الشركة المصرية للمطارات تفقد من ايراداتها ما بين 200 إلى 250 مليون جنيه خلال العام المالى الأخير فى صورة دعم غير منظور للسياحة.