كيف تتعامل شركات السمسرة مع الشراء الهامشى حتى نهاية 2021 ؟

تأكيدات بأن «أزمة السيولة» ناتجة عن التراجعات الحادة وليس الضوابط الجديدة

كيف تتعامل شركات السمسرة مع الشراء الهامشى حتى نهاية 2021 ؟
منى عبدالباري

منى عبدالباري

7:50 ص, الأحد, 18 أبريل 21

«إرجاء طروحات» و«نقص سيولة» و«موجات هبوط متتالية» عواصف قوية أثرت على الحالة العامة لسوق الأسهم المصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط تفسيرات مختلفة حول الأسباب التى أدت إلى ذلك، وكان أحد تلك التفسيرات يشير بوضوح إلى آلية الشراء بالهامش والضغوطات القوية التى تسببت فيها تلك الآلية وساهمت فى زيادة حدة هبوط السوق.

الأمر الذى أى إلى قيام الهيئة العامة للرقابة المالية بإقرار ضوابط جديدة للتعامل بآلية الشراء بالهامش، فى سعيها لإحكام السيطرة على الآثار السلبية والضغوطات البيعية التى تنتجها هذه الآلية بشكلها القديم، مع تحديد مهلة زمنية لشركات السمسرة لتوفيق أوضاعها وذلك قبل بداية العام المقبل.

كل ما سبق أدى إلى إثارة عدة تساؤلات مهمة حول كيفية تعامل مع الضوابط الجديدة، وما إذا كانت ستلجأ للتحفظ فى إقراض العملاء أو الضغط عليهم بمحاولات إغلاق الحسابات المفتوحة سلفًا وتسوية عمليات الإقراض التى تمت قبل إعلان الضوابط الجديدة.

بالإضافة إلى توضيح ماهية العلاقة بين الشراء الهامشى وضوابطه الجديدة وبين أزمة نقص السيولة فى السوق؟ وما إذا كانت هناك أثار مرتبطة قد تُزيد من صعوبة إتمام الطروحات المقبلة فى السوق خلال الفترة المقبلة خاصة عقب إرجاء طرح «ماكرو» للأدوية.

كانت الهيئة العامة للرقابة المالية أعلنت مؤخرا إقرارها عدد من الضوابط لتنظيم عمليات الشراء الهامشى، مع منح شركات السمسرة مُهلة حتى بداية 2022 لتوفيق أوضاعها، وذلك بهدف تنظيم عمليات الشراء بالهامش الداعمة لتعاملات المستثمرين الأفراد الذين يستحوذون على حصة الأغلبية من تعاملات السوق.

ويقوم نظام الشراء بالهامش على اقتراض العميل من شركة السمسرة لسداد نسبة من قيمة عملية شراء الأسهم المقيدة فى البورصة المصرية، وذلك وفقا لعدة اشتراطات تهدف إلى ضمان توافر ملاءة مالية بالشركة المقرضة، ووفقا لضوابط محددة للتمويل، ويهدف «المارجن» إلى زيادة القوة الشرائية للمستثمر بمعنى أنه يمكنه شراء كمية أكبر من الأوراق المالية بدون دفع كامل قيمتها من موارده الذاتية.

وشملت الضوابط الجديدة أن تكون نسبة الشراء الهامشى %25  من الأسهم حرة التداول أو %15  من رأس المال السوقى للورقة المالية أيهما أعلى، كما تم وضع حد أقصى على حجم الشراء بالهامش المسموح به لكل عميل ومجموعاته المرتبطة ليكون بنسبة %2 من الأسهم حرة التداول للورقة المالية أو ليصبح %1  من حجم رأس المال السوقى للورقة أيهما أعلى.

 كما تم الاتفاق على أن يتم الإعلان عن حجم عمليات الشراء بالهامش على كل ورقة مالية وعلى مستوى السوق ككل على شاشة البورصة بشكل دورى، وذلك لمواجهة الهبوط القوى الذى تتعرض له السوق من وقت لآخر نتيجة نشاط شركات السمسرة فى البيع الاضطرارى لمحافظ العملاء «المارجن كول».

وتسببت عمليات الإقراض الهامشى للأفراد الذين هيمنوا على تعاملات السوق خلال الفترة الماضية، فى تنفيذ شركات السمسرة بيع اضطرارى لمحافظ العملاء «مارجن كول» لدرء تفاقم الخسائر، مما تسبب فى خسائر قوية للمؤشر السبعينى نسبتها %13.1 مسجلا 1859 نقطة.  

وأجمع خبراء السوق، على أن فترة توفيق الأوضاع التى ستنتهى بنهاية عام 2021، ستكون كافية لاستقرار عمليات الشراء بالهامش، وعدم قيام شركات السمسرة، بالضغط على عملائها عبر تسوية المديونيات القديمة أو حتى التحفظ على إقراض عملاء جدد انتظارًا لتطبيق الضوابط الجديدة.

وأشاروا إلى أن أزمة السيولة التى تعانى منها السوق فى الفترة الراهنة لا ترتبط بملف التعديلات الجديدة التى أدخلتها الهيئة على ضوابط الشراء بالهامش، مرجعين نقص السيولة إلى موجات التراجع القوية التى ضربت السوق خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

وأكدوا أن فرص نجاح الطروحات الحكومية منها أو الخاصة، سيكون متوقفًا على طبيعة الشركة المطروحة ذاتها ومقوماتها وما إذا كانت تمتلك عوامل جاذبة للمستثمرين أم لا، مشيرين إلى أنه فى حالة وجود شركة ذات مقومات جيدة فإنها ستجذب السيولة للسوق مجددًا.

فيما أشار بعضهم إلى أن تحفظ شركات السمسرة على إقراض العملاء عبر آلية الشراء بالهامش خلال الفترة الراهنة، يعود إلى تخوف الشركات من حالة الهبوط المستمرة وعدم قدرة العملاء على تعويض خسائرهم.

ياسر المصرى: فترة توفيق الأوضاع «كافية» وتضمن استقرار عمليات «المارجن»

من جهته، قال ياسر المصرى، رئيس شركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن فترة توفيق الأوضاع التى منحتها الهيئة للشركات ستكون كافية، ولن تدفعهم للتخلص الاضطرارى من محافظ العملاء، مما يضمن استقرار عمليات الشراء الهامشى خلال الفترة المتبقية من العام.

وأضاف أن أزمة السيولة التى تعانى منها السوق حاليا ترجع بشكل أساسى إلى حركة الهبوط القوية التى تعرضت لها مؤخرًا، وتسببت فى عزوف المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة، فضلا عن تخارجات المستثمرين الأجانب، وخروج عدد كبير من الشركات القوية من البورصة.

وأكد أن نجاح الطروحات الحكومية المتوقعة يرتبط بشكل أساسى بمدى قوة وجاذبية الطرح للمستثمرين، وأنه فى حال كان الطرح لشركة قوية سيجذب مستثمرين جدد للسوق.

رانيا يعقوب: لا يوجد أى سبب للتحفظ عند إقراض العملاء أو ببيع محافظهم

من جانبها، قالت رانيا يعقوب، العضو المنتدب لشركة «ثرى واى» لتداول الأوراق المالية، إن فترة توفيق الأوضاع التى قررتها الهيئة لتطبيق الضوابط الجديدة كافية لمنح الشركات وقتا كافيا لترتيب أوراقها، وبالتالى لا تمتلك الشركات أى سبب للتحفظ عند إقراض العملاء أو الضغط بالبيع لمحافظهم.

ولفتت إلى أن الدراسات التى قامت بها الرقابة المالية لنسب الشراء الهامشى فى السوق، وجدت أنها ستؤثر على عدد محدود للغاية من العملاء، والذين لديهم نسب تركز مرتفعة فى محافظهم على أسهم محددة لعمليات الشراء الهامشى، مما تسبب فى تسارع عمليات الهبوط للمؤشر السبعينى خلال الفترة الماضية.

وأرجعت أزمة السيولة الحالية إلى حالة الهبوط العنيف التى تعرضت لها السوق خلال الفترة الماضية، وحاجتها إلى تكوين قاع جديد، ما يدفعها إلى الدخول فى مرحلة تجميع، إضافة إلى لجوء عدد كبير من العملاء إلى إعادة هيكلة محافظهم، نتيجة حالة عدم اليقين، وترقب الأسواق.

وأشارت إلى أن الأوضاع التى تشهدها السوق ستستمر خلال الربع الثانى من العام الحالى، لافتة إلى أن أى طروحات قوية ستجذب دماء جديدة للسوق، ومن ثم سترتفع معدلات السيولة بالسوق.

عادل عبدالفتاح: الفترة المتبقية من العام فرصة للإقراض

وقال عادل عبدالفتاح، العضو المنتدب للشركة المصرية العربية «ثمار» لتداول الأوراق المالية، إن فترة توفيق الأوضاع التى أقرتها الهيئة ستمنح الشركات فرصة لإقراض المستثمرين، واستمرار معدلات الإقراض الهامشى كما هى.

واستبعد أن تكون أزمة السيولة التى تشهدها السوق حاليا ناتجة عن مخاوف المستثمرين من ضخ أموال جديدة بالسوق، بجانب الدورات الطبيعية للبورصة والتى عادة ما يتبع حركات التصحيح القوية بها شيء من الركود وانخفاض التداولات.

ويرى أن الحركة التصحيحية التى تمر بها السوق لها شقين، الأول: هبوط فى أسعار الأسهم، والثانى: عودة التداولات التى ستنتظر فترة نتيجة خروج أموال من السوق، مما يجعل التداولات ضعيفة بالسوق حتى الربع الثالث من العام الحالى.

جيهان يعقوب: التعديلات تؤثر على السيولة وتخفض المخاطر وتزيد عمق السوق

وقالت جيهان يعقوب، العضو المنتدب لشركة «إيجى ترند» لتداول الأوراق المالية، إن قرارات الهيئة ستؤثر فى السيولة على الأسهم، إلا أنها فى نفس الوقت ستخفض المخاطر بالسوق وتخلق عمقا بها.

وأوضحت أن أزمة السيولة التى تواجهها السوق حاليا ناتجة عن عدم وضوح رؤية، ومخاوف المستثمرين من ضخ استثمارات جديدة بالسوق.

حسن شكرى: الضوابط تحد من عمليات التلاعب لكنها لن تحل مشكلة إقراض المتعاملين أضعاف محافظهم

من جانبه، قال حسن شكرى العضو المنتدب لشركة «إتش سى» لتداول الأوراق المالية إن الضوابط التى وضعتها الهيئة ستحد بشكل قوى من عمليات التلاعب على الأسهم، والتى تضر السوق بقوة، وتتسبب فى تراجعات قوية لها، إلا أنها لن تعالج باقى عيوب العملية التسليفية وأهمها إقراض العملاء أضعاف محافظهم المالية.

يشار إلى أن قانون سوق المال ينص على أن الإقراض الهامشى من شركة السمسرة للعميل يتم بنسبة 1:1 إلا أن هناك شركات تقوم بإقراض العملاء بمعدلات قد تصل إلى 4 أضعاف قيمة محفظة الأسهم، بشكل غير قانونى.

محمد كمال: التحفظ ناتج عن وضعية السوق وليس التعديلات الجديدة

وقال محمد كمال، نائب الرئيس التنفيذى لشركة رواد لتداول الأوراق المالية، إن شركات السمسرة أصبحت تتحفظ فى إقراضها للعملاء نتيجة أوضاع السوق السيئة، والتراجعات القوية التى تعانيها، وليس نتيجة الضوابط الجديدة للشراء الهامشى.

ويرى أن الضوابط التى وضعتها الهيئة ستحمى السوق من الممارسات الضارة للشراء الهامشى، ولكن أزمة السيولة ناتجة عن عمليات المتاجرة السريعة، والتى أصبح فيها المستثمرون الأفراد يتبعون مستويات وقف خسائر قريبة جدا من مستويات الشراء.

ويشير إلى أن أزمة السيولة التى أدت إلى إرجاء طرح «ماكرو» للمستحضرات الطبية، لن تؤثر بنفس المستوى على الطروحات الحكومية، لأنها تتمتع بمقومات قوية تدعمها للنجاح.

محمد لطفي: الطروحات المقبلة تتأثر بأزمة السيولة والتوقيت الملائم فى الربع الأخير

واستبعد محمد لطفى، العضو المنتدب لشركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن تكون أزمة السيولة التى تواجهها السوق، ناتجة عن قرارات الهيئة، لافتا إلى كونها نتيجة حركة التصحيح القوية التى تعرضت لها السوق مؤخرا، بجانب التراجع القوى لسهم البنك التجارى الدولى، المسيطر على المؤشر الثلاثينى.

وأشار إلى أن السوق ستتحرك نحو مستويات تصل إلى 10600 نقطة، لحين وصول قرارات جديدة تدعم التحركات، وأهمها قرارات جديدة من اجتماع اللجنة الوزارية لأسعار الطاقة.

وتوقع تأثر الطروحات الحكومية بأزمة السيولة الحالية التى تواجهها السوق، وتسببت فى تأجيل طرح شركة «ماكرو» للمستحضرات الطبية، مؤكدا فى الوقت نفسه أن طرحا حكوميا لشركة فى قطاع المدفوعات الإلكترونية من شأنه دعم حركة السوق.

واستبعد أن ترى البورصة المصرية أى طروحات جديدة سوى مع حلول الربع الرابع من العام الحالى، نظرا لموسم رمضان، وإجازات العيد، وفصل الصيف.

يذكر أن الدكتور إسلام عزام، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، صرح فى بيان صحفى، بأن التقارير توضح أن %90 من الأوراق المالية للشركات المقيدة والتى يتم التعامل عليها بآلية الشراء الهامشى لا يزيد حجم عمليات الشراء بالهامش عليها عن %10 من حجم رأس المال السوقى للشركة، و%20 من قيمة الأسهم حرة التداول.

وأضاف أن تطبيق تلك الضوابط والحدود يمكن أن يصل بحجم الشراء الهامشى على مستوى السوق ككل إلى 75 مليار جنيه بدلًا من 6.5 مليار، ومع ذلك فإن درجة المخاطر الناشئة عن التعامل بالشراء الهامشي-على مستوى السوق-سوف تقل نظراً لتقليل المخاطر على مستوى العميل، وعلى مستوى الورقة المالية.

يذكر أن البورصة المصرية فقدت نحو 78.5 مليار جنيه من رأس المال السوقى للأسهم المقيدة منذ بداية تعاملات شهر مارس وحتى نهاية جلسة 15 أبريل الجارى، بينما فقد المؤشر الرئيسى للبورصة «EGX30» نحو %12.6 من قيمته، وهبط مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «EGX70» بنسبة %23.6.