أرجع مسئولو شركات عقارية ومحللون ماليون، استفادة – جراء الخفض المتتالى فى أسعار الفائدة – إلى 3 نقاط رئيسية، على رأسها تحرك الشركات لخفض فائدة البيع بالتقسيط، أو تقديم تسهيلات أكبر خلال فترات السداد، ينتج عنها انتعاش المبيعات.
أما العامل الثانى فيتمثل فى انخفاض المصروفات التمويلية على الشركات صاحبة الديون المرتفعة، وأخيراً الاستفادة من القروض البنكية لتمويل المشروعات، بدلاً من الاعتماد على المبيعات التعاقدية.
وخفض البنك المركزى أسعار الفائدة بمعدل إجمالى بلغ %2.5 خلال العام الجاري، حيث جاء الخفض الأول باجتماع 22 أغسطس بواقع %1.5 وكانت خلال فبراير السابق، والثانى باجتماع 26 سبتمبر المنقضي، لتصل بذلك أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى %13.25 و %14.25 وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى %13.75 وسعر الائتمان والخصم %13.75
السيد: احتياجات القطاع أكبر من الخفض ولا بد من استغلال الخدمات غير المصرفية
وقال هاشم السيد، الرئيس التنفيذى لصندوق «المصريين للاستثمار العقاري»: إن احتياجات القطاع العقارى أكبر من قرارات خفض الفائدة التى أجراها البنك المركزي، موضحاً استفادة القطاع أو عدم الاستفادة من الخفض لا يقلل من جدوى القرار، خاصة وأن البنك المركزى أقدم على اتخاذ تلك الخطوة وفقًا لمتطلبات معنيه فى كثير من المجالات الآخرى، وتحسن واضح بمؤشرات الاقتصاد .
وأضاف أن خفض أسعار الفائدة، لا يُعد أحد محركات القطاع العقاري، إلا إذا كان بنسب أكبر من الحالية، تجعل جاذبية الشهادات البنكية ضعيفة، وعائدها غير مربح؛ وبالتالى قد تتجه الأنظار له كوجهة استثمارية مرة أخرى .
وأوضح أن الفائدة لم تتراجع على عوائد الشهادات البنكية الثابتة، التى تطرحها البنوك وخاصة الحكومية تزامنًا مع الخفض الأخير البالغ %1 حيث تظل تقدم معدل الفائدة ذاته، مما لا يقلل من جاذبيتها لأى شيء بالنسبة للمتعاملين.
وتجدر الإشارة إلى أن بنكى «الأهلى ومصر» قررا عقب قرار البنك المركزي؛ بالنزول بالفائدة بواقع %1 فى الاجتماع الأخير، والحفاظ على معدلات العائد الحالية على الأوعية الادخارية وحسابات التوفير وعدم خفضها مجددًا.
وقرر البنك الأهلى خفض الفائدة على الشهادات ثابتة العائد بواقع %1 يوم 22 أغسطس الماضي؛ لتسجل الشهادة الثابتة العائد ذات الأجل 3 سنوات %14 يصرف شهريًا، بينما دورية الصرف ربع السنوية أصبح العائد عليها 14.25 .
بينما تسجل الفائدة على الشهادة الخماسية ذات العائد الشهرى انخفاضا %13 فيما تسجل الفائدة لدى «بنك مصر» على شهادة القمة ذات العائد الشهرى الثابت لأجل 3 سنوات %14 .
وقال الرئيس التنفيذي: إن القطاع العقارى فى حاجة لتفعيل بعض الآليات التمويلية لتدعيم نشاط الأفراد، ومعاودة توجههم للشراء مرة أخرى .
وأشار السيد، إلى أن أهم العوامل الداعمة التى يحتاجها القطاع خلال الفترة الحالية، هى تفعيل آليات صناديق الاستثمار العقارية، موضحًا أن السوق المحلية تشمل صندوقا واحدا فقط، وهو أمر غير متبع بالأسواق الأخرى التى تمحنه اهتمامًا غير مسبوقا.
كما أشار إلى مجموعة من العوامل الآخرى، التى يمكن اللجوء إليها لتدعيم أداء القطاع، كالاهتمام بالأدوات المالية غير المصرفية المتعلقه بالقطاع التى يمكن للمطور أو الفرد المستثمر اللجوء إليها كالتمويل العقارى والتأجير التمويلي، وأيضًا تخفيض الفائدة بمعدلات أكبر.
السويفي: فترة بعد التعويم استثنائية ولن تتكرر
وقالت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث بشركة «فاروس القابضة»: إن المطوريين العقاريين فى حاجه للتفكير فى أمور تخص طرح الوحدة العقارية، من حيث نوع المنتج وشكله ومكانه، وتسهيلات الدفع وأيضًا طريقة السداد .
وأضافت، أن الميزة الوحيدة التى من الممكن أن يحققها القطاع جراء خفض الفائدة بنسبة %2.5 هى إمكانية تخفيض الشركات لفائدة البيع بالتقسيط للعملاء، أو زيادة فترات التقسيط التى تمنحها له.
وأوضحت أن خفض الفائدة لا يعنى تمامًا التوجه للعقار كوعاء ادخارى، مثلمًا حدث فى فترات «تعويم الجنيه»، وأن التحركات التى شهدها القطاع فى تلك الفترات استثنائية لن تكرر.
كما أشارت إلى أن التحركات حينها كانت ناتجة عن حالة من الذعر هيمنت على المستثمرين؛ ما دفعهم لضخ القيمة الكبرى من محافظهم الاستثمارية فى العقار، وأيضًا كانت التطلعات حينها تنم على ارتفاع ملحوظ فى سعر العقار وهو ما حدث بالفعل، لافتة إلى أن تلك المخاطرة انتهت خلال الفترة الحالية ما جعل الإقبال محدودا من جانب المستثمرين.
وتابعت السويفي: هناك استفادات غير مباشرة للشركات صاحبة القروض المرتفعة كشركة «بالم هيلز» و«مصر الجديدة للإسكان والتعمير».
يُذكر أن «بالم هيلز» كانت قد أعلنت تفاوضها مع بنوك أجنبية للحصول على تمويلات تتراوح قيمتها بين 1.5 – 2 مليار جنيه، لضخها بالمرحلة الأولى من مشروع «بادية» بمدينة الشيخ زايد.
مرعي: انخفاض عدد الوحدات بنسبة %10 بالنصف الأول لـ2019
وقال محمد مرعي، نائب مدير قسم البحوث، بشركة «القاهرة للاستثمارات المالية»: إن %70 إلى %80 من مبيعات القطاع العقارى كانت تُباع بالتقسيط خلال فترات من 5 إلى 10 سنوات أو أكثر.
وأرجع استفادة القطاع العقارى من خفض الفائدة، إلى حالتين فقط: إمكانية لجوء الشركات العقارية للاقتراض لتمويل مشاريعها بدلاً من الاعتماد على المبيعات التعاقدية، موضحًا أن غالبية الشركات تعتمد على المبيعات التعاقدية فى تمويل %90 من مشاريعها الجديدة.. فضلا عن إمكانية لجوء الشركات لتقليل فائدة الوحدات المُباعة بالتقسيط، وعدم اللجوء لإجراء زيادات سعرية جديدة.
وأضاف، أن قيمة المبيعات العقارية تراجعت خلال النصف الأول من العام بنسبة تترواح بين 3 : %5 على صعيد الشركات المقيدة فى البورصة المصرية، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، التى شهدت تراجع عدد الوحدات بنسبة %10 .
ولفت إلى أن نسبة تراجع الوحدات المباعة غير مقلقة وعادية، وخاصة أن القطاع لم يشهد أى عملية تصحيح منذ فترات «تحرير سعر الصرف»، متوقعا أن تشهد المبيعات العقارية نوعًا من التحسن وعودة الطلب الحقيقي، خلال العامين المقبلين وخاصة على الصعيد السكنى والتجارى ما يدعم نتائج أعمال الشركات.
وأوضح مرعي، أن ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الحالية، قد يدفع لتخلى بعض المستثمرين عن العملات الصعبة كوجهة استثمارية والتوجه للعقار، مرجحا استفادة بعض الشركات المقترضة، بدعم من تراجع التكلفة التمويلية التى تتحملها الشركات كشركتى «بالم هيلز وطلعت مصطفي»، مستبعدا أى زيادات فى الأسعار الفترة المقبلة.
وقال هشام الشبيني، رئيس قسم البحوث بشركة «مباشر للأوراق المالية»: إن نزول أسعار الفائدة يصب فى مصلحة التمويل العقاري، حيث ستتراجع الفائدة على العملاء ومن ثم احتمالية الإقبال عليه كأداة تمويلية بشكل أكبر.
وأضاف، أن أسعار العقارات خلال الفترة الحالية أعلى من القدرة الشرائية للمتعاملين، فى حين ترتفع معدلات الطلب فى شرائح معينة.
وقصر استفادة القطاع العقاري، فى حالات تراجع أسعار الفائدة لفترات ما قبل التعويم تحديدًا بعام 2010، مشيرًا إلى أن خطوات الإصلاح الاقتصادى المالى سيتبعها خفض فى الفائدة بمستويات أكثر من الحالية.
مغاوري: توقعات بنزول الأسعار 5 % العام المقبل
وقال محمود مغاوري، رئيس مجلس إدارة شركة «الشمس للإسكان والتعمير»: إن القطاع العقاري، له مستثمره الخاص، موضحا أن بعض المستثمرين فى السوق المحلية يعتبرون العقار والذهب أحد الملاذات الآمنة، فى كثير من الأوقات، كونه قادرا على التعافى فى ظل الأزمات، وإن لم يكن استثمارا مربحا، فلا يتسبب فى خسائر.
وتوقع مغاوري، أن تشهد أسعار العقارات هبوطًا خلال العام المقبل بنسبة %5 نظرًا لهدوء وتراجعات أسعار مواد البناء والتشييد كالحديد والأسمنت، فى ظل استقرار أسعار الدولار مقابل الجنيه خلال الفترات الحالية.
ورجح أن تشهد مبيعات الشركات رواجًا طفيفًا خلال الربع الأخير من العام الجاري، كما هو المعتاد خلال عام.
وبشكل عام أوضح أن الاستفادة من قرار خفض الفائدة؛ محدودة بشكل كبير، مع احتمالية الاستفادة حال إقرار نسب خفض أكبر خلال الفترات المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن قرارات البنك المركزى بخفض الفائدة؛ جاءت نتيجة لاستمرار تراجع معدلات التضخم العام والأساسى السنوى – وفقًا لما ذكره – وسجلت معدلات التضخم 7.5 % و %4.9 بنهاية أغسطس الماضي، وهو أدنى معدل منذ أكثر من 6 أعوام.