عجل فيروس «كورونا» من عملية التحول الرقمى للمؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية التى تعمل فى مصر التى كانت تسعى الحكومة لتنفيذها على مدار الشهور الماضية.
وتسعى الحكومة منذ أشهر طويلة إلى عمل تغيير شامل يتم فيه استخدام التقنيات الرقمية “الرقمنة” فى كل المعاملات داخل المجتمع، وتبسيط الإجراءات للحصول على الخدمة؛ لرفع كفاءة المؤسسات، وتهيئة بيئة الأعمال الداعمة لدور القطاع الخاص والجاذبة للاستثمار المحلى والأجنبى، والقضاء على الفساد.
وأكد عدد من مسئولى البنوك والشركات المالية غير المصرفية أن «كورونا» سيجبر الجميع على التحول الإلكترونى بأسرع وقت، مضيفين“ رب ضارة نافعة فالفيروس سيسرع من الخطوات التى بدأتها بعض المؤسسات على مدار الشهور الماضية”.
وقالوا إن الجميع سبدأون فى استخدام التطبيقات التكنولوجية الحديثة سواء فى عملية صرف القرض من البنوك أو الشركات أو حتى تقسيط القروض للعملاء، مؤكدين أن كل المعاملات المصرفية ستتم حتى بعد انتهاء الأزمة عبر القنوات الرقمية.
كان البنك المركزى المصرى، وافق منذ أيام على السماح للبنوك المحلية بإصدار البطاقات المدفوعة مقدما للمواطنين مجانا لمدة 6 أشهر، على أن تكون البطاقات لا تلامسية فى حال بدأ البنك إصدار هذا النوع من البطاقات، وجاء ذلك ضمن، الإجراءات الاحترازية التى اتخذها البنك المركزى، بشأن مواجهة الحد من انتشاره.
كما شملت تعليمات البنك المركزى، تعديل الحدود القصوى لاستخدامات البطاقات البنكية، لتصبح 30 ألف جنيه يوميا للأفراد و100 ألف جنيه شهريا، وللأشخاص الاعتبارية 40 ألف جنيه يوميا، و200 ألف جنيه شهريا، أما بالنسبة لأدوات الدفع ووسائل القبول اللاتلامسية، فيتم رفع الحد الأقصى لمبلغ العملية الواحدة التى تتم دون إدخال الرقم السرى من 300 إلى 600 جنيه.
وأكد أحمد عبد المجيد، المدير بإدارة الائتمان ببنك الاستثمار العربى، أن “كورونا” ساهم فى الإسراع بخطوات التحول الإلكترونى داخل كل البنوك، مشيرا إلى أن التحول الرقمى سيضيف الكثير للقطاع المصرفى خلال الفترة المقبلة.
وقال إن البنوك ستكون قادرة على التحول الرقمى بشكل كامل لأنها بدأت فى ذلك قبل انتشار الفيروس بتعليمات من البنك المركزى، مشيرا إلى أن بعض البنوك بدأت فى طرح البطاقات اللاتلامسية منذ شهور والـ “QR code “ والموبايل بانكنج وغيرها من الأدوات الرقمية.
وأشار إلى أن قرار البنك المركزى المصرى، بإلغاء الرسوم والعمولات على عدد من خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول سيشجع العملاء على التعامل مع القنوات الرقمية.
وأكد محمد عكاشة، العضو المنتدب لشركة “فورى” لحلول الدفع الإلكترونى، أن شركته وقعت منذ أيام اتفاقية تعاون مع البنك الأهلى لإتاحة 43 ألف ماكينة تابعة لها فى عمليات التسوق وشراء السلع الاستهلاكية والمنتجات المختلفة باستخدام البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية عبر المحمول من عدة قطاعات منها الصيدليات ومحلات السوبر ماركت وغيرها.
وقال سمير أبو هاشم، رئيس شركة “ممكن” لحلول الدفع الإلكترونى، إن شركته بدأت منذ الخميس الماضى اختبار تطبيق جديد على هواتف نظام تشغيل “ آندرويد” يحمل اسم “ ماى ممكن “ يتيح للعميل إجراء جميع المعاملات المالية أونلاين من المنزل.
وأوضح أن البرنامج بمثابة حلقة وصل بين التاجر والمستخدم من خلال كود يقوم الأخير بإدخاله للحصول على الخدمة سواء سداد فواتير المرافق العامة أو شحن رصيد الهاتف المحمول أو أى خدمة أخرى وذلك للحد من التجمعات بعد انتشار فيروس كورونا المستجد( كوفيد 19).
وأشار إلى وصول عدد نقاط البيع التابعة للشركة على مستوى الجمهورية إلى 35 ألف نقطة بيع POS.
وعلى مستوى التمويل متناهى الصغر، قال حسن إبراهيم، المدير العام للاتحاد المصرى للتمويل متناهى الصغر، إن الرقابة المالية بادرت بإصدار عدد من التدابير الاحترازية لتيسير عمل مؤسسات التمويل متناهى الصغر خلال الأزمة الراهنة، مشيدًا بهذه الضوابط التى تناولت جميع الجوانب والأطر الخاصة بالعمل فى تلك المؤسسات ذات الطبيعة الخاصة والتى تتعامل مع حشد كبير من المستفيدين.
وأكد شمول هذه التدابير لكل متطلبات الصناعة فى الفترة الحالية، بدايةً من النص على الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس بين المستفيدين والعاملين بالمؤسسة والدور التنموى للنشاط ولمؤسسات التمويل متناهى الصغر بتخفيف الأعباء المالية عن العملاء.
وأضاف :” لا سيما بعد خفض البنك المركزى المصرى لسعر الفائدة بواقع %3 وصولًا إلى حث المؤسسات على استخدام الدفع غير النقدى وتحفيز عملائهم وإعلامهم بتيسيرات الدفع الإلكترونى التى أصدرها “المركزي” عند استخدام نقاط الدفع والصرافات الآلية، إضافة إلى التركيز على أهمية التأمين متناهى الصغر، عبر التحقق من سريان صلاحية وثائق التأمين الإلزامى ضد مخاطر الوفاة والعجز الكلى المستدام لعملاء الفئات (أ، ب) والشركات”.
وشدد على ضرورة ألا تكتفى مؤسسات التمويل متناهى الصغر بتطبيق التدابير وإنما عليها إعداد خطط وإستراتيجيات طارئة وبديلة لضمان تيسير عملها فى هذه الأوضاع الاستثنائية والتواصل بصورة مستمرة مع العملاء سواء على الجانب المالى أو التوعوى الإرشادى والصحى.
وتابع:” البنك المركزى أدرك الأزمة مبكرا وسارع فى إصدار ضوابط استباقية متتالية متعلقة بالاقتصاد ككل ولدعم الدفع غير النقدى بشكل خاص، منها قراره الأخير برفع الحدود القصوى للمعاملات المالية لاستخدام البطاقات المدفوعة مقدمًا التى تُسهم بصورة رئيسية فى تيسير الصرف والسداد لمستفيدى التمويل متناهى الصغر فى الوقت الراهن والمستقبل أيضًا”.
وشدد على ضرورة أن تعى مؤسسات التمويل أهمية استبدال الخدمات التقليدية بنظيرتها الرقمية خاصةً أن ممارسى النشاط يتعاملون عن قرب مع قاعدة عريضة من العملاء يتجاوز عددهم 3 ملايين عميل أغلبهم من البسطاء ممن يفتقدون للتوعية المالية والصحية.
وأكد إعداد خطة وإستراتيجية متكاملة لإدارة الأزمة داخل كل مؤسسة سواء بتخصيص إدارات لمتابعة الموقف عن قرب أو بتشكيل إدارة منفصلة للأزمات، على أن تتولى الاطلاع باستمرار على مؤشرات النشاط التمويلى واتخاذ ما يلزم فى حال وقوع أى حادث طارئ.
وتابع :” من الضرورى تقديم التدريب والتوعية الصحية والمالية اللازمة للموارد البشرية بالمؤسسة والتى تنقلها بدورها لفئة العملاء، وحثهم بجدية على استخدام وسائل الدفع غير النقدى التى تعتبر أحد أهم ركائز تطور الاقتصاد فى المرحلة المقبلة”.
وقالت إيمان إسماعيل، رئيس مجلس المديرين بشركة “إيجى ليس” للتأجير التمويلى، إن “كورونا” عجل بشكل قوى من تنفيذ التحول الرقمى فى مصر على المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية، مؤكدة أن المستجدات فى العالم تجبر كل المؤسسات المالية على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
وذكرت أن شركتها فعلت العمل من المنزل لمواجهة الفيروس فنحو 70 % من العاملين بالشركة يعملون من المنزل كباقى المؤسسات الأخرى، مشيرة إلى أن التحول الرقمى أصبح ضرورة ملحة وليس اختيارا مثلما كان فى وقت سابق.