رأى خبراء مصرفيون إن الأزمة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا بالسوق المحلية عززت من قدرة الشركات العقارية ذات المشروعات الكبيرة على الاقتراض، فى حين تأثرت الجدارة الائتمانية لشريحة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالقطاع.
وأوضح الخبراء أن غياب الشركات الصغيرة والناشئة بالقطاع العقارى يرجع إلى تحوط القطاع المصرفى وتحفظه من المخاطرة فى منح قروض لشركات قد تكون غير قادرة مواجهة الأزمة الراهنة، مايدفعها إلى التعثر، هذا ماجعل البنوك تضع ضمانا كثيرة على الشركات.
واضاف الخبراء أن استحواذ الشركات الكبرى على النصيب الأكبر من الائتمان يعود إلى قدرتها على تنفيذ ضمانات وشروط البنوك للحصول على القروض، مدفوعًا بقوة ملائتها الائتمانية لمواجهة الأزمة الراهنة، إضافة إلى زيادة حجم إيراداتها مقارنة بالشركات الصغيرة التى واجه جزء كبير منها تراجع فى الإيرادات.
المال تواصلت مع مجموعة من خبراء القطاع المصرفى، لقياس رؤيتهم للقطاع العقارى فى مرحلة كورونا والتى أثرت بشكل سلبى على مبيعاتهم ومواردهم المالية، وما تلاها من ظهور موجة لافتة منهم لطلب قروض بنكية لاستكمال الإنشاءات، بجانب التعرف على الجدارة الائتمانية لتلك الشركات فى المرحلة الراهنة.
قال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك العقارى، إن الشركات الكبرى تستحوذ على النصيب الأكبر من التمويلات الممنوحة من البنوك، وذلك لامتلاكها القدرة على الوفاء بالشروط التى يقرها البنك المركزى والمصارف العاملة فى السوق المصرية خلال الأزمة، على عكس الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تأثرت بفعل الجائحة.
وأوضح أن عملية توظيف المدخرات تقوم على تحليل الجدارة الائتمانية للمقترضين، لذا تقوم سياسات البنك على إدارة المخاطر بالطريقة التى تضمن قدرة العملاء المقترضين على السداد، مما يعظم العائد على مدخرات المجتمع فى الوقت ذاته.
ضعف حركة البيع وراء تحوط البنوك فى تمويل القطاع
فيما قال طارق متولى، رئيس بنك بلوم السابق والخبير المصرفى، إن هناك نظامًا للتمويل العقارى يسرى فى القطاع المصرفى، يمكنه دعم توسعات مصر العمرانية خلال الفترة المقبلة، لكنه يحتاج إلى الضمانات الكافية لرد تلك الأموال للبنوك، لذا تتجه بعض البنوك إلى التحوط فى الإقراض لتتجاوز التعثر الذى يواجه بعض الشركات الناجم عن زيادة المعروض عن الطلب الموجود بالسوق.
وأضاف أن ذلك النظام يسهم فى إنجاز المشروعات السكنية فى مدة زمنية أقل، وتسليم وحدات مهيئة تمامًا للسكن، مما يسرع دورة رأس المال العامل لدى المطور العقارى، ويخفض التكلفة المفروضة على العميل، ويحمى مدخرات الأفراد.
وأشار إلى أن القطاع العقارى المصرى واعد، ولكنه أقل من المأمول، فالبنوك لا تقدم التسهيلات المقدمة للاستثمار العقارى بالقدر الكافى مثل التسهيلات الائتمانية المقدمة الاستثمار فى قطاعات الصناعة، والتجارة، والزراعة، والخدمات.
وقال عبد العال إن القطاع المصرفى يولى اهتماما كبيرا بالاستثمار العقارى فى مصر من القطاعات الرائد لبعض المجالات الصناعية والإنتاجية إضافة إلى أنه يعزز القطاعات غير المصرفية من شركات التمويل العقارى والتخصيم والتأجير التمويلى، إضافة إلى أنه يعزز من نمو الاقتصاد المصرى، لذا فإن القطاع العقارى دائمًا مستهدف من البنوك.
وفيما يخص التمويل العقارى الممنوح من القطاع المصرفى قبل أزمة كورونا كان يسير على المخطط السليم من مخططات البنوك حسب محددات الائتمان المخصص لها.
بينما بعد اندلاع الأزمة العالمية الناجمة عن انتشار الفيروس المستجد والتى أعقبها توقف جزئى للطلب العقارى ما أثر على إيرادات الشركات العقارية ما دفع المبررات الإئتمانية للتوجه ناحية التحفظ نحو إقراض الشركات، بوسيلة أكثر ضمانًا لسداد تلك القروض للبنوك.
وأشار عبد العال إلى أن أبواب الائتمان فتحت بشكل طبيعى على نفس الوتيرة التى سبقت أزمة كورونا، متوقعًا أن يكون القطاع العقارى أول وجهة للبنوك من الائتمان، مشيرًا إلى أن شركات العقارات لا تمتلك أى مشكلة فى عوامل الإنتاج.
ومن جانب الشركات، قال عبد العال أن الأزمة الراهنة وزيادة المعروض العقارى دفع شركات العقارات إلى تغيير ثقافى فى أسلوب البيع من شركات العقارات عبر البيع عن طريق طرح الوحدات العقارى بآجال أطول بهدف التيسير على العملاء وتقليل المعروض الذى لديهم وتسديد أقساط البنوك، بهدف الحصول على قروض جديدة لاستثمار جديد.
من جانبه، أوضح محمد عبدالمنعم، مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة، أن المطور العقارى يلجأ للحصول على الائتمان من البنوك بهدف تطوير مشروعه عن طريق البرامج التمويلية المخصصة من القطاع المصرفى ومبادرات البنك المركزى لتمويل الشركات.
وأصدر البنك المركزى الصادر مع بداية الأزمة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا المستجد قرار بهدف زيادة نسبة القروض التى تمنحها البنوك للتمويل العقارى إلى ما يعادل % 10 من إجمالى محفظة القروض البنوك، عددًا من الفوائد الأساسية للقطاع المصرفى والشركات العاملة فى مجال التمويل العقاري.
وتبلغ محفظة القروض الموجهة للمطورين العقاريين 30 مليار جنيه وفقًا لتصريحات سابقة لنائب محافظ البنك المركزى، جمال نجم، بينما يبلغ إجمالى قروض التمويل العقارى فى البنوك ضمن مبادرة الإسكان الاجتماعى 20 مليار جنيه.
ووفقًا لتعليمات البنك المركزى فإن البنوك لديها مساحة لزيادة القروض الموجهة للتمويل العقارى وشركات التطوير لنحو 182.5 مليار جنيه، تمثل % 10 من إجمالى محفظة قروض البنوك.
وتبلغ محفظة القروض الموجهة للمطورين العقاريين 30 مليار جنيه وفقًا لتصريحات سابقة لنائب محافظ البنك المركزى، جمال نجم، بينما تبلغ إجمالى قروض التمويل العقارى فى البنوك ضمن مبادرة الإسكان الاجتماعى 20 مليار جنيه.
كما أوضح أن تمويل الشركات يبدأ بتحليل الجدارة الائتمانية للمطور العقارى المقترض، عن طريق دراسة الخبرة والأعمال السابقة، والقوائم المالية، ونموذج التدفقات النقدية المستقبلية، وكذلك دراسة السوق، وغيرها من أساليب تقدير الجدارة الائتمانية المتعارف عليها، ثم يقوم البنك بمنح المطور العقارى ائتمانا يمكنه من تطوير المشروع بالكامل دون الحاجة إلى اللجوء لتمويل الأفراد.
ونوه بأن البنك يمنح الائتمان إلى للشركة بضمان للمنشأة تمتلك الأرض، وفى بعض الأحيان ترهن أسهم رأسمالها المملوكة باسم المطور العقارى، لصالح البنك المقرض، كما يمكن أن يمنح المطور العقارى كفالة تضامنية لصالح البنك ضمانا.
وأكد أن القطاع العقارى المصرى لايزال قطاعًا واعدا رغم الأزمات، ولكنه أقل من المأمول، فالبنوك لا تقدم التسهيلات اللازمة للمطورين العقاريين بالقدر الكافى منذ بداية إجراءات شراء الأرض وبناء العقار (فى مرحلة الأولى من إنشاء العقار، مثلما يقوم البنك بمنح التسهيلات الائتمانية لدفع الاستثمار فى قطاعات الصناعة، والتجارة، والزراعة، والخدمات).
وفيما يخص الحصة السوقية من التمويلات العقارية الممنوحة من البنوك، يرى عبد المنعم أن الشركات الكبرى تستحوذ على النصيب الأكبر وذلك يرجع إلى جدارة ملاءتها المالية وكبر حجم إيراداتها الذى يمنح البنوك الثقة الأكبر فى عدم تعثر تلك الشركات فى مواجهة الأزمة الراهنة مقارنة بالشركات الصغيرة والمتوسطة.
قال محمد بدرة، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن تراجع تمويل قطاع العقارات فى البنوك بسبب بطء حركة البيع وبالتالى فإن البنوك تمول القطاع العقارى تضع شروطا تكاد تكون صعبة، مدفوعًا بتوقف حركة البيع فى بعض القطاعات وفى مقدمتهم القطاع العقارى ما دفعها إلى الإحجام بشكل نسبي.
وتوقع أن يعود القطاع العقارى من جديد على كل الشركات للحصول على ائتمان مثل ما حدث قبل أزمة كورونا، وأكد أن القطاع بيمثل نسبة كبيرة من محافظ البنوك والقطاع بيمثل %70 من صناعة الائتمان فى مصر.
وأكد أن نشاط القطاع العقارى يدعم قطاعات إنتاجية تابعة له من صناعة الأسمنت والحديد وصناعات أخرى، موضحا أن العقارات تعد المحرك الرئيسى للنشاط فى المجتمع، وأن الشركات تعد الدينامو لنشاط العقار فى مصر.
من جانبه، قال محمد البيه، الخبير المصرفى، إنه قبل أزمة كورونا كانت كل التوقعات والمؤشرات تشير إلى أن الشركات العقارية ستحقق طفرة فى الحصول على قروض من البنوك مدفوعة بتراجع الفائدة على الجنيه، حيث إن الأفراد والمؤسسات تعتبر العقارات مخزنا للقيمة يعوض تراجع الفائدة.
كما أشار البيه إلى أن كورونا زاد من حجم المعروض العقارى مقارنة بالطلب ما أثر على تدوير رأس المال للشركات مدفوعًا بتراجع حجم الأعمال فى السوق، كل هذا كان له دور فى تراجع الطلب على الائتمان العقارى من القطاع المصرفى.
وأشار إلى أن البنك المركزى سعى إلى تعزيز الائتمان العقارى عبر إطلاق العديد من المبادرات يستهدف تمويل القطاع لمتوسطى ومحدودى الدخل بتسهيلات أكثر وفوائد أقل.
وأكد أنه بحد أقصى منتصف عام 2021 قد يشهد ائتمان الشركات العقارية انتعاشة مدفوعًا بعودة الأسواق وتراجع أسعار الفائدة على الأوعية الأدخارية بالبنوك، وعلى الجانب الآخر يقوم الأفراد باستثمار أموالهم فى شركات التمويل العقارى كمخرن للقيمة.
كما أوضح البيه أن الشركات الكبرى لم يتأثر ائتمان الموجه لها بشكل كبير مدفوعًا بثقة البنوك فى قدرتها على السداد، إضافة إلى أن الأزمة الراهنة دفعت المواطنين للتوجه إلى الشركات الكبرى لثقتهم فى قدرة تلك الشركات على تسليم الوحدات مع الأزمة الراهنة، على عكس الشركات الناشئة والمتوسطة، مما عزز من قدرة المؤسسات العقارية الكبرى فى تحقيق إيرادات وقت الأزمة والحصول على ائتمان جديد من البنوك ويكون لها القدرة على السداد.