كورونا يضع «التعليم الإلكترونى» تحت المجهر

المال» رصدت إيجابيات وسلبيات التطبيق بعد مرور 4 أشهر

كورونا يضع «التعليم الإلكترونى» تحت المجهر
جهاد سالم

جهاد سالم

5:57 ص, الثلاثاء, 28 يوليو 20

«إيجابيات وسلبيات» نتجت عن تطبيق تجربة التعليم الإلكترونى داخل الجامعات المصرية خلال الشهور الماضية مع انتشار فيروس كورونا المستجد هكذا لخص عدد من رؤساء الجامعات نقاط القوة والضعف فى تنفيذ منظومة التعليم أونلاين وميكنة المناهج الدراسية المقدمة للطلاب على مستوى الكليات النظرية والعلمية.

ورغم أن التعليم الإلكترونى جزء لا يتجزأ من خطة الدولة نحو استراتيجية التحول الرقمى إلا أن البنية التحتبة المعلوماتية أظهرت ضعفا كبيرا لم يختلف عليه أحد، وخاصة فى المناطق الريفية، فضلا عن ضرورة تأهيل أعضاء هيئة التدريس والطلاب لاستخدام التقنيات الحديثة الداعمة للتعليم عن بعد كما أجمع رؤساء الجامعات.

فريد: يجب توجيه الاستثمارات  للبنية المعلوماتية وليس المبانى الخرسانية

وتوقع الدكتور أحمد سامح فريد، رئيس جامعة نيو جيزة ووزير الصحة الأسبق، اختفاء العنصر البشرى تدريجيا من المنظومة التعليمية مع الاتجاه نحو ميكنة المناهج وبالتالى اندثار مدرس الفصل وقاعة المحاضرات وغيرها من انماط التعليم التقليدية.

وقال فريد إن جائحة كورونا فرضت استخدام التكنولوجيا فى التعليم وقام اعضاء هيئة التدريس داخل الجامعات خلال الشهور الأربعة الماضية ببث المحاضرات للطلاب أونلاين، وإجراء الامتحانات عبر شبكة الأنترنت، كذلك أمتد الأمر إلى ممارسة الأنشطة الجامعية والترفيهية مثل دروس اليوجا والتمرينات الجسدية والألعاب المختلفة.

وأضاف فريد أن السنوات المقبلة ستشهد تحولاً جذرياً فى منظومة التعليم لتصبح المبانى الجامعية مجرد مقرات لالتقاء الطلاب، والتفاعل الطلابى لذلك فإن التحولات التكنولوجية تشير إلى ضرورة توجيه الاستثمارات المستقبلية فى تطوير البنية الاساسية المعلوماتية وليس إنشاء مبان خرسانية. 

ورأى أنه رغم التطور الدراماتيكى فى مفاهيم التعليم إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية وجود حرم جامعى للتواصل البشرى بين الطلاب لتنمية مهاراتهم الناعمة التى تميز بين الانسان والآلة وتميزه فى كل زمان ومكان. 

سرحان: أظهرت الحاجة لتجهيز هيئة التدريس والطلاب للتحول الرقمى

وأكد الدكتور عبادة سرحان رئيس جامعة المستقبل، أن الجامعات الإلكترونية موجودة بالفعل فى عدة دول، تختلف عن نظيراتها النمطية، مشيراً إلى أن التعليم الرقمى يأتى فى إطار خطة الدولة المصرية نحو ميكنة كافة الخدمات الحكومية مما يتطلب ضرورة تجهيز البنية التحتية المعلوماتية.

ولفت سرحان إلى إنه رغم الاستثمارات الضخمة التى تضخها شركات الاتصالات إلا ان البنية المعلوماتية مازالت غير مهيئة لاستيعاب التحول التكنولوجى – على حد تعبيره، مشيراً إلى أنه على مدار الشهور الماضية والتى فرض خلالها الوباء تعليق الدراسة بالجامعات، واستكمال الجامعات برامجها الدراسية إلكترونيا، فإن ضعف البنية التحتية المعلوماتية مثل التحدى الأكبر. 

وأضاف أن التجربة أظهرت أيضاً الحاجة لتاهيل الأساتذة والطلاب على هذا النمط التعليمى، مبينا أن العام الدراسى المقبل سيشهد توسعا فى استخدام التكنولوجيا داخل العملية التعليمية وإنشاء معامل افتراضية للكليات العملية على غرار الجامعات الدولية.

واستشهد بتجارب بعض الجامعات فى تطبيق نظم التعليم الإلكترونى خلال فترة توقف الدراسة داخل كليات الطب وتنفيذ نماذج محاكاة دون دخول طلابها المشرحة على سبيل المثال، معتبرا أن التحدى الأكبر يتمثل فى التدريب العملى خاصة مع وجود تخصصات دراسية لا تتوافق حتى الآن مع تقنيات التعليم عن بعد ؟

وعدد أبرز مزايا تجربة التعليم عن بعد فى تخطى عنصرى الزمان والمكان حيث يمكن بث محاضرة فى أى وقت ومن أى مكان، علاوة على تمكين الطلاب من تسجيل المحاضرات ومراجعتها، مع إتاحة خدمة التصحيح الألكترونى لأعضاء هيئات التدريس وتميزه بمعدلات دقة عالية.  

الغرباوى: قلة استفادة الطلاب من خبرات المعلم والتجارب الانسانية 

وقال الدكتور يوسف الغرباوى، رئيس جامعة جنوب الوادى إن تجربة التعلم عن بعد كشفت العديد من الإيجابيات والسلبيات، فضلا عن متطلبات تطوير التجربة حال ما تم الاعتماد على التعليم عن بعد مستقبلا،

وعرض الغرباوى، ما اظهرته تجربة التعليم عن بُعد، خلال الشهور الماضية بناء على تقرير أعده د. أحمد عامر مدرس طب وجراحة العيون بكلية الطب وعضو لجنة التعليم الإلكترونى. 

ولفت الى أبرز المعوقات التى واجهت التجربة  تمثلت فى وجود نسبة من أعضاء هيئة التدريس غير مهيئة أو مدربة على التعامل المفاجئ مع التعليم عن بعد، وكذلك ضعف البنية التحتية للانترنت وخاصة فى المناطق الريفية، وأيضاً عدم قابلية كل المقررات التعليمية، وخاصة العلمية لتقديمها الكترونيا عن بعد. 

وأشار إلى أن التقرير سلط الضوء أيضا على تساهل بعض الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، فى متابعة المحاضرات، والدروس العملية، مع عدم وجود آلية واضحة، وقانونية للتقييم وإجراء الامتحانات الإلكترونية، إضافة إلى قلة استفادة الطلاب من خبرات المعلم والتجارب الانسانية، فضلا عن عدم وجود آلية لمتابعة الأداء واستفادة الطلاب. 

بينما تمثلت الإيجابيات فى قلة الحاجة لإنشاء مزيد من قاعات التدريس والمدرجات ومن ثم خفض التكاليف الانشائية وكذلك خفض الأعباء المادية على الأسرة، كما قدم التقرير مجموعة مقترحات لإثراء وتحسين التجربة ومنها إتاحة برامج معتمدة من وزارة التعليم العالى، للتواصل التفاعلى بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بديلا عن تطبيق مكالمات الفيديو كونفراس «Zoom»، بالإضافة إلى ضرورة تدريب أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة على استخدام البرامج التعليم الالكترونية، وتحفيزهم على مواصلة طرق التعليم الإلكترونى بدلا من الطرق التقليدية، وتوفير خدمات الإنترنت للطلاب وبرامج ونظم  قانونية  للتقييم الالكترونى. 

غريب: المناطق الريفية تعانى صعوبة التوصيل بشبكات الاتصالات

ولفت الدكتور شحاته غريب، نائب رئيس جامعة أسيوط لشئون الطلاب،  إلى صعوبة التوسع فى تطبيق التعليم الإلكترونى لعدة اعتبارات منها أنه لا يناسب كافة المقررات الدراسية، كما أن التطبيقات المستخدمة للتعليم الإلكترونى على شاكلة “Zoom” لاتستوعب عدداً كبيراً من الطلاب وخاصة فى الكليات ذات الكثافة المرتفعة. 

وشدد على أهمية وجود الحرم الجامعى فى تحقيق التفاعل البناء بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لثقل الخبرات وتنمية ثقافة النشئ، مشرياً إلى أن تداعيات كوفيد 19 أجبرت الجامعات على استكمال العام الدراسى 2019 /2020، من خلال التعليم عن بعد وتحليل نقاط الضعف والقوة. 

وقال إن ضعف البنية التحتية ظهر بقوة كأحد معوقات التعليم الالكترونى، مضيفا أنه حتى فى حالة تزويد الجامعات بسيرفرات قوية وسعات إنترنت مرتفعة يبقى هناك طرف آخر وهو الطالب، الذى يحتاج إلى توفير أجهزة حاسبات أو محمول بمواصفات فنية جيدة على غرار تابلت الثانوية العامة، مع إتاحة أنظمة سداد ميسرة. 

واستكمل أن مدن الصعيد خصوصا تعانى من ضعف البنية التحتية التكنولوجيةويصل الأمر لعدم توافر شبكات هاتف وليس إنترنت، كما توجد شريحة كبيرة من أعضاء هيئة التدريس لا تجيد استخدام التكنولوجيا حتى الآن.

ورأى أن الأسلوب الأقرب للتطبيق هو التعليم الهجين عبر تخصيص تدريس جزء من العملية التعليمية بالطرق النمطية وأخرى عبر الشبكة العنكوتية، معتبرا أن تجربة التعليم عن بعد خلال فترة انقطاع الدراسة أظهرت أن المحاضرات المسجلة أكثر جدوى من البث الحى المباشر لاسيما مع ضعف تغطية شبكات الأنترنت.

جدير بالذكر أن وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، أجرت دراسة استقصائية، لتقييم تجربة التعليم عن بعد التى تم تطبيقها بالجامعات خلال الأشهر الماضية، للوقوف على أهم التحديات التى ينبغى مجابهتها فى المستقبل. 

وشمل الاستقصاء تغطية ثلاثة محاور أساسية وهي: تقييم التجربة المصرية للتعليم عن بعد،  داخل الجامعات والمعاهد العليا  واستكشاف مدى تأثير نواحى التجربة على نواتج التعلم المستهدفة، وقياس رضا الأطراف المعنية كافة، “قيادات وأساتذة وإداريين وطلاب” ووضع تصور متكامل لخطة عمل مستقبلية لكيفية الاستفادة من إيجابيات التجربة وتفادى سلبياتها.

وبلغ عدد المشاركين فى الاستقصاء، 106.8 الف  مشارك ، وتكون من 14 سؤالا، وأوضحت النتائج ارتفاع نسبة قبول القيادات الجامعية لفكرة التعليم المدمج حيث تراوحت النسبة بين- %20.79 و%34.53 ما بين محتمل جدًا ومحتمل، وانحصرت نسبة الرفض فيما بينهم %10.64 و%7.16 ما بين غير محتمل وغير محتمل بشدة على التوالى. 

وتبين تقبل أعضاء هيئة التدريس لفكرة التعليم عن بعد خلال الفصل الدراسى القادم بنسبة ضئيلة %10.71 و%19.02 ما بين موافق دائمًا وموافق غالبًا.

وكشف عن تحديات التعليم عن بعد، حيث أشار المسئولون بالجامعات المصرية إلى انتظام التفاعل عن بعد خلال منصات التعليم المختلفة (%48.41 محتمل و%18.65 محتمل بشدة). 

وبخصوص استفسار عن مدى إمكانية إجراء الامتحانات “أون لاين”، فقد أشار المسئولون فى الاستبيان إلى صعوبة هذا الأمر (24.35 % معارض و%8.50 معارض بشدة).  

 كما أشارت الدراسة الاستقصائية إلى رأى القيادات فى تقديم الدعم المالى للطلاب المتعثرين ومدى رغبتهم فى تقديم القروض لدعم الطلاب لشراء أجهزة حاسوب.  

وفى هذا الأمر اختلف رأى القيادات فى الجامعات ما بين ضرورة توفير القروض والدعم المالى بشكل مساوى (%40.66، غير موافق، و%9.3 غير موافق بشدة، مقارنة للنسبة الإجمالية المساوية %39.49، لموافق و%10.51 موافق بشدة. 

وركز استقصاء أعضاء هيئة التدريس على رضاهم عن تجربتهم التدريسية، حيث أشارت العينة إلى مجموعة من الإيجابيات مثل الدعم الفنى المقدم من مؤسساتهم خلال فترات استمرار الدراسة عن بعد.

وأبدى %49.41 رضاءهم عن الدعم المقدم لهم من مؤسساتهم التعليمية، فى حين تراوحت نسب عدم الرضا ما بين %7.32 و%3.37، والذى جاء نتيجة مشكلات تقنية لخدمات شبكة المعلوماتية العنكبوتية (الإنترنت)، وصعوبة التعامل مع برامج الفيديو كونفرانس، هذا علاوة على صعوبة التحقق من تفاعل الطلاب معهم أثناء الشرح عن بعد فى حالة تواجده. 

كما أشارت نسبة ضئيلة إلى رضائهم عن حجم الأعباء التدريسية عبر الإنترنت، وتراوحت ما بين %1.80 و%6.80 على التوالى. 

واختلفت نسب الرضا التى تقيس جودة المخرجات التعليمية المتوقعة فى التعليم عن بعد، مقابل التعليم الذى اعتادت عليه الجامعة فى السنوات السابقة، حيث جاءت سلبية بنسبة تراوحت بين %17.21 و2.02٪، وفى المقابل كانت النسبة الإيجابية تتراوح بين %12.04 و%47.82، وكانت العينة المحايدة %20.91 من إجمالى الاستجابات.

وفيما يخُص الحصول على المادة العلمية، تبين أن أفضل الطرق المتاحة على المنصات الإلكترونية هى المحاضرات المسجلة والكتب الإلكترونية، فى حين كانت الأسوأ هى أجهزة المحمول وشبكات الإنترنت التى تسبب عنها رداءة الصوت فى بعض الأحيان. 

كما أشارت إستطلاعات الرأى للطلاب المصريين والوافدين إلى العديد من النقاط السلبية والإيجابية، فكشفت الدراسات ارتفاع نسبة الطلاب الذين استخدموا التعليم عن بعد خلال الفصل الدراسى للعام الأكاديمى 2020/2019 والتى تنوعت ما بين الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب الشخصية. 

وتصدر الهاتف التفاعل خلال التعليم عن بعد بنسبة تصل إلى %75 للطلبة المصريين و%70 للطلبة الوافدين مقارنة بالأدوات الأخرى المستخدمة خلال التعليم عن بعد. 

وأشارت النتائج لبعض الإيجابيات والتى كان أبرزها، توافر المحاضرات المسجلة والتى يمكن الرجوع إليها وقت الحاجة بنسبة تصل إلى %17.30، والمهارات الجيدة لبعض المحاضرين خلال التدريس عن بعد (%18). 

ولفتت العينة أيضا إلى بعض السلبيات التى يجب تلافيها خلال الفصل القادم وهى وجود بعض المحاضرين غير المدربين على التعامل مع الإنترنت فى التدريس بنسبة تعليق وصلت إلى %22.40، وأشارت %24.30 من العينة إلى سوء شبكات الإنترنت بشكل عام.