«كورونا» يرفع متوسط الأجور فى الولايات المتحدة بأكبر نسبة منذ بداية الثمانينات

ماكدونالدز وأمازون وجوجل تمنح حوافز لاجتذاب العاملين

«كورونا» يرفع متوسط الأجور فى الولايات المتحدة بأكبر نسبة منذ بداية الثمانينات
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:43 ص, الثلاثاء, 14 سبتمبر 21

صعد متوسط أجور العاملين فى الولايات المتحدة منذ ظهور وباء كورونا وحتى الآن بأكبر نسبة منذ بداية الثمانينات ولاسيما أجور العاملين فى مجالات التسلية والترفيه والفنادق والمطاعم وشركات التكنولوجيا والتى زادت بمعدل سنوى تجاوز 6.6 % خلال العامين الماضيين مع استعداد أرباب العمل لدفع مرتبات أعلى لملء الوظائف الشاغرة التى قفز عددها بسبب قيود الحركة والبقاء فى البيوت لمنع انتشار العدوى من كوفيد 19.

واندفعت الشركات الأمريكية مثل ماكدونالدز وأمازون وجوجل وكروجر وشيبوتيل ميكسيكان جريل وأندر أرمور لرفع الأجر بالساعة ومنح حوافز إضافية فى محاولة منها للاحتفاظ بالعاملين مع تقليل ساعات عملهم للتغلب على مخاوفهم من تفاقم العدوى من فيروس كورونا الذى أصاب ما يزيد عن 41 مليون حالة وأودى بحياة حوالى 660 ألف ضحية لتتصدر الولايات المتحدة العالم فى عدد الإصابات والوفيات حتى الآن.

وذكرت مجلة فورتشن أن الشركات الأمريكية تطبق وسائل عديدة للاحتفاظ بالعاملين أو لاجتذاب آخرين ومنها سلسلة مطاعم ستارباكس وفنادق درورى أوتيلز التى تمنح العاملين الجدد حوافز إضافية بينما لم تعد شركات الرعاية الصحية تطلب من الباحثين عن العمل الحصول على دبلومات عند تعيينهم بعد هروب الكثيرين بسبب الخوف من العدوى من كورونا فى حين أن شركات أخرى زادت الأجور مثل سلسلة مطاعم يور باى للبيتزا والمعجنات التى أصدر رئيسها دان ساكو تعليمات للمدراء برفع الأجور وتقليل ساعات العمل للتفوق على الشركات المنافسة.

رفع الأجر إلى 12.5 دولار

واستطاع دان ساكو أن يعين المزيد من العاملين بعد أن رفع أجور العاملين إلى حوالى 10.5 دولار فى الساعة بالإضافة إلى بقشيش بمعدل دولارين كل ساعة واجتذاب العاملين من المطاعم المنافسة التى تغلق الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بعد أن خفض موعد إغلاق مطاعمه عند الساعة 9.5 ليلا مما يجعلهم يذهبون إلى بيوتهم مبكرا لقضاء الوقت مع أفراد عائلاتهم.

وأكد نيل سوندرز العضو المنتدب بشركة جلوبال داتا لأبحاث الأسواق المالية والتى تغطى شركات التجزئة ومحلات البقالة أن أجور العاملين ارتفعت منذ عام 2020 وماتزال آخذة فى الارتفاع وربما تستمر فى هذا الإتجاه لشهور أو حتى سنوات قادمة وخصوصا أن معظم العاملين يفضلون الوظائف التى يمكن تأديتها من بيوتهم ويبتعدون عن تلك التى تحتاج إلى الذهاب إلى مقار العمل وذلك خوفا من العدوى التى مازالت تنتشر ولا يعرف أحد متى ستتوقف.

ورغم ارتفاع الأجور إلا أن التضخم التهم الزيادات التى تمتع بها العاملون خلال شهور الوباء حيث ارتفعت أسعار المستهلكين بحوالى 5.4 % فى يونيو الماضى لتسجل أعلى نسبة منذ عام 2008 لدرجة أن دراسة أجراها معهد بيترسون أوضحت أن أجور العاملين المعدلة بالنسبة للتضخم باتت حاليا أقل عما كانت عليها فى ديسمبر 2019.

تسريح 2.5 مليون فى المطاعم

وأدى تفشى الوباء خلال العام الماضى إلى تطبيق تدابير حجر وإغلاق وباتت المطاعم خالية من الرواد مما أدى إلى تدنى أجور العمال بها كما جرى تسريح أكثر من 2.5 مليون وظيفة فى هذا القطاع عبر أنحاء الولايات المتحدة وأغلقت أكثر من 110 آلاف مؤسسة بحسب الجمعية الوطنية للمطاعم غير أنه مع رفع تدابير الإغلاق وإعادة فتحها وجد العديد من أصحاب المطاعم صعوبات فى العثور على العاملين مرة أخرى بسبب الأجور المتدنية وتزايد المخاطر الصحية المرتبطة بكوفيد- 19.

وكان العاملون فى المطاعم يتملكهم الخوف من العدوى أو نقل فيروس كورونا إلى أفراد عائلاتهم خصوصا أن نصف الرواد تقريبا لم يكونوا يضعون كمامات أثناء توجدهم فى المطاعم ولم يكونوا يحترمون القواعد المتعلقة بعدد الأشخاص المسموح به حول كل منضدة وكانت الإدارة تغض الطرف عن مثل هذه الأمور لاجتذاب الرواد وحين فرضت واشنطن قواعد تباعد أكثر صرامة فى ديسمبر الماضى أغلقت العديد من المطاعم أبوابها ولكن مع معاودة النشاط أعلنت عدة مطاعم للوجبات السريعة مثل ماكدونالدز وتشيبوتلى أنها ستتجه إلى زيادة الأجور لاجتذاب العاملين.

شكاوى من تزايد عدد الوظائف الشاغرة

وعندما اجتمعت جانيت يلين وزيرة الخزانة مؤخرا لمناقشة التضخم والاقتصاد مع رؤساء شركات عملاقة مثل دلتا اير للطيران وكوكاكولا للمشروبات الغازية تناولت المحادثات شكاوى من تزايد عدد الوظائف الشاغرة برغم رفع الأجور وأن زيادة الأجور ستستمر طالما استمر التضخم مرتفعا وكورونا يواصل العدوى لدرجة أن شركة ستارباكس تمنح مكافأة 200 دولار لأى شخص ينضم للعاملين لديها قبل نهاية الشهر الجارى كما أعلنت شركة كروجر أن متوسط الأجر بالساعة سيزداد إلى حوالى 21 دولارا قبل نهاية العام الحالى ارتفاعا من 15.5 دولار فى الساعة فى مارس الماضى .

وأعلنت وزارة العمل الأمريكية أن متوسط نمو الأجور بلغ 4.8 % فى يوليو الماضى بالمقارنة مع %3.3 فى يناير 2020 قبل ظهور كورونا فى الولايات المتحدة، وارتفعت أجور العاملين فى قطاع الخدمات خلال شهر أغسطس الماضى بنسبة تزيد بأكثر من %2 عن متوسط نمو أجور جميع العاملين ومع ذلك فهناك نقص فى أعداد العاملين لدرجة أن شركة تشيرش تشيكين للدجاج علقت لافتة تقول «نحتاج إلى عاملين دائما» و«الوظائف الشاغرة موجودة باستمرار»!

وأشار بريان أولسافسكى رئيس الشؤون المالية لشركة أمازون أكبر شركة فى العالم للمبيعات الأونلاين إلى أن جميع العاملين لديها نالوا زيادات كبيرة فى الأجور والحوافز منذ بداية الوباء وحتى الآن فى محاولة منها لتحتفظ بهم وتقنعهم بعدم ترك العمل بسبب كوفيد 19 كما أعلن داريوس أدامكزيك الرئيس التنفيذى لشركة هانى ويل انترناشيونال أنه رفع أجور عمال المصانع بأكثر من 10 % هذا العام ولكنه اضطر لرفع أسعار المنتجات لتعويض تكاليف العمالة والخامات والخدمات وأن هذا الاتجاه لن يتوقف طالما استمرت المخاوف من كورونا .

انتعاش سوق العمل بسبب الوباء

وأكد مارتى ولش وزير العمل أن سوق الوظائف الأمريكية تشهد الآن تحسنا واضحا مع تعود الناس على الحياة فى ظل كورونا وخروجهم من جديد لتناول وجباتهم فى المطاعم برغم مخاطر سلالة دلتا المتحورة لأن رفع الأجور وزيادة التطعيمات شجعت العاملين على العودة لمقار عملهم وتوقعهم استمرار زيادة الأجور من حين لآخر بسبب تفاقم كورونا.

وأدى ظهور سلالات متحورة من فيروس كورونا مثل دلتا إلى تزايد العدوى بين الأمريكيين وارتفاع عدد المرضى الذين ذهبوا إلى المستشفيات لدرجة أن هناك مخاوف من عدم وجود سرير خال بها فى غضون شهور قليلة فى حال استمرت أعداد المصابين والوفيات فى تزايد والذين وصلوا على مستوى العالم إلى ما يقرب من 225 مليون حالة و4.7 مليون ضحية حتى الآن برغم تطعيم ما يقرب من 5.7 مليار شخص حول العالم.

ورغم أن انتشار العدوى فى الولايات المتحدة أدى إلى إلغاء العديد من الأحداث التى تنتظرها الجماهير كل سنة مثل معرض نيويورك الدولى للسيارات بسبب الخوف من العدوى إلا أن شركات عالمية مثل جوجل وأمازون وبلاك روك تخطط لعودة العاملين إلى مكاتبهم ووقف عملهم من بيوتهم علاوة على أن كورونا تسبب أيضا فى ضعف الإنفاق الاستهلاكى كما جاء فى تقرير للاقتصاديين فى بنك أوف أمريكا والذى أظهر تباطؤا واضحا فى إنفاق البطاقات الائتمانية.

ومع ذلك فقد ساعد وباء كورونا على انتعاش شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى التى حققت أرباحا طائلة وشهدت سرعة فى توظيف المهارات والكفاءات مع ارتفاع فى الوظائف طوال الشهور الماضية حيث أضافت أكثر من 80 ألف عامل فى الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام الجارى ووظفت شركة الفابيت المالكة لشركة جوجل أكثر من 4 آلاف موظف فى الربع الثانى وحده وأعلنت عن أكثر من 300 ألف وظيفة تقنية شاغرة منذ يونيو الماضى منها مطورى البرامج والتطبيقات ومتخصصى دعم تكنولوجيا المعلومات ومديرى المشروعات ومهندسى الأنظمة ومحلليها وخبراء الذكاء الاصطناعى.