■ خبراء: نرفض الإلغاء ونطالب بتأجيل تنفيذ نفقى السكة الحديد لحين توافر التمويل
■ دراسة هندسية: تكلفة نقل الكوبرى تصل إلى 80 مليون جنيه
■ كبير مرشدى القناة ببورسعيد: هيئة قناة السويس رفضت نقله إلى جنوب الرسوة لارتفاع التكلفة
■ رئيس استشارى الأنفاق: صعوبة التأمين وراء إلغاء النفقين
■ مدير الإدارة الهندسية: خط سكك حديد الفردان أزيل بعد حفر القناة الجديدة
نادية صابر – أمانى العزازى
بعد أن اعتلاه الصدأ؛ وبات جثة هامدة على ضفتى قناة السويس، اتجهت الأنظار مرة أخرى إلى كوبرى الفردان، عقب قرار الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، إلغاء مشروع نفقى السكك الحديدية، أسفل قناة السويس، بمنطقتى الإسماعيلية، وبورسعيد، لارتفاع تكلفته الاستثمارية.
وطُمست معالم خط السكة الحديد الذى أقيم ليربط الدلتا بقلب سيناء، ضمن خطة وضعتها الحكومة منتصف التسعينات، بتكلفة 320 مليون جنيه إنذاك؛ لمد الجسور فى مشروع تنمية سيناء القومى، تمهيدًا للوصول بالخط الحديدى لرفح.
وأرجع كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة منذ أيام، إلغاء مخطط إقامة نفقى السكة الحديد بمدينتى الإسماعيلية، وبورسعيد، إلى تحرير سعر الصرف، التى رفعت تكلفة أعمال حفر الكيلو متر الواحد، ليصل إلى مليار جنيه، ما يستدعى إعادة الدراسة مرة أخرى، لاسيما أن النفق بطول 8 كيلو مترات.
وقال إن الهيئة الهندسية بالتنسيق مع بعض المكاتب الاستشارية بدأت دراستها الفنية لنقل كوبرى الفردان، من موقعه الحالى أعلى قناة السويس إلى منطقة القنطرة، باعتبارها أفضل منطقة لبناء خط سكة حديدية، بعيد عن القناة الجديدة، ما يقلل التكلفة.
ويذكر أن التكلفة الإجمالية المعلنة فى عام 2014، لأنفاق السيارات والسكة الحديدية، أسفل قناة السويس بلغت 4 مليارات دولار، ما يعادل 29 مليار جنيه إنذاك؛ لكن تلك التكلفة ارتفعت بعد قرار تحرير سعر الصرف، لتصل إلى متوسط 68 مليار جنيه.
وأكدت انتصار إبراهيم، رئيس الإدارة الهندسية بهيئة قناة السويس، أنه لا تأثير على حركة الملاحة بالقناة، حال نقل كوبرى الفردان من موقعه، إلى موقع آخر.
وقالت إن مكان حفر قناة السويس الجديدة، يتقاطع مع خط السكة الحديد، على امتداد كوبرى الفردان، وأزيل خط السكة الحديد فى منطقة الحفر، وأصبح الغرض الذى أقيم من أجله الكوبرى غير موجود، وتم إيقاف استخدام الكوبرى تمامًا.
ويرى هشام محجوب، المستشار الهندسى لمحافظ بورسعيد، أن إلغاء حارة السكه الحديد، التى كان مزمع تنفيذها بأنفاق بورسعيد والإسماعيلية، قرارًا لايتناسب مع البعد الإسترتيجى لمنطقة محور قناة السويس، لافتا إلى أنه من الضرورى إعادة النظر فى القرار، ودراسته جيدًا، وبحيث يتم تأجيل التنفيذ، وليس إلغائه بشكل نهائى، مع تنفيذ زواياه ومحاور الدخول والخروج، لحين توافر التمويل.
وأشار محجوب إلى أن الاستعانة بكوبرى الفردان بديلًا عن الأنفاق لربط غرب القناة بشرقها، لن يحقق خدمة مشروعات شرق بورسعيد، وتنمية سيناء بشكل جيد، لأن حركة الأنفاق مستمرة على مدار اليوم، أما حركة الكوبرى سترتبط بحركة مرور القوافل فى قناة السويس، فضلا عن أن الكوبرى محدد بحمولات معينة، أما حمولات خط سكة حديد النفق مفتوحة، وأن الأجدى استخدام كوبرى الفردان فى التفريعة الشرقية لقناة السويس، لربط بورسعيد بسيناء، وإنشاء النفق.
من جانبه يرى جيرهارت بايسبخكبير، رئيس الاستشاريين بنفق السيارات بالإسماعيلية فى تصريح لـ«المال» أن توقف العمل بنفق السكة الحديد لظروف أمنية إذ أنه من الصعب تأمينه فى تلك الظروف، عكس نفقى السيارات.
وتابع أن النفق يحتاج إلى مد شبكة من السكك الحديدية إلى الصحراء، مشيرا إلى إمكانية تنفيذه فى وقت لاحق، وأن الماكينة الخاصة بحفر نفقى السكة الحديد متواجدة.
وقال هشام النعمانى، كبير مرشدى القناة ببورسعيد، إن أعمال حفر قناة السويس الجديدة أدى إلى قطع خط السكة الحديد، الذى كان يربط سيناء بالدلتا، عن طريق كوبرى الفردان، وأصبح فعليا خارج نطاق الخدمة.
وكشف أن هيئة قناة السويس، واختلفت مع محافظة بورسعيد على تكلفة نقل كوبرى الفردان، من موقعه الحالى إلى جنوب الرسوة ببورسعيد، للوصل بين غرب وشرق القناة، مما دفع «قناة السويس» لإنشاء كوبرى النصر العائم، جنوب المدينة الذى افتتحه الرئيس السيسى، فى احتفالات بورسعيد بعيدها القومى، كبديل لنقل كوبرى الفردان.
ويقول رشيد عوض، النائب البرلمانى السابق، والرئيس الأسبق لمرفق المعديات، إن كوبرى الفردان أنشيء عام 2001، بهدف ربط سيناء بالدلتا، وعبارة عن جزئين متحركين، كلاهما مثبت على محور ارتكاز يزن الجزء الواحد منه 6800 طن، إلا أنه لم يستخدم طيلة الأعوام الماضية.
ويرى أنه يمكن استخدام كوبرى الفردان للربط بين بورفؤاد وشرق بورسعيد، لحل مشكلة تكدس الشاحنات، لاسيما بعد إغلاق كوبرى السلام، بدلا من الأموال الطائلة، التى تنفقها الهيئة فى بناء وصيانة المعديات.
وفى سياق متصل أوصت دراسة سابقة بضرورة رفع مستوى كوبري الفردان بحيث يسمح بمرور الوحدات البحرية متوسطة وقليلة الارتفاع أثناء التشغيل.
وتلك الدراسة سبق وأن أعدها محمد الغندور، أستاذ المنشآت المعدنية بجامعة بورسعيد، والعميد السابق لكلية الهندسة، بناء على طلب محافظة بورسعيد، لإعادة استخدام كوبرى الفردان، للربط بين شرق وغرب القناة قبل قيام هيئة قناة السويس بتنفيذ كوبرى النصر العائم، بجنوب الرسوة.
وأوصت أيضاً بإمكانية نقل الكوبرى من مكانه، وإعادة تركيبه لأنه مصنوع من الحديد الصلب القابل للفك والتركيب؛ وإعادة استخدامه، ويتميز الكوبرى بتكلفة تشغيل منخفضة، وزمن فتح وغلق، لا يستغرق 30 دقيقة، وتكلفة صيانة دقيقة، ودرجة اتزان وأمان عالية.
كما أكدت الدراسة أن تكلفة تفكيك ونقل الكوبرى، وإعادة تركيبه، والقواعد الخرسانية، والخوازيق، والأرصفة والإنشاءات الخدمية تصل إلى 80 مليون جنيه.
قصة كوبرى الفردان
سبعة مشروعات رئيسية تضمنها المشروع القومى لتنمية سيناء، الذى أقرته رئاسة الوزراء نهاية 1994، كان من بينها إنشاء خط للسكك الحديدية، يخترق سيناء، ويرتبط بالدلتا عبر قناة السويس، من خلال كوبرى معدنى متحرك، حتى لا يعيق حركة الملاحة الدولية، بقناة السويس، وكان الهدف المعلن وقتها لإقامة المشروع مد جسور وشبكة مواصلات، لجذب العمران، والتنمية فى سيناء، بما يتوكب مع مشروعات ترعة السلام، وخلق مجتمعات زراعية فى شمال ووسط سيناء.
كان مسار الخط الحديدى والكوبرى المعدنى طبقا لخرائط ومستندات وزارة النقل، بمد خط حديدى من الإسماعيلية للفردان، ثم متابعة الخط بفرع يمتد لمنطقة الفردان غرب قناة السويس، ومن هناك يعبر الخط قناة السويس، على كوبرى معدنى متحرك، يصل طوله لنحو 640 م صمم بطريقة تسمح بفتحه وغلقه، تزامنًا مع حركة مرور القوافل بقناة السويس ثم يمتد الخط ليعبر قناة السويس، ومنه لمحطة القنطرة شرق وجلبانة، وبالوظة، ورومانة، ونجيلة، تباعًا حتى محطة بئر العبد، بطول 108 كلم، كمرحلة أولى للمشروع، تستكمل كما كان محددًا لها فى 2003، لتصل إلى مدينة رفح المصرية، ليصل إجمالى طول الخط 225 كلم، ويضم 13 محطة للسكك الحديدية، لخدمة التنمية الشاملة بسيناء بتكلفة 380 مليون جنيه.
واستمر العمل فى إقامة الخط الحديدى شرق قناة السويس، متزامنا مع أعمال إنشاءات الكوبرى المعدنى لعدة أعوام انتهت فى منتصف 2001، وفى احتفالات أكتوبر من نفس العام، افتتح الرئيس السابق مبارك المشروع، بعدما اكتمل إقامة المحطات الحديدية، وسط ضجة إعلامية عن أهمية المشروع الذى سيغير وجهة سيناء، الإستراتيجية، ويقضى على عزلتها، ويخلق منها مجتمعًا عمرانيًا، إلا أن الكوبري تسبب فى وجود خلاف بين هيئة قناة السويس ووزارة النقل وقتها وتم الاتفاق علي فتحة أثناء القوافل وبالتالى لم يعد مناسباً لحركة النقل ومن ثم لم يتم استغلاله رغم أن تكلفته الاستثمارية اقتربت من المليار جنيه ولم يعد للخط الحديدى أى وجود، بعدما سرقت القضبان الحديدية بأكملها، وتوقف المشروع الذى ثبت عدم جدواه، ليفتح الكوبرى المعدنى ضلعيه، على ضفتى القناة فى توقف كامل فى آوائل 2008.