كم وكيف ولماذا أنفق الإخوان على الصحف القومية؟

أحمد رضوان:

إذا أردت إجابة سريعة، فإنه على مدار العام المالى 2012/2013 الذى جلس فيه الرئيس المنحاز لجماعته محمد مرسى على كرسى الحكم، بلغ إجمالى ما أنفقته الدولة على الصحف القومية 53.4 مليون جنيه، تحت بند الدعم والمنح، فى صورة دفعات شهرية، تم استثمار غالبيتها فى تحسين معدات الطباعة وتدبير مستلزمات الإنتاج، بخلاف 3.4 مليون أخرى تم صرفها لنقابة الصحفيين.

كم وكيف ولماذا أنفق الإخوان على الصحف القومية؟
جريدة المال

المال - خاص

5:12 م, الثلاثاء, 20 يناير 15

أحمد رضوان:

إذا أردت إجابة سريعة، فإنه على مدار العام المالى 2012/2013 الذى جلس فيه الرئيس المنحاز لجماعته محمد مرسى على كرسى الحكم، بلغ إجمالى ما أنفقته الدولة على الصحف القومية 53.4 مليون جنيه، تحت بند الدعم والمنح، فى صورة دفعات شهرية، تم استثمار غالبيتها فى تحسين معدات الطباعة وتدبير مستلزمات الإنتاج، بخلاف 3.4 مليون أخرى تم صرفها لنقابة الصحفيين.

أما إذا رغبت فى الحصول على تفاصيل أكثر، ومنها نصيب كل صحيفة من الـ 53 مليون جنيه، وهل مالت لصالح المؤسسات الكبرى على حساب الصغرى أو العكس، وما أوجه الشبه والاختلاف فى أسلوب الصرف على المؤسسات القومية قبل وبعد 30 يونيو.. فما عليك إلا استكمال قراءة هذا التقرير.

الصحف الأكثر احتياجا فى مقدمة المستفيدين

قبل أيام، نشرت جريدة المال تقريرا مطولا عن صرف حكومة المهندس إبراهيم محلب 275 مليون جنيه مساندة للصحف القومية، استحوذت الأهرام على أكثر من نصفها (140 مليون جنيه)، وحصلت مؤسسة أخبار اليوم على 60 مليونا، والجمهورية (دار التحرير) 40 مليونا، والمبلغ المتبقى (35 مليونا)، على بقية الصحف.

كشف توزيع هذه المبالغ عن انحياز الحكومة بوضوح للمؤسسات الكبرى (الأهرام ـ الأخبار ـ الجمهورية)، على حساب الصغرى الأكثر معاناة واحتياجا للدعم المالى وهى (الهلال ـ المعارف ـ روزاليوسف ـ وكالة أنباء الشرق الأوسط).

كيف توزعت إذن الـ 53 مليون جنيه التى صرفها الإخوان فى عهد المعزول مرسى؟ باختصار لم تحصل مؤسستا الأهرام وأخبار اليوم على مليم واحد، وفى المقابل، كان نصيب دار الهلال 29.3 مليون مثلت 54.6% من إجمالى المبالغ المنصرفة، وحصلت روزاليوسف على 15.5 مليون (29%)، و7.7 مليون لدار المعارف (14.4%)، وتوزع باقى المبلغ بواقع 3.5 مليون لدار التحرير ـ الجمهورية، ونصف مليون لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بما يوازى 6.5%، ونحو1% على التوالى.

النصيب الأكبر للإنفاق على تحسين معدات الطباعة

مسئول وثيق الصلة بدراسات إعادة هيكلة للصحف القومية، أكد لـ جريدة المال أنه لم يتم صرف مليم واحد عليها من موازنة الدولة فى فترة حكم الإخوان دون متابعة لأوجه انفاقه، وأن غالبية المبالغ تم استثمارها فى عمليات تطوير آلات الطباعة وشراء مستلزمات إنتاج، ونسبة بسيطة تم انفاقها على تغطية رواتب متأخرة.

فى المقابل.. نحو 70% من الـ 275 مليون جنيه التى صرفتها حكومة المهندس إبراهيم محلب للمؤسسات القومية، تم إنفاقها فى سداد رواتب شهر ديسمبر الماضى، وأرباح سنوية للعاملين (جميع الصحف القومية خاسرة ومديونة للضرائب والتأمينات والبنوك)، ومنحة عن المولد النبوى الشريف!

وكما أكد مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، فى التقرير الذى نشرته جريدة المال قبل أيام، فإنه لا مجال لتجاهل مطالب العاملين فى الصحف القومية، فالرواتب غير كافية وتحتاج لإعادة نظر، والاضطرابات الناتجة عن عدم صرف الأرباح والمنح لا تمر مرور الكرام.

نقيب الصحفيين الأسبق نوه إلى أن النظم السياسية السابقة استهدفت الضغط على المؤسسات القومية لضمان ولائها، واستهدفت الحفاظ على عثراتها المالية كإحدى أدوات هذا الضغط.

الصرف (شهر بشهر) فى مقابل دفعة واحدة

صرفت حكومة المهندس إبراهيم محلب المساندة التى خصصتها للصحف القومية دفعة واحدة قيمتها 275 مليون جنيه، فى المقابل، جاءت عمليات الصرف فى عهد الرئيس المعزول مرسى على دفعات شهرية، كالتالى:

4.5 مليون جنيه فى يوليو 2012، 1.6 مليون فى أغسطس، 5.3 مليون فى سبتمبر، 7 ملايين فى  أكتوبر، 7.5 مليون فى نوفمبر، 6 ملايين ديسمبر، وفى النصف الأول من 2013، تم صرف 5.5 مليون جنيه فى يناير، 2.3 مليون فى فبراير، 4.8 مليون فى مارس، 3.75 فى أبريل، 3.1 مليون فى مايو، و4.6 مليون جنيه فى يونيو.

مسئول وثيق الصلة بالمجلس الأعلى للصحافة أوضح لجريدة المال رؤيته حول الاختلاف فى أساليب الصرف، فأكد أن جدولة المساندة التى قدمتها حكومة الإخوان للصحف القومية لتصرف شهريا، جاءت لسببين، الأول هو منح الفرصة الكافية لتغطية نفقات الصحف من مواردها الذاتية،  والثانى عدم كفاية الموارد المالية فى هذا الوقت.

المصدر نفسه وجه انتقادات لاذعة لهذا الأسلوب، فحسب وجهة نظره، لا يمكن لأى مؤسسة ان تضع خططا مناسبة لإدارة السيولة تمكنها من تغطية التزاماتها، وهى تحصل على الدعم فى صورة أقساط شهرية.

وأكد أن الصرف فى صورة دفعة واحدة له عيوب، منها أنه جاء فى وقت شديد الحرج من عمر موازنة الدولة التى تعانى عجزا فى حدود 12%، هذا بخلاف الخلل الظاهر فى أوجه انفاق هذه الأموال الذى مال لصالح تغطية رواتب ومنح وأرباح للعاملين، لكنه أكثر فائدة لأى مؤسسة لديها خطط وكوادر محترفة قادرة على التخطيط الجيد للسيولة.

إفصاح غائب وتبرير يتناقض مع الواقع

شدد المصدر على ضرورة إفصاح حكومة المهندس إبراهيم محلب عن جميع التفاصيل المرتبطة بالـ 275 مليون جنيه التى صرفتها للصحف القومية، فلا يمكن أن تتبنى الدولة موازنة تقشفية تعتمد بالأساس على خفض الدعم الموجه للمواطنين (تم خفضه بنحو 50 مليار جنيه على الوقود وحده)، ثم تنتهج سياسة توسعية فى الإنفاق على مساندة الصحف القومية.

وقال إن التبرير الذى قاله أحد رؤساء هذه الصحف من أن الحكومات لابد أن تقف وراء المؤسسات الكبرى وقت الأزمات بغض النظر عن مالكها، لا يستقيم مع ما يحدث على أرض الواقع، فرغم الأزمات المالية التى واجهتها بعض شركات القطاع الخاص ومن بينها مؤسسات صحفية أيضا، لم تصرف الحكومة مليما واحدا على كيان غير مملوك للدولة.

وتساءل المصدر: هل توافق الحكومة على صرف دعم مالى لصحيفة خاصة مهددة بالإغلاق؟ أضاف: على الصحف الخاصة أن تتكتل وتقدم طلبا موحدا بطلب مساندة مماثلة و(المية تكدب الغطاس).

كان جلاء جاب الله رئيس مؤسسة دار التحرير ـ الجمهورية، قد أكد لجريدة المال أن أعتى النظم الرأسمالية تساند شركاتها الكبرى وقت الأزمات، واعتبر أن المبالغ التى صرفتها الحكومة على الصحف القومية مساندة وليست دعما أو منحة.

ملاحظات من كاتب التقرير .. (تجاوز مشروع )

قد يكون نوعا من التجاوز أن يتضمن تقرير خبرى رأى كاتبه، ولكن هناك ملاحظات مهمة من الواجب التأكيد عليها، تم فصلها فى الخاتمة للحد من آثار هذا التجاوز:

1 ـ المقارنة بين الإنفاق على الصحف القومية قبل وبعد 30 يونيو لا يستهدف تبيان الجيد من السيئ، ففى الحالتين هناك خلل شديد فى تحديد أولويات وأوجه صرف الدعم والمنح الحكومية على القطاعات والشرائح الأكثر احتياجًا.

2 ــ لا مانع من تقديم دعم مالى لإنقاذ المؤسسات الصحفية القومية من عثراتها، ولكن يجب أن يكون مرهونا بخطة تضمن وقف هذا النزيف، وألا يتم إنفاقه فى صورة أرباح للعاملين على موازنات خاسرة.

3 ــ على الحكومة ممثلة فى وزارة المالية مطالبة هذه الصحف بتقديم جدول زمنى لسداد ديونها المستحقة للضرائب والتأمينات والبنوك، وأن يتم التعامل معها كمؤسسات هادفة للربح، لا جمعيات تستحق دعما لا ينقطع.

4 ــ الأوضاع المالية السيئة التى تعانى منها هذه المؤسسات، نتيجة طبيعية لتعيينات مجالس إدارات وجمعيات عمومية على أساس التوجه السياسى وليس الكفاءة المهنية.

جريدة المال

المال - خاص

5:12 م, الثلاثاء, 20 يناير 15