أعلن كايسابنك الإسبانى أنه يتفاوض حاليا للاندماج مع بانكيا المملوك لحكومة مدريد لتكوين أكبر بنك محلى بأصول تقدر بأكثر من 664 مليار يورو (772 مليار دولار) فى خطوة تعد أفضل وسيلة لحماية الأرباح من تداعيات أسعار الفائدة السالبة ومن القروض المعدومة الناجمة عن الخسائر الاقتصادية والمالية التى تسبب فيها وباء فيروس كورونا.
وذكرت وكالة رويترز أن تفاصيل صفقة الاندماج بين كايسابنك وبانكيا مازالت قليلة إلا أنه من المتوقع أن تتقلص حصة الحكومة الأسبانية البالغة %62 فى بانكيا، التى اشترها عام 2012 لإنقاذه من الإفلاس، إلى حوالى %14 فى الكيان الجديد بعد الاندماج الذى ينفذه البنكان الأسبانيان فى حين لم يجرؤ أى بنك من بنوك الاتحاد الأوروبى على دخول هذا المجال رغم المخاطر والخسائر التى تعرضت لها هذا العام بسبب مرض كوفيد 19.
وأدى وباء كورونا الذى تسبب فى إصابة أكثر من نصف مليون حالة ووفاة حوالى 30 ألف ضحية فى أسبانيا، إلى هبوط قيمة أسهم بانكيا إلى 0.3 مرة من قيمتها الدفترية وقيمة أسهم كايسابنك إلى %0.6 مرة من القيمة الاسمية.
ويتوقع المحللون فى مؤسسة جيفريز الأوروبية لأبحاث الأسواق المالية أن يسيطر الكيان الجديد كايسابنك-بانكا على 30 % من سوق البنوك الأسبانية ليتفوق على بنكو ستاندرد أكبر بنك أسبانى، ويقلص التكاليف من خلال إغلاق الفروع المتداخلة فى نفس المناطق، ويقلل تكاليف مزدوجة أخرى مما يعنى زيادة أرباحه.
ويفترض المحللون أن كايسابنك سيتمكن من تقليص تكاليف تشغيل بانكيا بحوالى %40، حيث سيتمتع الكيان الجديد بخفض ضرائب كان يدفعها البنكان كل منهما على حدة، وسيبيع أصولا لأن عدد فروعهما مجتمعة يبلغ 6 آلاف وحدة ليتوفر له حوالى 4 مليارات يورو فى حين أن تكاليف الاندماج ستتوقف عند 1.8 مليار يورو والتى تعادل تقريبا القيمة السوقية الحالية لبانكا.
وانتعشت أسعار أسهم بانكيا وكايسا بنك بحوالى 30 % و14 % على التوالى فى بداية هذا الأسبوع بعد الإعلان عن صفقة الاندماج بينهما وتوقع بيع 50 % من فروع بانكيا وخفض العديد من الخدمات الرئيسية التى سيتعاون الكيان الجديد فى تنفيذها وسيكون جوزيه إيجناسيو رئيس مجلس إدارة بانكيا رئيس الكيان الجديد بينما سيكون جونزالو جورتازار الرئيس التنفيذى لكايسابنك هو الرئيس التنفيذ له.
مع ذلك تقل قيمة أسهم بانكيا حاليا بحوالى 8.5 مليار يورو عن قيمتها الدفترية فى نهاية يونيو الماضى ولكن صفقة الاندماج سترفع أسعار أسهمه ليحقق مكاسب لرأس ماله تساهم فى تغطية تكاليف الصفقة.
لكن جونزالو جورتازار يرى أن مشاركة الحكومة الأسبانية فى صفقة الاندماج سيؤدى إلى ظهور اعتراضات عند إغلاق مئات الفروع وتسريح آلاف الموظفين، لكن تزايد المخاطر من وباء كورونا الذى اجتاح قارة أوروبا وتسبب فى وفاة وإصابة حوالى 211 ألف ضحية و4 ملايين حالة ستزيد من الضغوط التى تجعل من العسير مقاومة صفقة الاندماج التى قد تقلدها بنوك عديدة فى القارة العجوز.
وتكافح جميع البنوك فى أنحاء أوروبا للتعايش مع أسعار الفائدة التى هبطت إلى مستويات قياسية والانكماش أو ضعف النمو الاقتصادى الذى تواجهه بسبب وباء كوفيد 19 وإرغام البنوك المركزية لها لتخفيض التكاليف وتخصيص نسب كبيرة من رأس المال لمواجهة خسائر الديون المعدومة.
ويرى المحللون أنه بناء على متوسط التكلفة لكل موظف وكل فرع للبنكين فإن الوفورات المرتقبة فى التكاليف بعد خلق الكيان الجديد ستبلغ مليار يورو غير أن تكاليف إعادة الهيكلة ستصل إلى حوالى 3 مليارات يورو.
وكان عدد البنوك فى أسبانيا انكمش من 55 بنكا قبل الأزمة المالية العالمية فى عام 2008 إلى 12 بنكا فقط حاليا ومن المتوقع أن يقل أيضا عن هذا العدد وينتعش نشاط الدمج والاستحواذ أكثر وأكثر بسبب الأزمة الصحية المميتة الحالية التى لا يعرف أحد متى تنتهى، والتى جعلت البنك المركزى الأوروبى أكثر تساهلا مع متطلبات رأس المال لبنوك الدول الأعضاء فى الاتحاد كما أكد لوى دى جيندوس نائب رئيس البنك المركزى الأوروبى أن نشاط الدمج والاستحواذ المحلى والعابر للحدود بين بنوك أعضاء الاتحاد الأوروبى سيبدأ فى الانتعاش خلال الشهور القليلة القادمة لتعزيز الأرباح المتعثرة بسبب وباء كورونا.