قفزت استثمارات قطاع الأدوية والرعاية الصحية إلى مايزيد عن 100 مليار دولار فى أكبر خمس عمليات اندماجات واستحواذات أعلنت عنها الشركات العالمية خلال العام الماضى الذى ظهر فى بدايته فيروس كورونا فى الصين وانتقل منها إلى جميع دول العالم ومازالت الوفيات منه والإصابات به فى ارتفاع مستمر.
وتصدرت صفقات الاندمجات والاستحواذات خلال عام الوباء صفقة شركة استرازينيكا البريطانية للأدوية عندما أكدت فى ديسمبر الماضى على استحواذها على اليكسيون فارماسيوتيكال الأمريكية للأدوية بحوالى 39.1 مليار دولارلدعم رؤيتها على الأجل الطويل لتطوير أدوية مبتكرة فى علاج وتعزيز جهاز المناعة الذى يعانى من أمراض نادرة ومزمنة متعددة.
وذكرت وكالة بلومبرج أن شركة اليكسون الأمريكية للعقاقير المتخصصة فى الأمراض النادرة مثل متلازمة انحلال الدم اليوريمى aHUS وهى حالة مرَضية تحدث عند تلف الأوعية الدموية الصغيرة فى الكليتين سجلت فى عام 2019 إيرادات بلغت 5 مليارات دولار بارتفاع 21 % عن العام السابق.
وتخطط شركة استرازينيكا لاتخاذ مصنع اليكسون فى مدينة بوسطن بولاية ماساشوسيتس الأمريكية مقرا لها لابتكار أدوية الأمراض النادرة من خلال الاستفادة من مواهب الباحثين الأمريكيين لدرجة أنها تتوقع نموا سنويا فى الإيرادات فى خانة العشرات بحلول عام 2025.
جيلياد ساينسيس تستحوذ على إيميونوميديكس للتكنولوجيا الحيوية
جاءت صفقة استحواذ شركة جيلياد ساينسيس الأمريكية للعلوم التى تتخذ من مدينة فوستر بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة مقرا لها على شركة إيميونوميديكس للتكنولوجيا الحيوية أو البيوتكنولوجى بمدية نيوجيرسى بمبلغ 21.1 مليار دولار لتأتى فى المركز الثانى العام الماضى.
وكانت شركة جيلياد أعلنت فى سبتمبر الماضى عن عزمها الاستحواذ على شركة إيميونوميديكس المتخصصة فى أدوية توليد الأجسام المضادة اللازمة لمكافحة الأمراض السرطانية والأورام الخبيثة وأكملت عملية الاستحواذ فى أكتوبر ولكنها مازالت تنتظر موافقة الهيئات التنظيمية والرقابية فى الاتحاد الأوروبى والمتوقع الحصول عليها هذا العام لتسويق أدويتها هناك.
وقالت شركة جيلياد إن الاستحواذ على شركة إيميونوميديكس سيمدها بأدوية «تروديلفى» التى نالت موافقة الجهات الرقابية لعلاج العديد من سرطانات الثدى والأورام المتيبسة الأخرى.
تيلادوك تندمج مع ليفونجو لتعزيز الرعاية الصحية الديجيتال
أعلنت شركة تيلادوك هيلث المالتى ناشيونال للرعاية الصحية الافتراضية التى تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها فى أغسطس الماضى عن اندماجها مع شركة ليفونجو بمدينة ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا الأمريكية للرعاية الصحية الديجيتال فى صفقة بلغت قيمتها 18.5 مليار دولار.
ومن المقرر أن يتمكن الكيان الناتج من الاندماج الذى يملك فيه مساهمو تيلادوك % 52 بينما يملك مساهمو ليفونجو نسبة %48 الباقية من توفير رعاية صحية افتراضية للمرضى حول العالم من خلال التعاملات على الانترنت وبذلك تقل التكاليف التى ترتفع لمستويات هائلة عند السفر للخارج للعلاج.
إيرادات تيلادوك تقفز %98
وأشارت شركة تيلادوك هيلث التى أكملت صفقة الاندماج فى أكتوبر الماضى بعد ثلاثة شهور فقط من الإعلان عنها أن إيراداتها خلال عام الوباء قفزت بحوالى 98 % لتتجاوز 1.09 مليار دولار مع تدفق طلبات الاستشارات الصحية الأونلاين عليها من جميع أنحاء العالم لدرجة أن حجم زيارة موقعها الإلكترونى قفز بأكثر من 156 % ليزيد عن 10.6 مليون شخص .
وحل فى المركز الرابع صفقة استحواذ شركة سيمنز هيلثينر بمدينة إيرلانجين الألمانية للرعاية الصحية التقليدية والديجيتال على فاريانت ميديكال سيستمز الأمريكية للأجهزة الطبية وبرامج العلاج السوفتويرفى مدينة بالو التو بولاية كاليفورنيا والتى تم الإعلان عنها فى أغسطس الماضى بمبلغ 16.4 مليار دولار لتطوير برنامج علاج متكامل لمكافحة الأمراض السرطانية وتعزيز مكانتها فى مجالات الرعاية الصحية المختلفة.
تعاون سيمنز هيلثينر مع فاريانت منذ 2012
ورغم أن الاندماج بين الشركتين الألمانية والأمريكية حدث بنهاية العام الماضى إلا أن التعاون بينهما بدأ منذ عام 2012 من خلال مشروع مشترك باسم إنفيجن يستهدف تشكيل مستقبل علاج السرطان ودمج نظم فاريانت العلاجية مع تكنولوجيا أجهزة التصوير بالأشعة والموجات الصوتية لشركة سيمنز.
وبلغت إيرادات شركة فاريانت أكثر من 3.2 مليار دولار فى عام 2019 مع هوامش تشغيل بارتفاع حوالى 17 % بينما تستهدف شركة سيمنز تحقيق أرباح سنوية قبل خصم الفوائد والضرائب لا تقل عن 356.5 مليون دولار خلال العام المالى 2025.
جيلياد ساينسيس تستحوذ على شركة أخرى
ظهرت شركة جيلياد ساينسيس مرة أخرى فى المركز الخامس لاستحواذها على شركة فورتى سيفين لعلاج السرطانات والأورام المناعية التى تتخذ من مدينة مينلو بارك بولاية كاليفورنيا مقرا لها فى صفقة بلغت قيمتها 4.9 مليار دولار جرى الإعلان عنها فى مارس من العام الماضى.
وتضمنت هذه الصفقة التى تم اكتمالها فى أبريل 2020 عقار ماجروليماب المبتكر مؤخرا الذى يعتمد على تكنولوجيا نالت الموافقة عليها من جامعة ستانفورد والذى يستخدم لأول مرة فى علاج الأورام التى تصيب جهاز المناعة.
وتستهدف شركة جيلياد من هذه الصفقة تعزيز البحوث فى أساليب عمل جهاز المناعة وعلاج الأمراض التى يتعرض لها بتطوير محفظة من عقاقير مبتكرة أخرى بخلاف ماجروليماب من أجل تعديل وتبسيط الرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة تعذبهم أثناء حياتهم وتهددهم بالموت.
وساعد على انتعاش صفقات الدمج والاستحواذ الرغبة فى سرعة تعاون شركات الرعاية الصحية لابتكار لقاحات للوقاية من الفيروس وكذلك أدوية لعلاج مرض كوفيد 19 الذى أصاب ما يزيد عن 166.5 مليون حالة ووفاة مايقرب من 3.5 مليون ضحية على مستوى العالم برغم تطعيم أكثر من مليار و700 مليون شخصا باللقاحات التى ابتكرتها ووزعتها الشركات مع نهاية العام الماضى وإن كان أغلبها فى الولايات المتحدة وأوروبا بينما لم يتم تطعيم سوى حوالى % 3 فقط من سكان قارة أفريقيا.
صفقات الدمج والاستحواذ العالمية 3.6 تريليون دولار
ومن ناحية أخرى انتعشت أيضا صفقات الدمج والاستحواذ فى جميع القطاعات الصناعية والمالية فى أنحاء العالم فى عام كورونا لتصل إلى حوالى 3.6 تريليون دولار ليقترب إجماليها من مستويات عام 2019 على الرغم من التأثير السلبى لأزمة الوباء على الاقتصاد العالمى.
وشهد النصف الثانى من العام الماضى زيادة كبيرة فى نشاط الدمج والاستحواذ ليعوض التراجع فى النصف الأول لدرجة أنه منذ شهر يوليو حتى نهاية العام بلغت قيمة هذه الصفقات حول العالم 2.3 تريليون دولاربزيادة بنسبة % 88 عن النصف الأول من العام الذى اعتراه الشكوك بخصوص مدى وحجم الأضرار التى يسببها وباء كورونا على الاقتصاد العالمى وتردد الشركات فى إتخاذ أى قرارات استثمارية قد تكبدها خسائر باهظة.
تنفيذ خطط الاستحواذ والاندماج المؤجلة بفضل اللقاحات
بدأت الشركات العالمية فى تنفيذ خطط الاستحواذ والاندماج المؤجلة أو الجديدة بعد الانكماش الاقتصادى العالمى فى الربع الثانى من العام الماضى ومرور الموجة الأولى من الوباء ليتجاوز حجم تلك الصفقات التريليون دولار فى كل من الربعين الثالث والرابع مع تزايد النشاط فى مجال شراء الشركات لبعضها وعودة التفاؤل بالتعافى الاقتصادى من أزمة وباء كورونا بعد الإعلان عن طرح أكثر من لقاح للوقاية من فيروس كورونا.
وشهدت الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضى أكبر صفقات فى عام الوباء منها استحواذ شركة SNP جلوبال على شراء شركة IHS لتحليل البيانات والمعلومات فى صفقة بلغت قيمتها 44 مليار دولار وإعلان شركة AMD لإنتاج معالجات الكمبيوتر عن شراء منافستها الأميركية زيلينيكس فى صفقة بقيمة 35 مليار دولار.
ومن الصفقات الكبرى التى شهدها العام الماضى أيضا إعلان شركة سيلزفورس الاتفاق على شراء شركة سلاك لتطبيق التواصل فى مجال الأعمال فى صفقة بلغت قيمتها 27.7 مليار دولارتمت فى ديسمبر مع انتعاش الأعمال الأونلاين بسبب قيود البقاء فى البيوت للحد من اتشار العدوى بالفيرس القاتل.
التفاؤل فى الأسواق المالية بنهاية كورونا
وجاء التفاؤل فى الأسواق المالية بنهاية أزمة وباء كورونا بعد الإعلان عن طرح اللقاحات المضادة للفيروس والتى باتت أحد العوامل التى أسهمت فى زيادة نشاط الاستحواذ والاندماج بين الشركات فى النصف الثانى من 2020 علاوة على استمرار ارتفاع مؤشرات أسواق الأسهم فى البورصات الأمريكية على عكس الانكماش فى نمو الاقتصاد العالمى مما جعل الشركات تسعى لشراء الكيانات المنافسة والاستفادة من ارتفاع قيمة أسهمها فى صفقات أغلبها تم بتبادل الأسهم حيث تمت أغلب الصفقات بدفع الشركات ثمن الاستحواذ بأسهمها.
وساعد أيضا تدنى معدلات الفائدة فى أغلب دول العالم الرئيسة واقترابها من الصفر على تقليص تكاليف الاقتراض مما جعل من اليسير على الشركات المشترية أن تقوم بترتيب قروض بسهولة لتمويل صفقات الاستحواذ والاندماج ولاسيما فى القطاعات التى من المتوقع أن تتعافى بسرعة فى مرحلة مابعد أزمة وباء كورونا ومنها شركات تحليل المعلومات والبيانات وشركات التكنولوجيا وشركات الأدوية والمستحضرات الطبية والرعاية الصحية وأجهزة الكشف والفحص والتصوير بالأشعة والموجات الصوتية والمغناطيسية وغيرها.