قوى السوق تحدد هيكل مؤسسات التأمين وأداءها الإستراتيجي (تحقيق مدعم بالبيانات)

ويرتبط ذلك بالأسواق المالية للسلع والخدمات

قوى السوق تحدد هيكل مؤسسات التأمين وأداءها الإستراتيجي (تحقيق مدعم بالبيانات)
إبراهيم الهادي عيسى

إبراهيم الهادي عيسى

12:12 م, السبت, 11 مايو 24

تُنشأ مؤسسات التأمين لأداء وظائف إدارة المخاطر وتقاسم المخاطر، ويحدد هيكل هذه المؤسسات وحجم صناعة التأمين قوى السوق، ويرتبط ذلك بالأسواق المالية للسلع والخدمات.

فحماية الأفراد من المخاطر هي وظيفة أساسية للتأمين، بالإضافة إلى ذلك، تؤثر قرارات السوق وتغطية المخاطر للشركات على أدائها الإستراتيجى، ولا سيما عملية إدارة المخاطر.

استجابة شركات التأمين المصرية للأزمات

وأكد محمد مصطفى حشيش، مدير عام مطالبات الحريق والسطو بشركة جي آي جي للتأمين على الممتلكات، أن جائحة كوفيد-19 سلطت الضوء على الأهمية الوظيفية لسوق التأمين ووجهت اهتمام الباحثين لقياس الأثر على أسواق التأمين، بينما تعمل شركات التأمين كوسطاء ماليين يحولون المدخرات إلى استثمارات، إذ تتلقى الأقساط من حملة الوثائق وتعيد استثمارها فى أصول محفوفة بالمخاطر المختلفة ذات آجال استحقاق مختلفة، فى حين تُستخدم عوائد هذه الأصول لتلبية التزامات التأمين المستقبلية المتوقعة واحتياجات السيولة غير المتوقعة.

وأضاف أن الأزمات المالية وجهت أنظار صانعى القرار إلى أهمية تقييم النظام المالى ومدى استجابته للأزمات الاقتصادية، ومن أساليب التقييم اختبارات الضغوط، خاصة أن هيئة الرقابة المالية ألزمت شركات التأمين الخاضعة لإشرافها والعاملة بالسوق المصرية بتنفيذ اختبارات الضغوط وتحليل السيناريوهات لقياس مدى تحمل وحدات القطاع المالى غير المصرفى للتغيرات والآثار الاقتصادية الناتجة عن استمرار جائحة كوفيد-19.

وذكر أن شركات التأمين المصرية واجهت أزمتين متتاليتين، هما تعويم الجنيه المصري فى نوفمبر عام 2016 تليها جائحة كوفيد-19 في فبراير عام 2019، وتدخلت هيئة الرقابة المالية ببعض السياسات لمواجهة الجائحة، فألزمت شركات التأمين بمنح عملائها من حملة الوثائق مهلة إضافية تتراوح من شهر إلى 6 شهور بخلاف ما ورد بوثائق التأمين لسداد أقساط التأمين، وفقا لنوع وطبيعة الوثائق، وتوجيه عملاء شركات التأمين باستخدام وسائل الدفع الإلكترونى المتاحة بشركات التأمين والتزامها بسداد التعويضات المستحقة حال تحقق الخطر المغطى بأسرع وقت ممكن عن طريق وسائل الدفع المتعددة لدى كل شركة.

وأشار إلى أن شركات التأمين فى بلدان مختلفة تنفذ سياسات مماثلة، حيث قامت الصين بتخفيف أثر الجائحة على سوق التأمين من خلال التأمين الرقمي، حيث أوجدت قنوات “أونلاين” لتسويق خدمات التأمين والأمان الاجتماعي بالإضافة إلى توزيع دعم نقدي على العاطلين.

والجراف التالي

شركات التأمين عليها أن تدير مخاطرها

وأكدت أماني الماحي، رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين، أن الاهتمام بالأزمات المستقبلية أصبح شيئا مهما في شركات التأمين على المسئوليات والممتلكات، لتحليل قدرة رأس المال الخاص بها، حيث إن حقوق الملكية المصدر الأول لتمويل الكوارث، فإذا كانت خسائر الكارثة أكبر من الأقساط التى تحصل عليها الشركات من المؤمن عليهم فإن الفرق يمول من حقوق الملكية، وبالتالي لا بد أن يحتفظ القطاع بحجم كافٍ من رأس المال الذي يغطي تلك المخاطر ويحدد قدرة الشركات على إدارتها.

وأشارت إلى أن شركات التأمين تتعرض إلى مخاطر متنوعة، هي المخاطر التأمينية والسوقية والائتمانية والتشغيلية، ومن أمثلة المخاطر التأمينية التسعير غير الملائم للوثائق وحساب المخصصات الفنية بطريقة غير مناسبة وحدوث الكوارث، بينما المخاطر السوقية تتمثل فى تقلب أسعار الفائدة ومخاطر حقوق الملكية والعملة والتركيز والسيولة، ومن أمثلة المخاطر الائتمانية التعثر غير المتوقع لشركات إعادة التأمين أو المشتقات وسندات التوريق، وبالتالي انخفاض المستحقات من الوسطاء أو أصحاب الوثائق، ومن أمثلة المخاطر التشغيلية الخسارة الناتجة عن عوامل داخلية ترجع إلى الأشخاص أو النظام أو انخفاض الثقة فى شركة التأمين أو انخفاض الكفاءة.

وألمحت إلى أن شركات التأمين عليها أن تدير مخاطرها وتستهدف درجات محددة منها عند اختيارها للاستثمارات، حيث إن الدائنين الأساسين لها عملاء لها، فالدين التأمينى على الممتلكات والمسئوليات يتكون من أموال محتفظ بها من أجل استيفاء حقوق حملة الوثائق، فالهدف من التأمين ينهار إذا أحاط حقوق الدائنين فى خطر، لذلك تحدد الجهات الرقابية عقوبات على شركات التأمين عند دخولها مشروعات خطرة أو عند تجاهلها متطلبات رأس المال التى تحميها من الإفلاس ولا تتضمن تحديد رأسمال مطلوب الاحتفاظ به وفقا للمخاطر.

وذكرت أماني الماحي أن إعادة التأمين تعد أداة مهمة لإدارة المخاطر يمكن أن تستخدمها شركات التأمين لتقليل المخاطر وتقلب النتائج المالية وتحقيق الاستقرار فى الملاءة المالية، واستخدام رأس المال بشكل أكثر كفاءة، ومقاومة الأحداث الكارثية بشكل أفضل، وزيادة القدرة على الاكتتاب، والاعتماد على معيدي التأمين أصحاب الخبرة، ومع ذلك، فإن إعادة التأمين تعرض شركات التأمين للمخاطر التشغيلية والقانونية ومخاطر الطرف المقابل والسيولة، فضلا عن مخاطر أخرى، إضافة إلى أن الجمع بين تلك المخاطر يمكن أن يجعل إعادة التأمين معقدة ويصعب تنفيذها بشكل فعال، ويمكن أن تؤثر ممارسات وإجراءات إدارة مخاطر إعادة التأمين غير الكافية بشكل جوهرى على السلامة المالية الشركات وسمعتها، ما يساهم بنهاية المطاف فى فشلها.

واقترحت على شركات التأمين تصنيف مجمل قائم على العديد من المؤشرات المالية لها للتعبير عن أنواع مختلفة من المخاطر باستخدام تحليل المكونات الأساسية لتلخيص المعلومات في بعض المؤشرات والوصول إلى إطار لقياس المخاطر المنتظمة للتأمين ووضع إطار لاختبارات الضغوط وقياس الاستقرار فى النظام المالى، وفقا لنموذج اقتصادى يأخذ فى اعتباره الارتباط بين سلامة النظام المالى والعوامل الاقتصادية ومزج بين سيناريوهات إحصائية إيجابية وسلبية، بما يعد خطوة نحو تحسين فهم العلاقة بين الاستقرار المالي والسياسة النقدية والاقتصاد.

المخاطر المنتظمة واستقرار شركات التأمين

وأكد الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة بجامعة القاهرة، أن المخاطر المنتظمة لشركات التأمين تعني زيادة معدلات التعثر أو زيادة معدلات إلغاء الوثائق وزيادة التعرض للمخاطر العامة، وهي معدلات البطالة وسعر الفائدة والاحتياطي من النقد الأجنبي.

وأضاف أن الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وجهت الانتباه إلى المخاطر المنتظمة، حيث بدأت الأزمة من البنوك وامتدت إلى أجزاء أخرى من النظام المالي، كسوق النقد وأسواق المشتقات والأوراق التجارية وغيرها، لذلك يعتقد متخذو القرار والمراقبون أن تعريف المخاطر المنتظمة للقطاع المالي امتد إلى أبعاد جديدة بعد تلك الأزمة، ما دفع شركات التأمين إلى أخذ مقاييس مختلفة لاستقرار الأداء الفني.