قفزة تاريخية في أسعار الغاز تهدد بعرقلة التعافي الاقتصادي العالمي

بدأت أسعار الغاز ترتفع في بداية الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية

قفزة تاريخية في أسعار الغاز تهدد بعرقلة التعافي الاقتصادي العالمي
أيمن عزام

أيمن عزام

7:22 م, السبت, 4 سبتمبر 21

بات من المرجح أن تسجل أسعار الغاز الطبيعي في العالم قفزة تاريخية، ما أمر يراه الكثيرون خبرا سيئا بداية من مصنعي السيراميك في الصين إلى زبائن المعجنات في باريس.

وبحسب وكالة بلومبرج، تستقر أسعار الوقود عند قمم قياسية موسمية في معظم الأسواق ومن المرجح صعودها أكثر، بما يهدد بالإضرار بالتعافي من جائحة كوفيد-19.

قفزة تاريخية في أسعار الغاز

وربما يمنح الشتاء القادم  درسا مؤلما للعالم عندما يتضح كيف أصبح الغاز الطبيعي متغلغا وحيويا للاقتصاد.

 وربما تتسبب الأسعار المرتفعة في خفض إنفاق الأسر وقيمة الأجور بفعل التضخم مما يفرض على البنوك المركزية اللجوء لبعض الخيارات  الصعبة فيما يتعلق بالسياسات.

الأسوأ هو أن يتسبب النقص الفعلي في الإمدادات في تعطيل قطاع عريض من الصناعات، أو انقطاع التيار الكهربي في البلدان النامية، بما يهدد بإندلاع اضطرابات اجتماعية.

ويرى بروس روبرتسون المحلل لدى معهد اقتصاديات الطاقة والمحلل المالي أن الطاقة أساسية للاقتصاد وأن أسعار الطاقة المرتفعة يتردد صداها لحد تهديد سلاسل الإمدادات وربما الإضرار بالتعافي الوليد.  

وترتفع أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم، بينما تتولى قيود الإمدادات عرقلة التعافي في الطلب من الإغلاقات الناجمة عن كوفيد-19.

وشهد البترول بالفعل انتعاشا طويلا بدأ أواخر 2020 وانتهى عند قمم تعد الأعلى خلال عدة سنوات فوق 75 دولار للبرميل في يوليو.

وبدأ أسعار الغاز ترتفع في بداية الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بعدما اتضح عدم توفر إمدادات كافية في أوروبا تكفي للسماح بإعادة الملء المعتاد لمواقع الخزانات التي استنفذت في الشتاء.

وأقبلت روسيا المسؤولة عن أكبر إمدادات في القارة على تقليص صادراتها عبر الأنابيب بسبب عدة عوامل منها الطلب المحلي المرتفع وعراقيل الانتاج واتفاق لنقل مقادير اقل من الغاز عبر أوكرانيا.

وصعدت أسعار العقود الآجلة في نيويورك بنسبة 80% العام الجاري لتسجل أعلى مستوياتها منذ عام 2018.

وبحسب بلومبرج، ستكون هناك تبعات اقتصادية لصعود أسعار الغاز الطبيعي في جميع انحاء العالم.

وحذرت الشهر الماضي شركة تيريوس اس.سي.أ، أكبر شركة مصنعة للسكر في فرنسا، من أن أسعار الغاز تؤثر على معالجة السكر في أوروبا وتزيد تكاليف الانتاج بشكل مخيف، بحسب نسخة من بريد اليكتروني مرسل إلى العملاء.

ويرى باسكال ليروي من شركة Roquette Freres  لمعالجة الغذاء في شمال فرنسا أن أسعار الطاقة المرتفعة ستخلق ” ضغوطا تضخمية على كل تكلفة أخرى،” وهو ما سيتم تمريره إلى الزبائن.

خفض الانتاج في الصين

وفي الصين التي تعد أكبر دولة مستوردة للغاز في العالم، تم إجبار مصانع السيراميك على خفض الانتاج بسبب ارتفاع الأسعار.

وقال بنك جي.بي.مورجان تشيس وشركاه الأسبوع الجاري إن مؤشره لمدراء التصنيع العالميين هبط ليصل إلى أقل مستوياته خلال ستة أشهر في أغسطس.

الأزمة التي تشهدها الصناعات الثقيلة في أوروبا وآسيا اليوم ربما تمتد لتؤثر على الجوانب السياسية والاقتصاد الكلي.

وإذا ارتفعت فواتير المرافق التي تخص الأسر والأعمال، فربما تتصاعد مطالب زيادة الأجور أو أسعار السلع المباعة، مما يعزز الضغوط التضخمية الناجمة بالفعل عن عراقيل سلاسل الإمدادات.

وارتفع المعدل الرئيسي للتضخم في منطقة اليورو ليصل إلى أعلى مستوياته خلال عقد كامل عند 3%.

ويصمم مسئولو البنك المركزي الأوروبي على أن  الصعود  في معدلات التضخم خلال فترة ما بعد الجائحة لابد أن يكون مؤقتا، لكن ارتفاعا دائما سيعقد قدرتها على مواصلة دعم الاقتصاد عبر السياسات النقدية المفرطة في التيسير.

وقال محللو مؤسسة يوروآسيا جروب إن أدنى زيادات في أسعار الوقود أو الطاقة ربما تقود إلى مصاعب اقتصادية وغضب شعبي.

وتلقت الحكومة في باكستان انتقادات لاذعة لشرائها أغلى شحنة غاز طبيعي مسال منذ البدء في استيراده عام 2015.

وربما تلعب أسعار الغاز دورا حاسما في تحديد الفائز في الانتخابات الألمانية القادمة.