يرى مسؤولو شركات، ومحللون فنيون إن قطاع الشحن واللوجستيات سيستكمل مسيرة الضغوط القوية العام الحالي، والمتمثلة فى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرار تأثيرات جائحة كورونا على سلاسل الإمداد، والتجارة العالمية، وزيادات أسعار الدولار التى دفعت الشركات إلى رفع خدماتها.
ويرى الخبراء إن الحرب الروسية الأوكرانية بشكل خاص ألقت بظلالها على حركة النقل عالميا، وبالتبعية مصر، فيما يتوقعون انفراجة العام المقبل.
ويقول المحللون الفنيون أن السهم الأفضل فى القطاع بين الشركات المدرجة هو الإسكندرية للتوكيلات الملاحية، بينما السهمين الأنشط هما المصرية لخدمات النقل (ايجيترانس)، والقناة للتوكيلات الملاحية.
وارتفعت أرباح الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع العام المالى الماضى 2022-2021 بنسبة %37 ليصل صافى أرباحها لـ 1.93 مليار جنيه، مقابل 1.41 مليار جنيه أرباحاً خلال العام المالى السابق له. وارتفعت مبيعات الشركة إلى 2.76 مليار جنيه بنهاية يونيو 2022، مقابل 2.39 مليار جنيه خلال العام المالى السابق له.
وشهد صافى أرباح (إيجيترانس) نموا قياسيا بالنصف الأول من العام الحالى نسبته %214 ليسجل 20.15 مليون جنيه، مقابل 6.42 مليون جنيه أرباحاً خلال نفس الفترة من العام الماضي. وارتفعت إيرادات الشركة خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري، وسجلت 187.12 مليون جنيه بنهاية يونيو، مقابل 123.5 مليون جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي.
وتراجعت أرباح القناة للتوكيلات الملاحية بنسبة %7.3 على أساس سنوى العام المالى الماضي، ليصل صافى أرباحها إلى 185.54 مليون جنيه، مقارنة بـ200.19 مليون جنيه، وذلك رغم ارتفاع إيراداتها إلى 74.4 مليون جنيه مقابل 53.95 مليون جنيه فى العام المالى السابق له.
وقالت عبير لهيطة، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية لخدمات النقل (ايجيترانس)، إن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بشكل كبير جدًا على حركة النقل الدولى مستوى العالم، وبالطبع تأثرت مصر لأنها جزء من المنظومة العالمية، حيث تقلص حجم التجارة البحرية، والذى من المتوقع أن تصل نسبة تراجعها إلى من 5 إلى %7 مع نهاية العام الجاري.
وتابعت: توقع أيضا انحسار الواردات المصرية خلال الشهور المتبقية من هذا العام، فى ظل الارتفاعات الجديدة للدولار فى السلع الاستراتيجية، ومستلزمات الإنتاج للمصانع، والمواد الخام الضرورية فقط.
وتوقعت أن يشهد عن العام المقبل 2023، انحسار الضغوط والتحديات التى يواجهها القطاع، والبدء فى التحسن على المدى الطويل، من خلال تراجع أسعار الشحن، والاستثمارات الحكومية فى البنية التحتية، والتركيز الحكومى على القطاع عبر وضع شركات ضمن برنامج الطروحات الحكومية، فضلا عن الاستفادة من القطاع الخاص فى إدارة وتشغيل بعض المحطات الجديدة.
واستندت (لهيطة) إلى تقارير دولية تشير إلى ما يقارب 900 سفينة تحتوى على 6.8 مليون حاوية، من المقرر انطلاقها من مختلف موانئ العالم، وسط توقعات ببلوغ عدد السفن الضخمة فى عامى 2023 – و2024، من 263 إلى 319 سفينة، بنسبة نمو تبلغ من 6 إلى %8.
واستكملت: أنه يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من صفقات الاستحواذ على كيانات عاملة فى القطاع، الذى يعد من أكثر القطاعات نموًا وجذبًا للاستثمار على مستوى المحلى والعالمى، لاسيما وأن مصر تعد من أفضل الأسواق الاستثمارية، إذ تصنف الأولى افريقيًا من حيث جذب الاستثمارات.
وقالت لهيطة، إنه فى حالة استمرار الحرب ستشهد تكاليف الخدمات اللوجستية والنقل زيادة كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والذى يمثل حوالى %60 من تكلفة الرحلة البحرية للسفن التجارية.
ولفتت إلى أن هناك ترقب أن ترفع غرفة ملاحة الإسكندرية رسوم الشحن والتفريغ التى توفرها شركات القطاع لصالح المستوردين والمصدرين بنسبة قد تصل إلى %15 مرجعة ذلك إلى زيادة المصروفات التى تتحملها الشركات فى قطع غيار المعدات، بالاضافة إلى زيادة الأجور للعاملين لمواجهة الموجة التضخمية الراهنة.
أوضحت، إن ارتفاع الدولار ألقى بظلاله على العاملين فى النقل والشحن الجوي، ومنهم من اضطر لرفع التكلفة رغم انها تتعامل بالجنيه المصري، إلا أنها تحولها فيما بعد للدولار، لذلك فلابد أن ترفع الأسعار بما يعادل القيمة الحقيقة بعد التحويل.
وتابعت، بالنسبة للمستوردين، فتكون المهمة الصعبة على البنوك التى يجب أن توفر المطلوب من الدولار فى مقابل ما يدفعه المستورد من قيمة البضاعة المطلوب استيرادها بالجنيه المصري.
وأضافت لهيطة، إنه كلما تعطلت هذه الإجراءات واخذت وقت اطول، كلما تقلصت حركة الشحن والنقل، والتى لا تتم غالبًا الا بعد التأكد من تسديد قيمة البضائع، مما يؤدى إلى تراجع حجم الواردات، وبالتالى التأثير سيكون فى انخفاض إيرادات الموانئ المصرية، نتيجة تقلص حركة العمل بشركات الشحن والنقل.
ولفتت إلى أن بعض محطات الحاويات، تقوم بتحصيل مستحقاتها بالدولار، وذلك يعنى ارتفاع تكاليف الشحن والتفريغ للحاويات، لأن تدبير الدولار يتم وفقًا للسعر المعلن رسميًّا من البنوك، فى ظل التراجع فى قيمة الجنيه.
من جانبه قال محمود جاد، محلل مالى أول فى شركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن نقص الإمدادات تسبب فى تعطل حركة التجارة العالمية، فضلا عن الأثر السلبى المزدوج للحرب الروسية – الأوكرانية، وجائحة كورونا.
وأشار إلى أنه فى إبريل الماضى خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو تجارة البضائع عالميا العام الحالى إلى %3 مقارنة بـ%4.7 سابقا، على أن ترتفع إلى %3.4 العام المقبل.
ولفت إلى أن خفض «التجارة العالمية» توقعاتها جاء مدفوعا بعامل: اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية فى فبراير الماضي، حيث تعتبر الدولتان موردان رئيسيان للسلع الأساسية بما فيها الأغذية، والطاقة، والأسمدة، والتى تعد جميعها مهددة بالحرب الآن.
وتابع: على الجانب الآخر رفعت منظمة التجارة توقعاتها لتجارة الشرق الأوسط فى ضوء ارتفاع أسعار البترول، ما قد يدعم إيرادات الصادرات، ومن ثم فإن المنظمة ترى أن يتجاوز نمو حجم التجارة فى المنطقة العام الحالى ما تم تحقيقه فى 2021، وأن يتفوق على النمو العالمى العام الحالي.
وعلى صعيد التجارة محليا قال «جاد» إن صندوق النقد الدولى راجع فى إبريل الماضى توقعاته لنمو حجم تجارة مصر (صادرات وواردات البضائع) على مدار 5 سنوات مالية (2023 – 2027)، مرجحا أن يكون هناك نمو فى الواردات بنسبة %60 على أساس سنوى العام المقبل، مقارنة بأكثر من %2.2 العام الحالي، إضافة إلى نمو سنوى مركب خلال الفترة من 2022 إلى 2027، بواقع %3.8 مقارنة بعدم تحقيق أى نمو خلال 5 سنوات من 2017 حتى 2022.
وعلى صعيد الصادرات، وفقا للتقديرات السابقة لصندوق النقد الدولي، فإنه من المتوقع أن تتراجع %1.7 على أساس سنوى فى 2023، مقارنة بأكثر من %5.5 على أساس سنوى العام الحالي.
ولفت جاد، إلى أن صندوق النقد الدولى يرى نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصر يصل إلى %5 عام 2023، مقارنة بتقديرات %5.9 العام الحالي، وأن يحقق نموا تدريجيا ليصل إلى %5.9 عام 2027، ووفقا لتقديرات سابقة للمؤسسة الدولية سوف يحقق الناتج المحلى الإجمالى لمصر نموا سنويا مركبا %5.6 خلال الفترة من 2022 إلى 2027، مقارنة بنمو %4.7 خلال الفترة من 2017 وحتى 2022.
قال محمود جاد محلل مالى أول فى شركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إن شركة الإسكندرية لتداول الحاويات تعد الأفضل بين شركات القطاع المدرجة حاليا، مقدرا السعر المستهدف لسهم الشركة عند 8.11 جنيه.
وذكر أن السعر قابل للزيادة بناء على عدة محفزات تشمل حدوث زيادة فى سعر صرف الدولار، ومن فإن عوائدها الدولارية سترتفع، فضلا عن أنها ستنتهى الشركة من تعميق رصيف الدخيلة العام المالى الحالي، وبالتالى فرصة فى استعادة حصتها السوقية بميناء الإسكندرية للمعدلات السابقة البالغ متوسطها من (2020-2014) %55 مقارنة بنحو %50 العام المالى 2020 – 2021.
وتابع: فى الوقت نفسه تواجه الشركة مخاطر تشمل ضعف حركة الاستيراد، واحتدام المنافسة فى ميناء الإسكندرية خاصة مع تدشين محطات حاويات جديدة فى ميناء الإسكندرية مما قد يؤثر على الحصة السوقية لها.
إلى ذلك أشارت دعاء زيدان، نائب رئيس قسم التحليل الفنى فى شركة تايكون لتداول الأوراق المالية إلى أن إعلان الحكومة إنشاء شركة قابضة للموانئ إيجابى للقطاع على المدى القصير، لافتة إلى أن المجال يشهد حاليا حركة تصحيحية تمثل فرصة جيدة للشراء وتكوين مراكز استثمارية.
ووضعت «زيدان» مستهدفات مجموعة من الأسهم وتوصيات بالشراء عند 12 جنيه لسهم القناة للتوكيلات الملاحية، والإسكندرية لتداول الحاويات عند 8.20 جنيه، وايجيترانس عند 2 جنيه.
وقال عامر عبدالقادر، رئيس قطاع السمسرة للتطوير فى شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إن قطاع الشحن واللوجيستيات من أفضل القطاعات بالبورصة المصرية، وهى الإسكندرية لتداول الحاويات، والتى تعد هدفا قويا للاستحواذ، وتوقع أن يصل سهم الشركة إلى 11.60 جنيه بنهاية العام الحالي.
وقالت رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة ثرى واى لتداول الأوراق المالية، إن هناك عاملان أساسيان يؤثران على حركة القطاع هما أسعار البترول عالميا، وأنه رغم استقرارها حاليا إلا أن هناك مخاوف من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أسعار الطاقة فى موسم الشتاء.
وتابعت، العامل الثانى هو توقعات تراجع معدلات التجارة عالميا من شأنه التأثير سلبا على حركة الشركات.
ولفتت إلى أن الشركات الأنشط بالتداولات حاليا هى المصرية لخدمات النقل “ايجيترانس”، والقناة للتوكيلات الملاحية.