أكد ساندار بيشاى، الرئيس التنفيذى لشركة جوجل، التابعة لمجموعة ألفابيت الأمريكية للتكنولوجيا المتطورة، أن قطاع الرعاية الصحية سيكون أكبر عميل لها خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة، بفضل تطبيقات الذكاء الصناعى المطلوبة فى مجال الأجهزة الطبية وتشخيص الأمراض وعلاجها.
وذكرت وكالة رويترز أن شركة أسينشين التى تتخذ من مدينة سانت لويس مقرا لها، وتشغل 150 مستشفى و أكثر من 50 دار رعاية مسنين فى الولايات المتحدة، هى أكبر عميل للحوسبة السحابية التى ابتكرتها جوجل المستخدمة فى تطبيقات الرعاية الصحية، ما جعل الهيئات الرقابية الأمريكية تثير قضايا بخصوص استخدام جوجل للسجلات الصحية لعشرات الملايين من الأمريكيين.
وأوضح ساندار بيشاى، أن شركة جوجل تعمل مع المستشفيات وتستخدم بيانات المرضى لمساعدتهم فقط، ولكن البيانات تملكها المستشفيات وأن الذكاء الصناعى يقرر العلاج الأمثل للأمراض المستعصية والمزمنة مثل سرطان الرئة مثلا، والذى يختلف الأطباء فى نتيجة علاجه لدرجة أنه عندما يوجد 10 أطباء يعالجون مثل هذا المرض فإن 5 منهم يتفقون على أسلوب علاج معين، والباقى يتفق على طريقة أخرى، لكن تطبيقات الذكاء الصناعى تحسم الاختلاف وتقرر أيهما أفضل.
وأنفق الباحثون فى شركة جوجل عدة سنوات لتطوير الذكاء الصناعى اللازم لتحليل تشخيصات وبيانات المرضى لتحديد نوع المرض بدقة، والتنبؤ بالنتيجة التى تستهدف تحسن حالة المريض، وتقليل تكاليف علاجه، كما قال ساندار بيشاى فى مؤتمر بمنتدى دافوس الاقتصادى أمام مجتمع رجال الأعمال ومليارديرات العالم، وزعماء كبرى الدول الأسبوع الماضى.
وكان باحثون فى الولايات المتحدة وبريطانيا أعلنوا أن نظاما للذكاء الاصطناعى بشركة جوجل أثبت دقة مماثلة لدقة خبراء الأشعة فى اكتشاف النساء اللاتى أصبن بسرطان الثدى، استنادا إلى تصوير الثدى بالأشعة السينية، وأظهر كفاءة فى تقليص الأخطاء.
ونشرت الجمعية الأمريكية للسرطان أن الذكاء الاصطناعى لديه إمكانية تحسين دقة الفحص لسرطان الثدى الذى يصيب امرأة من كل ثمانى نساء فى العالم، وأن نسبة الخطأ لدى أطباء الأشعة فى تشخيص سرطان الثدى من خلال التصوير بالأشعة السينية تبلغ %20، وأن نصف النساء اللائى خضعن للفحص خلال فترة عشر سنوات جرى خطأ تشخيص إصابتهن بالمرض.
وجاء فى دراسة لكلية الطب بجامعة نورث ويسترن بالتعاون مع وحدة ديب مايند، أو العقل العميق للذكاء الاصناعى بشركة جوجل والتى اندمجت مع وحدة جوجل هيلث فى سبتمبر الماضى، أن حلول التطبيقات التكنولوجية للذكاء الصناعى تمثل تقدما كبيرا فى إمكانية الاكتشاف المبكر لسرطان الثدى على عشرات الآلاف من النساء اللاتى جرى لهن فحوص الثدى بالأشعة السينية.
وقام فريق الدراسة الذى شمل باحثين من إمبريال كوليدج لندن، والخدمة الصحية الوطنية فى بريطانيا، بتدريب النظام لتحديد سرطان الثدى ثم قارنوا توقعات النظام بالنتائج الفعلية لمجموعة تشمل 25856 تصويرا بالأشعة السينية للثدى فى بريطانيا، و3097 سيدة فى الولايات المتحدة، وتبين أن نظام الذكاء الاصطناعى تمكن من تحديد الإصابة بالسرطان بدرجة مماثلة لدقة خبراء الأشعة.
وتعاونت شركة جوجل فى إطار مبادرة مشروع العندليب، أو بروجيكت نايتينجيل، مع شركة أسينشين ثانى أكبر نظام صحى فى الولايات المتحدة بهدف جمع البيانات الصحية لملايين الأمريكيين، وأن تستخدم جوجل البيانات الطبية التى تحصل عليها من أنظمة الرعاية الصحية فى استحداث منظومة جديدة تعتمد على الذكاء الصناعى والتعلم الآلى، بهدف تأمين رعاية أفضل للمرضى، وتقديم اقتراحات مفيدة لعلاجهم.
ولكن عدد قليل من كبار موظفى جوجل هو الذى سيتم السماح لهم من الإطلاع على بيانات المرضى وأسماءهم وتواريخ ميلادهم، ونتائج الاختبارات والتحاليل وتشخيص الأطباء وسجلات الاستشفاء، ومنهم بعض موظفى قسم جوجل برين، أو مخ جوجل للعلوم البحثية، والذى حقق بعض أهم الإنجازات والمبتكرات فى مجال الذكاء الصناعى .
وكان صناع القرار الأمريكيون طلبوا من شركة أسينشين فى نوفمبر الماضى، أن تقدم معلومات عن نظم الرعاية الصحية الأخرى التى تعطى معلوماتها لجوجل، وما إذا كان عملاء أسينشين مسموح لهم بالخروج من المشروع، وهل سيتم استخدام بياناتهم فى الإعلانات التى تحقق منها جوجل معظم إيراداتها.
واستطاعت شركة جوجل أن تعقد صفقة فى نوفمبر الماضى للاستحواذ على شركة فيتبيت للتكنولوجيا المتقدمة بقيمة 2.1 مليار دولار، بهدف الاستثمار فى تكنولوجيا الصحة الديجيتال، ودخول مجال الأجهزة الدقيقة التى يرتديها المرضى، غير أن هذه الصفقة مازالت تنتظر موافقة الهيئات الرقابية لإبرامها نهائيا.