ضربت أزمة الركود التضخمى دول العالم وارتفعت أسعار المواد الخام والطاقة وامتد تأثرها لكثير من الأنشطة الاقتصادية وهو ما يؤثر على نشاط التأمين ونشاط إعادة التأمين، ويلقى بظلاله على شروط وأسعار اتفاقيات إعادة التأمين وخطط وتوجهات شركات الإعادة عالميا.
ورغم تحقيق شركات التأمين المصرية نتائج فنية جيدة فى مختلف فروع التأمين إلا أنها تقع تحت ضغوط شركات إعادة التأمين التى تأثرت بأزمة التضخم بجانب أزمات أخرى مثل تعويضات وباء كورونا المستجد «كوفيد – 19» وتعويضات الكوارث الطبيعية التى زادت حدتها ومعدل تكرارها على مستوى العالم.
وظهرت صور ذلك التشدد من قبل معيدى التأمين فى عمليات إعادة التأمين الاختيارية، حيث رفع معيدو التأمين الأسعار والتحملات وتشددوا فى الشروط، فى ظل سعى شركات إعادة التأمين العالمية للربح من التأمين عبر زيادة الأسعار وتحسين شروط الاكتتاب ودرجة الخطر وفرض التحملات لتعويض ما تكبدته الشركات العالمية من تعويضات خاصة بجائحة كورونا والكوارث الطبيعية.
كشف خالد يسرى، مدير عام إعادة التأمين بشركة «قناة السويس للتأمين» ممتلكات ومسئوليات أن أزمة الركود التضخمى التى تضرب العالم كله خلال الفترة الحالية سوف تؤثر على تجديدات اتفاقيات إعادة التأمين لعام 2022.
وأضاف يسرى أن هذا التأثير سوف يتمثل فى زيادة تشدد شركات إعادة التأمين ورفع الأسعار لتمثل مزيدا من الضغوط على شركات التأمين المباشر، مشيرا إلى أن شركات التأمين المصرية حققت نتائج فنية جيدة خلال الفترة الماضية بما يدعم موقفها فى تجديدات اتفاقيات إعادة التأمين.
وأشار إلى أن شركات التأمين التى تحقق نتائج فنية جيدة ستقاوم ولن تقبل بسهولة ضغوط معيدى التأمين فى تجديدات اتفاقيات إعادة التأمين لأن اتفاقياتها تحقق أرباحا لمعيدى التأمين الذين تتعامل معهم، وبالتالى ليس هناك داعى لتشدد شركات إعادة التأمين معهم.
وأوضح أن تحسن نتائج سوق التأمين المصرية خلال السنوات الماضية جعلها جاذبة لأسواق إعادة التأمين العالمية، حيث بدأت بعض شركات الإعادة العالمية التى كانت انسحبت من اتفاقيات نشاط تأمينات الممتلكات والمسئوليات خلال سنوات مضت تعود مؤخرا مثل “سكور” الفرنسية مما يوضح أن تلك الشركات تحقق أرباح فى سوق التأمين المصرية.
ولفت أن أزمة التضخم العالمية ستفاقم من جراح نشاط إعادة التأمين العالمية فى ظل معاناته من تبعات وتعويضات وباء كورونا المستجد “كوفيد-19” وكذلك تعويضات الكوارث الطبيعية التى ضربت العالم بشدة خلال السنوات الماضية مما أدى إلى تشدد شركات إعادة التأمين لرغبتها فى تعويض خسائرها عبر رفع الأسعار وتحسين الاكتتاب لتحقيق ربح من نشاط التأمين.
ومن جهته أكد سامح سمير، مدير إدارة إعادة التأمين بشركة “المصرية للتأمين التكافلى” ممتلكات ومسئوليات – أن أزمة الركود التضخمى العالمية أثرت على نشاط التأمين وإعادة التأمين وظهر ذلك من خلال ارتفاع أسعار التأمين وخاصة فى عمليات إعادة التأمين الاختيارية، وضغوط شركات إعادة التأمين على شركات التأمين التى تعمل معها فى السوق المصرية عبر طلب زيادة التحملات على العملاء فى الوثائق.
وأضاف أن ذلك التشدد بسبب ارتفاع درجة المخاطر بعد زيادة معدلات التضخم وارتفاع أسعار المواد الخام عالميا وما يتبعه من ارتفاع فى أسعار باقى السلع والخدمات، وهو ما سوف يللقى ظلاله على تجديدات سوق التأمين المصرية فى يناير 2022 وكذلك يوليو 2022 وفقا لموعد تجديد إتفاقيات إعادة التأمين لكل شركة تأمين.
سمير: المعيدون يبحثون عن الأسواق المربحة
وتوقع أن تعيد شركات إعادة التأمين أولولياتها وأوراقها بحثا عن الأسواق ذات العائد الاستثمارى المرتفع للتوسع بها مقابل تقليص تواجدها فى أسواق التأمين ذات العائد الاستثمارى المنخفض، وذلك سعيا من شركات الإعادة لزيادة ربحيتها من نشاط التأمين عبر تحسين شروط الاكتتاب والتغطيات والأسعار.
يسرى: تحسن النتائج الفنية للكيانات المصرية يدعم موقعها فى التجديدات
وأوضح أن شركات إعادة التأمين سوف تتعامل مع شركات التأمين المصرية بنظرتين أحدهما جزئية عبر النظر للنتائج الفنية لكل شركة تأمين يتعامل معها على حدة، وبالتالى يكون التشدد أقل مع الشركات التى تحقق له أرباحا من الاكتتاب، ويزيد التشدد مع الشركات ذات النتائج الفنية السيئة، وتكون هناك نظرة كلية عن نتائج السوق المصرى ككل ومجموع شركات التأمين التى يتعمل معها معيد التأمين فى مصر ليقيم على أساسها خطته فى التوسع فى السوق أو تقليل التواجد عبر خفض الطاقة الاستيعابية الممنوحة للشركات أو عدم زيادتها أو إذا ما كان قرر الانسحاب من السوق ككل أو عدم التعامل مع شركات تأمين معينة فى السوق.
وأكد أن ذلك التشدد سوف ينعكس فى صورة تفاوض شركات التأمين المصرية مع عملائها لتحسين شروط الاكتتاب ورفع الأسعار وزيادة التحملات وذلك يتوقف وفقا للنتائج الفنية لكل عميل وكل وثيقة تأمين على حدة.
وتوقع أن تشهد أسعار التأمين على الحريق ارتفاعا الفترة المقبلة مع ارتفاع أسعار المواد الخام بالمصانع عالميا، وذلك بجانب ارتفاع أسعار التأمين البحرى مع ارتفاع تكلفة الشحن فى ظل ارتفاع أسعار المواد الخام المشحونة وكذلك أسعار الوقود المستخدم فى السفن والطائرات التى تقوم بالشحن، وبالتالى زيادة درجة المخاطر وهو أحد تبعات تأثير أزمة التضخم العالمية.
وبدوره أكد هانى مهنى مدير عام إعادة التأمين فى شركة “وثاق للتأمين التكافلى” أن أزمة الركود التضخمى التى يواجهها العالم حاليا وحدوث ركود فى بعض الأنشطة الاقتصادية سوف ينعكس سلبا على نشاط التأمين المباشر ونشاط إعادة التأمين.
مهنى: ركود بعض الأنشطة يؤثر سلبا على الأقساط الخاصة بها
وأوضح مهنى أن حدوث ركود فى أى نشاط اقتصادى سوف يؤدى إلى انخفاض أقساط التأمين على تلك الأنشطة، لافتا إلى أنه فى حالات الركود يلجأ بعض العملاء لترشيد الإنفاق ويكون التأمين من ضمن بنود الإنفاق التى يخفضون مصروفاتها عبر تقليل عدد التغطيات التى يحصلون عليها، موضحا أن الأزمة الأكبر تكون فى حالة قيام العميل بتخفيض الإنفاق على وسائل الحماية والوقاية ونظم مكافحة الحريق بالشركات والمصانع وهو ما يترتب عليه زيادة درجة الخطر وزيادة حجم التعويضات فى حالة وقوع الخطر المؤمن عليه لأن توافر وسائل الأمان يقلل من حجم الخسائر فى حالة نشوب حريق.
ولفت أن الركود يؤدى إلى تراكم البضائع فى المصانع وهى تحتاج إلى عناية حتى لا تتعرض لمخاطر مثل الحريق لذا فتراكم تلك البضاعة يزيد من درجة خطر الحريق أو التلف وغيرها، مما يؤثر سلبا على نشاط التأمين وهو أحد تبعات أزمة الركود التضخمى.
وأشار إلى أن التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات ومنها الآلات والمعدات والسيارات والمبانى يزيد من مبالغ التأمين الخاصة بها وبالتالى ارتفاع حجم أقساطها، إلا أن تأثير الركود وانخفاض المبيعات ونمو تلك الأنشطة يقلل من تأثير ارتفاع مبالغ التأمين الخاصة بها وأقساطها. واعتبر أن تأثير الركود على أى نشاط اقتصادى سيؤثر على نشاط التأمين والنتائج الفنية الخاصة بفروع التأمين والتى سوف تؤثر على سير اتفاقيات إعادة التأمين فى ظل سعى معيدى التأمين للربح من التأمين والتشدد فى شروط الاكتتاب وتحسين التسعير ودرجة الخطر وبالتالى لن يتساهل مع أى خسائر فنية فى شركات التأمين المتأثرة بأزمة الركود التضخمى