بدور إبراهيم
عمارة الإيموبليا إحدى أعرق وأقدم العمارات السكنية بمنطقة وسط القاهرة، ويمتد عمرها إلى 80 عامًا وهى العمارة التى ظلت لسنوات طويلة الأشهر فى مصر بعد أن سكنها كبار الفنانين والأدباء والمفكرين والشخصيات العامة.
تم إنشاء العمارة فى عام 1938 وبلغت تكلفتها مليون و200 ألف جنيه، وكان مالكها آنذاك أحمد باشا عبود أحد أغنياء مصر، حيث كانت تقدر ثروته بـ 30 مليون جنيه في الثلاثينات، وصمم العمارة المهندسين المعماريين ماكس اذرعى، وجاستون روسى، عند نقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل على برجين شكل حرف “uu” وكل برج منهما له ثلاثة مداخل عمومية للسكان، وتتميز بأربع واجهات، وكانت أول عمارة تضم جراجا تحت الأرض يسع حوالى 100 سيارة.
البرجان أحدهما بحري ويتكون من 11 طابقا، والآخر قبلي ويرتفع لـ 13 طابقا، ويضم البرجان 370 شقة بنحو 27 مصعدا كانت تقسم إلى ثلاث فئات «بريمو» للسكان، و«سوكندو» للخدم، وآخر للأثاث.
تبلغ المساحة الاجمالية للعمارة ٥٤٤٤ متراً كما تعد أول عمارة تأخذ الشكل الانسيابي وتتجرد من التفاصيل الزخرفية الكلاسيكية التي كانت تتمتع بها المباني في ذلك الوقت وقد أطلق عليها هرم مصر الرابع.
كما تتسم العمارة بنظام تدفئة خاص حيث كان يتم وضع نفايات الشقق في مواسير ضخمة تصل إلى بدروم العمارة حيث تحرق وتمد كافة الشقق بوسائل تدفئة عبر مجموعة مواسير ضخمة موجودة حتى الآن لكن النظام نفسه توقف أما عملية التنظيف فكانت تتم عن طريق عربات المطافئ التي كانت تقوم بغسلها مرتين في الشهر للحفاظ على جمالها ورونقها.
وقد تضافرت في بنائها عدة شركات حيث طرح مشروع تشييدها في مسابقة معمارية وتقدم لهذا المشروع أكثر من ١٣ متسابقاً وتمت دراسة المشاريع لأكثر من شهر كامل ومنحت الجائزة الأولى لماكس أدرعي وجاستون روسيو بلغت قيمتها ٦٠٠ جنيه أما الجائزة الثانية فكانت للمهندس أنطوان نحاس .
ورغم فخامة البناية فإنه أثناء بدء تأجير الشركة المالكة لشقق العمارة لم يتقدم أحد وكان السبب الرئيسي أن تكاليف الإقامة بعمارة الإيموبيليا كانت باهظة جدا، حيث تراوح الإيجار حسب مساحة الشقة من ٦ إلى ٩ إلى ١٢ جنيهاً وهي مبالغ إيجاريه عالية جدا بقيمة النقود في تلك الفترة التي لم يكن يتجاوز فيها سعر إيجار شقة بمساحة 140 مترا جنيهين أو ثلاثة ولذلك لجأ ملاك العمارة إلى نشر مجموعة من الإعلانات في بعض الصحف المصرية والأجنبية لتشجيع الناس على السكن بها من خلال التركيز على عدد المصاعد الموجود كما تناول الإعلان قوة أساسات البناية التي لا تؤثر فيها الهزات الأرضية وبالإضافة إلى ذلك فقد تم تقديم عرض يتضمن إعفاء الساكن من دفع إيجار العمارة لمدة ثلاثة شهور تبدأ من لحظة توقيع عقد وبسبب هذه الدعاية قام معظم أهل الفن بتأجير الشقق.
وقد أقيمت مسابقة معمارية لتصميمها فازت بها شركة فرنسية إيطالية من بين أكثر من 14 شركة تقدمت للمسابقة وزينت ممرات العمارة برخام عالي الجودة والنقاء صممته وركبته شركة إنجليزية.
صاحب العمارة عبود باشا الذي كانت تقدر ثروته وقتها بـ 30 جنيه وكان رئيساً للنادي الأهلي وكان يجتمع بالاعبين في مدخل العمارة الذي تتوسطه حديقة كان فيها نافورة وكان يسكن في إحدى شققها بالطابق الثاني وفي نفس الطابق كان هناك مكتب لإدارة شركاته وشهدت العمارة أحداث كثيرة دارت بها.
وعلى الرغم من أن العمارة لا تزال تحافظ على جمالها وثباتها إلا أنها أصبحت شبيهة بمباني المصالح الحكومية لازدحامها بمكاتب وشركات كثيرة وقد ظلت العمارة مملوكة لعبود باشا حتى عام 1961 حين أمم الزعيم جمال عبد الناصر أملاكه ومن بينها عمارة وآلت ملكية العمارة لشركة الشمس للإسكان والتعمير وما زالت مملوكة لها حتى الآن.