جوبا- الأناضول:
“في أول مرة يتناول فيها الإنسان لحم التمساح، يصاب ببعض التغيرات في درجة الحرارة وتقلصات في المعدة لفترة محدودة، لكنه ما إن يعتاد علي تناول هذا النوع من اللحوم لفترة طويلة نسبياً، فإنه لا يستطيع العيش بدونها مثلي أنا وأبنائي وأقاربي”.. هذا ما يقوله الشيخ شعيب أشهر الصيادين وأكثرهم صيتاً في قرية (تركاكا) السودانية الواقعة شمالي جوبا عاصمة جنوب السودان، والذي لا يكاد يمر أسبوع إلا ويكون هو أو أحد أبنائه قد أوقع بتمساح أو اثنين يتم توزيعها على جميع الأقارب والأحباب، قبل ان يتوجه أحد أفراد اسرة الشيخ شعيب الي السوق لبيع الجزء المتبقي من هذه اللحوم الفريدة من نوعها.
“وفي رأي صياد التماسيح السوداني والذي يبرع كذلك في صيد الثعابين ولا يتورع هو وأسرته عن تناول لحومها أن للحم التمساح فوائد طبية، خاصة أجزاء معينه منه تعالج أمراض الضعف الجنسي والخصوبة لدي الرجال، فضلاً عن أن دهونها تشفي الجروح فورًا، وتعالج العديد من الأمراض الأخرى”، على حد قوله.
وبابتسامة صافية يصعب عليك ان تتجاهل وقعها الانساني، يقول الشيخ شعيب: “نحمد الله، على نعمته بأن جعل منطقتنا والمناطق المحيطة بنا غنية بثعابين الأصلة الضخمة، والتماسيح بأوزانها المختلفة حيث يصل وزن بعضها إلي 500 كيلو جرام. والنتيجة أننا نستمتع نحن بلحمها الأبيض الشهي، كما نقيم الولائم للضيوف القادمين من بعيد ليتناولونها معنا، في حين يأتي بعض التجار المصريين ليشتروا جلودها بأسعار باهظة”.
تقع قرية “تركاكا”، موطن رأس الشيخ شعيب واسرته، على بعد حوالي 200 كيلومتر شمال جوبا عاصمة جنوب السودان بمحاذاة شاطئ النيل الأبيض، وسط سلسلة جزر صنعها النهر خلال رحلة جريانه عبر الزمن.
وينتمي أغلب سكان “تركاكة” البالغ عددهم حوالي 100 ألف نسمة، إلي قبيلة “مونداري” التي يتميز أبناؤها بطول القامة وضخامة الجسم.
ويحترف أغلب سكان المنطقة رعي الأبقار والجاموس، وزراعة بعض المحاصيل، لكن قسما، لا يستهان به، منهم يمتهنون صيد التماسيح إلي جانب الأسماك والثعابين بكافة أنواعها.
أما الشيخ شعيب واني (80 عامًا)، الذي يشتهر حالياً باسم الشيخ شعيب، فيعتبر هو وأفراد عائلته، من أشهر محترفي صيد التماسيح منذ سنوات طويلة، حيث تعلم هذه الحرفة وهو في سن صغيرة، على يد والده، ومن ثم حرص هو الآخر على توريثها لأبنائه خاصة ابنه الأكبر يحيي الذي تسلم راية قنص التماسيح من النهر عن والده الذي تقدم به السن.
“صيد التماسيح” مغامرة مثيرة وممتعة ومحفوفة بالمخاطر أيضًا، هذا ما يقوله الشيخ شعيب عادة لزوار تركاكا، وعادة ما يسترسل في الحديث عن كيفية تقليده أصوات أمهات التماسيح الصغار الذين لا يسعهم مقاومة الأصوات المصطنعة التي يصدرها لكي تكون النتيجة وقوعهم بين يديه خنقاً في أضعف منطقة يعرفها جيداً في رقابهم.