قراءة نقدية فى مبادرة «معًا لمستقبل أفضل لصناعة التأمين»

■ لغط حول خطة «الرقابة المالية» المرتبطة بالإصلاح التشريعى ■ تأثيرات عكسية فى حال الفصل بين وساطة الحياة والممتلكات ■ إقحام الهيئة فى العقود الموحدة لا يحصن الاتفاقات بين طرفيها ■ تساؤلات حول قصر اتحاد الوسطاء على الشخصيات الاعتبارية ■ تبدل فى مواقف السماسرة من تمثيلهم فى اللجان الفنية

قراءة نقدية فى مبادرة «معًا لمستقبل أفضل لصناعة التأمين»
ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

11:42 ص, الأحد, 29 يوليو 18

■ لغط حول خطة «الرقابة المالية» المرتبطة بالإصلاح التشريعى
■ تأثيرات عكسية فى حال الفصل بين وساطة الحياة والممتلكات
■ إقحام الهيئة فى العقود الموحدة لا يحصن الاتفاقات بين طرفيها
■ تساؤلات حول قصر اتحاد الوسطاء على الشخصيات الاعتبارية
■ تبدل فى مواقف السماسرة من تمثيلهم فى اللجان الفنية بالاتحاد
■ القطاع يفقد مليار جنيه فى «إجبارى السيارات» والرهان على الربط الإلكترونى

 
قراءة – ماهر أبو الفضل:

لايمارى إلا مجحف أن المبادرة التى دعا إليها، محمود عرابى، وإيهاب خضر،- وسيطا التأمين- والتى سعيا من خلالها – بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية – إلى وضع كل القائمين على تلك الصناعة الحيوية- وإن كانت غير مرئية لأسباب ليس هذا توقيتها ولا مكانها- أمام مسئولياتهم، بهدف تحديد السياسيات الضرورية اللازمة لتطوير سوق التأمين، تمثل حجرًا أُلقى فى مياه راكدة، وكانت على مقربة من أن تسبح فيها «القراميط العفنة».

ومعروف أن المبادرة دعت إلى عقد جلسات حوار بين كل أطراف صناعة التأمين،لاستجلاء الحقائق حينا، والاعتراف بوجود داء عضال يلزمه دواء ناجعًا وإن كان مرًا، أحيانا، وتلاقت مع رغبة «الرقابة المالية» فى وجود رؤية مستقبلية لقطاع الخدمات المالية غير المصرفية- وفى مقدمته نشاط التأمين-، وأعلن ذلك المستشار، رضا عبد المعطى، نائب رئيس الهيئة، كى تتكامل تلك الرؤية مع الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية التى تتم خلال الفترة الحالية، وبما يساهم فى رفع مساهمة نشاط التأمين فى الناتج القومى.

وتسعى «الرقابة المالية» إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، بعضها رقابى والآخر تشريعى، لدعم معدلات نمو السوق وزيادة حصيلة أقساطه المباشرة لتصل إلى 50 مليار جنيه فى 2022، مقابل 24 مليونا تقريبا فى 2016/ 2017، ومن المتوقع أن تلامس 30 مليارا فى العام المالى الماضى 2017/ 2018 بنهاية يونيو الماضى، وتستهدف الخطة الإستراتيجية للرقابة المالية رفع صافى استثمارات شركات التأمين إلى 150 مليار جنيه بحلول عام 2022، مقابل 86 مليارا خلال 2017، وأن يصل حجم صناديق التأمين الخاصة إلى 100 مليار، مقارنة بمبلغ 60 مليارا حاليا، فى خطوة تدعم تعميق مساهمة التأمين فى إجمالى الناتج القومى والتى لم تتجاوز %1.

وفى مؤشر على اهتمام «الرقابة المالية» بالإنصات إلى أصوات العاملين فى صناعة التأمين، بتنوع أطيافهم وأطرافهم، قررت عقد سلسلة جلسات متصلة ومنفصلة فى آن، لمناقشة الطروحات المقدمة، بدأتها بجلسة تعريفية –قبل عشرة أيام-، تلتها جلستان أخرتان فى اليوم نفسه، حضرها رئيس الاتحاد المصرى للتأمين، علاء الزهيرى، بصفته رئيسًا للجهاز التنظيمى، وهشام رمضان، مستشار رئيس الرقابة المالية لشئون التأمين، وعدد من رؤساء شركات التأمين والعاملين فيها، وكذلك الوسطاء وبعض المهن المرتبطة بصناعة التأمين مثل الرعاية الطبية والخبرة الاكتوارية والمعاينة.

فى الجلسات الحوارية المتصلة، أو التعريفية، كما يفضل البعض تسميتها، وزعت الهيئة كتيبا، معنونا بشعار المبادرة وهي» معًا لمستقبل أفضل لصناعة التأمين»، تضمن الطروحات أوالمقترحات المقدمة من 21 كادرا من سوق التأمين بإختلاف مشاربهم، وفى مقدمتهم الدكتور عادل منير، نائب رئيس الرقابة المالية الأسبق وأمين عام الاتحاد الأفروآسيوى للتأمين وإعادة التأمين حاليا، بالاضافة إلى بعض وسطاء التأمين، ومنهم محمود عرابى وإيهاب خضر، اللذان أطلقا المبادرة منذ ثلاثة أعوام، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى «السوشيال ميديا»، وبيتر مجدى، وسيط التأمين، وعمر عنتر، العضو المنتدب لشركة «إيماك» لوساطة التأمين، وشريف عباس، العضو المنتدب لشركة «جود لايف» للوساطة، والدكتور ناصر عبد الحميد، العضو المنتدب لشركة «ثقة» للوساطة، والدكتور وائل عبد الهادى، رئيس الجمعية المصرية للخبراء الاكتواريين، وعدد من قيادات الصف الثانى بشركات التأمين، ومسئولو بعض اللجان الفنية باتحاد التأمين، منهم وليد سيد مصطفى، نائب رئيس شركة «أراب أورينت» للتأمين التكافلى، وجمال شحاته، رئيس قطاع الإنتاج والفروع بشركة «بيت التأمين المصرى السعودي»، وأميرة محمود، نائب مدير عام فرع بشركة»رويال» للتأمين، وإبراهيم لبيب، رئيس لجنة تأمينات السيارات باتحاد التأمين، ونظمى حسين، رئيس لجنة البحرى تأمينات أجسام السفن باتحاد التأمين، وليلى عزام، خبير التأمين الاستشارى، وبير كوردى، خبير معاينة وتقدير أضرار، والدكتور هشام ماجد، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة «كيربلاس» للرعاية الطبية.

وقسمت «الرقابة المالية»، المقترحات التى تجاوزت 100، حسب طبيعة كل منها، فبعضها مرتبط بوسطاء التأمين، وبعضها وثيق الصلة بمطالب خبراء التأمين الاستشاريين، وبعضها له علاقة بخبراء المعاينة وتقدير الأضرار، بالإضافة إلى مقترحات تمس نشاط الرعاية الصحية، وأخرى لها علاقة بسوق التأمين بشكل عام.

ومن النظرة الأولى للكتيب الذى يحوى المقترحات، يمكن استخلاص بعض النتائج، أبرزها أن كل طرف من أطراف السوق سعى إلى وضع أكبر عدد من المقترحات التى تخدم مصالحه- وهو ليس عيبا على الإطلاق- وتنعكس إيجابا على السوق بشكل عام، والدلائل على ذلك عديدة، ربما أهمها أن إجمالى مقترحات الوسطاء المرتبطة بنشاطهم بشكل مباشر تصل إلى 42، بما نسبته %40 أو يزيد قليلا عن إجمالى المقترحات المقدمة، وهو ما يفسر التمثيل النسبى الملحوظ للوسطاء فى قائمة الشخصيات التى أعدت المقترحات، وبلغ إجمالى عدد العاملين فى مهنة الوساطة- سواء أفراد أو شخصيات اعتبارية- 9 سماسرة، من القائمة الكلية للذين شاركوا فى المقترحات وعددهم 21 بما نسبته %43 تقريبا.

ومن المؤكد أن زيادة عدد المقترحات أو المطالب، اضطرت الرقابة المالية، للإعلان على لسان نائبها المستشار، رضا عبد المعطى، بأنه سيتم عقد اجتماعات منفصلة مع القائمين على كل نشاط له علاقة بالتأمين، لدراسة المقترحات التى تخصهم وإمكانية تنفيذها بما يتسق مع القانون واللوائح المنظمة للتأمين.

وبرغم نُبل مقاصد القائمين على وضع المقترحات، والتى ستخدم صناعة التأمين، وتساهم فى تطويرها- حسب قناعاتهم الشخصية-، فإن عددا منها يتعارض حينا ويتشابك أحيانا مع مقترحات أخرى، أو على الأقل مع اختصاصات أطراف أخرى فى السوق، وهو ما تنبهت إليه «الرقابة المالية»، مؤكدة أن الكتيب ضم كل المقترحات المقدمة دون حذف.

وأشارت إلى أن كل المقترحات ستناقش أثناء جلسات الحوار، وهو ما يعنى بالضرورة أنه ليس كل المقترحات قابلة للتطبيق، وأن الفيصل فى تطبيق المقترحات من عدمه مرتبط بنتائج المناقشات التى ستجرى حولها.

وأكدت «الرقابة المالية»، أن كل ما ستسفر عنه المناقشات من توصيات ومقترحات بناءة قابلة للتطبيق فى إطار ما شرعه القانون واللوائح والقرارات المنظمة والحاكمة لنشاط التأمين سوف تسعى الهيئة بكل جهد إلى تطبيقه فى توقيتاته المناسبة وبعد إتخاذ الإجراءات المتعارف عليها.

وبالاطلاع على الكتيب، الذى يضم مقترحات سوق التأمين، يمكن استخلاص عدد من الملاحظات، ويطرح المزيد من التساؤلات.

ومن بين الملاحظات الجوهرية فى الكتيب-الذى جرى توزيعه على الحاضرين خلال الجلسة-، إعلان المستشار رضا عبد المعطى، نائب رئيس الرقابة المالية، فى المقدمة التى كتبها للكتيب، أن الهيئة تأمل من خلال الجلسات إلى التعريف بإستراتيجيتها لتطوير نشاط التأمين فى مصر، وأهم التعديلات التشريعية المرتقبة من خلال «تعديل القانون رقم 10 لسنة 1981 «، وهو تصريح لافت للنظر، ويطرح تساؤلا حول خطة الهيئة المرتبطة بالإصلاح التشريعى، ومدى إعداد «قانون جديد» للتأمين، جامع لكل أنشطته، أو قانون شامل يضم التشريعات الثلاثة الخاصة بنشاط التأمين- والتى تضم قانون الإشراف والرقابة على شركات التأمين رقم 10 لسنة 1981 وتعديلاته بالقانون 118 لسنة 2008، بالإضافة إلى قانون صناديق التأمين الخاصة رقم 54 لسنة 1975، وقانون التأمين الإجبارى على السيارات رقم 72 لسنة 2007 – أم ستكتفى الهيئة بإجراء تعديلات على القانون الأول الخاص بالإشراف والرقابة على شركات التأمين؟ أو هكذا يُفهم من تصريح نائب رئيسها، أو التراجع عن إعداد مشروع شامل، والإكتفاء بإجراء عدد من التعديلات على كل قانون من القوانين المنظمة لسوق التأمين بشكل عام؟.

من ناحية أخرى، شملت المقترحات، مطالبة الوسطاء بالفصل فى التراخيص الممنوحة لهم، ليكون ترخيص مزاولة الوساطة فى الممتلكات مختلفا عن ترخيص الوساطة فى تأمينات الحياة، وأن توضع اشتراطات مستقلة لكل نشاط، وهو ما يطرح تساؤلًا، حول التأثيرات العكسية لهذا المطلب فى حال تطبيقه؟، بمعنى، ما الإجراءات التى قد يتخذها صانع القرار فى سوق التأمين فى حالة لجوء أغلب الوسطاء إلى الحصول على ترخيص سمسرة فى نشاط الممتلكات، على حساب تأمينات الحياة؟، لأسباب مرتبطة بسهولة ترويج وثائق تأمين الممتلكات نسبيا مقارنة بالحياة، بالإضافة إلى الإغراء المرتبط بالعمولات، فمن المعروف أن العمولات المحصلة فى تأمينات الممتلكات أفضل حالا من تأمينات الحياة، على الأقل فى تأمينات الحياة الفردية وليس العقود الجماعية، لأسباب ليست خافية على أحد، من بينها ارتفاع معدل التضخم والظروف الاقتصادية وسعى الأفراد وليس فقط أرباب الأسر إلى ترشيد الإنفاق على حساب بند التأمين، ناهيك عن ضعف، إن لم تكن ضحالة الثقافة التأمينية لدى شريحة لايستهان بها من المجتمع؟

وهناك سيناريوهان محتملان للإجابة على هذا التساؤل، الأول : أن سوق تأمينات الحياة ستنكمش، أو على الأقل لن تشهد نموا بالنسب التى تشهدها حاليا، فى حال إقبال الوسطاء على الحصول على تراخيص سمسرة فى الممتلكات، والثانى : وهو الأكثر سوءا، له علاقة بخروج لاعبين من السوق نهائيا، مما سيحرم القطاع من المنافسة التى تخدم العميل أو حامل الوثيقة.

وعلى الجانب الآخر، من المتوقع، أن ترتفع وتيرة «المضاربات السعرية»، أو على الأقل انخفاض عمولات الوسطاء فى العمليات التى يتم جلبها فى الممتلكات، بسبب رغبة كل منهم فى الحصول على العملية لصالحه.

أما فيما يتعلق بالمطالبة بصياغة عقد موحد يصدر من «الرقابة المالية» يستخدم بين شركات الوساطة والتأمين لضبط إيقاع العلاقة بينهما، وإلزام طرفيه باحترام حقوق وواجبات الطرف الآخر ويوضح التزامات وواجبات كل طرف بوضوح طبقا للقانون ويحدد دوركل منهما مجتمعين ومنفردين تجاه العلاقة مع العميل والرقابة المالية وأسس وقواعد فض المنازعات-، يثير بدل التساؤل ألف، أولها : له علاقة بمصير العقود المماثلة التى تم الاتفاق عليها بين السماسرة واتحاد التأمين -بعد مفاوضات على بنودها استمرت لسنوات-؟، والثانى : له علاقة بفلسفة مطالبة الهيئة بأن تكون الرقم الفاعل فى العقود، أى أن تصدر من خلالها؟ هل لصبغ العقود بالقوة الإلزامية على اعتبار أن الهيئة جهة رقابية لها سلطة توقيع العقوبة بعكس اتحاد التأمين؟، وإذا كانت تلك فلسفة المطالبة بإصدار العقود من «الرقابة المالية» فالقاصى والدانى يعلم أن العقود المبرمة بين طرفين تمثل عقود إذعان، ولها حجية قانونية فى حالة واحدة فقط، وهى اتفاق طرفيها على البنود، والقصد من طرفيها ليس الهيئة ككيان اعتبارى وشركات الوساطة على كلياتهم، بل طرفيه المقصود بها شركة التأمين وشركة الوساطة اللتان اتفقتا على العمل سويا وفقا للشروط التى ارتضى بها كل منهم، والتساؤل الآخر : ماذا لو رفضت إحدى شركات التأمين أو شركات الوساطة نفسها قبول بنود تلك العقود ؟، أما إذا كانت تلك العقود استرشادية، فما الفارق بينها وبين التى صدرت خلال الفترة الماضية بعد اتفاق الوسطاء وبين اتحاد التأمين.

لاحظ أننى قلت الوسطاء، وهو لفظ غير دقيق، لأن العقود الاسترشادية تم الاتفاق على بنودها بين بعض الوسطاء خاصة لعدم وجود كيان رسمى يضم كل السماسرة على إختلاف أطيافهم وأطرافهم.

العضو المنتدب لإحدى شركات التأمين العاملة فى نشاط الممتلكات، وصف لـ«المال» العقد الموحد الذى تم اقتراحه ضمن بنود مبادرة «معا من أجل مستقبل أفضل لصناعة التأمين» بالوثيقة الاسترشادية غير الملزمة، مؤكدا إمكانية إجراء التعديلات عله بموافقة طرفى العقد.

وأشار إلى أن فلسفة العقد الموحد تعتمد على وضع وثيقة استرشادية لشركات التأمين والوسطاء لصياغة الاتفاقات المبرمة بينهم من خلال الاستفادة بشروط هذا العقد، نافيا التزام الشركات به لأن ذلك سيقلص من وتيرة المنافسة بين شركات التأمين، وسعى كل منها لتحقيق خططها الإنتاجية عبر مجموعة من المحاور من بينها شروط العقود المبرمة مع الوسطاء لتحفيزهم على جلب العمليات لصالحها، لافتا إلى أن الاستفادة من العقد الموحد مرهون بخبرة كل شركة تأمين فى صياغة اتفاقاتها مع الوسطاء.

ومن بين التساؤلات المثارة على «بعض» بنود المبادرة، ذلك الذى يدور حول «المطالبة بإنشاء اتحاد لشركات الوساطة التأمينية أسوة بشركات التأمين، أو إنشاء لجان فنية بالاتحاد المصرى لشركات التأمين خاصة بالوسطاء فى حال تأخر إنشاء اتحاد شركات الوساطة، وأن يكون هناك عضوان من شركات الوساطة بكل لجنة فنية بالاتحاد المصرى للتأمين».

لقد أعلنت «الرقابة المالية» بداءة عن وجود نص فى مشروع قانون التأمين- الذى يجرى إعداده- يتضمن إنشاء اتحاد للمهن المرتبطة بالتأمين، ومن ثم سيكون هناك اتحاد للوسطاء وآخر للرعاية الصحية – بعد تقنين وضعها-، وغيرها من المهن، وبالتالى فإن المطالبة بإنشاء اتحاد لشركات الوساطة ضمن بنود المبادرة ليس له محل من الإعراب.

والتساؤل الذى يطرح نفسه، لماذ تضمنت المطالبة أن يكون الاتحاد قاصرا على شركات الوساطة، دون الوسطاء الأفراد، رغم أن عددهم يتجاوز سبعة آلاف؟ ..ألا يمثل ذلك انحيازا لطرف على حساب الآخر، رغم اشتراكهم فى الصفة نفسها؟، بالإضافة إلى تساؤل آخر له علاقة بالمطالبة بإنشاء لجان فنية فى الاتحاد المصرى للتأمين خاصة بالوسطاء.. ألم يرفض الوسطاء هذا المقترح حينما عرضه رئيس اتحاد التأمين السابق، عبد الرؤوف قطب، وأصر الوسطاء أو عدد منهم على إنشاء اتحاد مستقل،.. فما هى المتغيرات التى أدت إلى تغيير المواقف حيال هذا الطرح؟.

فى سياق متصل، تضمنت الاقتراحات الواردة فى المبادرة، «السماح لشركات الوساطة المباشرة بين نشاط الوساطة المباشرة ووساطة إعادة التأمين بعد رفع رأس المال، وموافقة الهيئة على المسئول الفعلى عن إدارة التأمين، على أن تكون لديه خبرة 10 سنوات على الأقل فى الإعادة أسوة بالوسيط الفرد، الذى يمتلك صلاحيات الجمع بين السمسرة المباشرة وإعادة التأمين».

وربما تكون المطالبة مبررة شكلا، ولها وجاهتها منطقيا، من خلال العدالة بين الشركات والأفراد العاملين فى مهنة السمسرة، لكن الأصل فى الموضوع هو تصويب وضع خطأ، وليس العكس، ومن ثم فالمطلب الواقعى هو أن يسرى الفصل بين السمسرة فى التأمين المباشر وإعادة التأمين على الشركات والأفراد، لا سيما وأن الجمع بينهما يتعارض مع فلسفة التعديلات التى جرت على قانون التأمين رقم 118 لسنة 2008، والتى ألزمت شركات التأمين نفسها التى تجمع بين النشاطين بالفصل فيما بينهما، وإنشاء شركة مستقلة لكل منهما، والتزمت الشركات التى كانت تجمع بين هذين النشاطين قبل صدور التعديلات، رغم وجود شبهة عدم دستورية فى ذلك، لكن هذا ليس مكان ولا توقيت مناقشة أسبابه ومبرراته.

وقد تضمنت المبادرة ضمن مقترحات «تفعيل الربط الإلكترونى لإصدار وثائق التأمين الإجبارى على المركبات إلكترونيا مع قطاع الحاسب الآلى بوزارة الداخلية، وبالتعاون مع وزارة التخطيط، والرقابة المالية والاتحاد المصرى للتأمين».

وتم تبرير ذلك المقترح بوجود فاقد فى الأقساط الواجب إكتتابها لهذا التأمين، فمن المعروف أن عدد المركبات فى مصر حوالى (عشرة ملايين مركبة)، متنوعة ومتوسط قسط الوثيقة الواحدة 200 جنيه سنويا تقريبا، ومن ثم فالأقساط المحصلة من التأمين الإجبارى يجب أن تلامس 2 مليار جنيه، وعلى الرغم من ذلك، فإنها لا تتجاوز فعليا مليار جنيه حسب إحصاءات «الرقابة المالية» عن العام المالى 2016/2017!

هذا المقترح، يمثل إنذارا بإهدار المال العام، يجب أن تقف أمامه «الرقابة المالية» كثيرا، فالأقساط المحصلة من التأمين الإجبارى على السيارات، لاتخص شركات التأمين فقط، بل أيضا حقوق المتضررين من حوادث الطرق، وعدم حصول الشركات على نصف الأقساط التى يتم تحصيلها أثناء تجديد أو استخراج التراخيص من إدارات المرور، قد يؤدى إلى عدم قدرة شركات التأمين نفسها على الوفاء بالتزاماتها تجاه ورثة المتوفى أو المصابين نتيجة حوادث الطرق.

وبشكل عام، فالقراءة السابقة للمبادرة بما تحويه من ملاحظات وتساؤلات حول «بعض» وليس «كل» المقترحات التى تنضوى تحتها، لايمكن أن تقلل من شأنها بصفة عامة، لنبل مقاصد الداعين إليها وكذلك واضعى مقترحاتها، بالإضافة إلى أنها تحوى بنودا تستحق الدراسة لأهميتها فى تحول صناعة التأمين إلى رقم فاعل فى معادلة النمو وبما يخدم إستراتيجية الهيئة فى زيادة مساهمة تلك الصناعة فى إجمالى الناتج القومى.

ماهر أبو الفضل

ماهر أبو الفضل

11:42 ص, الأحد, 29 يوليو 18