فجر إعلان مشروع قانون «الحريات النقابية»، الذي أعدته وزارة القوي العاملة خلال الأيام القلية الماضية خلافات حادة بين أصحاب الأعمال والنقابات العمالية، خاصة بعد تحفظ المستثمرين علي عدد واسع من مواد المشروع، خاصة فيما يتعلق بمبدأ التعددية في تشكيل النقابات.
واعتبروا ذلك سيؤدي إلي تشتت العمل بالمصانع، فضلاً عن النص علي أنه يجوز لمجلس إدارة المنظمات النقابية تحديد قواعد التفرغ للقيام بمهام النشاط النقابي لتحقيق أهدافها ورعاية مصالحها، وأن يستحق عضو مجلس الإدارة المتفرغ خلال فترة تفرغه أجره وملحقاته من صاحب العمل.. ولا يخل هذا التفرغ بحق العامل المتفرغ في الاحتفاظ بكامل حقوقه الوظيفية وعلي الأخص جميع الترقيات والعلاوات والبدلات ومتوسط المكافآت والحوافز ومكافآت الانتاج والمزايا المالية التي يحصل عليها زملاؤه من نفس المستوي المالي، كما لو كان يؤدي عمله فعلاً.
وتحسب مدة التفرغ ضمن مدة الخدمة الفعلية لعامل، وتعتبر اصابة النقابي المتفرغ أثناء مباشرة مهامه النقابية اصابة عمل.
وشدد رجال الأعمال علي أن يتم حذف النص الكامل لهذه المادة، نظراً لعدم قابلية تطبيقها علي أرض الواقع، مطالباً بأن تتحمل اللجنة النقابية أجور العمال في حالة التفرغ للنشاط النقابي، وفقاً لإجراءات متفق عليها بين أصحاب الأعمال والعمال.
وأكد رجال الأعمال أن الوقت الحالي لا يسمح بتطبيق تلك المطالب، في ظل الخسائر المستمرة التي يتكبدها المستثمرون منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وماترتب عليها من زيادة المطالب العمالية.
وتحفظ رجال الأعمال وكبار المستثمرين علي إجراء الانتخابات الخاصة بالنقابات العمالية بمقر الشركات، مؤكدين أن ذلك يعطل من وتيرة العمل بالمصانع، وطالبوا بأن تكون هناك ضوابط ينص عليها قانون «الحريات النقابية» لحماية رجال الأعمال من تجاوزات أعضاء الاتحادات النقابية، سواء بالفعل أو إجراء آخر.
وقد لاقت تحفظات رجال الأعمال حول قانون «الحريات النقابية» اعتراضا واسعاً من قبل أعضاء الاتحادات النقابية.
نصر يعترض علي سماح مسودة القانون بإنشاء أكثر من نقابة داخل المنشأة الصناعية الواحدة
من جانبه، اعترض المهندس صبحي نصر، نائب رئيس جمعية مستثمري السويس، عضو جمعية مستثمري العاشر، علي سماح مسودة القانون بإنشاء أكثر من نقابة داخل المنشأة الصناعية الواحدة، مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلي تفتيت وتشتيت العمل بالمصنع.
ورفض نصر المادة التاسعة من المسودة، والتي تنص علي أنه يجوز لمجلس إدارة المنظمات النقابية تحديد قواعد التفرغ للقيام بمهام النشاط النقابي لتحقيق اهدافها ورعاية مصالحها، علي أن يستحق عضو مجلس الإدارة المتفرغ خلال فترة تفرغه أجره وملحقاته من صاحب العمل.. ولا يخل هذا التفرغ بحق العامل المتفرغ في الاحتفاظ بكامل حقوقه الوظيفية وعلي الأخص جميع الترقيات والعلاوات والبدلات ومتوسط المكافآت والحوافز ومكافآت الإنتاج، والمزايا المالية التي يحصل عليها زملاؤه من المستوي المالي نفسه، كما لو كان يؤدي عمله فعلاً.
وتحسب مدة التفرغ ضمن مدة الخدمة الفعلية للعامل، وتعتبر إصابة النقابي المتفرغ أثناء مباشرة مهامه النقابية إصابة عمل.
وطالب نصر بحذف المادة بالكامل لتتحمل النقابة العمالية رواتب العمال المتفرغين وجميع المكافآت والحوافز.
وأكد أيضاً أهمية احترام المنظمات النقابية اللوائح الداخلية للمنشآت الصناعية، بالإضافة إلي النظام العام، وعدم قبول أي تبرعات أو مساعدات من المنظمات المنافسة للمنشأة في السوق، لضمان عدم توظيف تلك المؤسسات للحد من القدرة التنافسية للمؤسسة.
من جانبه، وافق محمد الفيومي، ممثل الاتحاد العام للغرف التجارية، علي مسودة قانون الحريات النقابية بالكامل، علي أن يتم إحلال مصطلحي «اتحاد الغرف التجارية» و«اتحاد الصناعات المصرية» محل مصطلح «أصحاب العمل»، الأمر الذي رفضه الحاضرون، مؤكدين ضرورة تعميم المصطلحات لتشمل جميع المؤسسات وليس فقط الاتحادين اللذين ينظم عملهما قانونان خاصان بهما.
وقال معتصم راشد، مستشار الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن الاتحاد يوافق علي مسودة قانون الحريات النقابية مع الأخذ في الاعتبار تحفظات بعض المستثمرين، والتي يمكن تداركها عند اعادة صياغة مسودة القانون.
وأكد راشد أن الاتحاد أول من استجاب لاقتراح الحكومة بزيادة العلاوة الاجتماعية بنسبة 15% تأكيداً من الاتحاد علي الاستجابة للمطالب العمالية.
الصياد: رجال الأعمال مستعدون للاستجابة للمطالب العمالية الخاصة بحرية النقابات بشرط ألا يؤثر ذلك على العمل بالشركات
وقال محمد الصياد، نائب رئيس جمعية مستثمري المحلة الكبري، إن رجال الأعمال مستعدون للاستجابة للمطالب العمالية الخاصة بحرية النقابات، بشرط ألا يؤثر ذلك علي العمل بالشركات، خاصة في ظل التصاعد المستمر للمطالب العمالية التي أخذت في بعض الأحيان حد المبالغة.
وأشار إلي أن الوقت الحالي يتطلب التحالف بين جانبي أصحاب العمل، والعمل للنهوض بالاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، رفض خالد الأزهري، رئيس مركز «السواعد العمالية»، إصدار قانون الحريات النقابية لوزارة القوي العاملة في الوقت الحالي.. قائلاً إن القانون جاء في وقت يستعيد فيه شعب مصر خاصة العمال حرياتهم المسلوبة طوال العقود السابقة، مشيراً إلي أن مركز «السواعد» شارك في الاجتماع الأول للحوار المجتمعي بإيجابية، وقدم رؤية نقدية لمشروع القانون توضح المشكلات والتجاوزات التي يعاني منها العمال، وطالب وزارة القوي العاملة وكل الجهات المهتمة بالعمال بزيادة المساحة الزمنية والمجتمعية لدراسة مركزة وشاملة للقانون، خاصة أنه يتعلق بأكثر من 20 مليون عامل.
وأضاف أنه عقب دراسة النسخة المعدلة من مشروع القانون، نجد أن وزارة القوي العاملة تراجعت عن الحريات النقابية وأفرغت القانون من محتواه، واطلقت العنان للتعددية النقابية بلا ضوابط تضمن حقوق العمال وقوة تنظيمهم، خاصة في أول وأهم مستوي للتنظيمات النقابية «اللجنة النقابية»، كما اغفلت تمامًا أي حديث عن ضمانات الانتخابات، وقدمت صياغات في مضمون مواد المشروع.
وبرر رفض القانون في الوقت الحالي، بأنه سيؤدي إلي إعادة تدخل الجهة الإدارية في التنظيمات النقابية بالمخالفة للاتفاقية الدولية للحرية النقابية، وحماية التنظيم رقم 87 لعام 1948 والمعتمد في 1957، مطالباً أيضاً بشطب الفقرة الخاصة بالغاء قرار رئيس الجمهورية بتنظيم اتحاد الصناعات والقانون رقم 189 لسنة 1951 بشأن الغرف التجارية، وهو ما يؤكد أن المستهدف هو قانون النقابات العمالية.
والأمر غير المفهوم هو اصرار القائمين علي صياغة القانون علي وجود بنود خاصة بمنظمات رجال الأعمال والغرف التجارية، رغم التراجع عن إلغاء قوانينها وقراراتها السابقة.
الأزهري: هناك تضارب في العديد من مواد مشروع القانون
وأشار إلي تضارب العديد من مواد مشروع القانون مع بعضها، مما يشير إلي استعجال الإصدار بلا مبرر، خاصة المواد التي تتحدث عن الشروط العددية في القانون، متسائلاً عن أسباب عدم الاشارة إلي الإشراف القضائي وطريقة الانتخابات والتسلسل الزمني لانتخابات التنظيمات النقابية بمستوياتها الثلاثة، ومدة الدورة النقابية، مما سيؤدي إلي اضطراب وضعف هذه التنظيمات وانعكاس ذلك بالسلب علي حقوق العمال.
ولفت إلي ضعف ضمانات الحماية في القانون لعضو المنظمة النقابية عن مثيلتها في القانون 35، وكذلك حرمان المنظمات النقابية من المزايا والاعفاءات الموجودة في ذات القانون، مما يؤدي إلي اضعاف مباشر للطبقة العمالية واضاعة حقوقها، وأكد أن القانون محل شبهة لا مفر منها، بسبب حالة العداء الشديدة بين وزير القوي العاملة الحالي وأعضاء الاتحاد العام لنقابات عمال مصر التابعين للنظام السابق.
وطالب وزارة القوي العاملة وكل المهتمين بالشأن العمالي بضرورة تكثيف الجهد لاستصدار قانون خاص بالانتخابات العمالية، يضمن الاشراف القضائي الكامل عليها، حتي يتمكن العمال من اختيار ممثليهم الشرعيين بحرية وشفافية وليستطيعوا بعد ذلك التحدث باسم عمال مصر، والمشاركة في إصدار وتعديل جميع القوانين التي تخص العمال.
وقالت فاطمة رمضان، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالقوي العاملة بالجيزة، إن استجابة اللجنة القائمة علي مشروع القانون للملاحظات التي تم ابداؤها خلال الجولة الأولي من الحوار المجتمعي حول المشروع، أمر يشجع علي مواصلة هذا الحوار، وطالبت بضرورة اعتبار الحرفيين عمالاً وليسوا أصحاب عمل، موضحة أن إضافة عبارة »مع مراعاة النظام العام« للقانون في أكثر من مادة، سيؤدي إلي وضع العديد من القيود علي العمل النقابي.
فمثلاً قانون حظر الإضرابات العمالية جزء من النظام العام الذي يجب احترامه وفقاً لنصوص القانون.
فاطمة تطالب بعدم وضع حد أقصي لعدد النقابات التي يمكن تشكيلها داخل المؤسسة الواحدة
وطالبت فاطمة بعدم وضع حد أقصي لعدد النقابات التي يمكن تشكيلها داخل المؤسسة الواحدة، أو عدد النقابات التي يمكنها تشكيل اتحاد نقابي، أو عدد الأعضاء المنضمين إليها، مشيرة إلي ضرورة قصر العقوبات المنصوص عليها في المادة 39، والخاصة بالإدلاء ببيانات ومعلومات خاطئة من جانب أحد العمال عن الشخص المتعمد الادلاء بها وليس النقابة ككل.. بالاضافة إلي تحديد الجهة التي يمكن اخطارها بالبيانات الصحيحة لتكون الجمعية العمومية للنقابة أو الجهة الرقابية التي تحددها.