ينافس فيلم “دخل الربيع يضحك”، للمخرجة نهى عادل، في المسابقة الدولية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في عرضه العالمي الأول، وهو الفيلم المصري الوحيد المشارك ضمن المسابقة.
وتدور أحداث الفيلم، خلال فصل الربيع المعروف بطبيعته الخاصة، ويتناول أربع حكايات ما بين الأسرار والغضب والأحزان والدموع المخفية، وسط الضحكات الظاهرة، لكن مع بداية ذبول الأزهار الزاهية، يأتي خريف غير متوقع ليختتم القصص.
وقالت نهى عادل إن الفيلم “يعد قفزة إيمانية عميقة، عبر رحلة لإخراج مجموعة من القصص القصيرة المجزأة التي تطاردها منذ نهاية عام 2019″،
مضيفة مع إغماض عيني على اتساعهما، أشعر بدافع لمشاركة هذه القصص وروايتها، دون أن أدرك إمكانية دمجها في باقة متفتحة من أزهار الربيع داخل أول فيلم روائي طويل لي”.
الفيلم يرصد رحلة من الاكتشاف والتأمل الذاتي.. والمخرجة نهى عادل: نتناول بشكل طبيعي حياة وقصص النساء المعقدة والمربكة
وأضافت عادل: “لقد أدركت التأثير العميق الذي خلفه الربيع على رؤيتها الإبداعية، فبدأت تدرك الخيوط المشتركة والروابط الدقيقة بين قصصها، ولم تتأثر قط بالصورة السطحية لمواجهة الربيع المفعمة بالبهجة فبالنسبة لها ، يظل الربيع موسمًا من التناقضات القاسية، مع العواصف الرملية المفاجئة، والطقس غير المتوقع، والحقائق والأسرار الخفية التي يكشف عنها من خلال الدموع الغزيرة”.
وتابعت في حديثها: “أنا مدينة للربيع بالامتنان لإلهامه لها كتابة وإخراج هذا الفيلم وخلال المشروع. واوضحت انها تواصل الكشف عن الدوافع الحقيقية وراء اختيارها لهذه القصص الخمس المحددة، وكشف جوهرها وأهميتها مع تقدمها نحو الانتهاء، حيث تعكس كل حكاية في هذه المجموعة الشبكة المعقدة التي نسجتها ألعاب الربيع الغامضة. موضحة إنها حكايات فريدة شهدتها أو سمعتها أو ربما كنت جزءًا من نفسها (رغم أنني لن أعترف بذلك أبدًا)”.
ونوهت عادل إلى أنها بالصدفة اكتشفت كل قصة خلال موسم الربيع الخيالي، وهي تجسد فلسفتها المظلمة، كما عبر عنها صلاح جاهين شعريًا في قصيدته المثيرة المكونة من أربعة مقاطع: ( يأتي الربيع ضاحكًا، لكنه وجدني حزينًا ) ، ينادي الربيع باسمي، لكنني لم أجب، يضع الربيع أزهاره بجانبي،ما فائدة أزهار الربيع للموتى؟).
وأشارت عادل إلى أن تجسيد كل قصة في الفيلم، تعد استلهام من القصائد المصرية الأصلية والألحان الخالدة والجمال المميز للمناظر الطبيعية في بلدنا، وهو تفسيرها البصري والسمعي للموسم، كما تمتد على مدار رحلة مدتها أربعة أشهر بنهاية حاسمة من دون السعي عمدًا إلى إضفاء دلالات نسوية، حيث يتجه هذا الفيلم بشكل طبيعي نحو حياة وقصص النساء، التي تم التقاطها من خلال منظور معقد و مربك.
وأنهت عادل حديثها: كان من الضروري أن يتم تجربة هذا الفيلم من خلال عيون وعقول النساء، وأعتبرت نفسها محظوظة لأنها جمعت مجموعة رائعة وموهوبة من النساء لإنتاج هذا الفيلم والتمثيل فيه والمساعدة فيه وتصويره وتحريره”، وأهدت هؤلاء النساء الاستثنائيات هذا الفيلم”.
من جانبها، كشفت منتجة الفيلم كوثر يونس، كواليس العمل قائلة : “منذ البداية، ألهمها تصميم نهى عادل الثابت على إحياء هذا المشروع بشكل كبير، وعلى الرغم من العقبات التي لا حصر لها، فقد تابعت شغفها ورؤيتها بلا خوف لقد أدى إدراكها لمرونتها وتفانيها إلى تعزيز التزامها بهذا المشروع، فهناك تعمق إيماني بموهبتها وإمكاناتها في سرد القصص، مما دفعها إلى تولي دور المنتج فكان العمل جنبًا إلى جنب مع مثل هذه المخرجة العنيدة شرفًا لا يصدق”.
وأضافت يونس أن الفيلم يتعمق في طبيعة الحياة غير المتوقعة، ويزيل التوقعات المجتمعية ليكشف عن التعقيدات الخفية من خلال الفكاهة السوداء والقصص الدقيقة، يتحدى الفيلم مفاهيمنا المسبقة عن السعادة، ويكشف عن شبكة متشابكة من المشاعر البشرية التي تشكل حياتنا في مختارات الكوميديا السوداء هذه”.
المنتجة كوثر يونس: هدفنا توفير منصة للأصوات النسائية وإلقاء الضوء على المشاعر الخفية
وأكدت يونس أن هدفهم هو توفير منصة للأصوات النسائية، وإلقاء الضوء على المشاعر الخفية وراء موسم الربيع المبهج، ونسعى إلى تحدي تهميش أصواتهن في عالم غالبًا ما يتجاهلهن، فكان التزامهم بإنتاج عمل يركز على المرأة لا يقتصر على الشاشة، بل يمتد إلى فريقهما الذي يعمل خلف الكواليس، والذي توحد لتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع.
وأضافت يونس بفضل فهمهم العميق لتعقيدات التجربة النسائية، فهن ملتزمات بإنشاء شخصيات أصيلة وقابلة للتواصل مع الجمهور، ومن خلال تسليط الضوء على قصصهم، كان الهدف إلى المساهمة في تمثيل أكثر شمولاً ومساواة داخل الصناعة.
وأكدت يونس: نحن حريصون على مشاركة الفيلم مع الجمهور، ودعوتهم إلى الشروع في رحلة من الاكتشاف والضحك والتأمل الذاتي من خلال الاحتفال بقوة المرأة وقدرتها على الصمود ووجهات نظرها الفريدة ونسعى جاهدين لإحداث تأثير مفيد وتعزيز صناعة أفلام أكثر شمولاً ومساواة وذلك من خلال استكشاف المشاعر المعقدة.
واختتمت منتجة الفيلم كوثر يونس، وقالت يكشف الفيلم عن خيط مشترك من الضعف والتناقض الذى يوحدنا جميعًا من خلال الاعتراف بهذه الحقائق، ونأمل في تعزيز الفهم والتعاطف، مما يسهم، في نهاية المطاف، في خلق مجتمع أكثر تعاطفًا وشمولًا وإن المشاركة في هذا المشروع، الذي يتخطى الحدود ويتحدى التصورات ويقدم منظورًا فريدًا للتجربة الإنسانية، يشكل امتيازًا غير عادي، ويشعل المشاعر ويترك أثرًا دائمًا على الجماهير في جميع أنحاء العالم”.
يُشار إلى أن الفيلم من كتابة وإخراج نهى عادل، وإنتاج كوثر يونس وأحمد يوسف، ومنتج مشارك لورا نيكولوف وسمر هنداوي وساندرو كنعان، ومديرة تصوير سارة يحيى، ومونتاج سارة عبدالله، وتسجيل صوت مصطفى شعبان، وميكساج الصوت أحمد أبو السعد، وتلوين سامي نصار وأحمد شافعي، ومهندس ديكور سلمى تيمور، ومصممة أزياء مشيرة الفحام، ومخرج منفذ ميسون المصري، ومونتاج تتر ماركوس عريان.
الفيلم بطولة سالي عبده، ومختار يونس، ورحاب عنان، وريم العقاد، وكارول عقاد، ومنى النموري، وسام صلاح، وروكا ياسر.
يُذكر أن المخرجة نهى عادل وُلدت عام 1975، وهي كاتبة سيناريو ومخرجة أفلام تخرجت من قسم اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة. بفضل خلفيتها في التعلم والتطوير، وتابعت شغفها بالسينما من خلال حضور ورشة عمل “أساسيات الإخراج” لمدة ثلاثة أشهر في عام 2017.
عُرض مشروع تخرجها، الفيلم القصير “مارشدير”، في مهرجان دبي السينمائي الدولي. في عام ٢٠٢٠، كتبت وأخرجت فيلمها القصير الثاني “حدث ذات مرة في القهوة”. حققت كلا الفيلمين إشادة، حيث شاركا في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية والمحلية المرموقة كما حصدا عدة جوائز.
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا والأكثر انتظامًا، إذ ينفرد بكونه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل في الاتحاد الدولي للمنتجين ببروكسل “FIAPF”.