استطاع محمد طلعت حرب أن يُدخل ضمن أنظمة بنك مصر اختراعًا كان الفريد من نوعه في تلك الفترة، إذ كان يؤرقه أن الأوقات المسائية والإجازات الرسمية لا تتيح لعملاء المصرف إيداع ما يريدونه من مال في تلك الأحيان، وكان ذلك بعد عام 1920.
ما قصة الصرّاف الآلي أو ما يُعرف بماكينات ATM وهل عرفته مصر قبل تطويره عالميًا؟
وحسب دراسة عبد العزيز البشري، كانت فكرة طلعت حرب التي استلهمها من البنوك الإنجليزية تسمى “الخزينة الليلية”، حسب ما هو منقوش عليها إلى الآن، بفروع المصرف المتناثرة في وسط البلد بالقاهرة، لتتيح للعملاء إيداع أموالهم في الليل، وصُنع الاختراع الجديد بإنجلترا، وتحديدًا بلندن.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
بينما يقول إريك دافيز في دراسته عن طلعت حرب، بترجمة هشام عبد الغفار، إن بنك مصر كان أول من استخدم “الخزينة الليلية”، ودشنها في الجدران الخارجية لفروعه، فضلًا على تسليم عملائه نسخة من المفاتيح، حتى يتمكنوا من فتحها في أي وقت، ووضع الأموال داخلها، وبتلك الطريقة حلت فكرة حرب، أزمة الإيداع في غير أوقات العمل وأيامه الرسمية.
فما كان على العميل إذا أراد الإيداع إلا بكتابة اسمه ورقم حسابه على مظروف به المبلغ المراد، ثم وضعه داخل الباب المخصص للخزينة بجدار البنك الخارجي، باستعمال المفتاح المخصص له، فيدخل المبلغ عن طريق أسطوانة متصلة بخزينة أخرى، وفي الصباح تطلع لجنة من موظفي المصرف على المبالغ، وتودعها في حساب العميل.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
البدايات الأولى
وحسب دراسة برناردو باتيس لازو وروبرت ج. ريد، بعد اختراع طلعت حرب بحوالي 20 عامًا، بدأت فكرة ماكينة الصراف الآلي في البداية، بقيام المخترع Luther George Simjian بصنعها وتركيبها عام 1939، في مصرف سيتي بنك، بطريقة بدائية، إلا أنها أزيلت بعد 6 أشهر، ليس لعدم كفائتها تقنيًا، وإنّما لقلة الطلب وعزوف العملاء عنها، واقتصار استخدامها على قليل من الناس.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
بداية جديدة
وبعد ذلك بحوالي 30 عامًا، ذهب جون شيفرد بارون إلى مدير بنك باركليز ليعرض عليه فكرته الجديدة، باختراع ماكينة سهلة الاستعمال لسحب النقود منها أثناء الإجازات التي لا يعمل بها المصرف، فضلًا على عطلة السبت والأحد بكل أسبوع.
وحسب لقاء له مع BBC، قرر مدير البنك أنه سيشتري من بارون الآلة الغريبة فور انتهائه من اختراعها، بسبب حاجة العملاء الملحة للمال في أيام إجازة المصرف، وانشغل جون فترة يحاول اختراع الماكينة، حتى توصل في النهاية إلى نموذج أول صرّاف آلي أعلن عنها في السابع والعشرين من يونيو عام 1967، وافتتح “باركليز” فرعًا مفتوحًا على مدار الساعة.
خلاف حول الاختراع
وتقول دراسة نورة العجمي ومريم اليحيى وصبا العسقة وعبد العزيز الدليمي، إن قضية التنازع على اختراع ماكينة الصرّاف الآلي قائمة بين جيمس جودفيلو وشيفرد بارون، حيث عمل كلاهما في نفس الوقت على اختراع الآلة، فقد اخترع الأول فكرة “PIN” (رقم التعريف الشخصي)، على أن يكون معها شيء مادي مزود برمز كودي، وهو البطاقة.
واقترح الرجل في وثائق براءة الاختراع نظامًا يشمل جهازًا لقراءة البطاقة وأزرارًا عليه في حائط خارجي بالبنك، بينما عندما يحتاج أي عميل لأوراق بنكنوت فإن عليه فقط إدخال البطاقة بالجهاز، وبعدما عزز جودفيلو مشروعه بإنتاج أول نموذج للماكينة، أُعطيت إشارة البدء لإنتاج نماذج أخرى للتجربة وجرى تركيبها أولًا في فروع مصرف ويستمنستر، عام 1967.
بينما كان جون شيفارد بارون يعمل في “ديل لا رو” لسك العملة، وفي ذات الفترة كان يطوّر جهازًا منافسًا لصرف النقود، لكن الآلة لم تستخدم بطاقات بلاستيكية وإنما شيكات عليها “كربون 14″، وهي مادة متوسطة الإشعاع تكتشفها الماكينة وتعرض الشيك على آلة تعريف وتدفع المال لطالبه.
ولكن شيفارد بارون كان أول من نجح في تركيب جهاز للصرف الآلي للجمهور، بفرع لبنك باركليز في إنفيلد بشمال لندن في السابع والعشرين من يونيو 1967، معتبرًا اختراعه تطويرًا شاملًا للماكينة، بينما ينظر لجهود جودفيلو باعتبارها عملًا غير مكتمل.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
المخترع الحقيقي للجهاز
تقول الجارديان، إن الحكومة البريطانية ترى حاليًا بشكل لا لبس فيه أن جودفيلو هو مخترع الصرّاف الآلي، والذي حصل على براءة الجهاز الذي اخترعه في الثاني من مايو عام 1966، قبل 14 شهرًا من دخول ماكينة “إنفيلد” في الخدمة، بينما لم يكن لبارون” براءة اختراع.
ومُنح جودفيلو وسام المملكة البريطانية في قطاع المصارف باعتباره “صاحب براءة اختراع رقم التعريف الشخصي”، ويعد نفسه أنه مثل الأخوين رايت، فهما لم يخترعا الطيران، ولكنها اخترعا الطائرة، وأنه لم يخترع فكرة صناعة آلة صرف النقود، بينما طوّر الآلة التي تفعل ذلك.
وقال جودفيليو إن مكافأة اختراع جهاز الصرّاف الآلي كانت 15 دولارًا فقط، وقد بددها في ليلة واحدة ولم تغير حياته، لكنه يشعر بسعادة، لأدائه ما عليه في عمله.
الصرّاف الآلي حتى 2023
وحسب دراسة الدكتور حسام عزيزة؛ مدرس إدارة الأعمال بمعهد الجيزة العالي للعلوم الإدارية، إن آلة الصراف الآلي ماكينة توفر للعملاء المعاملات المالية في الأماكن العامة، كالمجمعات التجارية أو الطرق، دون الحاجة للذهاب إلى المصارف.
وأشارت الدراسة إلى أن هيكل الجهاز مكون من مادة بلاستيكية مع شريط ممغنط إضافة إلى رقائق الذاكرة، وتحتاج الماكينة عند استخدامها إلى إدخال بطاقة، مع كتابة الرقم السري الخاص بها وبعض المعلومات الأمنية، ويطلق عليه اختصارًا ATM “Automated teller machine”.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
وبيّنت دراسة محمد عبد الوهاب ومنى السنديوني ونورهان أبو الخير؛ أعضاء هيئة التدريس بكلية التجارة بجامعة كفر الشيخ، أن ماكينة الصرّاف الآلي تحتوي على وحدة معالجة مركزية ورقائق ممغنطة وشاشة مزودة بأرقام يختارها العميل، وأحيانًا بمجرد لمسة من يد العميل ذاته يتهيأ الجهاز لاستقبال تركيبة الشفرات السرية التي يلقمها الزبون للماكينة، كي تتعرف عليها قبل أن تستجيب للطلبات.
وأوضحت أن عتاد آلة الصراف الآلي يحوي عديدًا من الأجزاء، من أهمها المعالجة المركزية للتحكم بالآلة، والبطاقة الممغطة أو الرقائق لتخيير العميل، والبين باد (PIN Pad)، وهو الجزء المشابه للآلة الحاسبة ويصنع كجزء من الماكينة، والشاشة، وعادة ما تكون LCD قابلة للمس، فضلًا على وحدات الصرف النقدية والطابعة والإشعارات وقراءة البطاقات والإيداعات والمظاريف والتشفير.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
وأشارت دراسة ستيف ويلان إلى أن الزبائن يستطيعون الوصول إلى حساباتهم المصرفية من أجل سحب النقود، ومراقبة أرصدة الحسابات، وإتاحة الفرصة للإيداع النقدي أو الشيكات، وتحويل الأموال بين الحسابات المصرفية، ودفع الفواتير، وشراء السلع والخدمات.
كما لفتت الدراسة إلى أن آلات الصراف الآلي تتولى القيام بالعديد من المعاملات التي لولاها لشغلت انتباه الموظفين، إذ تتميز بقدرتها على تنفيذ مهــام، مثل توفير معلومات الحســاب وقبــول الإيداعات وســحب القروض التي تمت الموافقــة عليها من قبل، فضلًا على تحويل الأمــوال، كما أن اســتخدامها يزيح عــن كاهل الموظفين المســئولين عن القروض عنــاء الاهتمام بالخدمات الشــخصية، مع نطاق أوســع من الخدمات.
وللاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
ختامًا، بعيدًا عن مناورة معرفة المخترع الأصلي للماكينة، وبغض الطرف عن الأحق بوضع اسمه بلوحة شرف تطويرها، إلا أن الصرّاف الآلي غدا بتلك الأحيان لا غنى لعملاء البنوك عنه؛ نظرًا لسرعة وتيرة الحياة اليومية، بتقديمه خدمات منجزة بلا عناء، فالخدمة السريعة أكثر ما يهم الجمهور، وليس معرفة مبتدع الجهاز.