فى ندوة «المال» : الفشل حصاد سنة من حكم «الإخوان»

تحولت أحلام وآمال الاستقرار والتنمية الاقتصادية والنهوض بعد انتخاب مرشح جماعة الإخوان المسلمين رئيساً للبلاد

فى ندوة «المال» : الفشل حصاد سنة من حكم «الإخوان»

تحولت أحلام وآمال الاستقرار والتنمية الاقتصادية والنهوض بعد انتخاب مرشح جماعة الإخوان المسلمين رئيساً للبلاد، إلى مجرد محاولات يائسة للصمود، بل إن فشل الحكومة التى اختارها برئاسة هشام قنديل فى إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية بات يهدد مصر بالانزلاق فى نفق مظلم، يصعب الرجوع منه، وفقاً لكل المؤشرات الاقتصادية.

«المال» حاولت الوقوف على النقاط الحقيقية لفشل الإخوان وحكومتهم فى إدارة الملفات الاقتصادية المهمة، خلال ندوة موسعة تنشرها على حلقتين وضمت ممثلى عدد من القطاعات المؤثرة فى نمو الاقتصاد المحلى، والمتمثلة فى سوق المال والسياحة، والعقارات، والطاقة، والطيران، خاصة أن أياماً معدودة تفصلنا عن الحراك الشعبى المقرر يوم 30 يونيو لسحب الثقة من الرئيس.

وتناولت النقاشات أيضاً وضع قائمة مختصرة بالإجراءات الأساسية، الواجب اتخاذها فى بداية العام المالى الجديد، دون إغفال إلقاء الضوء على السؤال الأهم، والمتمثل فى مدى إمكانية تطبيق حلول فعالة للمشاكل الهيكلية فى ظل النظام القائم، وإلى تفاصيل الندوة.

● «المال»: فى البداية نرحب بكم فى جريدة «المال» خلال هذه الفترة، الفارقة والحساسة، بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الثورة كان القاسم المشترك فى هذه الفترة التدهور الاقتصادى المستمر، سواء خلال فترة حكم المجلس العسكرى أو بعد تولى الرئيس محمد مرسى، ورأينا العديد من أشكال التدهور سواء فى قطاع السياحة الذى تأثر بالانفلات الأمنى، أو على صعيد عجز الموازنة الذى ارتفع بنسبة ضخمة.

وتركز هذه الندوة على محورين، الأول يختص بتقييم حالة الاقتصاد المصرى فى العام الأول للرئيس المنتخب، والثانى يبحث عن الحلول المقترحة للخروج من الازمة، وسنتناول الجانب الاقتصادى بعيداً عن اى استقطاب سياسى، خاصة أنه فى ظل الأجواء التى نعيشها خلال الفترة الراهنة تغيب الحقائق عن الصورة وتتعارض الآراء، فعلى سبيل المثال يعتبر البعض وزير التموين الحالى أسطورة نجاح، فيما يرى البعض الآخر أنه أسطورة فشل.

ونبدأ الندوة بسؤال لممثلى سوق المال هانى جنينة وأحمد أبوالسعد عن تقييمهما لوضع الاقتصاد الكلى، وانعكاساته على سوق المال، وأيضاً عن أهم المتغيرات التى طرأت على البورصة والاقتصاد خلال العام الأول من حكم مرسى.

هانى جنينة: أعتقد أن السوق المحلية مرت بمرحلة استنزاف على جميع الأصعدة خلال العامين الماضيين، وبالاخص خلال العام الأخير – الأول للرئيس مرسى – فأصبحت مثل الشخص الذى يستنزف ما ادخره طوال حياته فى وقت قصير جداً، حيث إن جميع موارد الدولة تتقلص سواء من الغاز أو العملة الصعبة أو الأراضى الزراعية أو حتى الموازنة العامة للدولة.

● «المال»: وهل تعتقد أن ما تم استنزافه خلال الفترة الماضية هو «تحويشة العمر» للسوق المحلية؟

هانى جنينة: نعم أعتقد أنها «تحويشة العمر»، وما أود الإشارة إليه هنا هو تضاعف قيم تحويلات العاملين بالخارج إلى السوق المحلية، والتى قاربت 20 مليون دولار سنويا خلال العامين الماضيين، على الرغم من انها كانت تلامس 10 ملايين دولار قبل ذلك، ومبلغ الـ20 مليون دولار فى ظاهره يعتبر ضخماً، إلا أنه سيستخدم بشكل أساسى فى تمويل عمليات البناء العشوائى التى باتت ظاهرة ترى بالعين المجردة للجميع والتى طالت اجود أنواع الأراضى فى مصر، مما يترتب عليه استنزاف مورد غير متجدد لمصر وهو الأراضي، وذلك فى الوقت الذى تستخدم فيه القوى السياسية العبارات الرنانة عن الوضع الاقتصادى مثل «مصر لن تفلس» إلا أن موارد الدولة الحقيقية مستمرة فى التلاشى.

وارى أن الجمهور العادى لا يشعر بحجم المشكلة، خاصة فى ظل زيادة رواتب بعض موظفى الحكومة بنسب تتراوح بين 15و %20، واضطرت بعض شركات القطاع الخاص لمجاراة الحكومة أيضاً فرفعت رواتب العاملين، فعلى سبيل المثال قامت بعض الشركات التى نقوم بتغطيتها فى البورصة برفع رواتب بعض العاملين بها بنسبة %100، ومن ضمن الشركات التى رفعت رواتب العاملين بها أيضاً المصرية للاتصالات، ومن ثم تضغط تلك الزيادات فى الاجور بشركات قطاع الأعمال العام على موازنة الدولة، ليقترب عجزها من 200 إلى 250 مليار جنيه بعد كان 80 إلى 100 مليار جنيه فى السابق.

تأتى كل المشكلات المذكورة فى الوقت الذى يوجه فيه نصف قيمة ودائع الافراد والشركات لتمويل الحكومة، إلا أننى استبعد تخلف الحكومة عن سداد التزاماتها لسبب بسيط أنها ستتجه لطبع الأموال لسداد ديونها مما سيترتب عليه انخفاض قيمة العملة المحلية.

● «المال»: ماذا تقول المؤشرات الاقتصادية فيما يخص قيام الحكومة بطبع أموال جديدة؟

جنينة: المؤشرات توضح أنه إذا كان هناك طبع أموال جديدة فهو بنسب محدودة، فيوجد ما يسمى باتفاقية الريبو والمتمثلة فى قيام البنك المركزى بشراء اذون الخزانة من البنوك لدعم سيولتها على أن يقوم باسترداد سيولته مرة اخرى من خلال اعادة بيع الاذون، ومن ثم يجب أن يقوم المركزى بطبع أموال جديدة لكى يتمكن من تمويل تلك العملية، فيما تعتبر طباعة مؤقتة وبكميات محدودة، ليست مثل السوق الأمريكية.

وتكمن المشكلة هنا فى أن عدداً كبيراً جداً من بنوك القطاع الخاص بدأت تحجم عن تمويل الحكومة من خلال الاشتراك فى عطاءات أذون الخزانة، ليصبح كل من بنوك: الأهلى ومصر والقاهرة المشاركة الأساسية فى تغطية طروحات اذون الخزانة لتغطية عجز الموازنة، مما قد يدفع الحكومة عاجلا أو اجلا لطبع أموال.

أما عن احتياطى النقد الأجنبى فهو يندثر بالمعنى الحرفى للكلمة، واذا تم تقييمه بعد خصم القروض القطرية ومستحقات الهيئة العامة للبترول التى تترواح بين 5 و7 مليارات دولار سيكون الاحتياطى الأجنبى صفر أو بالسالب على أسوأ الفروض.

يذكر أن الحكومة لا تسدد مستحقات الهيئة العامة للبترول فى شكل من التخلف عن الوفاء بالالتزامات يقترب من مرحلة «البلطجة»، وقد سمعنا كثيرا أن الشريك الأجنبى طالب بسداد مستحقاته بالدولار، فى الوقت الذى ترغب فيه الهيئة فى الدفع بالجنيه المصري.

كما أن هناك قاعدة عامة فى مصر وهى أن نسبة %25 من أى انفاق يذهب للواردات، مما يخلق طلبا بدوره على الدولار، يأتى ذلك فى الوقت الذى لم تنفق فيه الحكومة على مجال التعدين أو التوظيف منذ 3 سنوات، وهو ما يعتبر فى حد ذاته مؤشراً سلبياً جدا فى ظل التزايد المستمر فى البطالة، حيث يجب توظيف حوالى 500 ألف شخص سنويا، وهو الرقم الذى لم يتحقق خلال الـ3 سنوات الأخيرة بل انضمت إليه مجموعة كبيرة من الذين فقدوا وظائفهم بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذى يعنى أن أهم مورد بالسوق المحلية وهو العنصر البشرى يتم استنزافه، على الرغم من عدم وجود بديل له لكى يحمل على عاتقه مهمة التنمية.

وأعتقد أن كل المشكلات التى حدثت فى العامين الماضيين لا يستبعد معها سيناريو ثورة الجياع باى شكل، خاصة أن ما يمنع سكان العشوائيات عن الثورة استفادتهم النسبية من عمليات البناء العشوائى، كما أن معدلات الفقر المتزايدة أدت إلى انتشار المتسولين فى الشوارع بشكل ملحوظ جداً فى الآونة الأخيرة مما ينذر بـ«ثورة جياع».

● «المال»: ننتقل إلى أحمد أبوالسعد.. ما تحليلك لتداعيات تردى الوضع الاقتصادى على سوق المال خلال العام الماضي، وما تعليقك على ما ذكره هانى جنينة بشأن تقييم الوضع الاقتصادى؟

أبوالسعد: أتفق مع هانى جنينة فيما ذكره بخصوص استنزاف الموارد الأساسية للدولة، خاصة فى ظل سرعة استنزاف الموارد فى الآونة الأخيرة، وأود التاكيد على أن هناك طباعة لأموال جديدة بدأت منذ يناير الماضى، ما ظهر فى العديد من الشواهد منها على سبيل المثال، عندما يتم سحب مبالغ ضخمة من البنوك تأتى النقود على أوراق يظهر أنها مطبوعة حديثاً، فضلا عن أن معدلات السيولة فى السوق تظهر أن هناك طباعة لأموال جديدة، بالإضافة إلى اتفاقية الريبو بالطبع، ولكنى أعتقد أن عملية طبع أموال جديدة لم تصل إلى معدلات كبيرة بعد.

وأود أن اشير إلى انخفاض معدل الاستثمار فى البلاد فى ظل أن نسبة الاقراض للودائع اقتربت من %47، ويتم تسليف نسبة %53 من حجم الودائع للحكومة لسداد عجز الموازنة، كما أنه يتم توظيف جزء كبير من القروض البنكية لشركات قطاع الأعمال العام، مما يعتبر اقراضا للحكومة أيضاً، ومن ثم فلا تتعدى النسبة التى يتم توظيفها للتنمية الاقتصادية 20 أو %25 من ودائع البنوك، ما يعتبر فى حد ذاته كارثة، وعلى الرغم من ذلك يوجد بعض البنوك المستفيدة من الوضع القائم، ولكن استفادتها مؤقتة.

● «المال»: وكيف تستفيد البنوك من الوضع الحالى؟

أحمد أبوالسعد: البنوك مستفيدة من ارتفاع هامش ربح الودائع بالنسبة للاقراض الذى وصل إلى 4 أو %4.5، المعدل الذى يعتبر من أعلى النسب مقارنة بالقطاعات المصرفية فى العالم، حيث إن البنوك المحلية تدفع فائدة للمودعين حوالى %8، فى الوقت الذى يتم توظيف الأموال فى اذون الخزانة بعائد %12.5 تقريبا، وذلك بدون أن يحمل البنك على عاتقه عبء الاقراض أو الاستثمار أو التوسع، وقد ظهر هذا الأمر فى نتائج أعمال البنوك خلال العام الماضى.

وأنا لا ألوم البنوك فى سياستها، خاصة أن الأموال التى لديها تخص مودعين، ولكن يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بالتنمية الاقتصادية بشكل أكبر.

● «المال»: قبل الانتقال إلى سوق المال، ما توقعاتكم لمعدلات النمو خلال العام المالى الحالى الذى قارب على الانتهاء؟

أحمد أبوالسعد: %2.4

هانى جنينة: %2 ولكن هذا الرقم يعنى «صفر» بسبب الزيادة السكانية ومن ثم فان الاقتصاد المصرى يحقق معدل نمو %2.2 منذ عامين فلقد سجلنا %2.2 خلال العام الماضي، وإذا ظلت الأوضاع الاقتصادية على ما هى عليه، فسيكون النمو فى العام المالى المقبل بالسالب أى انكماشاً.

أبوالسعد: ولكنى أعتقد اننا ليست لدينا رفاهية استمرار الأوضاع الحالية، بعد انفاق «تحويشة العمر» مما يجعلنى اتوقع أن خط النهاية لما يحدث قريب جداً.

● «المال»: ولكن فى ندوة سابقة لـ«المال» أكدت مجموعة من الخبراء أن التدهور لا نهاية له؟

أبوالسعد: هذا لا يتناقض مع ما اقوله، ولكن لا يزال لدينا أمل.

● «المال»: فلننتقل إلى سوق المال؟

أبوالسعد: على الرغم من كل العيوب فى سوق المال المصرية، وانها ليست بالكفاءة المطلوبة، فإن البورصة عكست بالفعل الوضع الاقتصادى للبلاد، حيث إن أول 3 شهور فى العام المالى الحالى شهدت ارتفاع السوق بمعدل %24 تقريبا بسبب وجود حالة من التفاؤل الكبير بانتخاب أول رئيس بعد الثورة، ولكن للاسف تراجعت السوق بعد ذلك لتفقد حوالى %25 عن المستويات التى بلغتها فى شهر سبتمبر الماضى.

كما أن البورصة سجلت قيم تداولات مؤخرا بـ10 ملايين دولار فى إحدى الجلسات، الرقم الذى لم تصل إليه قيم التداولات منذ 9 سنوات تقريبا، ما يعتبر نتيجة طبيعية لنزوح المستثمرين عن البورصة وخروج العديد من الشركات من السوق، وأيضاً هبط عدد العمليات بالسوق بنسبة %70 تقريبا، كما تراجع متوسط التداول الشهرى بـ%10 تقريبا مقارنة بالعام الماضي، وتراجع نشاط سوق الخارج بنسبة %40، وخسر رأس المال السوقى حوالى 15 مليار جنيه.

وأصبحت سوق المال بلا بضاعة بعد خروج البنك الأهلى سوسيتيه جنرال وموبينيل، واقتراب خروج اوراسكوم للانشاء والصناعة واوراسكوم تليكوم، وظهرت تداعيات كل ذلك فى تصريحات مورجان ستانلى الأخيرة بوضع السوق المصرية قيد المراجعة، بسبب احتمالية خروجها من مؤشر الأسواق الناشئة، ولم ترجع مورجان إجراءها إلى الأوضاع الاقتصادية أو السياسية فى البلاد، وإنما إلى عوامل إجرائية تتعلق بآلية تحويل الأموال من البلاد، وانخفاض السيولة، مما يدل على أن السوق تفقد أيضاً مقومات الكفاءة أو المزايا الضئيلة المتبقية إلى جانب تردى أوضاع الاقتصاد بسبب الوضع السياسى.

وأود أن أشير إلى أن إجمالى حجم الصناديق التى تستثمر بالأسواق الناشئة على مستوى العالم يقترب من 840 مليار دولار، فى حين لا يتعدى حجم الصناديق التى تستثمر بالأسواق غير المصنفة 7 مليارات دولار فقط، مما يعنى أن خروج مصر من مؤشر الأسواق الناشئة لـ«مورجان ستانلى» سيعنى خروج حوالى %99 من الاستثمار الأجنبى فى مصر، بسبب خروجها من خانة الـ840 مليار دولار إلى الـ7 مليارات دولار فقط.

● «المال»: ما أهم القرارات التى أثرت على سوق المال بعيداً عن الأوضاع الاقتصادية؟

أبو السعد: جميع القرارات تقريبا.

● «المال»: ولكن ما القرارات التى كان لها الاثر السلبى الاكبر على البورصة؟

أبوالسعد: الإعلان الدستورى الذى أعطى انطباعاً لدى الأجانب والمستثمرين بأن مصر حادت عن طريق الديموقراطية، فضلا عن قرارات فرض ضرائب جديدة على البورصة، وبغض النظر عن اتفاقنا أو أختلافنا مع الضرائب إلا أن المشكلة الأساسية بها تتعلق بآلية اتخاذ القرار، حيث تم فرض تلك الضرائب دون اى مشاورات مع القائمين على الصناعة.

● «المال»: هل تقصد الضرائب المفروضة بشكل مباشر على سوق المال أم التى فرضت على قطاعات اخرى وكان لها أثر غير مباشر على السوق؟

أبوالسعد: اقصد الضرائب المفروضة على سوق المال، ولكنى اتخيل أن آلية فرض الضرائب فى القطاعات الأخرى تمت بالصورة نفسها أى دون مشاورات العاملين فى المجال.

الجميع يؤيد فرض ضرائب جديدة لزيادة موارد الدولة ولكن مع دراسة الآثار السلبية المترتبة عليها والتى قد تفوق الايجابيات التى قد تنتج عنها، فعلى سبيل المثال لم تتعد حصيلة الضرائب من صفقة البنك الأهلى سوسيتيه جنرال 30 مليون جنيه، على الرغم من أن حجم الضوضاء التى تسببت بها تلك الضريبة يصل إلى 2 مليار دولار.

ويجب أن نتحدث أيضاً عن قرارات «المركزى» المتعلقة بوضع حد اقصى لاستثمارات البنوك بصناديق النقد التى تقتل الابداع، فى صناعة يصل حجمها إلى 70 مليار جنيه.

ومن ضمن القرارات أيضاً قرار 17 مارس الماضى الذى ترتب عليه تأجيل انتخابات مجلس النواب، كما توجد العديد من القرارات التى كان يجب اتخاذها لحماية سوق المال ولم تصدر، حيث إن السوق انتقلت من مرحلة الكبت إلى الدفن.

أنا لم اقصد بقولى أن خط النهاية للأوضاع الحالية قريب جدا، أن السوق لن تهبط مجددا، وإنما لا يزال سيناريو تحقيق البورصة مزيداً من التراجع نحو الهاوية مطروحاً، ولقد حضرت دخول مصر مؤشر الأسواق الناشئة لـ«مورجان ستانلى» فى عام 2001، وحضرت أيضاً تقديم ملف قطر والإمارات لدخول المؤشر نفسه منذ 3 سنوات ومن ثم يستدعى وضع السوق الحالية تكاتف الجميع لإنقاذ البورصة.

● «المال»: وماذا عن رأى هانى جنينة فى القرارات التى أثرت سلباً على سوق المال؟

هانى جنينة: بالطبع الإعلان الدستورى، وتحدث بعض المسئولين عن مخالفات بعض الشركات المدرجة بالبورصة، على الرغم من أن هذه الامور يفصل فيها القضاء.

● «المال»: ماذا يحدث فى الأسواق العالمية حال تصريح مسئول أو حتى رئيس الجمهورية بمعلومات غير دقيقة عن شركات مدرجة فى البورصة؟

هانى جنينة: لقد تخطت الأسواق العالمية تلك المراحل منذ عقود طويلة، فلا يمكننى حتى التفكير باحتمالية حدوث هذا الأمر لديهم.

ولكن من ضمن القرارات المؤثرة على السوق، قرار اختيار الحكومة، وتكمن المشكلة هنا فى عدم وضوح معايير الاختيار، وتجدر الاشارة إلى أنه عندما تم اختيار حكومة تكنوقراط فى عام 2004 صعدت السوق بنسب كبيرة بناء على خبر التعيين فقط دون حدوث انجازات.

● «المال»: أيهما كان له الأثر الأسوأ هل اختيار حكومة هشام قنديل أم القرارات التى تخص السوق أم حركة المحافظين؟

أبوالسعد: ما حدث يوم 7 أكتوبر عندما تحدث رئيس الجمهورية عن إحدى الشركات المقيدة، والذى ترتب عليها هبوط السوق بنسب كبيرة، خاصة أنه لم يحدث قبل ذلك أن يتحدث رئيس دولة عن شركات، وإنما يتحدث الرئيس عن الاقتصاد.

● «المال»: ننتقل لقطاع الطاقة، ونوجه السؤال ليسرى حسان، ماذا حدث فى القطاع خلال العام الأول للرئيس مرسى؟

يسرى حسان: وضع القطاع سيئ خلال الفترة الراهنة، ومن الممكن أن يزداد سوءا فى ظل نقص البنزين والمنتجات البترولية والسولار والبوتاجاز، والمشكلة أن اجراءات التنمية للقطاع تستغرق فترات زمنية طويلة قبل ظهور النتائج.

وأود الاشارة هنا إلى أن معدل استهلاك السولار ارتفع بنسبة %30 خلال العامين الماضيين على الرغم من انخفاض معدلات النمو، وهو الأمر الذى يدل بالتأكيد على وجود عمليات تهريب، خاصة أنه لا يستقيم أن يرتفع الاستهلاك بهذه النسبة الضخمة مع انخفاض معدلات النمو.

إن استهلاك العام المالى 2009 – 2010 كان حوالى 10.5 مليون طن، ثم ارتفع فى العام المالى 2011/2010 إلى 11 مليون طن، ثم وصل إلى 13 مليون طن فى العام المالى 2012-2011، ويقترب من 13.5 أو 14 مليون طن حاليا.

ومن ضمن مشكلات القطاع اننا لا نزال نعمل بنظام الدعم القديم، وأنا شخصياً أؤيد تطبيق الدعم لكن لمن يستحقه فقط، ولا يوجد بلد فى العالم يصر على استيراد السولار بـ7 جنيهات للتر على أن يقوم ببيعه ب1.1 جنيه.

وأعتقد أنه يجب اعادة النظر فى التركيبة السعرية عند رفع الدعم عن أى سلعة، فعلى سبيل المثال عندما تم رفع الدعم عن البنزين 95 ترتب على هذا الأمر انخفاض استهلاكه ليصل إلى اقل من %40، حيث تحول مستخدموه إلى بنزين 92، مما شكل ضغطا عليه، كما قرر بعض مستخدمى بنزين 95 تغيير سياراتهم لموديلات أخرى قابلة لأنواع البنزين الأخرى.

وأرى أنه يوجد بعض الاجراءات التى كان يجب أن تقوم بها الحكومة، مثل اصلاح معامل التكرير المتهالكة، على سبيل المثال معمل اسيوط الذى يعانى مشكلة فنية ممكن اصلاحها بسهولة، علما بأن هذا المعمل يقدم خدمات لعدة مناطق مثل اسيوط والمنيا.

وفيما يخص الاتفاقيات، لدينا فى قطاع الطاقة اتفاقيات موروثة، لم يحدث اى تغير بها، علما بأنه يجب تغييرها لمصلحة الدولة.

وأود الاشارة هنا إلى أنه كان من الطبيعى أن تعود حقول الزيت المنشأة فى الستينيات إلى الدولة بعد 30 عامًا بحد اقصى، ليسترد الشريك الأجنبى أمواله، ولكن فى نهاية التسعينيات وحتى عام 2010 تم تجديد الاتفاقيات، بل تم تحسين شروط بعضها أيضا.

● «المال»: هل يمكن الطعن على هذه الاتفاقيات؟

يسرى حسان: لقد تأخرنا فى ذلك، وأعتقد أنه كان يجب استخدام القوة القهرية لاسترداد تلك الحقول بعد الثورة، ولكن الآن توجد الحلول الدبلوماسية.

يذكر أن مصر اتخذت قرارها تصدير الغاز من دون دراسة كافية لاحتياطى الدولة أو لاحتياجاتها لفترة لا تقل عن 30 عاما، حيث تم توقيع أول عقد لتصدير الغاز عام 2000، رغم أن الإنتاج بدأ عام 1994، فى حين أن هذه الدراسات تستلزم العمل لسنوات اطول من ذلك بكثير، وكان أول عقد لتصدير الغاز ليونيون فينوسا، وكان السعر هو 70 سنتاً للمليون وحدة حرارية فى الوقت الذى كانت فيه مصر تشترى من الشريك الأجنبى بسعر 2.65 دولار، ثم جاء بعد عقد اسرائيل ب1.25 دولار.

● «المال»: هل حدث جديد فى السنة الماضية فيما يتعلق بإنتاج الغاز؟

يسرى: انخفض الإنتاج فى آخر عامين، كما ظهرت مشكلات خاصة اعترضت طريق مشروع إنتاج منطقة شمال الإسكندرية.

ويصل الإنتاج اليومى من الغاز إلى 5.5 مليار قدم مكعب، تستقطع منها الكهرباء 3.5 مليار قدم مكعب، وارى أن انخفاض الإنتاج يترتب عليه تأثير أى توقف ولو لبئر واحدة على الكهرباء بشكل مباشر.

● «المال»: هل تمثل الـ5.5 مليار قدم حصة مصر؟

يسرى حسان: هذا الرقم يمثل إجمالى معروض وإنتاج الغاز، وحصة مصر لا تتعدى %50، ويتم شراء الجزء المتبقى بسعر 2.65 إلى 4.5 دولار من الشريك الأجنبى.

● «المال»: وماذا عن قضايا التحكيم الدولى ضد الحكومة المصرية الذى فرض نفسه بقوة خلال العام الماضى؟

يسرى حسان: لا توجد قضايا تحكيم ضخمة حتى الآن سوى قضية تصدير الغاز لإسرائيل.

● «المال»: وما آخر تطورات التعاقدات مع ليبيا والعراق لاستيراد البترول؟

يسرى حسان: أعتقد أن التعاقدات مع العراق وليبيا بخصوص استيراد الخام متوقفة بسبب الاعتمادات وخطابات الضمان، ولقد قبل الليبيون تصدير مليون برميل شهريا لمصر قريبا.

فيما تم عقد مناقصة مؤخرا لاستيراد الغاز ولم تتم ترسيتها على أحد.

وأود الاشارة إلى أن الهيكل التنظيمى لقطاع البترول لا يزال كما هو بالعقول المدبرة نفسها، وإذا أردنا تغيير القطاع يجب تغيير القائمين عليه.

● «المال»: وماذا عن رؤية أستاذ سمير زلط حول تقييم قطاع الطاقة؟

سمير زلط: أعتقد أن المشكلة الأساسية فى القطاع ألا احد يعلم سبب الازمة، والحكومة لديها فكرة عن بعض الامور وليس كلها، ومن ثم كان يجب أن تستعين الحكومة بأهل الخبرة فى القطاع من غير الكوادر السابقة، خاصة أنه يعتبر مجالاً مغلقاً ولا يوجد كثيرون على علم بخباياه وبكيفية معالجته.

وأرى أن اكبر خطأ قامت به الحكومة هو عدم اختيار كوادر لديها القدرة والحرفية لحل مشكلات القطاع.

● «المال»: وماذا حدث فى العام الأخير من وجهة نظرك للقطاع؟

سمير زلط: لم أشعر بأى فرق فى سياسة ادارة القطاع خلال فترة حكم المجلس العسكرى أو فترة الاخوان، بل على العكس لقد تم تعيين كوادر خلال الفترة الماضية لعلاج المشكلات بالمسكنات على المدى القصير من دون التطرق لحلول جذرية لها.

● «المال»: ننتقل لعمرو صدقى للتحدث عن تقييمه لسياسة الحكومة فى ادارة قطاع السياحة خلال العام الماضي، وما إذا كانت السنة الماضية أسوأ من التى سبقتها أم العكس؟

عمرو: عانى قطاع السياحة منذ اندلاع الثورة بسبب غياب الاستقرار السياسى والانفلات الأمنى خلال فترتى الحكم العسكرى والرئيس مرسى، ولقد كانت لدينا فرصة العمر لدعم القطاع بعد الثورة ولكن لم نستغلها، حيث إن اعجاب الدول الأخرى بالثورة المصرية دفع العديد من المنظمات الخارجية لارسال خطابات لشركات محلية لإبداء رغبتها فى دعم الشركات المحلية، ولكن الانفلات الأمنى حال دون ذلك.

● «المال»: ما القرارات التى صدرت العام الماضى وأثرت سلبًا على قطاع السياحة؟

عمرو صدقى: بعد الانتخابات الرئاسية بدأ مؤشر قطاع «السياحة» الصعود نسبيا، وسادت القطاع حالة من السعادة بعد تعيين حكومة د. هشام قنديل، واختيار هشام زعزوع وزيرا للسياحة، نظرا لمعرفته وخبراته فى التعامل مع القطاع ومشكلاته وإيجاد حلول مقنعة وفورية وفتح أسواق جديدة، ولكن بعد ذلك تم الاصطدام بالواقع والانفلات الأمنى الشديد.

واللافت أنه بعد تشكيل حكومة «قنديل» تم البدء فى استخدام السياحة كدرع للمطالبات فبدأت حوادث اختطاف السائحين والتعرض لهم والتحرش وبعد الإعلان الدستورى بدأ العالم الخارجى يتعامل معنا بمنطق سياسى، حيث فوجئنا بالقرارات الخاصة بمنطقة سيناء التى أدت الى قلق وتخوف بين المستثمرين، حيث إن البحر الأحمر خاصة سيناء من أكبر المناطق المستثمر بها فى «التايم شير».

وفوجئنا أيضا بإعلان الحكومة عن نيتها رفع سعر السولار ومع أننا لا نعترض على هذا القرار ولكن هل التوقيت الحالى مناسب لتطبيقه؟ المنطق يقول إنه لا يمكن زيادة الأعباء وزيادة أسعار الرحلات بـ20 الى %30 خاصة فى ظل الوضع الراهن الذى تنخفض فيه معدلات السياحة والزيارات الى مصر.

وللعلم أنا متأكد من أن جميع الدول حاليا تتنافس بشكل شرس للاستفادة من السياحة بعد ما تأكدت من دوره الإيجابى فى دعم الاقتصاد بما فيها أفريقيا، وذلك على عكس مصر وما يحدث فيها حاليا من إصدار قرارات ضد المستثمر الاجنبى مع ان اغلب تعاملاتنا تتم مع مستثمرين أجانب.

● «المال»: هل توجد قرارات أخرى تم إصدارها خلال العام الماضى أثرت سلبا على القطاع؟

صدقى: ألوم الوزير على عدة قرارات تم اتخاذها حيث إن هدفه كان تحقيق نتائج فورية، الأمر الذى يصعب تنفيذه نظرا للمشكلات التى تؤثر سلبا على القطاع مثل مشكلة الطاقة والتى لا يمكن حلها فورا ولا يمكن تحول جميع الفنادق للعمل بالطاقة الشمسية، فالأمر بتطلب سيولة واستقرارا وخطة متكاملة.

وبرغم الصعوبات التى واجهت القطاع والمستثمرين فإننا واصلنا الاستثمار ولم نسرح عمالة أو نوقف شركات، أملا فى تحسن الأوضاع وتحقيق العوائد، ولكن ما حدث لنا هو حالة من نفاذ الموارد وانخفاضها، الأمر الذى توجهنا معه الى القطاع المصرفى والذى تردد فى الدعم.

أنا مع مبررات القطاع المصرفى فكيف سيقل دعم قطاع وإقراضه فى ظل حالة عدم الاستقرار التى نعيشها وعدم التيقن من رد هذه القروض، خصوصا أن السياحة تعتبر سلعة هشة تتأثر بأى قرار سياسى أو اقتصادى أو أمنى.

إننا نعانى حاليا عدم الأمان، فأنا كمستثمر مصرى فى أوقات عديدة أواجه حوادث سرقة للأتوبيسات السياحية وطلب فدية مقابل الافراج عنها، وقد بذل وزير السياحة هشام زعزوع جهدا كبيرا لفتح أسواق جديدة للنهوض بالقطاع وإنقاذه من كبوته.

● «المال»: ما توجهات الحكومة الحالية بشأن الأسواق الجديدة؟

صدقى: الحكومة وضعت تركيا على قائمة أولوياتها، ولا يوجد مانع لدى أو لدى باقى الشركات من ذلك ولكن لماذا جميع اتفاقيات الوزارة مؤخرا موجهة الى تركيا؟ ولماذا تم فتح المجالات الجوية للطيران التركى فى هذا التوقيت وهو ما يثير علامات استفهام لدينا لم يجب عليها حتى الآن؟

● «المال»: ما تعليقكم على السياحة الإيرانية؟

صدقى: ثمة علامات استفهام عديدة امام الاهتمام المفاجئ بالسياحة الإيرانية، ولكن فى النهاية لا توجد أى موانع بقطاع السياحة على التعامل مع اى دولة واستقبال أى جنسية وهناك ميزات عديدة من فتح كل الأسواق ومنها السوق الإيرانية، خاصة أن ذلك الأمر سيحدث نوعا من التوازن، خاصة أن السياحة الثقافية تعتبر شبه ميتة والسياحة الإيرانية فى الأقصر وأسوان تعنى انتعاش تلك النوعية من الثقافة.

وبحسب معلوماتى فإن الطيران الإيرانى لا يعمل حاليا بسبب الحظر لذلك تم الاتفاق على تبادل السائحين من خلال الشركات العامة مثل مصر للطيران.

وانتقد بشدة ما يتردد حول تأثير السياحة الإيرانية على نشر المذهب الشيعى فى مصر، وأطرح تساؤلا هل السائح الإيرانى ينتظر القدوم الى مصر وسط مجموعة سياحية بالباسبور الإيرانى لتشييع المصريين؟

● «المال»: وهل توجد مشكلة من وجهة نظرك فى نشر التشيع؟

صدقى: المشكلة ليست لدى ولكن المعترضين على تلك النوعية من السياحة يتخوفون من نشر المذهب الشيعى فى مصر من خلال السياحة الإيرانية رغم ان مصر تستقبل جميع السياح دون النظر الى المذاهب أو الديانات.

● «المال»: هل فصل السياحة الإيرانية عن مشروع أسوان أثر سلبا عليها؟

صدقى: لا توجد مشكلة بالنسبة للسائحين لكن لدينا كشركات سياحة، إذ إنه تم اقتصار تلك الرحلات على شركات بعينها سمح لها بالتعامل مع السياحة الإيرانية، وتلك الشركات ذات طابع أمنى نظرا لكونها شركات تابعة للحكومة تخضع لرقابة ومسئولية حكومية الى أن تستقر الأمور ثم يفتح الباب للقطاع الخاص على حد قولهم.

وعلمت أن وزير السياحة الحالى سافر مؤخرا الى كردستان لفتح مجال للتعاون معها نظرا لتوقعات زيادة معدل الانفاق السياحى الكردستانى خلال الفترة المقبلة، الأمر الذى سيخلق نوعا من التوازن، ولكن لابد من الاهتمام بدول أخرى مثل اليابان.

● «المال»: ما تقييمك لقرار اختيار محافظ الاقصر المستقيل؟

صدقى: أرى أنه أخطر وأسوأ قرار ورجع بنا للوراء فبعد حادثة 1997 حاولنا تغيير الصورة وتطبيب الجرح الذى تم الضغط عليه بشدة مع اختيار المحافظ المستقيل.

واعترض بشدة على هذا القرار وأتساءل أين المستشارون ولماذا لم يتم التشاور مع وزير السياحة واصحاب الخبرة قبل القرار غير المدروس، وهو ما أدى الى مغادرة الأجانب المقيمين فى الاقصر من أصحاب المشروعات والمتزوجين من أهل الأقصر والذين كانوا يمثلون رابطة وسفراء لمصر فى الداخل.

واعتقد أن تلك الفئات كانت تمثل الأمل لنا للنهوض واستمرار العمل وبرحيلهم فقدنا جزءا كبيرا من السياحة، وأدى القرار أيضا الى تعليق منظمى الأعمال العالمية نشاطهم فى الأقصر.

● «المال»: هل تمثل السياحة الإيرانية أى مشكلات بالقطاع من وجهة نظركم؟

يسرى عبدالوهاب: أرفض اختزال العمل فى تلك النوعية من السياحة فمن أصل 2200 شركة تقتصر على الشركات العامة فقط أى الشركات ذات المنظومة الأمنية التابعة للحكومة والجميع يعلمها وليست خافية على أحد، أتعجب من التفرقة رغم أن أى شركة سياحية تتبع وتلتزم بالاجراءات الورقية والأمنية نفسها قبل التأسيس وبدء العمل، ولن أنكرها فإن تلك الشركات بصراحة تابعة للمخابرات العامة والأجهزة الأمنية والمسئولين الحاليين.

● «المال»: هل الإجراءات الأمنية تشترط انتماء مستثمرى الشركة لفصيل سياسى محدد؟

عبدالوهاب: نعم تشترط تلك الامور، ولكن الحقيقة أن الشركات التى يسندون اليها مهمة السياحة الإيرانية بها مسئولون سابقون وليسوا حاليين، مثل شركات ذهب ولاكى تورز وشركتين أخريين، ونحن لدينا ايضا الخبرات الامنية التى تؤهلنا للعمل فيها.

ومن واقع خبراتى وعملى بالقطاع لسنوات فإن فكرة السياحة الإيرانية لا تعد جديدة فشركاتنا تستقبل السائحين الإيرانيين من البحرين وغيرها من الدول، وبينهم أشخاص يدينون بـ«المجوسية» ومن لا دين لهم ويتم استقبالهم فى مصر، فالسياحة خير ومنفعة لكل المصريين.

ولابد على الجهات القانونية والتشريعية أن تصدر قوانين وتجرم أى سائح اذا خالف أصول وتقاليد البلاد المعلن عنها، وفى هذه الحالة فقط يمكن عدم الاعتراض على السياحة الإيرانية، وأرى أن مصر تمتلك خبرات وأجهزة أمنية على أعلى مستوى وقادرة على وضع تشريعات تنظم تلك العملية.

أما قصر السياحة الإيرانية على الأقصر وأسوان فعملية خاطئة، لأنها بداية لتقسيم مصر من وجهة نظرى فهل الاقصر وأسوان تقعان خارج مساحة مصر؟

● «المال»: هل توجد قرارات أخرى خاصة بقطاع الطيران تسببت فى كوارث أو مشكلات العام الماضى؟

عبدالوهاب: نعم فقصر السياحة الإيرانية فى التعامل مع شركة مصر للطيران المحتكرة لمطارى القاهرة والاسكندرية وشركة «ممفيس» المملوكة حاليا لرامى لكح منذ شهرين مع شركاء آخرين أثر سلبا على عوائد شركات الطيران الأخرى.

وأود أن أوضح أن وزير الطيران الحالى صرح كذبا مؤخرا بأن رامى لكح اتفق منذ عامين تقريبا على فكرة جلب السياحة الإيرانية الى مصر، فى الوقت الذى نعلم فيه جميعا أن لكح كان هاربا خارج البلاد وقتها، وإن دلت تصريحات الوزير على شىء فإنها تدل على رغبته فى تعمية الاعلام وتنفيذه لتعليمات متفق عليها مسبقا تضر بمصالح شركات الطيران الخاصة فى مصر.

وأود أن أؤكد أن استثمارات شركات السياحة الخاصة ضخمة بشكل كبير، لذلك ليس من المنطقى أن يتم التصريح برغبة الحكومة فى دعم الاستثمارات وفى الوقت نفسه يتم ضرب هذه التصريحات بعرض الحائط وتنفيذ قرارات تدمر الاستثمارات الخاصة وتضر بمصالح الشركات، مثلما كان يحدث فى العصر السابق، حيث تم اغلاق 23 شركة سياحية بعد الثورة آخرها شركة مملوكة لمستثمر كويتى.

● «المال»: هل قصر السياحة الإيرانية على نوعية محددة من الشركات أبرز مشكلات القطاع فقط؟

عبدالوهاب: توجد مشكلات أخرى أبرزها عدم توفير العملة الصعبة وقد طالبنا رئيس الوزراء والبنك المركزى ووزير المالية بتوفير العملة الصعبة ولم يستجب أحد، ونحن كشركات طيران يتحتم علينا دفع قيمة تأجير الطائرات من كبرى الشركات العالمية بالدولار.

وأريد أن أطرح تساؤلا: هل يعقل أن ينتهى حال المستثمر بضبطه فى قضية تغيير عملة فى السوق السوداء ليستطيع مواصلة عمله واستثماره فى مصر؟ هل الحكومة الحالية ترغب فى بهدلة المستثمرين أم دعمهم ومساندتهم؟

● «المال»: ما حجم تأثر أعمالكم خلال العام الماضى مقارنة بمرحلة ما قبل الثورة؟

عبدالوهاب: التدهور يتم حاليا بشكل أسرع، فالوزير الجديد يقدم كل الأسوأ حتى عندما قدمنا له مقترحات اصلاحية تحقق العوائد لـ95 مليون مصرى رفض تحقيقها، نظرا لتضرر 33 ألف مواطن من الشركة الوطنية بتلك المقترحات حال تنفيذها.

● «المال»: المهندس طارق شكرى، رئيس المجموعة العربية للاستثمارالعقارى والسياحة، نائب شعبة الاستثمار العقارى، كيف كانت حالة قطاع العقارات خلال العام الماضى والقرارات التى أثرت سلبا عليه؟

شكرى: القطاع العقارى مختلف عن قطاعات السياحة والطاقة، فهو يمثل 4 ملايين عامل و«بالضرب فى 5» يبلغ 20 مليون عامل وقطاع العقارات يمثل قبل الثورة %16 من الناتج المحلى الإجمالى قبل ثورة يناير مقارنة بقطاع السياحة الذى يمثل من 12 الى %14.

والقطاع العقارى تأثر سلبا ولكن على فترات طويلة وليس بشكل مباشر مثل السياحة وتعرضنا كشركات ومستثمرين للتراجع كثيرا، باعتبارنا من أكثر القطاعات التى هوجمت واضطربت بعد ثورة يناير.

ولكن حدثت طفرة نسبية وتحسن بالقطاع بعد تيقن المواطن من أن أفضل آلية للادخار هى التوجه لقطاع العقارات وليس البنوك التى تلتهم الزيادات السعرية والتضخم أى فائدة مرتقبة وليس بقطاع البورصة الذى ترتفع فيه درجة المخاطر بشكل يعزف العديد عن الاستثمار فيه.

وبحسب تقديراتنا فإنه يوجد 350 ألف وحدة عجز سنوى متراكم، الأمر الذى يعنى أنه لا يزال هناك احتياج حقيقى للاستثمار والادخار بقطاع العقارات، وبعد حالة الترقب خلال 2011 بدأ الأفراد خلال 2012 تحويل المدخرات الخاصة بهم الى القطاع باعتباره افضل الخيارات المتاحة أمامهم.

وأنا أميل الى توجيه الجزء الاكبر من محفظتى المالية للعقار وفى أماكن ومواصفات ومواقع عديدة، وللمستثمر الحرية فى الاختيار خاصة على الوحدات التى يبدأ ثمنها من 200 ألف وحتى مليون جنيه.

● «المال»: ألا يزال «العقار» يحتل المركز الأول فى قائمة الاستثمارات والمدخرات؟

شكرى: هذا حقيقى فلايزال هناك أفراد ومستثمرون يتمسكون بالقطاع مهما حدث من أمور أو تغييرات داخلية، خاصة أن القطاع فى مرحلة من التحسن النسبى حاليا، ولكن مع زيادة أسعار الأرض ومدخلات العمل من مواد بناء من 25 الى %60 ببعض الخامات وأجور العاملين من 30 الى %40 انعكس ذلك على سعرالوحدات النهائية وإن كانت مدة التقسيط زادت، ولكن القيمة المضافة التى سيحصل عليها المستثمر واحدة.

● «المال»: ما تفسيرك لزيادة قيمة الوحدات مؤخرا؟

شكرى: هذا طبيعى، حيث إن ارتفاع أسعار الدولار فى الفترة من ديسمبر حتى فبراير الماضى أدى الى زيادة قيمة فاتورة استيراد الخامات، الأمر الذى انعكس على ثمن الوحدات.

● «المال»: ما القرارات الإيجابية والسلبية التى أثرت على القطاع خلال العام الماضى؟

شكرى: أرى أن العلاقة مع وزارة الإسكان كانت تتسم بحالة تجمد مع المستثمرين بعد الثورة، لأن الوزراء ووكلاء الوزراء كانوا يرفضوا الإمضاء والتوقيع على أى أوراق حتى إن كانت سليمة، تخوفا من حالهم بعد سجن وزراء ومسئولين سابقين فى قضايا عديدة.

ولكن وبعد تضرر المستثمرين والعمالة، عادت الأمور الى مسارها الطبيعى وعاد المسئولون الى رشدهم وتم التعامل مع المستثمر بشكل أفضل، خاصة أنه كان يقبل أحيانا بـ60 الى %70 من حقه.

وأرى أن عدم إصدار اللائحة العقارية حتى الآن أمر يؤرق ويزعج جميع المستثمرين فى القطاع رغم المجهود المبذول فيها وحرصنا على تحويلها الى لائحة تشجيعية وليس لائحة محبطة ومخفضة للاستثمارات.

● «المال»: ما سبب تأخر صدور اللائحة حتى الآن؟

شكرى: اللائحة بها مساحة ضخمة من الجرأة والآليات الميسرة والمنظمة لعملية الاستثمار بالقطاع، ولكن هناك وشاية حدثت من فئات أدت الى عدم اتخاذ قرار التنفيذ النهائى والإرجاء دون سبب مقنع.

● «المال»: ما المشكلات الأخرى التى تعوق تطور القطاع حاليا؟

شكرى: المرافق، فهناك من 10 الى 20 شركة أراضيها بلا مرافق والدولة طرحت تلك الأراضى بالمزاد العلنى وحصلت فيها على أعلى سعر ولكن حتى الآن لم يتم إدخال وصلة المياه الرئيسية للأراضى ومع ذلك تتم مطالبة المستثمر بدفع جميع الأقساط، بالإضافة الى الفوائد.

● «المال»: سمعنا أنكم التقيتم مؤخرا المسئولين للتوصل الى نتائج فى هذا الشأن؟

شكرى: بالفعل قابلنا الوزير مؤخرا وتحدثنا معه ومع جميع المسئولين وتم التأكيد على ضرورة وقف مطالبة المستثمر بالأقساط والفوائد لحين توصيل المرافق اليه وبالفعل تمت الموافقة على هذه المقترحات ولكن لم تفعل حتى الآن أيضا، وأى مستثمر يرفع قضية بهذا الشأن يكسبها، الأمر الذى يعنى حق المستثمر وضرورة مراجعة موقف الحكومة.

● «المال»: هل كلامك يعنى أن القطاع العقارى لا يعيش حالة سوداء مثل قطاعات أخرى كسوق المال؟

شكرى: وضعنا حاليا تحسن مقارنة بقطاعات اقتصادية أخرى،والنشاط العقارى يعد من أكبر القطاعات التى رفعت عوائد الدولة والاقتصاد، فنشاط الإسكان يتميز عن غيره من القطاعات بانه كثيف العمالة وله معدل مرتفع على الاستثمارحيث توجد 100 صناعة مغذية له موزعة ما بين مباشرة وغير مباشرة.

● «المال»: هل معدلات تشغيل الصناعات الأخرى المغذية للقطاع ثابتة أم انخفضت؟

شكرى: نظرا للاحتياج الحقيقى فى الوحدات المقدر بنحو 350 ألف وحدة عجزا سنويا حدثت زيادة فى التوجه الادخارى فى قطاع العقارات، والمستثمر لا يقوم بامتلاك العقار وتجميده ولكن تتم الاستعانة بالصناعات الأخرى المغذية لتشطيبه وتجهيزه لتأجيره والاستفادة منه وخلق قيمة مضافة أخرى أى أن المعدل ثابت ولم ينخفض وإن كان فى زيادة مؤخرا.

وأرى أنه لا يوجد أى مستثمر مصرى أو أجنبى يرغب فى العمل فى ظل مناخ اقتصادى مضطرب غير مستقر لا يأمن فيه على أمواله، فالاطمئنان على حال البلد هو الفيصل النهائى فى تطور قطاع العقارات وغيره من القطاعات الأخرى وزيادة استثماراتهم.

● «المال»: ما التحديات التى واجهت القطاع العقارى خلال العام المالى الذى يشرف على الانتهاء؟

شكرى: القطاع العقارى من أفضل القطاعات التى صمدت خلال الفترة الماضية وشهد تدفقاً للاستثمارات بخلاف القطاعات الاقتصادية الأخرى، رغم البلبة التى حدثت بعد الثورة ضد جميع المستثمرين.

● «المال»: ولكن هناك من استطاعوا استخراج تراخيص للبناء على الأراضى عبر معلومات من داخل النظام ولم يتم التعرض إليهم.. ألا ترى فى ذلك تأثيرًا سلبيًا على أداء القطاع؟

شكرى: أتحفظ على مهاجمة مستثمرى القطاع، خاصة من اشترى أراضى فى منطقة شرم الشيخ وغيرها من الأماكن النائية خلال فترة الثمانينيات بأسعار زهيدة وجازف بأمواله ثم أقاضيه فيما بعد بتهم الفساد، ومع ذلك قد يكون هناك فساد فى فترة النظام السابق وأتوقع أن يوجد خلال الفترة الحالية وقد يستمر فى المستقبل، ولا يجوز فصل القطاع العقارى فى مصر عن المنظومة العالمية، وهنا أشدد على أهمية القطاع فى تدعيم جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى والنهوض بها مثله فى ذلك مثل السياحة، خاصة أن بناء الكيانات العقارية والمحافظة عليها تستغرق الكثير من السنوات مع محدودية عددها فى السوق المحلية، وبالتالى لا تستطيع تكوين أجيال جديدة ذات قيمة وإنتاجية عالية بسرعة.

● «المال»: ولكن ألا ترى أن إجراءات الحكومة ضد مختلف القطاعات الاقتصادية، والتى طال تأثيرها القطاعات الدفاعية مثل الأدوية والغذاء، جعلت من الاستثمار بالعقارات مخزوناً آمناً للقيمة فى الفترة الحالية بغض النظر عن جاذبيته الاستثمارية أو ارتفاع الطلب عليه؟

  • شكرى: تشهد الفترة الحالية هجوماً حاداً على القطاع رغم ما يحققه، والقطاع جاذب للاستثمار بغض النظر عن إجراءات الحكومة.
  • جنينة: اتفق مع «المال» ليس هجوماً على قطاع الإسكان، ولكن النموذج الخليجى على سبيل المثال يؤكد فكرة أن توجيه الاستثمارات نحو قطاع معين دون غيره ليس صائباً، لان ذلك يترتب عليه ضمور باقى القطاعات.

● «المال»: بالعودة إلى المشكلات التى تواجه القطاع العقارى.. هل يمكن تحديد أبرزها فى نقاط محددة، خاصة التى استجد منها خلال فترة تنصيب مرسى رئيساً؟

شكرى: من أسوأ المشكلات التى مر بها القطاع خلال العامين الماضيين بما يشمل الفترة منذ تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة البلاد، تدهور قيمة العمل لدى الموظفين، خاصة أن العقارات من القطاعات كثيفة العمالة تعتمد على العنصر البشرى بشكل قوى، فضلاً عن مطالبات العمال بحقوقهم قبل الوفاء بالتزاماتهم لصاحب العمل مع تخفيض ساعات العمل سواء كانوا مهندسين أو عاملين بسطاء.

وأرى أن تدهور العمالة من أكثر النقاط السلبية التى تضغط على القطاع وتتسبب فى اضعافه، رغم أن الكثير من أصحاب العمل لا يرغبون فى الإفصاح عن ذلك أمام الرأى العام، وهو ما يجب أن يتم اتخاذ قرارات إيجابية حياله.

● «المال»: ما القرارات المطلوب اتخاذها فى الفترة المقبلة فيما يتعلق بالفساد داخل القطاع ؟

شكرى: لا أحد يجرؤ على الدفاع عن الفساد أياً تكن صورته، وأنا أوصى بالتعامل بحزم فى أى قضية فساد.

● «المال»: وبخصوص قضايا البناء على الأراضى الزراعية غير الرسمية؟

  • شكرى: المقارنة ظالمة بين الأراضى الرسمية وغير الرسمية وليست فى محلها، لا يجوز أن تفاضل بين المستثمر الذى اشترى الفدان بـ5 آلاف جنيه على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى على سبيل المثال، ومن اشترى الفدان بـ400 ألف جنيه بالتخصيص ومليون ونص المليون عبر المزاد، لأن ذلك يجعل منظومة سوق العقارات غير منطقية.
  • جنينة: قضايا العقارات الرسمية الخاصة بالبناء على الأراضى التى تم تخصيصها بالأمر المباشر لا يجب فصلها عن قضايا القطاع غير الرسمى واستفحال العشوائيات على الأراضى قرب المدن الجديدة مثل السادس من أكتوبر، مما يحتم تدخل الحكومة لإيقاف هذا الطوفان.
  • شكرى: ورغم أن الحكومة لم تتخذ قرارات سلبية تضر القطاع العقارى، فإنها تباطأت فى إصلاح المناخ الاستثمارى العام، ولم يتم إصدار قرارات ذات أصداء إيجابية فيما يتعلق بمشكلة المرافق فى العقارات الجديدة، ففى الوقت الذى تستمر فيه البنوك فى يتحصيل أقساط القروض والفوائد من المستثمرين، لم تقم الحكومة بمهمتها فى توصيل الموافق لها مما يؤثر على القطاع بشكل سلبى خلال الفترة الحالية.

المشاركون فى الندوة

عن سوق المال

أحمد أبوالسعد

العضو المنتدب لشركة رسملة مصر لإدارة الأصول

هانى جنينة

رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس

الطاقة:

المهندس يسرى حسان

مدير عام شركة فيجاس اليونانية للبترول

سمير زلط

مدير التنمية بشركة فيجاس اليونانية للبترول

السياحة:

عمرو صدقى

نائب رئيس غرفة شركات السياحة، رئيس لجنة التدريب بالغرفة

الطيران:

يسرى عبدالوهاب

العضو المنتدب لمجموعة الطيار، رئيس شركة النيل للطيران

العقارات:

المهندس طارق شكرى

رئيس مجلس إدارة شركة عربية للاستثمار العقارى، نائب رئيس جمعية مستثمرى القاهرة الجديدة