Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (354) أثر العرب فى الحضارة الأوروبية (2)

العقائد السماوية الأديان الكتابية هى أول ما يخطر على البال حين يجرى الكلام على العقائد السماوية التى تلقاها الأوروبيون من تراث الجزيرة العربية، أو من تراث الأمم السامية. لأن الأديان الكتابية الثلاثة : الموسوية والمسيحية والإسلام، ظهرت وانتشرت بين سلالات الجزيرة العربية. ولكن الأستاذ العقاد يعنى هن

فى مدينة العـقاد (354) أثر العرب فى الحضارة الأوروبية (2)
جريدة المال

المال - خاص

12:18 م, الأحد, 27 نوفمبر 16

العقائد السماوية

الأديان الكتابية هى أول ما يخطر على البال حين يجرى الكلام على العقائد السماوية التى تلقاها الأوروبيون من تراث الجزيرة العربية، أو من تراث الأمم السامية. لأن الأديان الكتابية الثلاثة : الموسوية والمسيحية والإسلام، ظهرت وانتشرت بين سلالات الجزيرة العربية.

ولكن الأستاذ العقاد يعنى هنا بالعقائد السماوية- كل ما عرفه الأوروبيون الأقدمون عن السماء وأفلاكها ومداراتها، وسلطانها المزعوم على الأرضين، وطوالعها النافـذة فى جميع الأحياء، سواء ما انطوى من ذلك فى «علم الفلك»، أو تحت عنوان «الكهانة والتنجيم».

فالذى لا خلاف عليه أن العرب نشأوا فى بلاد أصحى سماء وأسطع فضاء عن كافة البلاد الأوروبية، وأنهم لذلك سبقوا البلاد الغائمة إلى رصد النجوم ومراقبة المطالع والمغارب فى القبة الزرقاء.

ووافق علمهم هذا علم المدائن والأمصار التى قامت بين النهرين، إذ من المحقق أن تقسيم الأشهر والأيام كما شاع فى بلاد الكلدانيين والساميين- كان عليه طابع اللغة العربية القديمة، وأن النسىء فى حساب الشهور والأسبوع فى حساب الأيام- كانا من المخلفات السامية فى تلك البلاد، وظلت بقاياه إلى ما بعد الإسلام.

ولا تزال أسماء الأيام الإفرنجية تحمل طابع العقائد «السماوية» كما كان يعتقدها أسلاف العرب المعرفون فى القدم، وتتداولها لغات الغربيين إلى الآن.

ويستشهد الأستاذ العقاد بما جاء بالجزء الأول من «إخوان الصفاء» عن أوائل ساعات الأيام، وأن أوائلها وساعاتها مقسومة بين الكواكب السيارة.

أول ساعة من يوم الأحد للشمس، ومن يوم الاثنين للقمر، ومن يوم الثلاثاء للمريخ، ومن يوم الأربعاء لعطارد، ومن يوم الخميس للمشترى، ومن يوم الجمعة للزهرة، ومن يوم السبت لزحل..

ويوم الأحد فى الإنجليزية « Sunday»- أى يوم الشمس.

والاثنين Monday – أى يوم القمر.

والثلاثاء Tuesday- أى يوم «ثيوز» إله الحرب عند أمم الشمال الأولى، توضحة التسمية الفرنسية Mardi أو يوم مارس، وهو المريخ.

والأربعاء فى الإنجليزية Wednesday- أو يوم «ودين» إله المعارف والفنون عند قدماء التيوتون ، وتوضحه التسمية الفرنسية Mercrediأى يوم عطارد، وهو بالفرنسية Mercure وبالإنجليزية Mercury.

والخميس يعرف فى الإنجليزية باسم Thursday أو يوم «ثور» إله الرعد عند قدماء التيوتون، وتوضحه التسمية الفرنسية Jeudi أى يوم المشترى أو الإله جوبيتر.. ويرجع هذا الاسم إلى اسم «ياهو» الذى يشير به الساميون إلى الله حتى اليوم.

والجمعة فى الإنجليزية Friday- أو يوم الربة فريج Frig – زوجة عطار المقابلة للزهرة فى صفاتها، وتوضحه التسمية الفرنسية Vendredi أو يوم فينوس.

والسبت فى الإنجليزية Saturday – أو يوم زحل Saturn فى تلك اللغة، وحتى اليوم.

***

ويبين من معانى أيام الأسبوع عندهم فيما يضيف الأستاذ العقاد- أن عقائد التنجيم التى أخذوها عن السلالات العربية قد تغلغلت فى شعوبهم الأوروبية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وهى العقائد المرتبطة بالمعيشة اليومية و طوالع الأوقات وسلطان الأفلاك العليا على الأحياء وحوادث الأيام.

وقد اصطبغت حياتهم العاطفية بما تلقوه من أسماء تلك الأرباب وخصائصها، فشملت الشعور بالقداسة وبالغضب وبالحب والغرام والجمال.

فاسم الإله الأكبر Jove أو jehova – مأخوذ من اسم «ياهو» كما يجرى على ألسنتنا إلى اليوم.

وإله الغضب والحرب عندهم Mers وهو تصحيف ظاهر لكلمة المريخ.

وربة الحب أو العذراء الفاتنة «فينس» تصحيف لكلمة «بنت» السامية.

واخذوا ادونيس Adonis إله الفتوة والجمال «أدوناى» بمعنى السيد أو الرب عند الكنعانيين.

فهم قد مزجوا معيشتهم اليومية وحياتهم العاطفية بعقائد السماء التى تلقوها عن السلالة العربية، وقد بقيت فى لغاتهم إلى اليوم عشرات الأسماء العربية للكواكب والمصطلحات الفلكية كما هى أو بتحريف قليل.

(2) آداب الحياة والسلوك

كانت المدرسة الكبرى المعنية بآداب الحياة والسلوك، هى مدرسة شرقية فى أصولها : وهى مدرسة الرواقيين.

وكان رأس هذه المدرسة «زينون»- من أصل كنعانى أو فينيقى، وكان من أقطابها من ولد فى «صيداء» ومن ولد على ضفاف نهر العاص أو نهر دجله.

وكان لهذه المدرسة شأن جليل فى الثقافة الإغريقية ثم فى الثقافة الرومانية ثم فى المدرسة الأفلاطونيه التى نشأت بالإسكندرية، وبقى لها هذا الشأن فى تفكير الأوروبيين وآداب سلوكهم إلى عصور النهضة والإصلاح الدينى. فكانت الفلسفة الرواقية هدى لطلاب الإصلاح فى طلب الكمال والسعادة وطلب الحكمة العملية فى الحياة.

وحسبك شاهدًا على أثر هذه المدرسة، الأعلام الذين كانوا من أتباعها، واتساع نطاقها وطول بقائها والنمط الرواقى فى الحياة الذى لا يزال الأوروبيون يعتبرونه قدوة الرجل الكامل.

أما فى الأخلاق، فإن مناط الأخلاق المثلى عندهم ضبط النفس، وتربية الإرادة، واجتناب المطامع والشهوات.

وليس من العسير تعليل هذه النزعة الرواقية أو هذه الفلسفة العربية القديمة لأنها تنبعث من مصادر ثلاثة: سلطان القبيلة، وسلطان الدين، وسلطان الدولة والنظام.

فالقبيلة تفرض على أبنائها حياة الصبر والشطف والمحافظة على التراث القديم، وتجعل كل فرد منهم مسئولاً عن القبيلة بأسرها.

وسلطان الدين والكهانة، لا يفترق عن المراسم والآداب التى تلتزم فى آداب المعيشة وآداب السلوك، ويتعرض الخارج عليه لخطر جسيم يضارع خطر «الخلع» من حظيرة قومه!

أما سلطان النظام والقانون، فيتمشى مع سلطان الدين، فى الدولة المهيبة، ويقوم على ركنيين من وشائج العصبية وفرائض العبادة.. ويقومان على الحاسة الموروثة فى عنصر النسب، وعلى العقيدة المستقرة فى الضمير.

فإذا اتفقت هذه المصادر الثلاثة على إنشاء مدرسة من مدارس الحكمة، فلن يكون عجيبًا أن تنشأ هذه المدرسة على مثال الرواقيين، حالة كون نشأتها بين السلالات العربية مفهومه قريبة التعليل.

جريدة المال

المال - خاص

12:18 م, الأحد, 27 نوفمبر 16