Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (353) أثر العرب فى الحضارة الأوروبية (1)

أول صدور هذا الكتاب، كان سنة 1946، وأصدرت دار المعارف طبعته الثانية سنة 1960، وأصدرت بعد ذلك أكثر من طبعة، كما نشرته نهضة مصر سنة 2003، وأُعيد نشره بالمجلد العاشر للمجموعة الكاملة لمؤلفات العقاد بيروت. وذكر الأستاذ العقاد فى تقديمه للطبعة الثانية سنة 1960، أنه تناهت إلى علمه منذ ظهرت الطبعة الأولى

فى مدينة العـقاد (353) أثر العرب فى الحضارة الأوروبية (1)
جريدة المال

المال - خاص

11:48 ص, الخميس, 24 نوفمبر 16

أول صدور هذا الكتاب، كان سنة 1946، وأصدرت دار المعارف طبعته الثانية سنة 1960، وأصدرت بعد ذلك أكثر من طبعة، كما نشرته نهضة مصر سنة 2003، وأُعيد نشره بالمجلد العاشر للمجموعة الكاملة لمؤلفات العقاد بيروت.

وذكر الأستاذ العقاد فى تقديمه للطبعة الثانية سنة 1960، أنه تناهت إلى علمه منذ ظهرت الطبعة الأولى مراجع كثيرة فى موضوعه لم يكن قد اطلع عليها. كما ظهرت فى المكتبة الأوروبية مئات من كتب البحث والرحلة تزخر بالمعلومات الجديدة عن الشرق العربى القديم والحديث.

ومع تقرير الأستاذ العقاد أنه بعد المقابلة بين المراجع الحديثة والمراجع التى اعتمد عليها من قبل، لم ير اختلافًا فى النتيجة مع الزيادة المضافة فى المعلومات ومصادرها المتعددة، وهو يعنى بالنتيجة قوام البحث وما انتهى إليه من أثر العرب فى هذه الحضارة، ولكنه يوضح وبذات التقديم أن المراجع الحديثة أضافت، فيقرر أنها زودته فى العصور التاريخية بالبراهين التى كانت تعوزه لتقرير بعض الحقائق والخروج بها من دائرة الظن والاستنتاج المعقول.

ويتمثل بأنه منذ أربعين سنة؛ أى فى أوائل القرن الماضى، كان المستشرق الإسبانى «بلاسيوس» يظن أن الشاعر الإيطالى دانتى اليجيرى- قد استمد وصفه لمناظر الجحيم والأعراف والفردوس من الكتب الإسلامية التى تتكلم عن البعث والمعراج، وهو يشير إلى سبق أبى العلاء المعرى إلى هذا الضرب من القصص فى «رسالة الغفران»، ويبنى ظنه- أو ترجيحه- على التشابه بين الأوصاف العربية والأوصاف التى ترددت فى الكوميديا الإلهية لدانتى.

ولكن الدراسات الأخيرة أثبتت وجود هذه الأوصاف العربية فى المكتبة اللاتينية والإيطالية التى كانت متداولة فى أيدى المثقفين من الإيطاليين فى حياة «دانتى»، وذكر الدكتور محمد عوض محمد فى محاضرة ألقاها بمؤتمر أندية القلم فى مدينة طوكيو من سنتين (أى نحو عام 1958)- أنه عثر على هذه «الحلقة المفقودة» طبقًا لعنوان الترجمة اللاتينية والفرنسية القديمة والإيطالية، وأنه كانت بقصر الملك «ألفونسو»، (الأذفنش فى الصياغة العربية) بإشبيلية، والذى كان يعتبر نفسه ملكًا مزدوجًا للمسلمين والنصارى على حد سواء. ففى حوالى عام 1264 م قام الطبيب اليهودى «إبراهيم الفقين» بترجمة قصة المعراج المتداولة بين الناس إلى لغة «قشتالة»، وقد فقدت هذه الترجمة، غير أن العالم الإيطالى «بونا فنتورا» (1221 – 1274)- تولى ترجمة النص الإسبانى إلى اللغتين اللاتينية والفرنسية ووجدت نسخ من هذه الترجمة فى أكسفورد وباريس والفاتيكان، وقد نشرت هذه النصوص فى وقت واحد بواسطة الأستاذ «تشيرولى» فى إيطاليـا والأستاذ «مونيوز» فى إسبانيا، ولم يكتف كلاهما بنشر النص القديم الذى يرجع إلى عام 1264 م- أى العام السابق لميلاد «دانتى»- بل تحدثا أيضًا عن أثره فى كتابه الكوميديا الإلهية. وقد أورد الأستاذ «جبرييلى» أدلة عديدة تثبت أن هذه الترجمات كانت متداولة وفى متناول الكُتّاب بوجه خاص، ومن هذه الأدلة قصيدة من معاصر لدانتى يشير فيها صراحة إلى محمد وقصة المعراج.

ويعود الأستاذ العقاد فيؤكد أن المعراج الحديثة وإن لم تغير قواعد الفكرة الغالبة التى شرحها فى الطبعة الأولى للكتاب، إلاَّ أنها استحدثت توكيدًا لها وأدلة عليها، وأنها لا تزال تتجه كل عام إلى مزيد من التوكيد والتثبيت.

وهذا باختصار هو العقاد!
أما الشق الآخر من الكتاب، عن أثر الحضارة الأوروبية فى العالم العربى الحديث، فإن شواهداها واضحة للعيان يومًا بعد يوم.

والعالم العربى يتقدم فى الاستفادة من حضارة الغرب، ويخرج من محنة الخضوع السياسى للدول الغربية بكيان مستقل وحياة ثقافية تُنْسب إليه وتوشك أن تسلك به مسلك المناظرة لأمم الغرب فى ميادين الأدب والفن، ومسلك الإقتداء الناجح فى ميادين العلم والصناعة.

من هم العرب؟

بهذا الفصل أو التساؤل، يبدأ الأستاذ العقاد كتابه، ويجيب بأن أمة العرب أقدم من اسمها الذى تعرف به اليوم، لأنها على الأرجح أرومة الجنس السامى الذى تفرع منه الكلدانيون والآشوريون والكنعانيون والعبرانيون وسائر الأمم السامية التى سكنت بين النهرين وفلسطين وما يحيط بها من بادية وحاضرة، وقد تتصل بها الأمة الحبشية بصلة النسب القديم مع اختلاط بين الساميين والحاميين. ( نسبة إلى سام وحام إبنى نوح عليه السلام ).

ويدعم الأستاذ العقاد رأية بأن هذه الأمم كلها تتكلم بفرع من فروع لغة واحدة هى أصل اللغات السامية، ويدل على تلك اللغة اشتراك فروعها فى بنية الفعل الثلاثى الذى انفردت به بين لغات العالم بأسره، وتشابه الضمائر والمفردات وكثير من الجذور والمشتقات، فضلاً عن التشابه فى ملامح الوجوه وخصائص الأجسام.

وأضاف أنه إذا كان لهذه الأمم أصل واحد، فالأرجح والأدنى للتصور أنه يرجع إلى الجزيرة العربية، لأسباب كثيرة عنى الأستاذ العقاد بإيجازها.

أما الرأى الآخر الذى كان من أشهر القائلين به الأستاذ «جويدى الكبير» العالم الإيطالى المعروف، والذى يعزو الأصل إلى بلاد مخصبة كثيرة الزروع والأنهار، فإنه رأى ضعيف لا يقوم على حجة ناهضة، ولا تؤيده حالة الجزيرة العربية التى تدل عليها الكشوف فى طبقات الأرض وعلم الأجناس، والتى تدل على أن المروج الفيحاء والبقاع المخصبة لم تكن مجهولة قط فى جنوب الجزيرة، ولا فى جوانبها الشرقية الشمالية عند البحرين ووادى اليمامة، وهى البقاع لتى مَرّ بها المهاجرون من قديم الزمن.

وقد تبين من الكشوف العلمية الأخيرة- فيما يذكر الأستاذ العقاد أن الجزيرة العربية قد تعرضت لأدوار الجفاف وطوارئ الزلازل منذ عصور موغلة فى القدم.

وعلى هذا يصح اعتبار سلالة العرب الناشئين فى جزيرتهم الأولى- قد سكنت أواسط العالم المعمور منذ خمسة آلاف سنة على أقل تقدير، وأن كل ما استفاده الأوروبيون من هذه البقاع فى هذه العصور- هو تراث عربى أو تراث انتشر فى العالم بعد امتزاج العرب بأبناء تلك البلاد.

وليس هذا التراث بقليل.

لأنه يشتمل على كل أصل عريق عند الأوروبيين فى شئون العقل والروح وأسباب العمارة والحضارة، وهى (1) العقائد السماوية و(2) آداب الحياة والسلوك و(3) فنون التدوين والتعليم و(4) صناعات السلم والحرب وتبادل الخبرات والثمرات.

جريدة المال

المال - خاص

11:48 ص, الخميس, 24 نوفمبر 16