Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (349).. الإسلام فى القرن العشرين (10)

(2) مهدى السودان من علامات التوقع فى العالم الإسلامى فى أواسط القرن التاسع عشر، بعد الاصطدام بغزوات الاستعمار التجاوب السريع بين بلدان المسلمين لكل خبر من أخبار الدعوات والحركات العامة، وبخاصة ما كان من أخبار الثورة والتغيير. ويشير الأستاذ العقاد إلى أنه لم يكد داعية البابية يلقى مصرعه، حتى تسامع

فى مدينة العـقاد (349).. الإسلام فى القرن العشرين (10)
رجائى عطية

رجائى عطية

12:25 م, الأحد, 20 نوفمبر 16


(2) مهدى السودان

من علامات التوقع فى العالم الإسلامى فى أواسط القرن التاسع عشر، بعد الاصطدام بغزوات الاستعمار التجاوب السريع بين بلدان المسلمين لكل خبر من أخبار الدعوات والحركات العامة، وبخاصة ما كان من أخبار الثورة والتغيير.
ويشير الأستاذ العقاد إلى أنه لم يكد داعية البابية يلقى مصرعه، حتى تسامع بهذا المصير مسلمو الهند، وأفريقيا الشرقية والوسطى على وجه الخصوص، فهى قديمة الصلة ببلاد إيران حيث كان الباب، ولم تنقطع عنها أخبارها منذ صدر الإسلام، وترجع هذه الصلة إلى ما قبل البعثة المحمدية.
ويورد الأستاذ العقاد أن أقوى من تصدى للقيام بالرسالة المهدية بعد الباب «محمد أحمد» الذى اشتهر باسم المهدى السودانى. وكانت دعوته باسم الإمام الثانى عشر الذى يترقبه الشيعة الإماميون. وقد نشأ بين أهل الطريق وقرأ أشراط الساعة فى كتب محيى الدين بن عربى، واطلع على أقوال ابن حجر والسيوطى من أن من هذه العلامات خروج صاحب السودان.
فلما انهزمت الدعوة المهدية فى إيران، تهيأت الأذهان فى البلدان الأخرى لقبول دعوة غيرها يكتب لها النجاح.
وينتسب المهدى إلى الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، ويقال إن أجداده الأقربين أقاموا فيما يذكر الأستاذ العقاد بإقليم المنيا زمنًا بعد مقامهم إلى جوار الفسطاط ثم انتقل بعضهم إلى بلاد النوبة، ثم استقروا فى «دنقله»، ثم انتقل أبوه عبد الله إلى الخرطوم حيث عمل بصناعة السفن، وتوفى بقرية «كررى» إلى جوار أم درمان.
وولد لمحمد أحمد، سنة 1845، ابنه محمد، وجعل يطيل التفكير فى تلاقى اسمه مع اسم الرسول ﷺ، وفى المشابهة بينه وبينه فى اليتم، وأخذ نفسه فى الرياضة الصارمة واجتناب الملاهى، وكانت صرامته مثار خلاف مع أستاذه الشيخ محمد الشريف أحد مشايخ السمّانية، فأنكر عليه ما كان يسمح به لبعض مريديه فى الاحتفال بختان أبنائه، وأفضى ذلك إلى مفارقته، فلاذ بشيخ آخر من شيوخ الطريق بجزيرة «أبا» إلى أن استقل بالمشيخة وقد ناهز الأربعين.
وبعد وقائع بينه وبين جنود الحكومة، ثم له الظفر بالحملة المعروفة باسم «حملة هكس»، وكانت بريطانيا تعوق مصر عن إمدادها، واتخذت من الحملة موقفًا معارضًا أبرق به اللورد جرانفيل من لندن إلى القاهرة، واشتد الخلاف، واستبد «هكس» برأيه ووقع جيشه فى كمين إثر كمين، ثم فوجئ بضعفى عدده من الدراويش، وقواته فى غاية الجهد من العطش والجوع، وبلغ عدد القتلى من الحملة المصرية نحو عشرة آلاف.
وكانت هذه الكارثة ذريعة- فيما يقول الأستاذ العقاد لإكراه الحكومة المصرية على إخلاء السودان، وانحصرت القوة التى رفضت الإخلاء بقيادة «غوردن» فى مدينة الخرطوم، حيث اضطرت المدينة بعد اليأس من النجدة إلى التسليم.
وعاش القوم ردحًا من الزمن يترقبون ظهور المهدى المنتظر، ويتخيلون أنهم يلمسون حولهم أشراط الساعة من سوء الأحوال وعموم الفساد وغلبة الكفر على الإيمان.
ويبدو أن صاحب الدعوة قد توطدت فى نفسه- فيما يقول الأستاذ العقاد- الثقة برسالته مما عاينه حوله، فأكثر من إرسال الكتب إلى الملوك والأمراء، وحرّم على أتباعه الحج اكتفاءً بالحج إلى مقامه، وترديده أن الله تعالى جعل له على المهدية علامة، وجعل له علامة أخرى منها راية من نور تكون معه فى الحرب، وقد ذكرنى ذلك شخصيًا بما كان يفعله البدر ابن الإمام أحمد باليمن، من مزاعم وتشبيهات جعل يلفقها على هذه الشاكلة.
وجعل يدعى أن «سيد الوجود» صلى الله عليه وسلم- أخبره يقظة أنه خالٍ من مواقع الجنون أو الندم أو الجذب أو السكر، وأنه متصف بصفات العقل يقفو أثر «سيد الوجود» عليه الصلاة والسلام فيما يأمر به وينهى عنه، ولا يفتأ يذكِّر الناس أنه من نسل الرسول من جهة أبيه وأمه، وأنه ينتسب إلى الحسين رضى الله عنه.

(3) القاديانى
وكان من أسباب ذيوع أخبار مهدى السودان فى البلاد الآسيوية، ولا سيما الهند والصين، أنه هزم القائدين «هكس» و «غوردن»، فلما قُتل هذا فى حروبهما مع مهدى السودان، طارت الأنباء بالوقائع حتى خشيت حكومة بريطانيا العاقبة ولم تكن قد هدأت بعد عقابيل الثورة الهندية سنة 1857 فكان عاملاً على الأرجح لعطفها على الحركة القاديانية الهندية، والتى تنادى بوجوب الجهاد بالإقناع والبرهان، وإسقاط فريضة الجهاد بالسيف، بما استتبع انصراف القوم عن تصديق مهدى السودان.
وقد كان مولد «ميرزا غلام أحمد القاديانى» سنة 1839 م، ببلدة «قاديان» وإليها يُنسب، من أسرة عريقة آلت إليها الأمور بعد الثورة، وتلقى تعليمًا فى مكتب القرية، وشب يسمع عن كرامات أبيه ومنها أنه كان يعرف المولود قبل ولادته ويسميه، ونشأ منقبضًا جانحًا إلى العزلة ومطالعة الأسفار القديمة من كتب الشيعة والسنة والأديان، ويقال إنه لقى فى سياحاته من أنبأه بموافقة أحواله وأحوال زمنه لعلامات المهدى المنتظر، ولم يقتصر فى علاماته على الكتب الإسلامية فجعل يلجأ إلى أسفار العهد القديم، وإلى كتب المجوس، وجعل يقول إنه هو صاحب الزمان الموعود.
وقد زعم أيضًا أنه المسيح المنتظر، وألّف كتابًا سماه «البراهين الأحمدية»، وفسر ظهور المسحاء بعد الإسلام بأنهم هم الأولياء ورثة الأنبياء، وادعى أنه مجدد القرن الرابع للهجرة.
ومدار القاديانية، فيما يورد الأستاذ العقاد، التوفيق بين الأديان وتدعيم السلام بين الأمم.
وفى كلام القاديانى ما يشبه القول بالحلول.. فهو يتلبس بروح السيد المسيح وروح كرشنا رب الخير عند البراهمة، كما يتلبس بأرواح غيرهم من الصالحين.
وحين توفى القاديانى سنة 1908، انقسم أتباعه إلى فريقين : الأحمدية ويؤمنون بإمامته ولا يؤمنون بنبوّته، والقاديانية وهم القائلون بنبوّته، وينكر هؤلاء قراءة وَرش ويتشبثون بقراءة حَفص عن طريق عاصم.
ويبدو فيما يقول الأستاذ العقاد، أن الفرقة القاديانية كانت أقرب الفرقتين إلى هوى الدولة البريطانية، لأنها لم تكن تعارض الحكومة ولم تتورع عن اشتراط الطاعة لها على من يدخلون فى زمرتها.
ويعتذر أصحاب هذه السياسة برعاية الضرورة، والتوسل بسلطان الدولة إلى تيسير الدعوة، ولكن سياستهم قوبلت بالنقد الشديد من أتباع القاديانى أنفسهم بعد نهضة الاستقلال وقيام الدعوة إلى نصرة الخلافة. وكان لهذا الانقسام السياسى أثره الأكبر فى تفرق أتباع الطائفة إلى أكثر من فريقين، وهم جميعًا لا يزيدون على مائة ألف أو نحوها، ولهم رغم هذا التفرق إيمان وثيق يصدق دعوتهم، ودأب كبير على نشرها فى العالم بمختلف اللغات.

Email: [email protected]
www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

12:25 م, الأحد, 20 نوفمبر 16