Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (338).. المرأة فى القرآن (13)

(13) مشكلات البيت الأسرة فيما يستهل به الأستاذ العقاد هذا الفصل، وحدة اجتماعية تحتاج إلى نظامها الخاص لجمع شملها، وإصلاح شئونها، وحل ما تواجهه أو يطرأ من مشكلات تعرض لأعضائها. بيد أن الأسرة أحوج من سائر «الوحدات» الأخرى، إلى الدقة والحكمة فى نظامها الخاص الذى يتعين أن يناسبها دون غير

فى مدينة العـقاد (338).. المرأة فى القرآن (13)
رجائى عطية

رجائى عطية

10:56 ص, الخميس, 3 نوفمبر 16

(13) مشكلات البيت

الأسرة فيما يستهل به الأستاذ العقاد هذا الفصل، وحدة اجتماعية تحتاج إلى نظامها الخاص لجمع شملها، وإصلاح شئونها، وحل ما تواجهه أو يطرأ من مشكلات تعرض لأعضائها.

بيد أن الأسرة أحوج من سائر «الوحدات» الأخرى، إلى الدقة والحكمة فى نظامها الخاص الذى يتعين أن يناسبها دون غيرها.

فهى- مثلاً- غير الشركات التجارية التى لها نظائرها فى نشاطها وسبل تسييرها، أو غيرها من الوحدات المختلفة التى لا تعدم النظير المتشابه فى النظام والنشاط وسبله، أو الأسرة فلا ينفعها أن تعول فى نشاطها على نظائر قد تختلف معها فى الظروف الخاصة، على علاقات يفصل فيها القضاء أو الشرطة أو الهيئات والمرافق، ولابد لها من نظام يغنيها عن تحكيم القانون وأدواته.

ذلك أن الوفاق والخلاف يدوران فى الأسرة على دخائل النفوس ولفتات الشعور، ولذلك فقد ينشب الخلاف فى لحظة وينتهى فى لحظة، وقد يطول نسبيًا على غير التقادير المعتادة. ومن ثم لا غناء للأسرة عن نظامها الخاص الذى يوافقها وقد لا يناسب غيرها.
* * *

وقد رأينا الأستاذ العقاد يلاحظ فى كتابه «الفلسفة القرآنية».. أن القرآن قد أقام النظام والفارق بين الجنسين على أساسين يقيمانه : الاستعداد الطبيعى، والتكاليف الاجتماعية.

ونفهم هذا حينما نرى أن نظام الأسرة باق مع بقاء الولى الذى يتولاه، وهو مسئول فى ذلك عن رعيته، وله كذلك الحق على أبنائه وبناته الصغار فى الإرشاد والتوجيه وفى العقاب أيضًا للعدل والإصلاح، مع الإقرار بأنه لا يوجد آباء مثاليون ولا أبناء مثاليون.

وهذا هو بعينه مناط الحق فى أمر الزوج والزوجة فى شأن نظام الأسرة، فلا يوجد زوج مثالى مثلما لا توجد زوجة مثالية، وليس كل منهما على صواب فى كل الأحوال، بيد أن الصواب يجب أن يكون فى كل حال لهذه الوحدة الاجتماعية ونظامها، ولابد لهذا النظام من رئيس يتولاه.

فالخيارات المطروحة أمام الخلاف لا تخرج عن خيارين مكروهين، تداخل الشرطة أو القضاء، أو انطلاق المرأة من بيتها. والمنطق المقبول فى إطار الوحدة الاجتماعية أن يتولى عائل البيت تدارك الخلاف فى أحضان البيت.
وأسلم الخطط الثلاث، وأقربها للواقع والمعقول، هى خطة القرآن.. جمعتها آيتان من سورة النساء. يقول تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» (النساء 34، 35).

فالنصيحة الحسنة أول سبل علاج الخلاف، فإن أخفقت كانت القطيعة بالمنزل دون الانقطاع عنه، ولا انتقال للثالثة- وبدون إيذاء- إلاَّ إذا أخفقت الوسيلتان الأولى والثانية، فإن خيف الشقاق فالتحكيم بين الأقربين من الطرفين.

ولا يلتفت البعض إلى الضمان المقرر للزوجة لدفع «نشوز» زوجها إذا خشيت إعراضه، فيقول القرآن الكريم : «وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» (النساء 128)، وتعطف الآية التالية إلى التنبيه إلى صعوبة العدل بين النساء مع الحرص عليه، وتقول للرجال «فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا» (النساء 129).

ولا يفوت الأستاذ العقاد خطأ تقدير بعض المفسرين أن القطيعة والهجر يكونا بما يروع المرأة من الإيلام الحسى وفوات المتعة. بل إن حكمة القرآن الكريم أبلغ من ذلك وأنفع فى إزالة الخصومة الزوجية بتذكير بدواعى تعميقها وإصلاحها.

وقد أخذ الأستاذ العقاد هنا وفى عبقرية محمد ـ أخذ على الأستاذ رشيد رضا تفسيره فى كتابه «نداء للجنس اللطيف»، ورأى أنه أخطأه المراد الدقيق فى هذه المسألة التى أرى شخصيًا أن تركها لما بين الزوجين ومشاعرهما وفهمهما المشترك، أجدى وأصلح وأحكم من تفاسير من قد لا يحسنون فهم العلاقة وتفاعلاتها بين الزوجين، فتذهب بهم أفهامهم أو صياغاتهم إلى ما يضر ولا ينفع، بل ويحرك أفكارًا لا يقرها العصر وطبيعة السكن والعشرة، ولم يقصدها القرآن الحكيم الذى تغيا إزالة الشقاق لا تأجيجه !

(14) القرآن والزمن

يبدأ الأستاذ العقاد هذا الفصل قائلاً :

«بقى القرآن الكريم فى العالم الإسلامى نحو ألف وأربعمائة سنة قوة عاملة يعتصم بها فى إقباله وإدباره، وفى عزته وانكساره، بل كان هو القوة العاملة التى نفعته حين فارقته جميع القوى التى تنتفع بها الأمم، فكان له قوة تعينه على التقدم والنماء كما كان له قوة تعينه على الثبات والمقاومة. وابتلى المسلمون فى أيام ضعفهم بسطوة الطامعين فيهم، وعداوة القادرين عليهم، فلا تعرف دولة من الدول الطاغية المتغلبة لم تفتح بلدًا من بلدان المسلمين، أو تدخله بالحيلة والمكيدة، ولا تعرف لهذه البلاد المغلوبة قوة تعوذ بها، وتأبى عليها أن تسلم بالهزيمة، وتنهضم فى جوف الدول المحيطة بها، غير إيمانها بهذا الكتاب : إن الإيمان بالقرآن وقبول الخضوع لغير رب العالمين، نقيضان لا يجتمعان فى قلب إنسان..

«ونحن اليوم ننظر إلى الدول الغالبة، فلا نرى لأبنائها حيرة أشد من حيرتهم فى البحث عن الإيمان الموجه، والعقيدة الراجية : كلهم يريدون أن يستقروا على أمل فى الحياة، وعلى فكرة واثقة بالعمل الصالح، والرجاء الموفق، والسعى المطمئن إلى هداه، وإلى المصير وإن كان لا يراه، وعندنا نحن هذا الإيمان الموجه وهذه العقيدة الراجية : عندنا الإيمان متأصلاً، والعقيدة ناجية من تجارب الزمن، مختبرة بالمحن والشدائد، صالحة لكل أمس، كان فى يوم من الأيام غدًا مجهولاً، قبل أن يماط عنه حجاب الغيب، صالحة لكل غد نستقبله ونجهله اليوم، ولكننا لا نجهل أن الإيمان فيه قوة وأن ديننا يمنحنا تلك القوة، وإننا على سنة القصد- على الأقل- حين نفيد مما فى أيدينا ولا ننبذه جزافًا لنبحث عن سواه، وقد جرب غيرنا سواه حيث اضطرته فاقة العقيدة إلى التجربة المجهولة، فإذا هو فى طريق العقيدة على غير اعتقاد، وإذا هو يشد الرحال ليبحث عن الزاد، ولا رحلة بغير زاد.

«لقد كان هذا الدين حافظًا لنا فى أمسنا، فما لنا لا نحفظه فى يومـنا وغدنا ولا شـطط ولا مشقة ؟ وماذا ينكر اليوم أو الغد منه، وهو يسير معه حيث سار. ويمده من قوة ويسدده من عثار ؟
«إنه دين رب العالمين.. إنه دين إنسان العالمين ! دين الإنسان الذى يستقبل ربه حيث يكون، وحينما يكون، فأين ولَّى فثمًّ وجه الله، ومتى ولَّى فثمًّ وجه الله، وثمًّ رب العالمين، رب كل أرض وكل سماء وكل منزل وكل حين.

إن (إنسان العالمين) يعيش اليوم كما عاش بالأمس، بل يعيش فى يومه الحاضر أكثر مما عاش فى أمسه الدابر، لأن الأمس قد كان أمس هذا العالم، وذلك العالم حيث لا يلتقى عالم وعالم، وأما (العالمون) فإنها لمن صنع التاريخ الذى لم تنقض عليه سنون».

(يتبع)

رجائى عطية
Email: [email protected]

www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

10:56 ص, الخميس, 3 نوفمبر 16