Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

فى مدينة العـقاد (333).. المرأة فى القرآن (8)

ومن المعلوم أن اقتناء السرارى كان مباحًا على إطلاقه- كتعدد الزوجات- مع إباحة الرق فى البلاد الغربية، لا يحده إلاَّ ما كان يحد تعدد الزوجات. وجاء فى الفصل الخامس عشر من كتاب «الزواج الأمثل» للقديس أوغسطين أنه يفضل الالتجاء إلى التسرى بدلاً من تطليق الزوجة العقيم. ويرى «وستر مارك&r

فى مدينة العـقاد (333).. المرأة فى القرآن (8)
رجائى عطية

رجائى عطية

9:48 ص, الخميس, 27 أكتوبر 16

ومن المعلوم أن اقتناء السرارى كان مباحًا على إطلاقه- كتعدد الزوجات- مع إباحة الرق فى البلاد الغربية، لا يحده إلاَّ ما كان يحد تعدد الزوجات.

وجاء فى الفصل الخامس عشر من كتاب «الزواج الأمثل» للقديس أوغسطين أنه يفضل الالتجاء إلى التسرى بدلاً من تطليق الزوجة العقيم.

ويرى «وستر مارك» أن مسألة التعدد لم يُفْرغ منها بالغرب بعد تحريم القوانين له، وأنه قد يتجدد النظر فى هذه المسألة كرّة بعد أخرى كلما تحرجت أحوال المجتمع الحديث فيما يتعلق بمشكلات الأسرة.

ويرى الدكتور «ليبون- Lebon» أن القوانين الأوروبية سوف تجيز التعدد، ويذهب الأستاذ «اهرنفيل Ehrenfil» إلى حد القول بأن التعدد ضرورى للمحافظة على «السلالة الآرية».

وكان للفيلسوف شوبنهور رأى تناوله الأستاذ العقاد فى كتابه : «الإنسان الثانى أو المرأة» وتناولناه بالمجلد الأول ( ص103/104 )، وخلاصته ما رآه الفيلسوف من أن كثرة العزوبة فى أوروبا تستوجب الإقتداء بتعدد الزوجات، وأن عواقب قصر الزواج على واحدة وما يتبعه، قلة عدد الزيجات، وانتشار العزوبة والبغاء، حتى صار فى لندن وحدها ثمانون ألف بغى ! هن ضحايا على مذبح «وحدة الزوجية» !

عودة إلى الزواج فى الإسلام

على ضوء ما تقدم، يتضح موقف الإسلام الذى لم ينشئ التعدد، ولم يوجبه، ولم يستحسنه، وفضل الاكتفاء بالزوجة الواحدة، ولم يبح التعدد إلاَّ لضرورة سلف الحديث عنها، وشرط للتعدد، العدل والكفاية، وبين أن العدل مطلب عسير، يصعب بلوغه مع الحرص عليه.

فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً» ( النساء 3 )
«وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ» ( النساء 129 )

وحسب الشريعة فيما يورد الأستاذ العقاد أن تقيم الحدود وتوضح الخطة المثلى بين الاختيار والاضطرار، وما عدا ذلك من التصرف بين الناس، فشأنه شأن جميع المباحات التى يحسن بالناس أن يضعوها فى موضعها.

* * *

وغنى عن البيان أنه ليس لأحد أن يمارس حدود التنصيص فى الشريعة، فإن التحديد يقتضى الوقوف عند حد متعارف عليه، وما من سبب يقتضى مثلاً أن يكون عدد الكتيبة مائة أو ألف، أو أن تكون ركعات الفريضة ثلاث أو أربع، أو أنه يحسن الوقوف فى الرخصة عند اثنتين أو ثلاثة بدلاً من أربعة- فلن يكون لأى من ذلك منطق يختلف عن المنطق الذى يعارضه أو يحتج عليه، وما دامت الضرورة هى الحاكمة عند توفر ظروفها، وما دام العدل والكفاية شرطين للتعدد، فإن الشريعة تكون قد وضعت بذلك الإطار والسبب والغاية والضمان.

وقد رأينا فيلسوفًا غربيًّا كشوبنهور، يتنادى بالعودة إلى التعدد، بعدما شاع فى أوروبا من خلل فى الموازين بسبب مساواة غير مدروسة بدقة، ثم الأرواح التى فقدت فى الحروب، فأدى الاحجام عن الزواج إلى كثرة عدد النساء بالنسبة إلى أعداد الرجال الذين تناقصوا، ومن ثم إلى أزمة طاحنة أدت إلى انتشار البغاء، حتى بلغ عدد البغايا فى مدينة لندن وحدها ثمانين ألف بغى !

ولم يكن ما أفصح عنه «وستر مارك»، والدكتور «ليبون» وغيرهما- إلاَّ تعبيرًا عن محاذير الضرورة التى تنشأ عن زيادة أعداد النساء بالقياس إلى أعداد الرجال الذين يتناقصون تباعًا بسبب الحروب.

ولا يقال ما الحل إزاء الاحتمال العكسى، والجواب باختصار : لا حل. لأن تعدد الأزواج محال ويؤدى إن أجيز جدلاً إلى اختلاط الأنساب وانهيار الأسرة، وهى قوام المجتمعات التى لم تصل إلى بديلٍ مقبول لها يحفظ للمجتمع توازنه وعلاقاته وسوائه.

ولا شك أن منع التعدد مع لزومه عند الضرورة، ينقض ويهيل نظام المجتمع، ويضع العلاقات غير المشروعة بديلاً للعلاقات الشرعية، ويؤدى إلى انهيار قيم المجتمع.

أما المباح من تعدد الزوجات عند الضرورة، فالمجتمعات تملك من الأساليب والحيل ما تستطيع به إصلاح عيوبه الواردة أو المحتملة، وقد فعل المشرع المصرى فى السنوات الأخيرة شيئًا من ذلك، حين اشترط إعلام الزوجة الأولى بالزواج الثانى وأعطاها الحق فى الانفصال إذا أرادت وعاقب الزوج والموثق الذى يخفى ذلك ولا يُعْلم به الزوجة الأولى إعلامًا قانونيًا.

وفعل المشروع المصرى أكثر من ذلك حين أباح للزوجة «الخلع» استنادًا إلى المصادر الثابتة والمهملة فى الفقه الإسلامى، وبما قرره من تبعات على الزوج تتعلق بشرط «الكفاية» الذى لا يجوز التعدد بدونه، فضلاً عن شرط العدالة.

ثم إن التربية المهذبة كفيلة بالعلاقة الصالحة بين الزوج والزوجة، وقوامها العطف المتبادل، والمودة والتعاون، بما يجتمع عليه الزوجان بعيدًا عن دواعى الأثرة والانقياد للثروات.

وأخيرًا وليس آخرًا، أن حقوق المرأة المقررة هى المحك فى كل زواج، فمرجع الأمر كله إلى حرية المرأة فى إبرام عقد الزواج، فكل عقد من عقود الزواج باطل إذا أنكرته المرأة وثبت صحة إنكارها له، وقد سلف ما جاء فى هذا الشأن من الحديث الشريف، إلى قصة من اشتكت إلى النبى عليه السلام من زيجه أجبرها عليه أبوها بابن أخيه، فأبطلها عليه الصلاة والسلام، لولا أن الفتاة عادت بعد أن نالت تقرير حقها، فأجازت الزواج، وقالت لنبى البر والرحمة أنها أرادت أن تعلم النساء أنه ليس للآباء فى هذا الشأن أمر تجبر عليه الفتاة.

وكان تقرير الخلع الذى أقره المشرع المصرى أخيرًا، موافقًا لنقض زيجات نقضها النبى عليه السلام والخلفاء الراشدين من بعده، لنفور المرأة من العشرة بعد الزواج، فلم يقبل الإسلام، أن تكره المرأة على عشرة تنفر منها.

وهذه، باختصار، هى الشريعة التى صانت كرامة المرأة، وأعطتها حقوقها.

Email: [email protected]
www.ragai2009.com

رجائى عطية

رجائى عطية

9:48 ص, الخميس, 27 أكتوبر 16