توفى أمس السبت الكاتب الكبير والمؤلف وحيد حامد عن عمر الـ77 عاما بعد صراع مع المرض، حيث قدم الكثير من الأعمال الفنية سواء فى السينما أو الدراما، ولم يبخل بكتابة ورسم كل تفاصيل الشخصيات، حتى أنفاسه الأخيرة رغم وعكته الصحية.
ونالت أعمال المؤلف وحيد حامد إعجابا من كافة المحافل المحلية، والدولية وحاز عنها على عدة جوائز، وآخرها فى 2020 جائزة الهرم الذهبى التقديرية لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 42.
بدأ الراحل بكتابة القصة القصيرة والمسرحية فى بداية مشواره الأدبي، ثم اتجه إلى الكتابة للإذاعة المصرية فقدم العديد من الأعمال الدرامية والمسلسلات، ومن الإذاعة إلى التليفزيون والسينما حيث قدم عشرات الأفلام والمسلسلات.
ولد بقرية بنى قريش مركز منيا القمح محافظة الشرقية، مصر، وتزوج من الإعلامية زينب سويدان رئيس التليفزيون المصري سابقا وهو والد المخرج السينمائي مروان حامد.
ومن أعماله السينمائية، طائر الليل الحزين، فتوات بولاق، غريب في بيتي، البريء، أرزاق يا دنيا، الراقصة والسياسي، الإنسان يعيش مرة واحدة، الغول، أنا وأنت وساعات السفر، معالي الوزير، آخر الرجال المحترمين، الهلفوت، الإرهاب والكباب، المنسي .
يذكر أن الكاتب الكبير وحيد حامد من مواليد 1 يوليو عام 1944، وهو كاتب سيناريو مصرى، عُرف بتقديمه للأعمال المهمة والمؤثرة في تاريخ السينما، كما عمل مع عدد من المخرجين منهم سمير سيف، شريف عرفة وعاطف الطيب.
يتحدث في هذا التقرير نقاد وكتاب عن الراحل وحيد حامد فنيا وإنسانيا في السطور التالية:
عمرو محمود ياسين: كان أيقونة للكتابة في السينما والدراما
أعرب المؤلف عمرو محمود ياسين عن بالغ حزنه لرحيل قيمة فنية كبيرة في مصر بحجم ومكانة وحيد حامد ، حيث يرى ان وحيد حامد في هذا العصر والزمن يعتبر الاستاذ في السينما ، لأنه لم يكن يقدم افلاما ناجحة جماهيريا فقط وانما كان يقدم المشروع السينمائي الذي يستفيد منه الجميع سواء منتج الفيلم او الممثل لتقديمه فنا وفكرا على اعلى مستوى والجمهور يستفيد ويستمتع بالفيلم لكن يتلقى وجبة دسمة من المشاعر والاحاسيس والوعي والفكر .
وأضاف في تصريحات لـ”المال”، أن وحيد حامد كان قادرا على التنبؤ بأمورا قد تحدث في المستقبل من خلال افلامه السينمائية مثل فيلمه الارهاب والكباب حينما قدم مشهد ميدان التحرير فيه ، كان لديه قدرة عظيمة على تشريح المجتمع ووصف امراضه واظهارها للناس بشكل واضح لكي يكون هناك حل لمن بيده ذلك .
واشار ايضا الى انه كان ايقونة الكتابة السينمائية والدرامية في مصر في هذا الزمن وهرم من اهرامات مصر الفنية ، لافتا إلى أن رحيله يمثل استكمالا لسلسة وداع فنانين كبار واسماء كبيرة قائلا: كل الاستثنائيين يرحلون للأسف ، والآن نشعر أننا نعيش مع الاشخاص العاديين فقط .
واوضح انه قبل تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي مؤخرا ولظروف كورونا ووفاة والده الفنان محمود ياسين ، كان يتمنى الجلوس مع وحيد حامد لكي يسمع منه اي شي يستفيد منه ويعطيه سرا من اسرار المهنة ويتعلم منه او اي نصيحة ، لكن لم يستطيع طلب منه ذلك لانه كان يعلم ان حالته الصحية لم تكن جيدة فلم يستطع فعل ذلك ، كان يرغب في الحديث معه كثيرا لكن لم تسمح الفرصة لذلك .
وأكد انه حدثت له هزة كبيرة حينما سمع خبر وفاته ، واحس ان هناك غطاء تم رفعه من عليه ، لأن هؤلاء الاشخاص يتعلم منها من كل فكرة او حوار قدمه في مسيرته الفنية، مؤكدا ان جيل الكبار مثل وحيد حامد ومحمود ياسين الجيل العظيم الذي ينفرط عقده مؤخرا، تربى على القراءة والتعلم من الكتب لانها كانت الوسيلة الوحيدة لتسليته لم يكن هناك سوشيال ميديا وانستجرام وغير ذلك ، كانوا يقرأون كثيرا وتتوسع مداركهم وخيالهم يتسع ويطلعون على الادب العالمي وكتب في شتى المجالات المختلفة حتى يكون امامنا منارات للعلم بالجلوس معهم.
ووحيد حامد كان منارة حقيقية للفن والثقافة والحس والوعي وكان يعرف المجتمع المصري جيدا وشرائحه المختلفة وكل مشهد يقدمه لاي طبقة فيه ، جمل وحيد حامد الحوارية لم تكن عادية ابدا ، مؤكدا انه على قدر اندهاشه من عدم تكريم والده محمود ياسين في مهرجان القاهرة السينمائي مؤخرا الا انه سعد بتكريم وحيد حامد فيه ، حيث ان الغريب ان الجميع كانوا يبكون وقتها كأنهم يدركون انها ستكون المرة الأخيرة التي سيرونه فيها كانوا يبكون حقيقة بالدموع ، وكأنها كانت لحظة وداع بالفعل وهو تحدث اثناء تكريمه قائلا: “انا حبيت ايامي” كأنه يعي انها انتهت كان موقفا انسانيا عظيما ومؤثرا جدا في الجميع .
ونوه إلى ان وحيد حامد كان صادقا فيما يقدمه للجمهور وواعيا في نفس الوقت ، وذلك ما كان يميزه في مشواره الفني لذلك كنا نشاهد اعماله الفنية ونتوحد معها ونعيش مع شخصياتها ونشعر انها لحم ودم ونخرج من مشاهدتها اننا كنا في تجربة انسانية حقيقية وليس مجرد تمثيل، وهنا كان يتالق الممثل معه لان الورق هو اساس اي عمل فني ناجح ومؤثر وباق في ذاكرة الجمهور .
وتابع قائلا: ان افلام وحيد حامد كانت رائعة في الكتابة ولو كانت اسندت لاي مخرج في السوق كانت ستظهر ايضا جميلة لكن حينما تسند لمخرج مثل شريف عرفة تظهر بشكل رائع للغاية ولا يمكن ان تكون رديئة لان الورق عظيما ، والممثل يكون مهما وموهوبا ويظهر ذلك للجمهور حينما يقدم كلاما هاما ودورا جيدا ويقدمه في قالب مختلف ولحظة فنية رائعة ، وحينما يصل لنجومية معينة يمكنه طلب قصة معينة من مؤلف ما لأن اي ممثل مهما بلغت موهبته لو قدم له كلاما ودورا تافها سيظهر بشكل ردئ مهما كانت موهبته الفنية .
وأكد عمرو ياسين انه حينما يرحل مؤلف كبير بحجم اسامة انور عكاشة فذلك خسارة كبيرة وايضا برحيل قيمة كبيرة مثل وحيد حامد فإننا خسرنا كثيرا في الفن المصري بدرجة أكبر من أي عنصر آخر في المجال الفني، لأن الجميع يمسك “سكريبت” العمل ليرى ما الذي سيقدمه على الشاشة.
محمود قاسم: كان خلاقا وغزير الإنتاج وغير جلد الكثير من الفنانين
وقال الناقد السينمائي محمود قاسم إن وحيد حامد كان فنانا خلاقا وكان اهم من المخرج ويعرف يقدم موضوعات قيمة ويصيغها جيدا ، وعمل بقوة في الإذاعة والتلفزيون والسينما والدراما وكان قادرا على تحويل مسلسلات اذاعية لتليفزيونية وغيرها وكان غزير الإنتاج الفني واصبح منتجا في وقت معين .
وأضاف، كتب السيناريو للفيلم الاول لابنه المخرج مروان حامد ، وقدم افلاما سينمائية هامة مثل كشف المستور وغيرها وحينما عمل مع فنان مثل عادل امام استطاع ان يغير جلده الفني بعد ان كان يقدم مع سمير عبد العظيم افلاما ليست قيمة مثل شعبان تحت الصفر وغيرها ، قدم معه افلاما هامة مثل الارهاب والكباب والمنسي موضوعات فيها صراعا بسيطا مع المجتمع مثل اللعب مع الكبار وطيور الظلام ايضا ، وحينما قدم مع احمد زكي افلاما كانت رائعة مثل اضحك الصورة تطلع حلوة ومع نبيلة عبيد قدم التخشيبة والراقصة والسياسي وكشف المستور ، كان بحرا من الابداع حتى المسلسلات التليفزيونية كان كل عامين او 3 اعوام يقدم مسلسلا رائعا فيه عبق المجتمع المصري .
وأكد انه كان ضد السلطة في أعماله الفنية ، وكان يحارب فيها ويقدم قصصا من الواقع مثل فيلم دم الغزال كيف يصل طبال ليكون امير جماعة وينصب نفسه ليكون رئيس جمهورية منطقة إمبابة.
محمود عبد الشكور: كان صاحب رؤية ورأي وشجاعا في نفس الوقت
ووصف الناقد الفني محمود عبد الشكور الراحل وحيد حامد بأنه كان احد اهم والمع كتاب السيناريو في جيله وتاريخ السينما المصرية ونجح في التعبير عن افكار حرة وجريئة تتناول قضايا المواطنين البسطاء وكان مهموما بالوطن ومشكلاته ولديه نظرية تنبؤية باحداث كثيرة في البلاد مثل الارهاب واستغلال الدين في مجال السياسة في افلام عديدة له مثل طيور الظلام ودم الغزال .
واوضح انه كان لديه رؤية ورأي وشجاعة في نفس الوقت ، وقدم مسلسل مثل العائلة كان هاما وكتب مسلسل الجماعة الجزء الثاني في وجود جماعة الإخوان، كان علامة مميزة في الدراما المصرية لم يكن له لقبا معينا بل اصبح نفسه عنوانا للرؤية والثقافة والوعي .