انطلقت خلال الأيام القليلة الماضية اجتماعات اللجنة الوزارية المصرية السودانية المشتركة في مجالات الصناعة والزراعة والتجارة، لبحث تدعيم العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وحضرها من السودان وزراء الصناعة والزراعة والدولة بالتجارة الخارجية، الدكتور عوض النجار، والدكتور عبدالحليم المتعافي، فضل عبدالله فضل، ونظراؤهم من مصر الدكتور سمير الصياد، وزير الصناعة والتجارة، والدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة، كما قام ممثلو “جمعية رجال الأعمال السودانيين” بتوقيع مذكرة تفاهم مع “جمعية رجال الأعمال المصريين”، تشمل تبادل الوفود والبعثات التجارية بشكل منتظم وتطوير أنشطة التبادل التجاري والاقتصادي ودراسات السوق، علي أن يقوم كل طرف بتقديم التعاون والدعم المطلوب لوفد الجهة المناظرة.
وتتضمن المذكرة أيضاً تبادل المعلومات الاقتصادية بشكل دوري، وقيام كل جهة بتقديم معلومات عن السوق وأشكال مختلفة من التعاون التجاري للجهة المناظرة، مع تقديم خدمات استشارية للجهة المناظرة تشمل معلومات عن قوانين الضرائب والجمارك والموضوعات المتعلقة بالزراعة والتجارة، وذلك بهدف زيادة حجم التعاون التجاري والاقتصادي بين مجتمع الأعمال في البلدين.
كما تشمل المذكرة التعاون في مجال البرامج التدريبية ومساعدة الطرفين في ترويج المبيعات بتقديم عروض عن المنتجات لدي الطرف الآخر، وتبادل المعلومات حول المعارض التجارية وتنظيم وفود للمشاركة في هذه المعارض.
ويأتي ذلك ضمن مجموعة من المبادرات العربية للمساهمة في انتعاش الاقتصاد المصري من حالة الركود التي يمر بها بعد أحداث ثورة 25 يناير، حيث جاءت زيارة الوفد السوداني بعد أيام قليلة من إعلان السعودية منح مصر مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار كمساهمة منها في تدعيم الاقتصاد المصري.
وتناول لقاء “جمعية رجال الأعمال السودانيين” بـ”جمعية رجال الأعمال المصريين”، مساء أمس الأول، مجموعة من المقترحات الخاصة بتعزيز التعاون المصري ـ السوداني خلال الفترة المقبلة وأهم المعوقات الخاصة التي تعاني منها الشركات المصرية في الدخول للسوق السودانية.
حسين صبور: الزيارة في الوقت الحالي تؤكد متانة العلاقات المصرية السودانية
في هذا السياق، قال المهندس حسين صبور، رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال المصريين، إن زيارة رجال الأعمال السودانيين مصر في الوقت الحالي، تؤكد متانة العلاقات المصرية السودانية، وحرصاً منهم علي مناقشة جميع سبل التعاون في مجالات الاستثمار الزراعي والحيواني والغذائي والسياحي والبنية التحتية.
ودعا رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إلي تنظيم لقاءات مشتركة بين رجال الأعمال المصريين والسودانيين بصفة دائمة ودورية لبحث المشاكل والمعوقات، والعمل علي حلها لدعم الاقتصاد بين البلدين.
وأكد صبور ضرورة وجود نشرات دورية للطرفين المصري والسوداني حول فرص الاستثمار في السودان، بحيث تكون متاحة لرجال الأعمال المصريين.
من جانبه، أكد سعود البرير، رئيس جمعية رجال الأعمال السودانيين، قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان منذ قديم الأزل، مشيراً إلي أنهم بصدد إنشاء اتحاد يجمع بين اتحاد أصحاب الأعمال الأعلي السوداني واتحاد الغرف التجارية في مصر، وذلك للتنسيق بين الجانبين، فيما يخص أعمال الاستثمار والتجارة.
وأشار البرير إلي أن الوفد السوداني حضر إلي مصر لتوقيع اتفاقيات مع الجانب المصري، وبحث تنفيذها علي أرض الواقع، موضحاً أنه توجد 74 اتفافية موقعة مع الجانب المصري خلال السنوات الأربع الماضية، وتم تنفيذ معظمها.
وأكد ضرورة عمل آلية مشتركة لتفعيل العمل المصري السوداني خلال الفترة المقبلة، من خلال تشكيل كيان قابض للاستثمار.
أما علي بن الباسلي، أحد رجال الأعمال السودانيين، فأكد أن السودان انتهت من تأسيس لجنة عليا للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية ونائبه، للعمل علي حل جميع المشاكل والمعوقات الخاصة بالاستثمار في السودان، مشيراً إلي أن الحكومة السودانية وافقت مؤخراً علي منح حق الملكية للمستثمرين الأجانب لشراء الأراضي من السودان بدلاً من حق الانتفاع فقط.
الباسلي يدعو لإنشاء شركات مباشرة للاستثمار بين الجانبين في جميع المجالات
ودعا الباسلي لإنشاء شركات مباشرة للاستثمار بين الجانبين المصري والسوداني في جميع مجالات الاستثمار، خاصة الاستثمار الزراعي والحيواني والغذائي، وكذلك شركات تعمل في مجال التنقيب، مشدداً علي أن الحكومة السودانية، كلفت الوفد السوداني بضرورة الاسراع في اتخاذ إجراءات فعلية لتعزيز حجم التبادل الاقتصادي بين مصر والسودان، حرصاً من الشعب السوداني علي دعم الاقتصاد المصري بعد أحداث ثورة 25 يناير.
ودعا الباسلي رجال الأعمال المصريين، إلي تشكيل لجنة استشكافية لأهم المشروعات ومناخ الاستثمار في السودان، خاصة في مجالات التصنيع الغذائي والحيواني، وكذلك في مشروعات البنية التحتية.
أما محمد المستشار محمد عباس، رئيس القطاع العربي والأفريقي بوزارة التعاون الدولي السوداني، فأكد أن زيارة رجال الأعمال السودانيين مصر خلال الفترة الحالية، تمثل سابقة لم تحدث منذ وقت طويل في ظل حكومة النظام السابق، مما يؤكد الآثار الإيجابية لثورة 25 يناير.
من جانبه، قال محمد مصطفي الأحول، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الأفريقية للاستثمار والتنمية، إن تعزيز حجم الاستثمارات المصرية السودانية، تقابله مجموعة من التحديات، أهمها تدني مستوي الخدمات اللوجيستية المتاحة في السوق السودانية، وكذلك الصعوبات التي تواجهها الشركات المصرية، فيما يتعلق بتحويل العملات.
أما فتحي عبدالحليم، المدير المالي للشركة العربية للمستلزمات الطبية، فأوضح أن الشركة تعاني تأخر مستحقاتها لدي الحكومة السودانية الخاصة بالمستحضرات التي تقوم الشركة بتوريدها، فضلاً عن الصعوبات التي تواجهها الشركة في تسجيل المستحضرات الدوائية في السوق السودانية.
من جهته، دعا فاضل خير، من كبار رجال الأعمال السودانيين، رجال الأعمال المصريين بالتوجه نحو الاستثمار في مجال التنقيب في السودان خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلي أنه من ضمن المجالات الواعدة خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن الاجتماعات تنعقد هذه المرة مع الجانب المصري بروح جديدة، وأن هناك رغبة أكيدة لإزالة كل المعوقات أمام التقدم للأمام، مضيفاً أن الدليل علي ذلك هو المشاركة الواسعة علي مستوي القطاعين العام والخاص بالبلدين، وهو ما يؤكد الرغبة الأكيدة لدفع العلاقات الاقتصادية الثنائية.
خير يؤكد على ضرورة وضع جدول زمني ودراسات فنية للبدء في تنفيذ المشروعات
وأكد خير ضرورة وضع جدول زمني ودراسات فنية للبدء في تنفيذ المشروعات والأفكار، التي يتم الاتفاق عليها خلال هذه المرحلة، موضحاً أن هناك تجارب ناجحة في استصلاح الأراضي ويجب التعاون وتوحيد الأفكار بحيث يستفيد كل طرف من الآخر.
جدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 735 مليون دولار خلال العام الماضي، وهو ما لا يتناسب مع حجم وقوة العلاقة بين البلدين.
كان وزير الزراعة السوداني، عبدالحليم المتعافي، قد أكد أن السودان يبحث حالياً تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، كما اقترح خروج هذا الاجتماع بلجنة مشتركة والتعاون علي إقامة مشروع كبير للحبوب الزيتية واللحوم، وأعلن الدكتور سمير الصياد، وزير التجارة والصناعة، أنه تم الاتفاق مع الجانب السوداني علي إنشاء عدد من المشروعات في مجال الاستثمار والتصنيع الزراعي، تشمل مجمعاً للزيوت النباتية وتأجير مصانع السكر بالسودان، لاستغلالها في تحقيق الاكتفاء الذاتي، فضلاً عن زراعة القمح باعتباره من المحاصيل الاستراتيجية.
كما كشفت “المال” الاثنين الماضي، عن بدء اللجنة التجارية والصناعية بين مصر والسودان، مناقشة إقامة مصنع لإنتاج السكر في السودان باستثمارات مصرية وذلك ضمن إطار سلسلة من المشروعات المصرية المستهدف تنفيذها خلال الفترة المقبلة.
وتتفاوض أربع شركات مصرية، مع حكومة ولاية سنار في السودان، للحصول علي مساحة 11 ألف فدان، بغية إقامة أربعة مشاريع للإنتاجين الزراعي والحيواني بالسوق السودانية، تشمل زراعة القمح، بتكلفة إجمالية تصل إلي 30 مليون دولار.
يذكر أن حجم الاستثمارات المصرية في السودان، بلغ 3.5 مليار دولار خلال العامين الأخيرين، لتحتل بذلك المرتبة الخامسة بين دول العالم، والمرتبة الثالثة بين الدول العربية المستثمرة في السودان.
ويصل حجم الاستثمارات السودانية في مصر إلي 89.4 مليون دولار، في 220 مشروعاً، فضلاً عن تنامي حجم الصادرات المصرية للسودان، والذي بلغ في عام 2009 نحو 565 مليون دولار، بزيادة قدرها 14 مليون دولار عن عام 2008، التي بلغت 551 مليون دولار.