غياب الإرادة السياسية ينسف أحلام «الحد الأدنى للأجور»

غياب الإرادة السياسية ينسف أحلام «الحد الأدنى للأجور»
جريدة المال

المال - خاص

3:07 م, الأثنين, 19 أغسطس 13

صورة ارشيفية
مها أبوودن :
يمثل الحد الأدنى
للأجور، الخطوة الأولى نحو تحقيق هدف العدالة الاجتماعية الذى نادت به ثورة
25 يناير، لكن مع الأسف، ورغم تعاقب الحكومات والأنظمة على مصر منذ اندلاع
الثورة حتى الآن، فإن الإرادة السياسية لتطبيقه لا تزال مغلولة .

ومع
تضارب تصريحات وزراء حكومة الببلاوى بين التطبيق خلال ساعات وعدم توافر
الموارد، تبرز أهمية حسم الموقف الحكومى تجاه المشكلات الاجتماعية المتعلقة
بمحدودى الدخل .

أما الحد الأقصى للأجور الذى يشكل الركيزة الثانية
لاتمام مشهد العدالة الاجتماعية، فهو أيضاً محل ارتباك، فقد كان من
المتوقع أن يتم تطبيقه مع الحد الأدنى بداية العام المالى 2013/2012 لكن
عدم توافر الإرادة السياسية أجل تطبيقه حتى النصف الثانى من العام، رغم أن
الموارد التى قد تتوافر منه تيسر تطبيق الحد الأدنى .

الذرائع
كثيرة، وفى مقدمتها التخوف من هروب الكفاءات، لكن المحصلة تبقى ابتعاد جميع
الحكومات التى تعاقبت على مصر منذ ثورة 25 يناير، وحتى الآن عن الشارع
المصرى، وانفصالها بشكل كامل عن المشكلات الاجتماعية التى يعانى منها
المواطن .

وتمثل مخصصات الأجور فى موازنة العام الجديد نحو 173
مليار جنيه، وهو ما يزيد على الموازنة المعدلة للعام المالى الماضى بنحو
29.5 مليار جنيه، منها 28.4 مليار جنيه للوظائف الدائمة و 2.4 مليار جنيه
للوظائف المؤقتة و 74 مليار جنيه مكافآت، و 20 مليار جنيه بدلات نوعية، و
12.6 مليار جنيه مزايا نقدية، و 2.9 مليار جنيه مزايا عينية، و 17.5 مليار
جنيه مزايا تأمينية، و 14 مليار جنيه لباقى الأجور والاحتياطى .

والمتأمل
لأرقام الأجور، يجد أن معظمها يصب فى صالح الحد الأقصى للأجور، بما يعنى
أن تقليصه أو تقنينه قد يؤدى إلى نتائج مذهلة، ووفورات يمكن استخدامها فى
بنود أكثر حاجة، لأن أصحاب الحد الأدنى من حملة المؤهلات العليا الذين
يحتلون الدرجة الثالثة الوظيفية وحملة المؤهلات المتوسطة الذين يحتلون
الدرجة السادسة لا يحصلون على المكافآت الضخمة أو المزايا العينية والنقدية
.

من جانبهم، أكد الخبراء عدم توافر الإرادة السياسية لتطبيق حدى الأجور، رغم اتفاقهم على أهميته لتحقيق بعد العدالة الاجتماعية .

قال
عبدالرحمن خير، عضو اتحاد عمال مصر، إن تطبيق الحد الأدنى للأجور، فى ظل
تردى الأوضاع الاقتصادية الآن، هو مجرد مسكنات لامتصاص غضب الشارع، خاصة مع
وصول العجز الكلى فى الموازنة إلى حدود قصوى، مما يعنى عدم إمكانية إدراج
أى مصروف آخر تتحمل الميزانية بسببه ارتفاع العجز .

واقترح خير،
الاتجاه نحو ضبط الأسعار، حتى لا تستنزف الزيادات فى ارتفاع الأسعار، فعلى
الدولة أن تواجه محاولات التجار لرفع الأسعار دون مبرر، وتجبرهم على
الالتزام بتسعيرة جبرية، خاصة بالنسبة للسلع الأساسية اليومية .

أما
فى شأن الحد الأقصى، وقال خير إن الحكومة لن تستطيع تطبيقه بأى حال من
الأحوال، وما يتم تداوله من تصريحات لوزراء سابقين أو حاليين هو مجرد حديث
لطمأنة الشارع الثائر، ولكن فى النهاية حديث الطمأنة لا يسفر عن أى تقدم،
ولابد أن تركز الحكومة على هدف ضبط الأسعار قبل الحديث عن هيكلة الأجور .

وقال
كمال عباس الناشط العمالى، إن حكومة الدكتور عصام شرف، كانت الرائدة فى
الحديث عن الحدين الأدنى والأقصى للأجور، لكن تعثر تطبيقه وقتها بسبب
انتظار اللجنة التى شكلتها الحكومة تقرير منظمة العمل الدولية حول قيمة
الحدين، اضطر الحكومة إلى زيادة الحوافز بنحو %200 ، وهو ما انعكس على
الرواتب، لكن توقف العمل فى لجنة هيكلة الأجور بعد اقالة حكومة شرف، أدى
إلى توقف تطبيق الحدين حتى الآن .

وأكد عباس أن تطبيق الحدين ليس
بالشىء العسير، لكنه فى حاجة إلى توافر الإرادة السياسية، ووضع معايير
واضحة بالنسبة للحد الأقصى، تقضى على التخوف أو الذريعة الخاصة بهروب
الكفاءات، كما أن الحكومة لابد أن تتبنى وتظهر انحيازاً اجتماعياً للطبقات
الفقيرة .

وقال محمود الشاذلى، رئيس قطاع الموازنة السابق، إن
احتساب قيمة الأجر لتقييم حديه الأدنى والأعلى، وهو أمر معقد بعض الشىء،
لكن قطاع الموازنة لا يضع موازنة صفرية وإنما موازنات تراكمية، حيث تقوم كل
جهة بتقديم مخصصات الأجور بها، ولا تترك الأمر لقطاع الموازنة .

وأكد
الشاذلى، أن تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور معا، هو أمر يسير طالما
أن الوفورات التى ستتوفر لبند الأجور من الموازنة من تطبيق الحد الأقصى،
يمكن من خلالها تمويل الحد الأدنى بكل بساطة، والأمر ليس فى حاجة إلى
عباقرة، لكنه فى حاجة إلى توافر الإرادة السياسية .

وكانت الحكومة
المصرية قد تعهدت بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور فى الخطة الخمسية الحالية
(السابعة ) ، التى تمتد بين الفترة من 2017/2012 ، حيث قررت زيادة الأجور
إلى 708 جنيهات متدرجة بها حتى العام الأخير من الخطة، إلى 1200 جنيه، وهو
أقصى ما يمكن أن تتحمله الخزانة العامة .

وباحتساب القيمة، يمكن أن
ندرك أن الزيادة التى تلحق الحد الأدنى للأجور كل عام، للوصول إلى العام
الأخير من الخطة الخمسية السابعة هو 123 جنيهاً، وهو ما يصل الحد الأدنى
لهذا العام 2014/2013 إلى 831 جنيهاً، ثم 954 جنيهاً العام المالى المقبل
ثم 1077 جنيهاً خلال العام المالى 2016/2015 للوصول إلى 1200 جنيه خلال
العام المالى الأخير من الخطة الخمسية السابعة 2017/2016.

جريدة المال

المال - خاص

3:07 م, الأثنين, 19 أغسطس 13