تصاعدت حدة الخلافات بين نقابة الاطباء ووزارة الصحة عقب فشل اجتماع الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة مع نقيب الأطباء الدكتور حمدي السيد وبعض أعضاء النقابة في التوصل الي اتفاق بشأن الكادر الخاص بالاطباء . اثارت تصريحات وزير الصحة التي قال فيها : ” خطة إصلاح الأوضاع المالية للاطباء لن تتم من خلال عمل كادر خاص لهم ولا يوجد في برنامج الرئيس الانتخابي ولا خطة الدولة فكرة الكادر الخاص لكل فئة علي حدة باستثناء كادر المعلمين، كما ان ميزانية الوزارة لا تحتمل اقرار الكادر ولكن وزارة الصحة ستبحث إصلاح الأوضاع المالية لكل فئة “،غضب الاطباء واستياءهم واعتبروه بمثابة رفض من الحكومة لاعطائهم حقوقهم خاصة بعد تهديد الالاف منهم بالاعتصام . واعلنت نقابة الاطباء عقد جلسة طارئة لمناقشة تطورات الازمة أول فبراير القادم .
من جانبه رفض الدكتور حمدي السيد ، نقيب الأطباء ، تصريحات وزير الصحة الخاصة برفض اقرار الكادر الخاص للاطباء بالكامل نظرا لانها ليست ضمن برنامج الرئيس الانتخابي مشيرا إلي أن كثيراً من المهن غير الموجودة ببرنامج الرئيس حصلت علي كادر خاص مثل القضاء والداخلية والضرائب . واكد أنه من باب اولي عمل كادر للاطباء باعتبارهم من صفوة المجتمع ولم يعد مقبولا تردي اوضاعهم المالية ، مشيرا الي ان النقابة وافقت علي عرض الوزير في البداية باقرار الكادرتدريجيا ، ولكن الواقع اثبت ان هذا حل فاشل لان ما قدم للاطباء لم يكن سوي %10 من حقوقهم المالية ولم يمنح لجميع الاطباء . واتهم حمدي السيد الدكتور احمد درويش وزير التنمية الادراية بتعطيل الكادر بصفته ممثلا للحكومة ، خاصة بعد اعلانه ان الحكومة لن توافق علي أي مطلب يستوجب تخصيص بند جديد في ميزانيتها، ودعا السيد جموع الاطباء الي عدم التفريط في حقوقهم وطالبهم بالحضور الي مقر النقابة والمشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي حدد لها أول شهر فبراير القادم . واكد نقيب الأطباء ان هذه الوقفة ستكون سلمية للفت النظر إلي حاجة الأطباء لتحسين أوضاعهم المالية والتعبير عن آرائهم في إطار القانون .
وأشار حمدي السيد الي ان الوقفة الاحتجاجية تعبر عن غضب الاطباء وسيتم تنظيمها بالتعاون مع جماعة اطباء بلا حقوق . واضاف: هناك أولويات سيتم الاتفاق عليها بين وزارة الصحة والنقابة وتقديمها لرئيس الوزراء للعمل علي تنفيذها، مشيرا إلي أن الحوار مستمر بين الجميع لتحسين أوضاع الأطباء المالية وهناك تفاهم تام من رئيس الوزراء للوصول إلي هذه المطالب، وسوف يتم نقل كل هذه التصورات والاقتراحات إلي الجمعية العمومية المقرر عقدها أول فبراير القادم . وأضاف أن أعضاء النقابة الذين يقدرون بمائة وخمسين ألف طبيب يعيشون دون مستوي الكفاف وأنهم باتوا شديدي الشبه بعمال السخرة الذين يلقون حتفهم بسبب الفقر المدقع وان تسوية ازماتهم المالية هو الحل لتحسين حال الطب في مصر .
ورفض محمد سمير عضو جماعة “أطباء بلا حقوق” المشروع الذي أرسلته وزارة الصحة إلي نقابة الأطباء علي أنه مشروع كادر لاصلاح أجور الأطباء المتدنية . ووصفه بأنه لا يصلح حتي كنقطة لبداية النقاش حول كادر الأطباء نظرا لانه مشروع بقرار وزاري وليس بقانون يصدر عن مجلس الشعب، وبذلك لا تكون له صفة الثبات ومن الممكن التراجع عنه عند تغيير الوزارة.مشيرا الي خلو المشروع من أي ذكر لرفع أساس أجر الطبيب (الأساس الحالي لأجر الطبيب حديث التخرج 120 جنيها ) بل اقتصاره علي وضع مجموعة هزيلة من الحوافز والبدلات، واضاف ان للأطباء جميعاً خبرة سلبية بقصة الحوافز والبدلات تجعلنا موقنين بأنها تصلح كمادة للتصريحات الصحفية الوردية أكثر من كونها زيادة حقيقية لدخل الطبيب . وأضاف أن حافز النوبتجية الذي قررته الوزارة من أول شهر يوليو 2007 وحتي الان يصرف في بعض المستشفيات ولا يصرف في مستشفيات أخري ويتأخر صرفه لأربعة وخمسة أشهر وقد يصرف كاملاً أو ناقصاً أو لا يصرف علي الاطلاق بناء علي تقييم الإدارة، بالرغم من كون التقييم ممتازاً.أما بدل الماجستير فهو 100 جنيه شهرياً !!. وحذر محمد سمير من خلو المشروع من أي ذكر للأطباء الحاصلين علي بكالوريوس الطب والجراحة فقط اي الذين لم يحصلوا بعد علي دراسات عليا( حوالي %50 من الأطباء) وأغلبهم من الأطباء الشبان حديثي التخرج والأكثر احتياجاً لتغيير الأوضاع المأساوية الحالية.مضيفا ان جماعة أطباء بلا حقوق دعت الأطباء للاحتشاد في الجمعية العمومية يوم الجمعة الأول من فبراير بهدف ترسيخ فكرة أن الكادر الذي تريده الجمعية يجب أن يصدر بقانون عن مجلس الشعب في دورته الحالية ويجب أن يرتكز علي زيادة أساسي أجر الطبيب.
واعترضت دكتورة مديحة خطاب عميد طب القاهرة ،عضو لجنة الصحة والسكان بامانة السياسات ، علي عبارة كادر الاطباء التي تتبناها النقابة واعتبرت انها نظرة قاصرة لحال الاطباء في مصر نظرا لان تحسين وضع الاطباء لا يرتبط بتحسين اوضاعهم المالية فقط ، بل يرتبط بالجانبين المهني والتعليمي وهما الاهم .
وبخصوص عدم تضمين برنامج الرئيس الانتخابي كادرا خاصاً بالاطباء ..اكدت انه خلو لفظي لان هذا المشروع لم يتم طرحه وقت الانتخابات الرئاسية ، وهذا لا يعني عدم اهتمام الرئيس باوضاع الاطباء بدليل ما اعلنه الدكتور وزير الصحة عن الحكومة وكذلك برنامج تحسين جودة التامين الصحي في اوضاع الاطباء ، واكدت ان الضجة الحالية لن تؤدي الي شيء الا اهدار حقوق الاطباء وان الزيادات التي يطالبون بها لن تؤدي الا الي زيادة روتينية في اجورهم بدون حل الازمة الحقيقية . ورفضت مديحة خطاب ارجاع تدهور احوال الاطباء الي مسألة الاجور. ووصفت كادر الاطباء المقدم من النقابة بأنه سيئ وتوقعت فشله في المرحلة القادمة ، مشيرة الي انه لا يجوز توحيد مشاكل الاطباء لانها تختلف بين الاطباء فوق السبعين عن الشباب مثلا ، ومن الريف عن المدينة مؤكدة ان هناك خطة من الحكومة لرفع رواتب الاطباء خاصة النواب ومساعدي الاخصائيين والعاملين في قطاع الطوارئ والاسعاف.
واكد دكتور عبد الرحمن شاهين المتحدث باسم وزارة الصحة أن الوزارة تعمل منذ فترة علي تحسين أوضاع الأطباء المالية خاصة بالنسبة للشباب وتقوم بتعيين أكبر عدد من هؤلاء الأطباء وأن الحكومة تحملت نحو 450 مليون جنيه لتحسين أوضاعهم المالية وذلك برفع قيمة رواتب الأطباء والتمريض والنوبتجيات ،ويتم تنفيذه علي مرحلتين الاولي إنتهت في يوليو الماضي، والثانية سوف تنتهي في يوليو القادم . واضاف ان كادر الاطباء ليس هو الحل مشيرا الي وعد وزير الصحة بتحقيق مطالب الاطباء وقال : إن الأطباء ليسوا موظفين بل هم مهنيون ولا يمكن أن يكون هناك طبيب يترك مريضاً بدون علاج لأي سبب من الأسباب . واعلن عن بداية تنفيذ طلب الوزير بتشكيل لجنة لدراسة أفضل سبل تحسين أوضاع الاطباء المالية.
يذكر ان جماعة »أطباء بلا حقوق« التي ولدت منذ شهور قامت بإجراءات تصعيدية بالتنسيق مع النقابة بهدف الضغط علي الحكومة من أجل تحسين الأوضاع المأساوية للاطباء .وأصدرت الحركة مؤخرا أحدث بياناتها الذي أكدت خلاله أن السبب في تردي أوضاع الخدمات الصحية في مصر يعود إلي تراجع الأجور مقارنة بارتفاع الأسعار بشكل يهدد بتشريد أسر الأطباء.