تشهد سوق مواد البناء السكندرية حالة من الكساد الشديد خاصة الأسمنت التى يعانى التجار والمستهلكون من ارتفاع أسعارها فى مصر مقارنة بالدول الأخرى، مما دفعهم للمطالبة بتدخل الدولة لضمان وصول تلك السلعة للمواطن بسعر معقول من خلال تحديد متوسط التكلفة الفعلية للمنتج النهائى وأيضا هامش ربح الشركات والمصانع بعيدا عن المبالغة فى أسعار الشركات، خاصة مع سيطرة الشركات الأجنبية حاليا على قطاع الأسمنت المصرى .
وقال بعض تجار الأسمنت إنه رغم ركود السوق فى الفترة الأخيرة وتراجع المبيعات بنسب كبيرة فإن أسعار الأسمنت لم تنخفض بما يتناسب مع آليات العرض والطلب، وتوقع عدد منهم أن يؤدى طرح 14 رخصة جديدة لإنشاء عدد من المصانع الى زيادة الانتاج وبالتالى توازن الأسعار المبالغ فيها حاليا، كما طالب البعض الآخر بضرورة تحمل الدولة مسئولياتها وتدخلها بتحديد التكلفة الفعلية لانتاج الأسمنت وتحديد هامش ربح للشركات يتم على أساسه احتساب سعر البيع .
فى البداية طالب محمود مخيمر، رئيس شعبة وكلاء ومتعهدى الأسمنت فى غرفة تجارة الإسكندرية، بسرعة التدخل من الدولة لحل مشكلة الحديد والأسمنت عبر تحديد التكلفة الفعلية لانتاجهما وهامش ربح للمنتج مقسم بين الوكيل والتاجر وصولا للمستهلك، مشيرا الى أن أسعار الحديد والأسمنت فى مصر هى الأغلى فى المنطقة، وهو ما لا يستقيم مع تدنى دخول المصريين التى تعد الأقل فى دول المنطقة، لافتا الى أن بعض القوانين المعمول بها حاليا شابها الفساد والمجاملة لبعض رجال الأعمال وعلى رأسهم أحمد عز وبعض الشركات الأجنبية والتى استفادت من تلك الأوضاع ورفعت الأسعار .
وأوضح مخيمر أن سعر طن الأسمنت فى القاهرة يتراوح بين 460 و 500 جنيه وفى الإسكندرية من 480 الى 500 جنيه على الرغم من تراجع كميات المبيعات بصورة ملحوظة خلال الفترة الماضية بسبب توقف مشروعات الدولة والتى تستهلك نحو %90 من مواد البناء، إضافة الى تأخر تحصيل مستخلصات المقاولين لدى الدولة، مما أدى الى نقص حاد فى السيولة انعكس بصورة سلبية على تجار مواد البناء .
وشدد رئيس شعبة وكلاء ومتعهدى الأسمنت بغرفة تجارة الإسكندرية على أهمية قيام الدولة بوضع إطار قانونى منظم لإصدار تراخيص العقارات بدلا من العشوائية السائدة فى مجالات البناء، مطالبا وزير المالية بفرض ضريبة مبيعات من المنبع على المصانع تستقطع مرة واحدة إضافة الى خصم ضريبة أرباح تجارية وصناعية %2 كما كان مطبقا حتى عام 2006.
من جانبه أرجع عبدالرازق الدسوقى، عضو شعبة وكلاء ومتعهدى توزيع الأسمنت بغرفة تجارة الإسكندرية، مشكلة الأسمنت وارتفاع أسعاره رغم تراجع حركة المبيعات بنسب تصل الى %50 الى السياسات الخاطئة فى العهد السابق بخصخصة الصناعات الاستراتيجية والحيوية، وفى مقدمتها شركات الأسمنت ببيعها الى مستثمرين أجانب لا يبالون بأوضاع الدولة أو معاناة أهلها ويسعون فقط خلف الأرباح الطائلة لشركاتهم، مشيرا الى أن هناك تربيطات تتم بين بعض شركات الأسمنت لغياب دور الدولة وعدم وجود وزير مستقل للتجارة الداخلية، مشيرا الى تقدم بعض التجار بشكاوى ومقترحات عديدة الى جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قبل اندلاع ثورة يناير دون جدوى .
وأكد الدسوقى أنه رغم تراجع حركة المبيعات بنسب تصل الى %50 فإن الشركات قامت بزيادة أسعارها بنسب متفاوتة حيث رفعت المجموعة الإيطالية «طرة وحلوان والقومية » وشركة السويس سعر الطن الى 20 جنيها وشركة الإسكندرية 30 جنيها .
وأشار الى المشاكل التى تواجه التجار مع مصلحة الضرائب على المبيعات خاصة فيما يتعلق باسترداد المبالغ المدفوعة عند الشراء من المصانع وامتناع المأموريات التابع لها التجار عن رد المبالغ بحجة أنها محصلة فى مأمورية أخرى تابعة لنطاق المصانع، مؤكدا وجود مبالغ كبيرة من أرصدة التجار معطلة لدى المصلحة، مما يعوق التجار عن استخدام أموالهم ويؤدى الى زيادة حدة حالة الركود الاقتصادى التى تمر بها السوق حاليا .
كما أكد حمودة الأشوح، عضو شعبة مواد البناء بغرفة تجارة الإسكندرية، ركود حركة المبيعات بنسبة تزيد على %60 بسبب الشلل التام فى حركة البناء وتوقف الاستثمار العقارى بالمحافظة خاصة بعد بناء العديد من البنايات والمشروعات السكنية مؤخرا دون بيعها، مما دفع السوق الى حالة من الركود الشديد نتيجة نقص السيولة، مشيرا الى انخفاض أسعار الأسمنت هذا الشهر بنسب ضئيلة حيث بلغ سعر طن أسمنت العامرية 485 جنيها للطن وأسمنت إسكندرية 495 جنيها، متوقعا انخفاضا أكبر فى الأسعار فى الفترة المقبلة لتراجع حجم المبيعات .
وأشاد الأشوح بطرح الدولة 14 رخصة أسمنت جديدة فى الفترة الأخيرة لما يحققه من موارد مالية للدولة فى هذه المرحلة الدقيقة التى تمر بها البلاد بالإضافة الى الآثار الإيجابية المتوقعة على أسعار المبيعات والكميات المتاحة خلال الفترة المقبلة عقب بدء تشغيل هذه المصانع .