على الرغم من أن القطاع السياحى كان واحدا من أكثر القطاعات الاقتصادية تأثرا بتداعيات ما بعد ثورة 25 يناير، فإن حكومة الدكتور هشام قنديل تتوقع عودة معدلات السياحة لذروتها كما كانت خلال العام 2010، ويدعم هذا التفاؤل استرداد القطاع جانباً كبيراً من عافيته وفق مؤشرات النصف الأول من العام الحالى، والتى تشير إلى أن إيرادات السياحة بلغت نحو 5.2 مليار دولار عبر 6.2 مليون سائح فى الفترة من يناير حتى نهاية يونيو الماضي.
وزير السياحة هشام زعزوع لا يتفاءل كثيرا بالنسبة لمؤشرات القطاع حتى نهاية 2012، حيث تستهدف الوزارة تحقيق نفس معدلات العام الماضى وتحقيق إيرادات فى حدود 10 مليارات دولار عبر جذب نحو 12 مليون سائح، بزيادة طفيفة على إيرادات القطاع خلال العام 2011، ويرى الوزير أن الأحداث السياسية والأمنية التى تلت الثورة حتى انتخاب رئيس أثرت على حركة الوفود السياحية الأجنبية، ويعتبر المستهدف لإيرادات القطاع للعام الحالى واقعية.
وهوت مؤشرات السياحة خلال العام 2011 بنحو 25%، وبلغت إيرادات القطاع نحو 9.8 مليار دولار هبوطاً من 12.5 مليار دولار فى عام 2010، وإيرادات القطاع جزء مهم من إجمالى الدخل السيادى من النقد الأجنبى، وتضرر القطاع من أحداث الانفلات الأمنى التى تلت ثورة يناير وما تلا ذلك من إقدام عدد من دول العالم لحظر السفر على مواطنيها إلى المقاصد المصرية، وتراجع إجمالى الليالى السياحية التى قضتها الوفود لحوالى 114.2 مليون ليلة خلال 2011 مقارنة بـ147.3 مليون ليلة سياحية فى 2010.
هشام زعزوع الذى تولى مسئولية الوزارة منذ أقل من شهرين لا تقلقه سيطرة تيارات الإسلام السياسى على الحكم، ويؤكد أن ما يسمى بـ«السياحة الحلال» لا وجود له، ويتعامل مع الأطروحات الخاصة بإقامة منتجعات سياحية تتفق مع فهم الأحزاب الإسلامية بمنطق المنتج الجديد، لكنه يؤكد أن تحجيم السياحة الشاطئية التى يعتمد عليها القطاع فى إيراداته غير وارد على الإطلاق.
الوضع الأمنى حاليا بالنسبة للمقاصد السياحية جيد جدا
وبينما تأثرت السياحة بالانفلات الأمنى الذى ساد البلاد بعد الثورة وأحداث العنف التى وقعت خلال الفترة الانتقالية، يؤكد وزير السياحة فى حوار مع «المـال» أنه على الرغم من الرسالة السلبية التى وصلت إلى الخارج عن الأوضاع فى مصر، فإن الرسالة التى كانت أكثر وضوحا فى رأيه هو أن السائحين غير مستهدفين بتلك الأحداث، فلم تقع حوادث اختطاف أو اعتداءات مباشرة على وفود سياحية، ويشدد على أن الوضع الأمنى حاليا بالنسبة للمقاصد السياحية جيد جدا باستثناء العملية العسكرية التى يجريها الجيش حاليا فى شبه جزيرة سيناء لملاحقة متطرفين، الأمر الذى أثر بالسلب على حركة السياحة الوافدة إلى شرم الشيخ وطابا، وإلى نص الحوار:
«المال»: قلت إن عودة تدفقات السياحة لمعدلاتها الطبيعية قبل الثورة مرهون بمدى استقرار الجانب الأمنى، هل يعنى ذلك أن الوزارة تعتمد على جهة أخرى كـ «الداخلية» لتحقيق النمو المستهدف فى إيرادات السياحة، وما تمثله من نسبة فى الناتج المحلى الإجمالي؟
حين تم تكليفى بحقيبة السياحة قلت بوضوح إننا كوزارة لا نستطيع القيام بحملات ترويجية للسياحة إلا بعد التنسيق مع وزارة الداخلية والاطمئنان على الوضع الأمنى بالمقاصد السياحية، لست رجل أمن، ولا أريد أن أتدخل فى عمل وزارة الداخلية، لكننا كجهة مسئولة عن السياحة لنا مطالب مرتبطة بطرق التأمين، هناك رجل نشيط يترأس شرطة السياحة، اللواء عبدالرحيم منصور، نعتبره رجل سياحة قبل أن يكون رجل أمن وعلى علم بالنشاط وشئونه.
هناك مناقشات دارت داخل مجلس الوزراء فى هذا الشأن، وخرجت توصيات مرتبطة بمنظومة تأمين الوفود السياحية ستتحول إلى تكليفات من وزير الداخلية فى غضون أيام، من جهتنا حددنا 3 مناطق يتركز فيها نحو 95%، أولاها منطقة جنوب سيناء، من مدينة شرم الشيخ حتى طابا وما بينهما من مناطق سياحة السفارى ودير سانت كاترين.
نتحدث عن منظومة أمنية متكاملة لضبط الشارع السياحى فالأمر لا يقتصر على مخاوف وقوع حوادث إرهابية
المنطقة الثانية الخاصة بخطة تأمين الوفود هى «البحر الاحمر»، ومحاورها العرضية المتوغلة من الغردقة حتى الوادى الجنوبى إلى الأقصر وإدفو وأسوان، المنطقة الثالثة هى المقاصد السياحية الموجودة فى الوادى نفسه، من الأقصر حتى معبد أبوسيمبل جنوبا مرورا بأسوان.
أضيف أننا حين نركز على المنظومة الأمنية لا يقتصر الأمر على مخاوف وقوع حوادث إرهابية، نحن نتحدث عن منظومة أمنية متكاملة لضبط الشارع السياحى إن جاز التعبير ما يعنى تأمين السائح من حالات التحرش المختلفة من الباعة الجائلين، والضرر الذى يلحق بالسائحين من قطع الطرق، ليس بتعطيل طريق برى فحسب أو خط للسكك الحديدية، فقد شهدنا حالات لقطع مسار طريق «نهرى» حين احتج عمال هيئة النقل النهرى، مطالبين بزيادة الأجور فى أبريل الماضى وتسبب ذلك فى تعطيل حركة السياحة النيلية فى الجنوب، وتكرر الأمر مؤخرا بصورة أكثر ضررا بالسياحة حين أضرب المضيفون بشركة مصر للطيران عن العمل.
«المال»: كيف يمكن فك هذا القدر من التشابك فى الجهات والهيئات التى تؤثر فى العمل السياحى وتؤخر وتيرة تنفيذ أى إصلاحات مرتبطة بالقطاع السياحى ككل؟
هناك إطار مؤسسى هو المجلس الأعلى للسياحة كان مفعلا من قبل برئاسة رئيس الوزراء وعضوى ممثل كل الجهات التى يؤثر عملها على النشاط السياحة، ناقشنا فى مجلس الوزراء طلبا تقدمنا به لتفعيل المجلس من جديد، ووعدنا رئيس الوزراء بتفعيله قريبا، وهذا المجلس سيعالج كثيراً من الأمور المرتبطة باحتياجات السياحة من جهات مثل «الداخلية» ووزارة الطيران المدنى، ووزارة النقل وكذلك المحافظات.
أشعر بأن هذه الحكومة متجانسة ومتناغمة
أنا أشعر بأن هذه الحكومة متجانسة ومتناغمة، وخلال الفترة القليلة التى قضيتها داخل مجلس الوزراء استطعت الاقتراب من الوزراء الذين أحتك بهم يوميا فى عملى وأصبحت لا أنتظر موعد اجتماع مجلس الوزراء كى أتقدم باحتياجات قطاع السياحة من الجهات الأخرى، بل أحدد موعدا واذهب إلى لقاء الوزير المختص، أطمئن إلى أن ملف السياحة سيأخذ نصيبه العادل من اهتمام الوزراء المعنيين ومن قبلهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
«المال»: حادث توقف خطوط مصر للطيران أوائل سبتمبر الماضى بسبب إضراب المضيفين كبد الشركة خسائر بلغت نحو 50 مليون جنيه فى يومين حسب التصريحات الرسمية، وتسبب الحادث فى اضطراب حركة الوفود السياحية المغادرة والقادمة إلى مصر، كيف تعاملتم مع الأزمة رغم أن وزارة السياحة ليست طرفاً فيها؟
بلغنى صباح اليوم الأول للإضراب أن هناك وفوداً سياحية عالقة فى مطار القاهرة كانت فى طريقها للمغادرة، وأن هناك وفودا أخرى عالقة فى مطارات العالم كانت قادمة إلى مصر، قررت أن أذهب إلى المطار وأدير الأزمة على الأرض، وقابلت مسئولى مكتب السياحة خارج المطار ووزعت عليهم أدواراً، وذهبت إلى المضيفين المضربين وتحدثت معهم وعرفت حجم المشكلة، ثم تحدثت فى غرفة التحكم ووجهت رسالة اعتذار إلى السائحين حتى أتمكن من أن أصل بسرعة إليهم وأشعرهم بأن هناك أحدا يهتم بطمأنتهم.
السائحون العالقون قدروا وجود وزير بينهم كى يعتذر عن الموقف، وبعضهم ظل لمدة 48 ساعة حتى يتمكن من المغادرة، هنا كانت إدارة الأزمة، فقد عرفت حجم المشكلة وكيفية حلها، وطبقا للقانون فإن تأخير المسافر لمدة 4 ساعات تعنى أن له حقوقا قد تمتد إلى الإقامة الفندقية لليلة إضافية إذا ما تأخر أكثر من ذلك، كان على أن أنقل الوفود السياحية إلى الفنادق فورا كى أبعدهم عن مكان الأزمة، وطلبت من مسئولى شركة مصر للطيران الحديث عن التكاليف وطرق السداد والجهة المسئولة عنها فيما بعد، كان وزير الطيران فى الخارج، ثم توجهت إلى رئيس الوزراء لأشرح له أبعاد الازمة والمتسبب فيها ووجهة نظرى الخاصة بحلها.
الإضرابات بالمطارات واردة وحدث ذلك مؤخرا فى لندن
الإضرابات بالمطارات واردة وحدث ذلك مؤخرا فى لندن، ولكن ما كان يعنينى هو أن السائح إذا ما لاقى إقامة جيدة وسعيدة فى مصر فإن حادثاً مثل هذا، وفى آخر دقائق زيارته سيترك انطباع شديد السوء فى ذهنه حين يعود إلى بلاده، انتقدنى البعض لاننى وجهت رسالتى من غرفة التحكم بالإنجليزية إلى السائحين الأجانب فقط، وفسروا هذا الأمر على أنه تجاهل للمسافرين المصريين والعرب وثار عدد من الركاب لهذا الأمر، وحقيقة الأمر أننى لم أكن أريد التدخل فى عمل شركة مصر للطيران وقلت إننى باعتبارى مسئولا عن السياحة سأتحدث إلى السائحين فقط وكتبت كلمتى وطلبت من مسئولى الشركة توجيه رسالة إلى المصريين والعرب المسافرين ولم يفعلوا، ووضعونى فى مأزق.
أصدقائى فى «مصر للطيران» قالوا إنهم كانوا يخشون الاشتباك مع الجمهور، وكانت النتيجة أن المسافرين المصريين اعتدوا على مكاتب الشركة بالفعل، لست فى موقع أن أجزم بمشروعية مطالب مضيفى الشركة من عدمها، أنا أتحدث عن مبدأ، لا يجوز أن يحدث إضراب بالشكل الذى حدث، هذا قطع لطريق جوى.
«المال»: بعد توليك مسئولية الوزارة بفترة وجيزة شكلت لجنة أطلقت عليها «حكماء السياحة»، وضمت نحو 32 عضوا من قيادات الوزارة واتحاد الغرف السياحية وجمعيات المستثمرين لوضع خطة قصيرة الأجل لانتشال القطاع السياحى من عثرته، ما عمل تلك اللجنة بالتحديد، وهل لها سلطات فعلية فى اتخاذ القرار أم مجرد جهة استشارية؟
زعزوع: مصر لديها مختلف أدوات جذب السائح
لجنة حكماء السياحة تضم كذلك خبراء من خارج القطاع، استعرضنا معايير العمل التى تتلخص فى تقسيم مشكلات القطاع إلى مجموعة من الملفات، لتتولى لجان فرعية كل ملف على حدى، وتضم كل لجنة فرعية مجموعة من ممثلى القطاع الخاص، بالإضافة إلى مقررى اللجان، ولقد انتهينا إلى تشكيل 10 لجان فرعية، للأمن والطاقة والطرق والمقاصد الداخلية، وأخرى للشئون الاقتصادية والعلاقة مع البنوك، ولجان للاستثمار والقوى العاملة.
10 لجان نوعية تمت تسمية رؤسائها وكذلك الأعضاء، وكان المعيار ألا يزيد الأعضاء على 7، هناك لجان خاصة بالترويج والتسويق ضمت مسئولين عن الإعلام، انتهينا كذلك إلى اهداف كل لجنة التى يجب أن تتحقق خلال فترة أقصاها 6 شهور.
«المال»: ما الإجراءات قصيرة الأجل فى هذا الشأن.. وإلى ماذا انتهت كل تلك اللجان؟
طلبت منهم الرجوع إلى بالحلول المطروحة لمشكلات القطاع السياحى ككل فى مدة لا تزيد على 15 يوما، مع تحديد المشكلات والحلول المطروحة لها فى شكل بدائل، وليس بديلاً واحداً، تلك اللجان كما قلت ضمت خبرات استثمارية ومصرفية مثل كريم هلال، العضو المنتدب لشركة التجارى الدولى للاستثمار الذى كان رئيسا لغرفة الغوص، وهو مستشار فى آن واحد لأكثر من مستثمر فى القطاع السياحى، جزء من الملفات التى تتولاها تلك اللجان لدى بشأنها تصورات لن أفرضها إلا بمشاركة جميع أطراف السوق السياحية.
«المال»: هناك أزمات طارئة أثرت على القطاع السياحى خلال الشهور القليلة الماضية، وحتى بعد تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل، مشكلة نقص الطاقة على سبيل المثال التى هددت العمل بعدد واسع من فنادق شرم الشيخ وطابا فى ذروة الإشغالات خلال عيد الفطر الماضى، وتوقفت مراكب سياحية بحرية بسبب نقص السولار، كذلك الأمر فى فنادق البحر الأحمر، كيف واجهتم تلك الأزمات التى تحتاج إلى حلول عاجلة؟
وزير البترول تعهد لى بعمل المقايسات لمد خطوط الغاز إلى المدن السياحية فى جنوب سيناء
وزير البترول تعهد لى بعمل المقايسات اللازمة لمد خطوط الغاز إلى المدن السياحية فى جنوب سيناء ومنطقة البحر الأحمر خلال أيام، وستستغرق أعمال مد الخطوط ثلاثة أشهر، وسيساهم صندوق دعم السياحة فى تمويل المشروع، وحددنا التكلفة اللازمة لمد الخطوط بالنسبة لمنطقة البحر الاحمر بنحو 6 ملايين جنيه، وكنا نقدر تكلفة مد الخطوط إلى مناطق جنوب سيناء بنفس التكلفة تقريبا لكن الدراسات الأولية أشارت إلى ارتفاع التكلفة لنحو 24 مليون جنيه، وسأطرح على مستثمرى القطاع السياحى فى تلك المناطق المساهمة فى التمويل إلى جانب صندوق دعم السياحة، ومد الغاز الطبيعى إلى تلك المناطق سيقضى على أزمات انقطاع التيار الكهربائى من جانب، وسيخفف من الاعتماد على السولار وما يمثله من تكلفة مرتفعة.
ستتبقى مناطق جنوب البحر الأحمر ومرسى علم، وهى مناطق ينقصها البنية التحتية اللازمة لبدء مد خطوط الغاز الطبيعى، وسنضطر إلى استخدام السولار والمازوت لتشغيل المناطق السياحية هناك، وسينقل إليها الكميات التى كانت تستهلكها فنادق شرم الشيخ وطابا والغردقة بعد اكتمال مشروع مد خطوط الغاز إليها، هذا فيما يخص علاج أزمة نقص الطاقة للقطاع السياحى على المدى القصير.
«المال»: هذا يعنى أن القطاع السياحى مهدد بتكرار أزمات الطاقة، خاصة أن الحكومة أعلنت مؤخرا أنها لن تتمكن من توفير مصادر محلية من الغاز اللازم للتوسعات فى القطاع الصناعى، وقال وزير الصناعة والتجارة أن هناك اتجاهاً بالسماح للمستثمرين باستيراد الغاز من الخارج، فكيف تضمن الوزارة مصادر دائمة للطاقة اللازمة لتوسعات مستثمرى القطاع السياحي؟
على المدى البعيد نخطط لتنفيذ مشروع ضخم لتوفير الطاقة للقطاع السياحى ككل، عبر تكنولوجيا الطاقة المتجددة، ونحن أخذنا معيارا لاستخدامات القطاع السياحى من الطاقة خلال عام الذروة 2010 ، وكانت المؤشرات تشير إلى أن استهلاك القطاع من الطاقة بلغ خلال العام نحو مليار جنيه حسب وزارة الكهرباء، وسيسمح المشروع بتوفير نحو 35% من إجمالى استهلاك القطاع.
ينقسم مشروع توفير الطاقة للقطاع السياحى ككل إلى جزئين
ينقسم المشروع إلى جزئين، الجزء الأول سيكون عبر مشاريع لتعميم تكنولوجيا السخانات الشمسية بفنادق الـ5 نجوم، والمشروع الثانى يخص تعميم تكنولوجيا الإضاءة الذكية بالفنادق وهى تكنولوجيا تم تطبيقها بالفعل فى عدد من سلاسل الفنادق العالمية تعمل على تخفيض استهلاكات الطاقة بالفنادق دون تدخل من العنصر البشرى، على سبيل المثال ضبط درجة إضاءة الغرف الفندقية آليا حسب عدد الأفراد الموجودين، وكذلك الحال بالنسبة لمكيفات الهواء.
وتلقينا عرضا من شركة استشارات عالمية متخصصة فى تكنولوجيا الطاقة المتجددة، أعدت المواصفات الفنية اللازمة للمشروعين، عرضناها على هيئة الطاقة المتجددة التابعة لوزارة الكهرباء لمراجعتها، وتشير الدراسات الأولية إلى أن تكلفة المشروعين ستكون فى حدود 500 مليون جنيه، وتستغرق أعمال التنفيذ نحو 3 سنوات، وندرس البدء بمناطق البحر الاحمر وجنوب سيناء الأكثر احتياجا للطاقة، كما عرضنا الأمر على وزارة التخطيط والتعاون الدولى كى تتفاوض لنا على منح خارجية فى إطار المنح والقروض الميسرة التى تقدمها مؤسسات التمويل الدولية لمشروعات الطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة، كذلك عرضنا المشروع على البنك الأهلى المصرى باعتبار وجود إدارة متخصصة داخل البنك لتمويل المشروعات البيئية، وأبدى موافقة مبدئية على المساهمة فى التمويل.
«المال»: منطقة هضبة الأهرامات تعانى من الإهمال والعشوائية، وكذلك انتشار الباعة الجائلين على الرغم من تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع تطوير منطقة أثار هضبة الأهرامات بتكلفة تصل لنحو 300 مليون جنيه، كذلك تعانى المنطقة من غياب الوجود الأمنى وهو ما لاحظه رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل فى زيارة مفاجئة للمنطقة قبل نحو شهر، وقال لنا محافظ الجيزة إن لدى المحافظة خطة تستهدف جذب 6 ملايين سائح سنويا لمنطقة الهضبة، ماهو دور وزارة السياحة فى التعامل مع مشكلات منطقة هضبة الأهرامات التى تعتبر واحدة من أبرز المعالم السياحية فى العالم؟
لا يمكن أن نستهدف زيادة جاذبية أى منطقة أثرية للسائحين دون تقديم منتج جديد
لا يمكن أن نستهدف زيادة جاذبية أى منطقة أثرية للسائحين دون تقديم منتج جديد، فمنطقة هضبة الاهرامات وما تعانى من حالة سيئة جدا، لا يوجد أكشاك خاصة بتنشيط السياحة أو لتقديم نشرات ترويجية للسائحين، لا توجد أسياج تحيط بالمنطقة وتحمى آثارها، الدواب فى منطقة الأهرامات تسير وسط السائحين، الأجانب مبهورون بالثقافة الفرعونية ومع ذلك لا يقدم لهم أى نوع من خدمات الإرشاد السياحى التى تجعلهم يعيشون حالة من الاندماج الروحى مع آثار الأهرامات على وجه الخصوص، خاصة إذا اختلطت زيارة السائح لمنطقة الأهرامات بـ«روث » الدواب فستفشل تماما وتنقلب من تجربة روحية شيقة إلى تجربة مملة وسخيفة.
بالنسبة لتطوير المنطقة، هناك مشروع قديم لتطوير منطقة الاهرامات ككل يشمل أعمال تنظيف كاملة واستكمال للأسوار المحيطة بالمنطقة الأثرية بطول 5.18 كيلو متر، وإنشاء مركز تحكم إلكترونى لحماية المنطقة من التعديات والسرقات، إلى جانب عمل طرق حجرية وممشى خشبى أمام الاهرامات، هذا وفق مخطط وزارة الآثار، وقلت لوزير الآثار إننى أبحث عن أهداف قصيرة الأجل وبتكاليف بسيطة، وشكلنا لجنة تبحث تطوير المنطقة على نحو عاجل، وخلال شهر من الآن سيتم تجديد منطقة هضبة الأهرامات بالكامل وستتحول إلى مكان حضارى بالفعل، كما سنتعاقد مع شركة للنظافة إلى جانب تطوير منطقة بانوراما الاهرامات الخاصة بالتصوير، فضلا عن تنظيم عمل الباعة الجائلين، ولن يتجاوز إجمالى التكاليف نحو 6 ملايين جنيه وسيكون التمويل عبر صندوق دعم السياحة.
السياحة تجربة وليست مجرد زيارة إلى مكان ما وتقديم معلومات جافة إلى السائح عن الأثر، هناك أمور أخرى خاصة بالأمن ناقشناها مع وزارة الداخلية، واتفقنا على أن تقوم «الداخلية» بتسيير عدد من دوريات الشرطة على هضبة الأهرامات، بالإضافة إلى ذلك فإن تجربة تطوير هضبة الأهرامات بتلك التكاليف البسيطة قابلة للتكرار فى مناطق أثرية أخرى دون الحاجة إلى رصد خطط طويلة الأجل لن تتحقق أبدا سواء بسبب تغيير المسئولين أو ضخامة الميزانيات اللازمة لتنفيذها.
زعزوع أكد أن تحجيم السياحة الشاطئية غير وارد على الإطلاق
«المال»: ما زلنا نتساءل عن أولويات الوزارة المرتبطة بالمرحلة الحالية، وماذا عن تلك الاولويات بخلاف التعامل مع الازمات الطارئة التى شهدتها السوق السياحية منذ تشكيل الحكومة الحالية قبل نحو شهرين؟
بجانب الأمن، تأتى الأولوية الثانية التى تتصدر أجندة الوزارة هى عمليات «إعادة ترتيب البيت»، عبر خطة لإعادة هيكلة الجهات التابعة للوزارة، وعلى رأسها هيئة تنشيط السياحة، ومعها المشاكل الآنية الخاصة بالمستثمرين، هناك خطط قصيرة الآجل للتعامل مع بدء الموسم الشتوى فى أكتوبر الحالى ونتوقع زيادة بمعدلات كبيرة فى نسب إقبال الوفود السياحية، خاصة بعد أن تمكنا من إقناع الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية برفع حظر سفر مواطنيهم إلى المقاصد السياحية المصرية.
نعكف على وضع خطط تفصيلية للتعامل مع الوفود التى ستأتى إلينا من الصين واليابان وأمريكا والدول بعيدة المدى عموما، حيث إن مواطنى تلك الدول غالبا ما يستهدفون السياحة الثقافية، خاصة أن تلك النوعية من السياحة كانت اكثر المتضررين من تبعات بعد الثورة على الرغم من أن الوفود التى تستهدف السياحة الثقافية تكون أكثر إنفاقا، السياحة الوافدة من أوروبا غالبا ما تستهدف الشواطئ المصرية، وفى حقيقة الأمر العمالة السياحية بالمناطق الأثرية المرتبطة بالسياحة الثقافية تعانى بشدة خاصة فى الأقصر وأسوان.
نحن نعتبر أن الموسم الشتوى الحالى سيكون بمثابة العودة الحقيقية لنشاط السياحة الثقافية وتحديدا المقاصد الموجودة بالأقصر وأسوان، نعمل بشكل يومى مع المكاتب الخارجية وشركات الطيران لتكثيف حملات الترويج فى الولايات المتحدة والصين واليابان.
«المال»: وماذا عن باقى خطط الترويج الخاصة بالأسواق الأخرى؟ وما مستهدفات جذب السائحين من الأسواق التى رفعت الحظر عن سفر مواطنيها إلى مصر؟
نعمل على تنويع الأسواق وفى وقت قصير تمكنا من جذب أسواق جديدة
نعمل على تنويع الأسواق، وفى وقت قصير تمكنا من جذب أسواق جديدة لم تكن لها حصة فى سوق السياحة المصرية، واليوم 9 أكتوبر سنحتفل بأول طائرة تأتى من تركيا إلى شرم الشيخ مباشرة، وهو جهد استمر لشهور، وكنا الوسيط لدى وزارة الطيران المدنى لاستخراج التراخيص اللازمة، واتصور أن ينتج عن الاتفاق الذى توصلنا إليه مع خطوط الطيران التركية منتصف أغسطس الماضى جذب نحو 400 ألف سائح تركى، أو نصف مليون سنويا وهو رقم عظيم نستهدفه يماثل عدد السائحين الوافدين إلى مصر من السوق الفرنسية سنويا، عبر تسيير خطوط طيران مباشرة من تركيا إلى شرم الشيخ والغردقة.
وندرس حاليا شراكة مع خطوط الطيران التركية الترويج للسياحة المصرية فى الأسواق بعيدة المدى التى لا تطير إليها رحلات «مصر للطيران » مثل أمريكا الجنوبية والبرازيل فضلا عن المشاركة فى جذب السائحين من الصين وفتح خطوط جديدة مع أسواق أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا ووضع سياسة تسعيرية مناسبة للتواجد المشترك بين الجانبين المصرى والتركى فى هذه الأسواق.
ونستهدف خلال عام 2013 جذب 150 ألف سائح من اليابان وهى معدلات تقارب معدلات عام 2010 الذى شهد ذروة نشاط السياحة المصرية من حيث عدد الوفود وتمكنا من جذب 120 ألف سائح يابانى، بالنسبة للصين، كنا قد تمكنا من جذب 107 آلاف سائح صينى خلال 2010، ونأمل جذب 150 ألف سائح بنهاية 2013، السياحة الأمريكية الوافدة إلى مصر تأثرت بشدة فى أعقاب ثورة يناير وتراجع معدل الوفود الأمريكية بنسبة 50% دفعة واحدة خلال عام الثورة 2011 إلى 184 الف سائح هبوطا من 361 ألف سائح أمريكى فى 2010، نستهدف هذا العدد العام المقبل.
نستهدف جذب 600 ألف سائح من أمريكا والصين واليابان فى 2013
لو نظرنا إلى تلك الأسواق الثلاث وحدها (الولايات المتحدة، الصين، اليابان)، فنحن نستهدف جذب 600 ألف سائح من تلك الدول مجتمعة فى 2013، وإذا ما حسبنا متوسط الإنفاق اليومى للسائح فى حدود 85 دولاراً خلال فترة زيارة مدتها 7 أيام، لوجدنا أن الإيرادات المستهدفة من تلك الاسواق وحدها تصل لحوالى 357 مليون دولار، فى مقابل مجهود ليس بالكثير.
«المال»: بالنظر إلى تجربة مثل تركيا، هل تمتلك السوق التركية من المقاصد السياحية ما هو أكثر من مصر حتى تمكنت هذه السوق من جذب نحو 25 مليون سائح سنويا بينما أعلى معدلات وصلت إليها مصر لم تتجاوز 14.7 مليون سائح فى 2010؟
بداية، لا يمكن المقارنة بين المقاصد السياحية فى مصر وتركيا من حيث الحجم والتنوع، فلدى السوق المصرية مختلف أنواع السياحة، فضلا عن التنوع فى كل نوع من السياحة، فمثلا لا تقتصر السياحة الثقافية على حضارة الفراعنة فحسب، هناك حضارة إسلامية وقبطية، وأثار من عصور مختلفة منذ آلاف السنين وحتى الحرب العالمية الثانية تعتبر مقاصد للسائحين، إلا ان الأمر فى تركيا يختلف تماما عن الواقع المصرى من حيث النظر إلى تنمية السياحة باعتبارها هدفا قوميا.
نستطيع بقليل من المجهود أن نجذب 25 مليون سائح سنويا
فى تركيا تتولى وزارة المالية تحصيل ثلث إيرادات التأشيرات السياحية، وهناك حكومة تتعاون كلها من اجل تنشيط السياحة، فى عام الازمة المالية العالمية على سبيل المثال ألغت الحكومة التركية رسوم التأشيرات، وخفضت رسوم إقلاع وهبوط الطائرات، لديهم نظرة مختلفة تماما عن مصر خاصة فى مسألة قطاع الطيران، حيث يعتمد النشاط السياحى التركى كليةً على قوة الطيران الجوى التركى الحكومى والخاص على حد سواء، الحكومة تتعامل مع السياحة باعتبارها منتج الدولة والمجتمع، ومختلف القطاعات الحكومية تخدم على تنشيط السياحة حتى صناعة السينما والدراما، وحينما ننظر إلى الطيران التركى منذ 5 سنوات فقط نجد انه لم يكن على الخريطة، فكيف تمكنت شركة الطيران التركية الوطنية ان تنافس دوليا الآن ضمن أفضل 10 شركات فى العالم، علينا أن نبحث إجابة هذا السؤال إذا كنا نأمل فى تنشيط السياحة، وأتصور أننا نستطيع بقليل من المجهود أن نجذب 25 مليون سائح سنويا.
«المال»: متى تحديدا يمكن الوصول إلى هذا الرقم؟ وما مستهدف الإيرادات من القطاع السياحى خلال الخمس سنوات القادمة؟
حسب خطط وزير السياحة السابق منير فخرى عبدالنور، كنا نستهدف جذب 25 مليون سائح خلال 2017، وتقديرى أننا يمكن ان نستهدف هذا الرقم ما بين أعوام 2017-2020، وعلى الرغم من ان البنية التحتية للقطاع السياحى لم تتضرر بشدة من تبعات الثورة، لكننى اتصور الحاجة لمزيد من تأهيل البنية التحتية من مطارات وطرق وصول إلى المقاصد السياحية.
نستطيع تحقيق إيرادات تتراوح بين 18 و20 مليار دولار سنويا خلال 5 سنوات
بالنسبة للإيرادات المستهدفة، نستطيع تحقيق إيرادات تتراوح بين 18 و20 مليار دولار سنويا خلال 5 سنوات، لا أبنى توقعات عظيمة على المتبقى من العام الحالى فقد واجهت السياحة مشكلات استمرت نهاية سبتمبر الماضى، مثل أحداث العنف امام السفارة الأمريكية مؤخرا على سبيل المثال، ومن قبلها أحداث رفح، فلم يكن يمر شهر منذ ثورة يناير 2011 دون وقوع أحداث تؤثر على حركة السياحة، مسألة التمشيط الأمنى التى تجرى فى سيناء حاليا أثرت بالسلب على تدفقات الوفود السياحية إلى مناطق شمال وجنوب سيناء، وإن كان هذا الأثر قد قل حاليا مع هدوء العملية العسكرى «نسر» التى تجرى هناك، وأتوقع عودة معدلات السياحة لطبيعتها فى الفترة بدءا من أكتوبر الجارى، ومؤشرات أعداد الوفود حتى بداية أغسطس الماضى مبشرة جدا وتؤكد أن القطاع فى سبيله إلى الانتعاش فقد تمكنا من جذب 6.2 مليون سائح فى الفترة من يناير حتى نهاية يونيو من العام الحالى.
«المال»: فى فترة وجيزة من توليك مسئولية الوزارة أصدرت تعديلات فى عدد من القرارات الوزارية السابقة، كان آخرها تعديل فى اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الشركات السياحية للتسهيل على شركات السياحة بعدم اشتراط أن تكون سيارات الركوب للسائحين «الليموزين» من طراز العام، فهل هناك تعديلات جديدة على عدد من القرارات الوزارية السابقة؟
حاليا لا يوجد اتجاه لتعديل قرارات وزارية قائمة، ولم يكن القرار الخاص بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الشركات وحده الذى أثر على النشاط بالإيجاب، فقد اصدرت قرارا آخر يقضى بعدم قيام شركات السياحة بدفع أى رسوم للمحليات نظير مشروعات سياحية، وأصدرت هذا القرار بناءً على فتوى من مجلس الدولة تؤكد عدم قانونية تحصيل المحليات تلك الرسوم، وأنا لدى قناعة بأن القطاع السياحى بمثابة «الفرخة التى تبيض ذهبا » لمختلف قطاعات الدولة، على الأقل لابد من تنظيم الجهات التى تحصل رسوما من مستثمرى القطاع، هناك قرارات وزارية أخرى سأعلن عنها خلال أيام ترتبط أيضا بتسهيل عمل شركات السياحة.
يجب التعامل مع السياحة باعتبارها منتجاً قومياً ومصدراً مهماً للعملة الأجنبية
«المال»: كنت مع الرئيس مرسى قبيل انتخابات الرئاسة حين كنت مساعدا للوزير، وقلت ردا على تصريحاته بدعم السياحة بحوالى 20 مليار جنيه، إن القطاع ليس فى حاجة إلى هذا الدعم، فهل لازال رأيك كما هو؟
أنا مازلت أقول إن المعلومات التى ذهبت للدكتور مرسى قبيل الانتخابات بشأن حقيقة الوضع السياحى ليست دقيقة، وأؤكد أن القطاع لا يحتاج إلى هذا القدر من الدعم المالى، وإنما يحتاج إلى تكاتف مختلف قطاعات الدولة والتعامل مع السياحة باعتبارها منتجاً قومياً ومصدراً مهماً للعملة الأجنبية.
«المال»: ماذا عن صندوق دعم السياحة، هل طلبتم رفع رأسماله، وما حقيقة التراجع فى إيرادات الصندوق خلال العام الماضى وتحقيق عجز مالى بعد أن كان يحقق فائضا يصل إلى 30%؟
صندوق السياحة لا يدعم القطاع فقط، وإنما يتولى الإنفاق على مشروعات أخرى لا تصنف على انها مسئولية الوزارة، مثل سداد 50% من رسوم رحلات السفارى، أو تطوير طرق لمقاصد سياحية، إيرادات الصندوق تراجعت بواقع 55% العام الماضى ومعظم إيراداته من القطاع الخاص، العجز المالى المحقق خلال العام المالى بلغ 25% بإجمالى إيرادات فى حدود 1.115 مليار جنيه، نخطط لخفض الإنفاق من الصندوق، خاصة انفاق الحملات بنسبة تتراوح ما بين 20 و25% بما يسمح لنا باستكمال العام الحالى دون اتساع نسبة العجز فى الصندوق، وأرى أن دور وزارة السياحة يجب ألا يكون ادخار الأموال.
«المال»: حينما كنت مساعدا للوزير السابق لعبت دورا رئيسيا فى توفير دعم مالى لتحفيز الطيران العارض ومنخفض التكاليف بقيمة 50 مليون جنيه من صندوق دعم السياحة وحددت عدداً من الخطوط الداخلية والخارجية، هناك من انتقد هذا الدعم واعتبره خسارة للمال العام؟
الطيران هو العنصر الأهم فى تنشيط حركة السياحة الوافدة إلى مصر
أولاً علينا أن نتفق ان الطيران هو العنصر الأهم فى تنشيط حركة السياحة الوافدة إلى مصر، فدون طيران لن توجد هناك سياحة، والسوق السياحية المصرية لديها نقطة ضعف تتمثل فى الاعتماد على منظمى الرحلات كوسيط دائم بين الوفود والسوق المحلية، وهو أمر يختلف عن الدول التى لديها بنية تحتية وتكنولوجيا تجعل عمل منظمى الرحلات فى أضيق الحدود، فأنت إذا حصلت على تأشيرة لزيارة باريس فلن تحتاج إلى منظم رحلات يرشدك إلى طريقك، ويكفيك أن تدخل على الإنترنت لتحجز تذكرة السفر وغرفة الفندق وحينما ستصل إلى هناك ستجد برامج سياحية جاهزة.
وما زلنا سوقا لم تصل إلى هذا المستوى ونعتمد على كبار منظمى الرحلات كى يمدونا بالسائحين، هم يقولون لنا دائما لماذا نأتى إليكم إذا كنا نستطيع الذهاب لدول اخرى ونأخذ المنتج نفسه إذا كنا نتحدث عن السياحة الشاطئية فهناك دول لديها شواطئ أجمل من الشواطئ المصرية، فمن هنا كان أهمية دعم الطيران العارض، وأقول للمنتقدين إن نتيجة نظام الدعم الذى طبقناه أثمرت عن أن 50% من الطائرات التى وصلت إلى الغردقة العام الماضى لم تطلب دعما نقدا، لأن برنامج الدعم الذى نقدمه يفرض على منظمى الرحلات فتح باب وطرق بيع تذاكر السفر حتى ليلة إقلاع الطائرة لأن منظم الرحلة مطمئن على أن الطائرة حتى وإن أقلعت فارغة فسيحصل على دعم نقدى يعوضه، وبالتالى فهو يظل يروج لبرنامجه حتى آخر لحظة.
برنامج دعم الطيران العارض يجعل منظمى الرحلات شركاء لنا فى عمليات الترويج، منظم الرحلة هو من يأخذ المخاطرة المتمثلة فى تأجير الطائرة، ولقد أعددنا دراسة اقتصادية فى نهاية السنة المالية المنتهية فى يونيو الماضى أثبتت أن بعض المقاصد فى الغردقة وشرم الشيخ كان كل دولار ننفقه دعما للطيران العارض يقابل بعائد 22 دولاراً، وفى شرم الشيخ كان عائد إنفاق الدولار نحو 19 دولاراً.
نموذج دعم الطيران العارض الذى نعمل به حاليا لا يعنى انه سيستمر بنفس الطريقة
ومع ذلك فإن نموذج دعم الطيران العارض الذى نعمل به حاليا لا يعنى انه سيستمر بنفس الطريقة، هناك لجنة فنية تعكف على دراسة ملف تحفيز الطيران بالكامل وتعمل على تعظيم الاستفادة من نظام الدعم عبر تقسيم البرنامج حسب المناطق المستهدفة، بمعنى عمل 3 أو 4 برامج تحفيز تناسب 3 أسواق بعينها، وعلى سبيل المثال ندرس حاليا مع السوق الألمانية دعم مقعد الطائرة المحجوز وليس الخالى، بينما السوق الإنجليزية تطلب دعم المقاعد الخالية.
«المال»: قلت إن الطيران عنصر أساسى فى قطاع السياحة، ومنذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات كانت هناك حالات لضم وزارتى السياحة والطيران المدنى فى حقيبة واحدة، وهى حالات تكررت فى عهد نظام مبارك حتى عام 1987 نظرا لتشابك العلاقات والمصالح بين كل من قطاعى السياحة والطيران، فهل من الصواب أن تظل السياحة والطيران جهتين منفصلتين رغم هذا التشابك؟
أنا لا أستطيع أن أقول هذا الكلام، قلت من قبل إن القطاع السياحى يجب أن يعاد النظر فيه بمختلف جوانبه وما يربطه بالقطاعات المختلفة، وقبل انتخابات الرئاسة قلت إننى أتمنى رؤية نائب لرئيس الوزراء لشئون السياحة والطيران، وأن تكون هناك مجموعة عمل سياحية تضم وزارات مختلف الأطراف الحكومية التى تؤثر فى النشاط السياحى، ومن جهتنا نسعى بقدر المستطاع لتحقيق التكامل مع وزارة الطيران المدنى ولم نجد منهم ما يعوق عملنا حتى الآن.
«المال»: كنت قد تقدمت بمقترح لإنشاء مطار فى مدينة رأس سدر على خليج السويس تعمل على وضع المنطقة على خريطة السياحة العالمية، ماذا عن إجراءات تنفيذ المشروع؟
العامل الذي سيحدد إقامة مطار فى العين السخنة أو رأس سدر هو “العائد الاقتصادى الأكبر”
كنا بدأنا إعداد دراسات اقتصادية بالفعل لإقامة المطار فى مدينة رأس سدر، وطلب منا مستثمرون دعم خط طيران إلى تلك المنطقة ووافقنا من حيث المبدأ، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت عروضاً أخرى خاصة بتنفيذ مشروع المطار فى مدينة العين السخنة فى إطار حركة التنمية المستهدفة بمنطقة شمال غرب خليج السويس ككل، بحيث يتم استخدام مطار «السخنة» لتوصيل السائحين إلى مدينة رأس سدر عبر معديات بحرية سريعة، وبناءً على ذلك قررنا عمل دراسات الجدوى الخاصة بإقامة المطار فى كل من العين السخنة ورأس سدر واستبيان أيهما ذات العائد الاقتصادى الأكبر قبل اتخاذ قرار طرح المشروع على القطاع الخاص.
«المال»: ماذا عن الإصلاحات التشريعية التى تعتزم الوزارة تطبيقها خلال الفترة المقبلة؟ وهل هناك أجندة بمشروعات قوانين مقترحة تخدم السوق السياحية؟
لا توجد مشروعات قوانين حالياً بخلاف التعديلات التى أعدها اتحاد الغرف التجارية على قانون السياحة، عبر إضافة باب جديد يسمح بمنح تراخيص لشركات السياحة الإلكترونية، بما يسهل من عمليات التسويق والترويج للمقاصد الداخلية، فضلا عن أن هذه النوعية من الشركات أصبحت لها حصص كبيرة فى سوق تنظيم الرحلات على مستوى العالم، فى السياق نفسه نعمل على تعديل بعض البنود فى القانون والتى ترتبط بمعوقات الاستثمار فى القطاع السياحى، بما يؤهل مستثمرى القطاع التعامل مع جهة حكومية واحدة لتخليص الإجراءات المطلوبة.
«المال»: لماذا كان أول القرارات التى اتخذتها وقف تعاقد المكاتب الخارجية التابعة للوزارة مع شركات الدعاية للترويج عن السياحة، كذلك قررت وقف تنفيذ 6 معارض دولية بالأمر المباشر عبر المكاتب، وماذا عن خطة الوزارة لإعادة هيكلة تلك المكاتب وتنشيط دورها فى جذب الوفود السياحية؟
كان من المعتاد أن تقوم تلك المكاتب بالتعاقد مع شركات الدعاية والتسويق بالأمر المباشر، وأوقفت العمل بهذا النظام لحين طرح مناقصة دولية لاختيار تلك الشركات، وقررت إيقاف عمل المعارض الدولية فى إطار خفض نفقات الحملات الدعائية والتسويقية فى الوقت الحالى لحين الانتهاء من عملية ترتيب البيت السياحى كما قلت من قبل.
وضعنا ضوابط ومعايير جديدة لاختيار مديرى مكاتبنا فى الخارج
فيما يخص المكاتب الخارجية، فقد وضعنا ضوابط ومعايير جديدة لاختيار مديرى مكاتبنا فى الخارج، وآلية مختلفة لعمل تلك المكاتب تستند إلى عمل تقييم دائم ومستمر لأداء كل مكتب ومحاسبته، وهيئة تنشيط السياحة تحديدا تلعب دورا مهما فى إعادة هيكلة المكاتب الخارجية، وبالنسبة للمناقصة الخاصة بالشركة التى ستتولى التسويق والترويج للسياحة المصرية فى الخارج أتوقع طرحها خلال أسبوع.
«المال»: هل توصلت الوزارة إلى تسويات مع عدد من المستثمرين المتعثرين بالقطاع السياحى خاصة فى منطقة البحر الاحمر التى شهدت عدداً كبيراً من حالات التعثر؟
يجب أن نعترف أنه منذ الثورة قامت الحكومات المتعاقبة بسحب كثير من الاراضى التى تم تخصيصها للمستثمرين فى مختلف الانشطة الاقتصادية خوفا من المساءلة القانونية، من جهتنا قررت منح مهلة 6 شهور للمستثمرين الذين توقفوا عن تنفيذ مشروعاتهم بالقطاع السياحى لظروف قهرية، وبالنسبة لمستثمرى منطقة البحر الأحمر توصلنا لتسويات مع 3 مستثمرين بمشروعات استثمارية بتكاليف تصل لنحو 900 مليون جنيه، وهناك 10 حالات أخرى قيد التسوية نتوقع الانتهاء منها قريبا.
«المال»: بعد كثرة الحديث عن ما السياحة التى تتوافق مع الشريعة الإسلامية عقب تولى أحزاب الإسلام السياسى الحكم، هل تلقت الوزارة عروضا لتنفيذ مشروعات تناسب مفهوم السياحة الحلال؟
لا يوجد ما يسمى بـ”السياحة الحلال”، وسمعت مثلكم برغبة عدد من المستثمرين فى تنفيذ مشروعات سياحية تتفق مع الشريعة الإسلامية، لكننا كوزارة لم يتقدم إلينا أحد بأى عرض لتنفيذ تلك النوعية من المشروعات، وقلت من قبل إننى سأتعامل مع هذه النوعية من الأطروحات بمنطق المنتج الجديد، فلا يوجد مانع من أن يقوم أحد المستثمرين بتأسيس فندق كامل الخدمات لا يقدم الخمور، فهذا يعتبر إضافة جديدة للنشاط، ويجب ألا نتناسى وجود شواطئ ساحلية فى مصر مثل شاطئ «الحرملك» بالساحل الشمالى كانت تقتصر على النساء فقط حتى فى ظل وجود النظام السابق.
«المال»: ماذا عن السياحة الداخلية، وكيف يمكن الاستفادة من التعداد السكانى الضخم فى تنشيط تلك النوعية من السياحة بما يسمح بتعويض جانب من التراجع فى إيرادات السياحة الوافدة من الخارج؟
ندرس عمل برامج مع السوق السياحية الداخلية تناسب مختلف شرائح الدخل
السياحة الداخلية فى منتهى الأهمية، ونعكف على إعداد خطط خاصة بها، نستهدف عودة ثقافة السفر لدى المصريين، حيث تقتصر تلك الثقافة عند الطبقة الأعم من المجتمع برحلات أواخر العام الدراسى، ليس كل المصريين لديهم القدرة على السفر للمصايف فى فترات متقاربة ولأكثر من مرة فى العام، وبناءً على ذلك ندرس عمل برامج مع السوق السياحية الداخلية تناسب مختلف شرائح الدخل، ونتلقى عروضاً بالفعل من شركات السياحة الداخلية لتخفيض تكاليف السفر إذا ما شاركت وزارة السياحة.
نقوم حاليا بعمل دراسة على حجم الغرف الفندقية ذات الثلاثة نجوم أو النجمتين ومناطق وجودها، وسنكمل تلك البرامج بالتفاوض مع البنوك على تمويل الرحلات السياحية بقروض متخصصة، وبالتعاون مع النقابات والهيئات والمصالح الحكومية، وسنشارك اتحاد الغرف السياحية معنا فى البرامج المرتبطة بتنشيط السياحة الداخلية، هناك إحصائيات تؤكد وجود نحو 12 مليون سائح مصرى يتوجهون إلى المناطق الساحلية سنويا فى شهور الصيف فقط.
«المال»: لماذا لا تشارك وزارة السياحة فى إدارة أصول الدولة السياحية المتمثلة فى شركات قطاع الأعمال العام التى تمتلك عدداً واسعاً من أهم الفنادق على مستوى الجمهورية، فضلا عن شركة «مصر للسياحة»؟
أرى أن تأسيس الشركات وإدارة الأصول ليس دور وزارة السياحة، وصندوق دعم السياحة التابع للوزارة لديه صلاحيات تأسيس الشركات وإدارة الانشطة الاستثمارية، ولكن دورنا يتمثل فى إيجاد البيئة الملائمة لشركات القطاع الخاص وليس الاستثمار مباشرة فى القطاع السياحى.
«المال»: الوزارة أبدت اهتمامها بضم مبنى الحزب الوطنى على كورنيش النيل، هل ما زالت هناك مفاوضات لضم المبنى فى ضوء اهتمام وزارة الاثار بضمه لتبعيتها؟
كنت أتمنى أن يتم ضم مبنى الحزب الوطني لوزارة السياحة
كنت أتمنى أن يتم ضم المبنى لوزارة السياحة، لكننى أرى اهتماما متزايدا من وزارة الآثار بضم المبنى إلى أراضى المتحف المصرى ومعاملته كأثر، وفى كل الاحوال فإن المبنى فى بقعة مهمة جدا بالقاهرة، ولم يكن مبنى الحزب الوطنى وحده الذى أبدينا الرغبة فى ضمه للوزارة، هناك مبنى المجمع الحكومى العريض فى قلب ميدان التحرير، وكنت صاحب الطرح الخاص فى مجلس الوزراء بضرورة استغلال تلك المبانى بالشكل الأمثل، وبخصوص المجمع تم إخلاء 255 غرفة منه حتى الآن، ومن جهتنا نعمل على إعادة تخطيط منطقة ميدان التحرير ككل بما يجعلها إضافة للمقاصد السياحية المصرية.
«المال»: اتحاد الغرف الفندقية يشكو من انخفاض أسعار الغرف وانتشار حالات حرق الأسعار، ورئيس الغرفة طالب بعمل ميثاق شرف لشركات السياحة فما دور الوزارة فى هذا الشأن؟
فى اعتقادى أن فكرة ميثاق الشرف لن تصلح بأى حال من الأحوال، وللعلم فإن القانون الذى يتيح لوزارة السياحة وضع تسعيرة جبرية للسلعة ما زال قائما، ولكن قوى العرض والطلب هى التى تتحكم فى طرق التسعير، وحينما تتحسن السوق السياحية ستعود الأسعار إلى سابق عهدها، لكن التوجه لرفع أسعار الغرف الفندقية صعب جدا فى الوقت الحالى، ومن جهتنا كوزارة نستطيع ان نضع معايير للجودة مقابل الخدمة، بتلك الطريق لن يتمكن أى مستثمر من بيع خدمة ما بسعر أرخص من تكلفتها إذا ما اشترطنا عليها جودة معينة.
«المال»: هل تلقيتم عروضا من الحكومة القطرية لتنفيذ استثمارية سياحية بعد التصريحات التى خرجت من الجانب القطرى برغبتهم فى ضخ نحو 12 مليار دولار فى قطاع السياحة المصري؟
أنا سعيد جدا بتلك التصريحات لكننا لم نتلق أى عرض رسمى من قطر فى هذا الشأن.
«المال»: هل وزارة السياحة طرف فى مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد؟ وهل هناك أى إصلاحات سيطلبها الصندوق مرتبطة بالقطاع السياحي؟
وزارة السياحة ليست طرفاً فى مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد
لسنا طرفاً فى تلك المفاوضات، وأنا مقتنع بما قاله الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء فى هذا الشأن من حيث إن البرنامج الاقتصادى الجارى إعداده حاليا هو برنامج مصرى تضعه مجموعة من الخبراء، ولكن أعتقد ان الحكومة ستواجه صعوبة فى خفض الإنفاق على دعم الطاقة بالموازنة العامة ليصبح هذا الدعم فى حدود 70 مليار جنيه فقط حتى نهاية العام المالى الحالى، لا أظن أن الحكومة ستستطيع ذلك فى ضوء الطلب المتزايد علي الطاقة من مختلف قطاعات الدولة.