أدت التكليفات الرئاسية لوزارة النقل بتطوير الأسطول البحرى الوطنى، إلى عودة الروح إلى ملف الدراسات والمفاوضات التى خاضها قطاع النقل البحرى على مدار سنوات، وآخرها مذكرة التفاهم التى وقعها القطاع مع إحدى الشركات الإماراتية لتطوير الأسطول العام الماضى.
وناقش وزيرا النقل وقطاع الأعمال مؤخرا الوضع الحالى للأسطول المصرى والشركات المصرية العاملة فى هذا المجال وكيفية تدعيمها من حيث رفع كفاءة الأسطول الحالى وشراء أو استئجار سفن جديدة تتناسب مع احتياجات تجارة مصر الخارجية.
وأكد مسئول سابق فى وزارة النقل لـ «المال» أنه منذ عام 1982 وحتى 2017 قامت الوزارة من خلال قطاع النقل البحرى بإجراء العديد من الدراسات والمناقشات حول مشروع تطوير أسطول النقل البحرى الوطنى، وانتهت الجهات المعنية وقتها من تحديد أنواع وحمولات وأعداد السفن اللازمة لنقل حركة البضائع والركاب المطلوبة حتى عام 2020.
وتابع المصدر أنه فى نوفمبر 2000 أعد مركز البحوث والاستشارات التابع لأكاديمية النقل البحرى دراسة عن تنمية الأسطول التجارى البحرى الوطنى وانتهت الدراسة إلى تحديد السبل اللازمة لتنمية الأسطول التجارى البحرى الوطنى إلا أنها ظلت حبيسة الأدراج.
من ناحيته، كشف اللواء أيمن صالح المستشار السابق لوزير النقل عن تجميد مذكرة التفاهم التى سبق توقيعها مع مجموعة زيتون الإماراتية وسحبها لمزيد من الدراسة، لافتا إلى أن قطاع النقل البحرى انتهى بالفعل من دراسته لتطوير الأسطول الوطنى وتحديد أنواع السفن المطلوبة وبيانات حجم البضاعة المنقولة بعد الانتهاء من توقيع مذكرة تفاهم مع المجموعة الإماراتية التى أبدت رغبتها فى تطوير الأسطول الوطنى.
ولفت إلى أنه كان من المخطط وفقا لاتفاق بين الجانبين بناء 6 سفن وتم تحديد المدة الزمنية اللازمة لبنائها وتكنولوجيا استهلاك الوقود إلا أن جائحة كورونا تسببت فى تأجيل مفاوضات الشراكة ثم تجميدها لاحقا لمزيد من الدراسة.
وطالب بالسماح للقطاع الخاص بالشراكة مع الدولة فى مشروع تطوير الأسطول وتملك السفن حيث إن القطاع الخاص يمتلك خبرات جيدة فى إدارة الأساطيل التجارية البحرية حتى لا نكرر مأساة شركات الملاحة الخاسرة التى تمت تصفيتها وبيع سفنها.
وأشار إلى أن قطاع النقل البحرى سبق وأن تلقى وقت إعداد الدراسة عروضا من بعض الشركات والكيانات ببيع سفن تملكها إلا أن العروض قوبلت جميعها بالرفض.
وأكد «صالح» أن مشروع تطوير الأسطول يجب أن يبدأ بشراء أو بناء سفن جديدة حديثة لا يزيد عمرها عن خمس سنوات حتى تتلاءم مع التكنولوجيا الحديثة وتعليمات المنظمة البحرية.
خبراء النقل يطالبون بالتوسع فى شراء ناقلات الغاز لمواجهة الطلب على تصدير الغاز
ويرى أشرف خليل رئيس مجلس إدارة شركة «إفجى مصر للملاحة» أنه وقبل البدء فى إنشاء أسطول وطنى مصرى لابد من تحديد احتياجات مصر من السفن وأنواعها سواء سفن ركاب أو رورو وتحديد تكاليف تشغيلها والموانئ المخطط أن تتردد عليها وأنواع البضاعة التى تنقلها.
وأوضح أن السعودية تمتلك أسطولا تجاريا بحريا متمثل فى الخط الملاحى «بحرى» الذى يعد الأول فى العالم من حيث امتلاكه ناقلات البترول بإجمالى 700 ناقلة و6 عبارات من أحدث العبارات فى العالم كما تمتلك الإمارات والعراق أساطيل قوية مقارنة بمصر التى تقلص حجم أسطولها.
وأوضح الربان على عاصم مدير ميناء شرق بورسعيد أن البضائع التى يتم استيرادها لتلبية احتياجات مصر الرئيسية من المواد الغذائية والسلع الإستراتيجية يتم نقل جزء بسيط منه لا يتجاوز نسبة %10 على السفن التابعة لشركة الملاحة الوطنية بعد تصفية الشركة المصرية للملاحة.
وأشار إلى أهمية منح حوافز حقيقية للشركات والخطوط الوطنية الرافعة للعلم المصرى سواء فى الموانى أو قناة السويس، موضحا أن تنمية الأسطول الوطنى فرصة جيدة لاستيعاب العمالة البحرية المصرية التى لا تستطيع العمل على السفن الأجنبية إلا فيما ندر فى الوقت الذى يعانى فيه شباب القباطنة المصريين والبحريين وخريجو الأكاديميات البحرية من البطالة.
وأضاف أنه لابد من ضخ استثمارات جديدة من الدولة لبناء سفن أو تأجير سفن بعقود مشاركة خاصة فى ظل تحول مصر لمركز إقليمى لغاز المتوسط وقدرتها الحالية والمستقبلية على تصدير الغاز للدول واحتياجاتها لأسطول وطنى وناقلات غاز.
ولفت إلى أهمية امتلاك مصر لأسطول من ناقلات الغاز تنقل عليه صادراتها للعالم، مشيرا إلى أن تلك الاستثمارات التى ستوجه لشراء سفن غاز يقلل من التكاليف التشغيلية لنقل صادرات الغاز المصرية على سفن تملكها دول أخرى مقارنة مع حجم التكلفة إذا ماتم نقله على سفن تملكها مصر والتى تزيد من أرباحها وكذلك الحال بالنسبة للقمح الذى يتم استيراده ونقله على أسطول لا نملكه.
ودعا إلى عودة الدور الريادى للأسطول الوطنى إلى سابق عهده حينما كانت شركة النصر للاستيراد والتصدير تنقل الصادرات الزراعية من خلال 74 مركبا مصريا إلى شرق وغرب أفريقيا وتعود محملة بالبضائع.
وكشف مصدر مطلع لـ «المال» أن الأسطول الوطنى يقدر بنحو 117 سفينة بإجمالى حمولة 901 ألف طن منها 51 سفينة ركاب وبضائع تمتلكها 18 شركة بحمولة 739 ألف طن و34 سفينة تمتلكها 18 شركة أخرى وبلغت نسبة مساهمة الأسطول البحرى فى نقل %8 من تجارة مصر الخارجية عام 2018 بإجمالى 12 مليون طن من إجمالى 158 مليون طن بضائع، بينما ينقل أسطول بنما الذى يرفع علمها 218 مليون طن، ودولة مثل ليبريا لديها 4 آلاف سفينة وتنقل %11 من التجارة العالمية.
فى سياق متصل، طالب عادل اللمعى رئيس غرفة ملاحة بورسعيد بمنح حوافز تشجيعية وتمويلية للمصريين فى نشاط تملك السفن خاصة أن التشريعات المعمول بها حاليًا لا تحفز البنوك على التمويل.
ولفت إلى أن مبادرة تمويل المشروعات الصغيره التى أطلقها رئيس الجمهورية بفائدة متناقصة بإجمالى 200 مليار جنيه خلال خمس سنوات لابد وأن يتم إدراج أنشطة النقل البحرى ضمنها.
ودعا إلى إعادة النظر فى قوانين تملك السفن وتسجيلها وبيعها حيث ارتبط صدور هذا القانون بحقبة زمنية معينة تعود للستينيات من القرن الماضى.
ودعا إلى تعظيم دور وزارة النقل فى حماية الأسطول الوطنى ومنح الشركات المصرية بعض المميزات المتعلقة بنقل السلع الإستراتيجية والبضاعة بين الموانئ المصرية أسوة بالوحدات البحرية مثل القاطرات واللنشات التابعة لهيئات الموانئ.
وطالب بتحديث بعض القوانين البحرية مثل التوقيع الإلكترونى والنقل متعدد الوسائط وأحكام التلوث البحرى وسلامة الأرواح عبر البحار، وجميعها تساعد على تنشيط مجال تملك السفن وتدعم الأسطول الوطنى.
وطالب السيد حلمى رئيس مجلس إدارة «نيكستشوت» للملاحة بوضع إستراتيجية لنشاط تملك وتشغيل السفن، فى مصر وهل ستكون دولة علم أم دولة أسطول، وهل يهدف تطوير الأسطول إلى رفع العلم المصرى على السفن فقط، أم تملُّك السفن بالفعل لمصريين، لنقل التجارة المحلية.
ولفت إلى أهمية الاطلاع على تجارب الدول الأخرى قبل الدخول فى مفاوضات تتعلق بالشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين لدعم النشاط كدولة مثل فيتنام التى تحتل المرتبة الـ30 فى الأسطول الوطنى، ولديها 870 سفينة وطنية.
وطالب محمد مطر رئيس مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للملاحة بإعفاء نشاط تملك السفن من الضرائب والرسوم وكذلك القيمة المضافة ورسوم التسجيل، لافتا إلى أن النشاط يعد من الأنشطة التى يتم ممارستها خارج الحدود الإقليمية للدولة أسوة بمعاملة أنشطة المناطق الحرة.
وقال إنه لابد من زيادة الاعتماد على هيئات الإشراف الدولية فى التفتيش على صلاحية السفن وتسهيل إجراءات التحويلات البنكية الخاصة بتحصيل ملاك السفن للنوالين وسداد المصروفات المتعلقة بالأنشطة البحرية.
وأكد ضرورة تيسير الدولة للإجراءات المتعلقة بتملك السفن سواء بالشراء أو التأجير وإلغاء شرط الحصول على موافقة الحكومة على بيعها ووضع قواعد لتمييز السفن الرافعة للعلم المصرى والاعتماد عليها فى نقل الصادرات والواردات من وإلى كافة أنحاء الوطن وفى كل أنواع البضائع ولا تكون قاصرة فقط على نقل بضائع السلع التموينية.
كان الفريق كامل الوزير وزير النقل، أكد فى تصريحات سابقة أن الهدف من تطوير الأسطول البحرى تنفيذ رؤية مصر 2030، وزيادة حركة التجارة الخارجية خاصة فيما يتعلق بالصادرات المصرية خاصة وأن الأسطول الحالى تعدى عمره الـ 20 عاماً كاشفا عن خطة لشراء سفن جديدة تعمل بالغاز المسال.
وتضمنت الخطة شراء سفن متعددة الأغراض لنقل البضائع والحاويات بحمولة 10آلاف طن وأخرى تتراوح بين 10 إلى 25 ألف طن تعمل على خطوط البحر المتوسط من دمياط/ الإسكندرية – جنوب أوروبا والأدرياتيك، لنقل الحاصلات الزراعية.
بجانب شراء سفن الصب حمولة 60-80 ألف طن لنقل السلع الإستراتيجية «أقماح وذرة وفول صويا وتصنيع 1500 حاوية مخصصة لنقل الصادرات والواردات المصرية.
وحذر الفريق تامر عبد العليم، الرئيس الأسبق للشركة الوطنية للملاحة من فتح أعمار السفن خاصة أن العالم يتجه حاليًا للاعتماد على السفن ذات الأعمار الأقل من 20عامًا، مما يؤدى لانخفاض التصنيف الدولى للأسطول المصرى، مطالبًا بضرورة تخفيض الضرائب التى يتم دفعها على التسجيل حتى يمكن رفع العلم على أكبر عدد ممكن من السفن.