توقع وزير المالية عمرو الجارحي ان يدفع برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى تمضى فيه الحكومة المصرية، معدلات نمو الناتج المحلى الاجمالى للصعود تدريجيا حتى يصل الى %6 على المدى المتوسط، اعتبارا من العام المالى 2020/2019.
وكشف الوزير عن نية الحكومة سندات مقومة بالدولار بقيمة تتراوح بين 3 الى 5 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام المالى الجارى 2017/ 2018، وسندات مقومة باليورو تتراوح قيمتها بين 1 الى 1.5 مليار دولار خلال الربع الرابع من العام المالى الجارى 2017/ 2018. وتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة على على هذه السندات، بنسبة %1 فى المتوسط، مقارنة مع نظيراتها التى تم طرحها خلال العام الحالى الماضى.
وقال عمرو الجارحي إن معدلات استثمارات الأجانب فى محفظة الديون سترتفع إلى نحو 20 مليار دولار بحلول ديسمبر المقبل.
وأضاف أن الخطة الحكومية الخاصة بترشيد دعم الطاقة وتحريك أسعار المنتجات البترولية والكهرباء مرتبطة بشكل وثيق بعدة عوامل ابرزها الملاءة المالية لقطاعى البترول والطاقة، ومستويات العجز الكلى فى الموازنة، فضلا عن اسعار البترول العالمية متوقعا استقرارها عند مستوياتها الحالية خلال العامين المقبلين، مشير إلى أن الشرائح الثلاثة الاولى من مستهلكى الكهرباء لن تصل اسعار بيعها الى نفس قيمة التكلفة حتى مع اكتمال برنامج الغاء دعم الطاقة بالكامل، فالحكومة تعتبرها مثل برامج الحماية الاجتماعية.
برنامج الإصلاح الاقتصادى مختلف
المال: ماهى الرسائل المهمة التى ترغب فى توجيهها للمستثمرين المصريين والاجانب بمناسبة انعقاد مؤتمر اليورومنى فى مصر؟
عمرو الجارحي : الرسالة الاولى هى ان برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى تنفذه الحكومة الحالية هو برنامج مختلف عن تلك التى نفذتها حكومات سابقة، لانه برنامج متكامل يتعامل مع موضوعات وملفات شائكة وشديدة الاهمية، وهذا من شأنه وضع النظام المالى والملاءة المالية للدولة على المدى المتوسط والطويل فى حال افضل بكثير.
لو رصدنا تطورات الاوضاع المالية والنقدية بعد مرورنحو 10 اشهر من اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر الماضى لخلصنا الى دلالات واضحة على سلامة ماتم من اجراءات والتى من شأنها ان تدفع الوضعين المالي والنقدي الى مسار سليم جدا فى السنوات القادمة يسمح بالقدرة على التوقع على المدى الطويل بشكل افضل.
ونفذت الحكومة، منذ نوفمبر الماضى، حزمة من الاجراءات الاقتصادية المالية والنقدية، شملت تحرير سعر الصرف وتحريكين متتالين فى اسعار المواد البترولية، وبعد ارتفاع معدلات التضخم رفع البنك المركزى سعر الفائدة 3 مرات الاولى تزامنا مع تحرير سعر الصرف والاخيرة فى يوليو الماضى، وتعد هذه الاجراءات جزءا من برنامج اصلاح اقتصادى تحصل بموجبه مصر على قرض من صندوق النقد الدولى تبلغ قيمته 12 مليار دولار على 3 سنوات.
تابع الوزير: أما الرسالة الثانية فهى ان الحكومة تخطط لتحقيق نسب نمو مرتفعة ومستدامة لمدة طويلة خلال السنوات القادمة، بمعنى اننا لو حققنا %6 على الاجل المتوسط سنستمر عند هذا المعدل الجيد ايضا على الاجل الطويل، وهو ما يعنى وضع السياسات المالية والنقدية فى وضع افضل بشكل مستقر لمدد طويلة.
وعلى جانب المستثمرين، أعتقد أنهم قد أصبحوا فى وضع افضل بكثير، مع الاجراءات التى تم تفعيلها فيما يتعلق بالسياسة النقدية والموارد الدولارية المتاحة فلا وجود الان لقيود الاستيراد واصبح النقد الاجنبى منتظما بشكل كبير داخل القطاع المصرفى وما نسمعه من كل المستثمرين ان الاتاحة لكل الشركات والمصانع متوافرة.
اما الرسالة الثالثة، فتتمثل فى فكرة ان تحسن الملاءة المالية للدولة وانخفاض العجز الكلى، يمنح فرصة للتعامل مع الاقتصاد المصرى بشكل مرن، خصوصا مع حجمه الكبير، ويعطى درجة كبيرة من الاطمئنان ويمنح الدولة قدرة على الانضباط المالى، وهو وضع مشجع جدا امام الاستثمار والمستثمرين.
نمو الاقتصاد المصري 5%
المال: ما هى توقعاتكم للمؤشرات المالية خلال المدى المتوسط وفقا لاخر تحديثات تم إجراؤها عليها؟
عمرو الجارحي : نتوقع نموا نسبته %5 فى 2018/2017، يرتفع الى %5.5 فى 2019/2018 ثم الى %6 فى العام المالى 2020/2019، وتخطط الحكومة أن يكون هذا المعدل مستدام لسنوات طويلة.
ولاحظ أنه تاريخياً كلما أجرينا إصلاحات سرعان ما تقابلها تحديات توقفها بعض الوقت وبالتالى فان فكرة توليد نمو قوى ومستدام تضعف وتقل، هذه المرة التعامل مع المشكلات يتم بالطريقة السليمة دونما الانتظار لفترات طويلة لمقابلة التحديات او السكوت عن اى ملفات شائكة تحد من قدرتك بشكل كبير وتلقى عليك اعباءا لا تساعدك كدولة او القطاع الخاص فى توفير استثمارات لازمة لتحقيق مزيد من النمو.
المال: هل يمكن تحقيق معدلات النمو السابقة فى ظل ما يعانى منه قطاع السياحة من تراجع خلال الاعوام الاخيرة ؟
توقعات النمو التى ذكرتها تضع فى اعتبارها ما يعانى منه قطاع السياحة من تحديات خلال الاونة الاخيرة وبالتالى فانها سوف تتحسن فى حالة استرداد السياحة لعافيتها
المال: اذن ماهى توقعاتك للسياحة على المدى المتوسط ؟
عمرو الجارحي : اتوقع تعافى متدرج لهذا القطاع، لكن كلنا نعلم ان السياحة لا تتعلق بالاداء الداخلى للدولة فقط، بل تتحكم فيها امورا خارجية ودولية خارجة عن سيطرة الحكومة.. توقعاتى للسياحة متحفظة بعض الشئ.. مرتبطة بزيادة اعداد السائحين ومعدل الإنفاق الخاص بهم.. كلما زاد حجم التدفق السياحى كلما اصبح لديك القدرة على التوقيع فى ضوء زيادة العرض والطلب.
المال : ماهى توقعاتك لمعدلات عجز الموازنة على المدى المتوسط ايضا؟
عمرو الجارحي : أتوقع تحقيق مابين %9.2 الى %9.5 كنسبة عجز كلى الى الناتج المحلى الاجمالى فى 2017/ 2018، وهذا مختلف عن الارقام المدرجة بمشروع الموازنة نفسه، لان تحرك الموازنة العامة للدولة والسياسة المالية ينتج عنه مراجعة للارقام بشكل دورى
ويستهدف مشروع موازنة العام المالى الجارى 2017/ 2018 تحقيق عجز نسبته %9.1.
وفى العام المالى 2019/2018، نتوقع هبوط العجز الى ما بين %8، %8.5، ثم إلى %7 فى 2020/2019، ويتم الاستمرار تحت هذا المعدل المنخفض لمدد طويلة بشكل مستدام.
%9.5 عجزا متوقعا فى الموازنة الحالية والهبوط الى %4 بحلول 2022
المال: وماذا عن خطة تخفيض العجز طويلة الاجل ؟
عمرو الجارحي : نتوقع بحلول العام المالى 2022/2021 تحقيق نسبة عجز كلى لا تتجاوز %4 ومن المهم معرفة ان هذا المنحنى النزولى للعجز خلال المدى القصير، سيعيدنا مرة اخرى الى المعدلات التى تحققت فى 2009 /2010، اى قبل ثورة يناير وما تبعها من اضطرابات ادت الى الوضع الحالى، يمكننا القول اننا سنعود الى المستويات الطبيعية التى كنا عليها قبل انفلات الاوضاع المالية والنقدية.
%1.5 فائضا اوليا العام المقبل، والتشغيل هو السبيل الوحيد لتوزيع ثمار النمو بشكل عادل
المال: وماذا عن توقعاتك للعجز الاولى؟
عمرو الجارحي : حققنا، فى 2016/ 2017 عجزا اوليا %3.6، هبطنا به الى %1.8 فى 2016/ 2017، ونتوقع العام الحالى تحقيق تعادل او عجز او فائض طفيف جدا يتحول العام المالى المقبل الى فائض اولى بين 1 الى %1.5.
ولكن الفائض الأولى زيادة الإيرادات عن المصروفات يمكن استخدامه فى سداد جزء من الديون، فيقل الإقبال على المديونية وهو ما يحقق هدفين إبطاء تسارعها، والعمل على استقرارها عند أرقام معينة، فتقل نسبتها الى الناتج المحلى الاجمالى، ومع تحسن معدل النمو على المدى المتوسط يبدا رقم المديونية المطلق فى الهبوط.
المال: كان لدينا مشكلة اجتماعية فى توزيع ثمار النمو قبل ثورة يناير رغم معدلات النمو المرتفعة، ماذا فعلتم من اجل عدم تكرار هذه المشكلة ؟
عمرو الجارحي : توزيع ثمار النمو بالشكل العادل لن يتم الا بالوصول للهدف الحقيقى وهو التشغيل الذى لن يتحقق سوى عن طريق تشجيع الاستثمارات ولاسيما كثيفة العمالة، وفى هذا الاطار تولى الحكومة اهتماما بالغا بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة من ناحية، ومن جهة اخرى يتم الاعداد لمناطق صناعية بها صناعات صغيرة.
ولكن ينبغى ملاحظة ان بعض البنود تمثل ضغطا علينا، وابرزها فوائد الدين التى تلتهم الان %32 من الموازنة مقارنة بـ %19 فى 2010/ 2011، مما يحد من قدرتنا على خلق فرص عمل او زيادة الاستثمارات الحكومية.. ولكن كلما تحسنت ارقام الموازنة كلما كان لدينا مرونة اكبر فى الصرف والتوجه لبنود اكثر اولوية.
وتزامنا مع دعم الصناعة وبالذات كثيفة العمالة لتحقيق معدلات تشغيل اكبر، انشأت الحكومة جهاز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومناطق مطور صناعى، وركزت فى وضع حوافز تشمل الصناعات فى قانون الاستثمار وعلى المشروعات كثيفة العمالة والتى تهتم بالتصدير فكل ذلك يرمى فى تحسين قدرة الدولة على استيعاب البطالة وبالتالى النجاح فى توزيع ثمار النمو بالشكل العادل.
المال: ألا تتخوفون من عدم تحقيق هذا الهدف؟
عمرو الجارحي : ارتباط تطوير التعليم والتدريب بقدرة الدولة على التشغيل والحد من البطالة قد يكون معوقا لها، لكننا نعول ايضا على جاهزية الحكومة فى تخطى الازمات والتغلب على الصعاب رغم أن الملفات السابقة كبيرة وشائكة وذلك أسوة بما حدث فى ملف دعم الطاقة.
ويجب أن نلاحظ حجم الأعباء التى القيت تاريخيا على الحكومة والموازنة نتيجة للدعم غير الكفء، الذى كان يوزع بطريقة مطلقة دون النظر الى من يستحق ومن لا يستحق، ثم نتساءل لماذا لا نصرف على التعليم والصحة؟، والحقيقة ان كم الاموال الضائعة بسبب سياسة الدعم غير الكفؤة تتراوح بين 600 إلى 700 مليار جنيه خلال آخر 10 أو 11 عاما، لو كان تم صرفها فى الاتجاه السليم لكان من الممكن أن نشهد حاليا تطورا فى الاستثمار والتشغيل والتعليم والصحة.
وبالتالى عند توجيه المصروفات بشكل سليم يمكنك الإنفاق بشكل هادف، وهذا ما حدث مثلا عندما قللنا دعم الطاقة ورفعنا دعم التموين.. طريقة تصميم حزمة الاجراءات الاجتماعية خلال العام الجارى كانت تصب فى هذا الاتجاه، فقد اوصلتنا الى المستحقين وساعدتنا فى ضخ الوفورات فى زيادة حصة الفرد على بطاقة التموين من 21 الى 50 جنيها.
هذه الحزمة الاجتماعية كلفتنا الكثير فقد ارتفع دعم البطاقات من نحو 14 مليار إلى ما يقرب من 40 مليار جنيه، فضلا عن زيادة معاشات الضمان الاجتماعى وتكافل وكرامة، ومشروعات الاسكان منخفض التكاليف و الاجتماعى لاتاحة الفرصة امام المستويات الاجتماعية الأقل فى الحصول على وحدات سكنية.
يشار إلى أن الحكومة ضخت حزمة رعاية اجتماعية قيمتها 85 مليار جنيه تمثلت فى زيادة حصة الفرد على بطاقات التموين من 21 جنيها إلى 50 جنيها، فضلا عن تنفيذ خصومات ضريبة لرفع قيمة صافى المرتبات، وكذلك رفعت المعاشات الضمانية والتأمينية، وصرفت منحتى غلاء على الأجور، بهدف مواجهة موجات الغلاء التى تسببت فيها الإجراءات الاقتصادية التى نفذتها فى برنامجها للإصلاح الاقتصادى.
المال: ما هو حجم الاستثمارات الحكومية بالموازنة الحالية؟
عمرو الجارحي : الاستثمارات الحكومية الموجودة بالموازنة هذا العام نحو 140 مليار جنيه، بالاضافة إلى المشروعات التى تنفذها الجهات الاخرى كهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، واستثمارات الهيئات الاقتصادية التى لا تدرج بالكامل فى الموازنة.
المال: ماذا عن دعم المصدرين، بالنظر الى الميزة التنافسية التى منحها التعويم لهم والتى تعد فى حد ذاتها دعما لنشاطهم؟ ماهى افكاركم حول قيمته ؟
عمرو الجارحي : الفكرة ليست دعم المصدر ولكن دعم الصناعة، فما سيتم تطبيقه هو ما يحقق افضل الطرق لدعم الصناعة، بما فيها تنمية مناطق واراضى مرفقة، دعم شامل للصناعة هو ما نفكر فيه وليس دعم بند بعينه او عدم دعمه فما سيفيد الصناعة فى النهاية هو ما سندعمه.
ان تحسين قدراتنا على التصدير هدف لنا لكن ماهى الطرق التى ستدعم هذا الاتجاه، عندما ننظر الى الميزان التجارى نجد انه مازال يعانى عجزا، لدينا تقلبات مثل التى تحدث فى القطاع السياحى وتؤثر على الميزان الجارى، رغم تحسن ايرادات قناة السويس، وتدفقات المصريين بالخارج، فتقلبات السياحة فى اكتوبر 2015 بعد حاذث الطائرة الروسية اثرت على الميزان الجارى رغم تحسن اهم عاملين مؤثرين عليه وهما تحويلات المصريين بالخارج والتصدير.
وأؤكد أنه لم يعد هناك وسيلة الا التعامل مع عجز الميزان التجارى الذى يشمله الميزان الجارى ايضا والعمل على تحسينه، وهو هدف يشمل التفاعل مع ملف الصادرات والملف الصناعى بالكامل وتشجيعه ليصبح بديلا عن الاستيراد وكذلك دعم القدرات التصديرية، لم يعد من الممكن استمرار دولة بحجم مصر بصادرات 20 مليار دولار، بينما يصل فى تركيا على سبيل المثال الى مابين 170 الى 180 مليار دولار،اندونيسيا صادراتها تصل الى 200 مليار دولار، وهى دول مثلنا وفى نفس اوضاعنا الاقتصادية.
المال: ماهى توقعاتك بالنسبة لمعدلات التضخم خلال الفترة المقبلة؟
عمرو الجارحي : نتوقع تراجعها وسيصبح هناك استقرارا فى الاسعار، وليس معناه انها ستنخفض، ولكنها ستستقر ومع زيادة الانتاجية من الممكن ان تنخفض، ظنى انه خلال الاشهر القليلة القادمة ستتراجع معدلات التضخم السنوية، اعتباراً من نوفمبر مع انحسار موجة التضخم التى اعقبت تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى، واتوقع انخفاض المعدل الشهرى ايضا، فالسبب الاكبر فى موجة التضخم هو التعويم وما تزامن معه من ندرة فى بعض السلع بالاسواق نتيجة نقص العملة.. الان هناك وفرة من المنتجات فى الاسواق وتتم العملية الاستيرادية بشكل كفء بعد انتهاء ازمة تدبير الدولار تزامنا مع تراجع سعره بعض الشئ مما يسهم فى استقرار الاسعار فى الاسواق.
هبوط معدلات التضخم لاقل من %10 مع بدايات 2019
واتوقع انخفاض التضخم مع نهاية العام المالى الجارى، ليتراوح معدلة بين 13 الى %15، ومع بداية عام 2019 من الممكن ان يصل إلى اقل من %10، لتبدأ معدلاته فى العودة الى مستوياتها الطبيعية قبل اضطراب الاسواق.
ويشار إلى أن معدلات التضخم ارتفعت الى معدلات غير مسبوقة خلال الشهرين الماضيين بسبب الاجراءات الاقتصادية لبتلغ اكثر من %35.
المال: ماذا عن الأجل الزمنى لإلغاء دعم الطاقة؟
عمرو الجارحي : الاجل الزمنى للبرنامج كله هو ما بين 3 الى 5 سنوات، بدأت العام المالى الجارى 2018/2017، ورفع الدعم عن الطاقة ليس له علاقة بصندوق النقد الدولى او الاتفاق المبرم معه حول القرض، فالصندوق لا يلزم الدول بشروط، هى التى تذهب إليه اذا ما عانت من مشكلات ورغبت فى حلها، الفكرة ليست فقط ان الصندوق سيمنح قرضا وتمويلا منخفض السعر.
منذ عام 2014 بدأنا خطة ترشيد دعم الطاقة، وفى الطريق قابلتنا ازمة العملة فغيرت ارقام الدعم بشكل كبير وبالتالى لا يزال امامنا وقت فى التعامل مع هذا الملف، وكل دول العالم تتبع هذا الاسلوب الذى يرشد دعم الطاقة ويضخ ماتم توفيره فى مجالات اكثر اولوية واهمية.
وأود أن أشير إلى أن هناك عوامل ثلاثة تؤثر فى قرار الحكومة بتحريك اسعار الطاقة اولها مستويات عجز الموازنة، وثانيها أسعار البترول عالميا، واخيرا الملاءة المالية لقطاعى البترول والطاقة، ويعد سعر البترول محرك اساسى فى التفكير فى تحريك الدعم.. الان نحن عند مستوى 52 دولارا للبرميل، ماذا لو عاودت الاسعار العالمية مستوياتها التى حققتها فى 2013 /2014 عندما وصلت الى 110 دولارا للبرميل ؟! وبالرغم من ذلك فإن توقعنا هو استقرار اسعار البترول العالمية عند مستوياتها الحالية خلال العامين المقبلين، والبرنامج الموضوع متسق مع مستهدفات الموازنة العامة للدولة ومع مستويات العجز الكلى التى نرغب فى تحقيقها وكذلك العجز الاولى.
وينبغى أن نلاحظ ان مستويات العجز الاولى فى الفترة من عام 2011، كانت فى منتهى الخطورة وتتجاوز ال 540 مليار جنيه، مما يعنى ضرورة اقتراضنا 540 مليار جنيه فضلا عن اقتراض فوائد الديون، التى بلغت حوالى 1.2 تريليون جنيه فى الفترة من عام 2011 الى 2017، كل هذه الاموال كان يتم استدانتها بالتزامن مع انهيار الوضع الاقتصادى فمعدلات النمو فى الفترة من 2011 الى عام 2014 كانت بين 1.5 الى %2.
الخلاصة أن الانتظار الطويل فى التعامل مع ملف دعم الطاقة وضع قطاعى البترول والكهرباء تحت ضغط قاس ما بين سداد المديونيات وضخ استثمارات فى القطاعين، فبدلا من ان تصبح تلك القطاعات منتجة للدولة تحول البترول الى قطاع يقترض طيلة الوقت والدولة تدعمه لتوفير منتجات للمواطنين تباع باقل من قيمتها الحقيقية بكثير جدا.
دعم الطاقة خلال الاعوام الماضية قيد مرونة الإنفاق على الاولويات
المال: هل معنى ذلك انه بحلول عام 2019/ 2020 سيتم الغاء الدعم بالكامل عن الطاقة بشقيها؟
عمرو الجارحي : لا أرغب فى تحديد التواريخ لكن البرنامج يمتد من 3 إلى 5 سنوات بدأت فى 2018/2017، وليس معنى ذلك رفع الدعم بالكامل عن الطاقة بشقيها لان هناك مكون داخل كل قطاع سنحافظ على دعمه، على سبيل المثال الشرائح الثلاثة الاولى من الكهرباء لن يصل قيمة بيعها الى مستوى التكلفة فهناك قطاعات ستظل تتمتع بميزة بيع المنتج باقل من مستوى تكلفته بسبب الشريحة الاجتماعية التى تمثلها.
: هل سيتم تحرير الأسعار عقب إلغاء دعم الطاقة؟
عمرو الجارحي : هذا القرار له ديناميكية معينة فنحن نعمل حاليا وفقا للمعطيات والمعلومات المتاحة خلال الفترة الحالية
المال: هل هناك نية لطرح سندات دولارية مرة ثالثة، ومتى؟
عمرو الجارحي : هناك نية لطرح سندات مقومة بالدولار واليورو خلال الفترة المقبلة، الاولى تتراوح بين 3 الى 5 مليار دولار، والثانية من 1 الى 1.5 مليار يورو.
الطرح الدولارى سيكون فى الربع الثالث من العام المالى الجارى، والطرح باليورو سيكون فى الربع الرابع من العام المالى الجارى.
يشار الى ان وزارة المالية طرحت خلال الفترة الماضية شريحتين من السندات الدولارية بلغ اجمالى قيمتهما 7 مليار دولار.
المال: فيم ستستخدم حصيلة الطرحين؟
عمرو الجارحي : تمويل الموازنة من ناحية وإعادة هيكلة المديونية الحالية
المال: ماهى البنوك التى ستقوم بإدارة طرح السندات الدولية الشريحة المقبلة؟
عمرو الجارحي : أولا سنتقدم لمجلس الوزراء للموافقة على طرح شرائح اخرى، ثم سنقوم بإجراء مناقصة جديدة لاختيار المؤسسات التى ستقوم بإدارته، فلا يوجد عقد ممتد مع بنوك الاستثمار التى ادارت الشريحتين الاولى والثانية.
يشار إلى أن التحالف البنكى الذى ادار طرح الشريحتين السابقتين شمل 4 بنوك استثمار هى ناتكسيس، وسيتى بنك، وجى بى مورجان، وبى ان بى باريبا.
المال: شهدت، الفترة الماضية، تقارير لمؤسسات تصنيف دولية تشير الى انخفاض العائد على السندات المصرية بالاسواق العالمية مما يعنى تحسن ثقة المستثمرين بالاقتصاد، فما هو معدل التحسن او الوفر فى سعر الفائدة الذى من الممكن ان تجنيه مصر عند طرح السندات الجديدة؟
عمرو الجارحي : بالفعل حدث تحسن فى سعر العائد «انخفاض» بين طرح الشريحة الاولى والثانية من السندات الدولارية وصل متوسطه الى %1، بالنسبة لسندات الخمس سنوات حصل تحسن بنسبة الواحد بالمئة وحققت العشر سنوات تحسنا بنسبة أعلى من %1، اما سندات الـ 30 عاما فطرأ عليها تحسن بنحو اقل من %1،واتوقع ايضا حدوث انخفاض فى العائد بنفس النسب على السندات المقبلة، اذا ظلت ديناميكية وظروف السوق كما هى.
المال: هل تراجعتم عن فكرة إصدار صكوك؟
عمرو الجارحي : لم نتراجع عن إصدار الصكوك لكن حاليا تسير أمور طرح السندات الدولية بنجاح.
المال: متى تتم المراجعة المقبلة لبرنامج الاصلاح الاقتصادى من قبل صندوق النقد الدولى؟
عمرو الجارحي : فى نوفمبر
المال: ماهى اهم نقاط المراجعة ؟
عمرو الجارحي : نراجع كل المؤشرات مع الصندوق والمراجعة لاتتم فى إطار من الجمود وإنما تتسم بالمرونة، فبعض مستهدفات البرنامج قد لا تتحقق بسبب ديناميكية السياسة المالية، وهذه الأمور تكون واضحة.
يشار إلى أن آخر مراجعة تمت من قبل الصندوق على برنامج الإصلاح الاقتصادى كانت فى مايو الماضى، وحول الصندوق شريحتين من القرض للحكومة حتى الآن بقيمة اجمالية 4 مليار دولار.
20 مليار دولار استثمارات للاجانب فى محفظة الديون بحلول ديسمبر
المال: ما هى توقعاتكم لحجم استثمارات الأجانب فى محفظة الديون «أذون وسندات خزانة» خلال المرحلة المقبلة؟
عمرو الجارحي : نتوقع ارتفاعها إلى ما بين 18 و20 مليار دولار بحلول ديسمبر المقبل، وحققنا حتى نهاية أغسطس 16 مليار دولار.
يشار إلى أن أعلى شهر يشهد استثمارات للأجانب فى محفظة الديون كان يوليو الماضى، وبلغت فيه اكتتاباتهم أكثر من 4 مليارات دولار.
المال : ماذا عن انتهاء مهلة تطبيق قانون انهاء المنازعات الضريبية فى سبتبمر المقبل وهل تنوون تجديده؟
عمرو الجارحي : سنجددها، وغير متخوف من انتهاءها، فمدة فحص الحالة فى اللجان تمتد 3 اشهر والفترة الماضية شهدت نوعا من البطء فى تقديم طلبات من المستثمرين لانهاء نزاعاتهم مع بداية تنفيذ القانون، لكن حاليا هناك تسارع فى التقديم حاليا، بعد اطمئنان الممولين لوجود نظام جيد لفحص الحالات ونجاح تطبيقه على ارض الواقع، اتوقع تحقيق حصيلة مابين 15 او 20 مليار جنيه من انهاء المنازعات خلال سنة بعد تجديد القانون.
وكانت وزارة المالية قد استصدرت قانونا لانهاء المنازعات الضريبية فى سبتبمر من العام الماضى مدته عام واحد وكانت ترغب فى تحقيق حصيلة تتراوح بين 15 الى 20 مليار جنيه من انهاء المنازعات خلال مدة تنفيذ لكنها حتى الان لم تحصل سوى 2 مليار جنيه من خلال انهاء نحو 4 الاف نزاع.
المال: ماهى أهم التحديات خلال الفترة المقبلة ؟
عمرو الجارحي : ازمات التوريد فى البترول خصوصا، ومدى صلابة قدراتنا التنفيذية على مواصلة بعض بنود برنامج الإصلاح أو وجود عقبات فى طريقها، تغيير القيادات خلال الفترة الماضية أيضا تسبب فى حدوث تقلبات، لكننا نعول أيضا على الهدف الأكبر الذى نسعى لتحقيقة ونصر عليه وهو الانتقال من مرحلة الإصلاح الاقتصادى إلى برنامج نمو مستدام وقوى خلال الأجل المتوسط.
الدولار الجمركى يتغير شهريًا
المال: هل هناك نية لتثبيت سعر الدولار الجمركى؟
عمرو الجارحي : على العكس لا توجد نية لتثبيته، فتغييره بصفة شهرية فى صالح المستثمرين.