رأى محللون أن اتباع الحكومة المصرية لسياسة التحوط سيقلل من الآثار السلبية المباشرة من ارتفاع أسعار الوقود، وبالرغم من تخوف اقتصاديين من أن تؤدى زيادة أسعار البترول العالمية إلى حدوث زيادات طفيفة فى أسعار بيع المحروقات والوقود فى السوق المحلية، بما يقود تباعًا لارتفاع معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة.
وشهدت أسعار البترول صعودًا لافتًا خلال الساعات الماضية، تأثرًا بتعرض شركة أرامكو السعودية لحادث إرهابى على مصفاتها بداخل المملكة السعودية، لتقفز العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 19.5% إلى 71.95 دولار للبرميل خلال تعاملات أمس فى أكبر مكسب منذ 14 يناير 1991.
يشار إلى أن الحكومة كانت وضعت افتراضاتها لأسعار النفط العالمٍية بالموازنة الحالية عند مستوى 68 دولارا للبرميل، كما افترضت الموازنة أنه فى حالة ارتفاع أسعار النفط ليفوق الافتراضات المتوقعة بنحو 1 دولار للبرميل سيؤدى إلى ارتفاع تكلفة فاتورة الدعم الحالية بنحو 2.3 مليار جنيه.
قال محمد أبو باشا، كبير اقتصاديى بنك استثمار هيرميس، إن اتفاق التحوط بين وزارتى المالية والبترول، وبنكى جى بى مورجان وسيتى بنك سيجعل تأثر موازنة العام الحالى بأى ارتفاع فى أسعار النفط محدودا للغاية، بدعم ارتفاعات الجنيه 2% بالربع الثالث من العام الحالى.
واتفاق التحوط بين الأطراف المذكورة يتحمل بموجبه بنكا جى بى مورجان وسيتى بنك أى زيادة فى سعر برميل البترول لأكثر من 70 دولارا لصالح وزارة المالية والبترول، وذلك تلافيا لتحمل موازنة الدولة أى زيادات فى أسعار النفط.
هيرميس: لا يمكن التنبؤ بالتغيرات.. وقد تكون محدودة
وتابع أبوباشا: سيتم بموجب الاتفاق مراجعة أسعار البترول نهاية أكتوبر واحتساب متوسط السعر بالربع الثالث، وبناء عليه تتحدد قيمة الارتفاع، كما أن تأثر الإمدادات نتيجة حادث آرامكو سيؤدى إلى ارتفاعات بالسعر لا يمكن التنبوء بها حاليا ستحددها عملية المراجعة، ولكنها لن تكون كبيرة على كل حال».
وأشار إلى أن ارتفاعات سعر الجنيه بنسبة 2% بالربع الثالث من العام الحالى ستحد من تأثير الزيادة المتوقعة لأسعار البترول حال حدوثها.
وقال رئيس قسم البحوث بأحد بنوك الاستثمار المحلية إن ارتفاع أسعار البترول لن يؤثر على موازنة الدولة على المدى القصير، فى ظل تطبيق سياسة التحوط، ولكن فى حالة استمرار ارتفاع اسعار النفط لمدة 3 شهور، فقد ينتج عنها ارتفاع فى أسعار بيع الوقود بالسوق المحلية، ستؤدى لرفع معدلات التضخم.
بينما أصدرت وحدة الأبحاث بشركة شعاع المالية، تقريراً تضمن أن حادث آرامكو سيضع الأسواق العالمية فى مسار نحو الفوضى التى من شأنها تأجيج أسعار الطاقة.
وقالت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى ببنك استثمار برايم، إن مخاوف ارتفاع أسعار النفط بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية على خلفية حادث آرامكو بدأت بأخذ منحنى أكثر خطورة، خاصة فى ظل حجم الفقد المترتب على هذه الهجمات المقدر بنحو 5.7 مليون برميل يوميًا من النفط السعودى، ما يعد أكبر اضطراب مفاجئ على الإطلاق.
وحذرت من أن هذه الاضطرابات ستتجاوز خسارة إمدادات النفط الكويتى والعراقى فى أغسطس 1990، أثناء حرب الخليج الأولى، والإنتاج الإيرانى عام 1979 أثناء الثورة الإسلامية، وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.
إلا أنها ترى فى الوقت نفسه أن هناك عاملين سيحدان من تأثر الاقتصاد المحلى بهذه الاضطرابات، هما عقود التحوط، ومجهودات آرامكو لاستعادة معدلات الإنتاج السابقة للحادث.
برايم: توقعات باستفادة مصر حال زيادة الغاز المسال
وقالت: «طبيعة عقود التحوط الحكومية، والتى يتم مراجعتها بشكل دورى كل ثلاثة أشهر ستحول دون تأثر موازنة الدولة بالارتفاعات المتوقعة لأسعار النفط».
وتابعت: العامل الثانى ما ستقوله آرامكو حول السرعة التى يمكن أن تستعيد بها الإنتاج، ففى المدى القصير يبدو أن لدى الشركة القدرة على الحد من الارتفاع الكبير فى الأسعار من خلال مخزوناتها العالمية، سواء فى المملكة أو بمواقع خارجية منها سيدى كرير بالبحر المتوسط».
إلا أنها لفتت فى الوقت نفسه إلى أنه مع الأخذ فى الاعتبار جميع ما سبق يُتوقع استمرار ارتفاع النفط بأكثر من 5% على المدى القصير وأكثر من 20% إذا طال أمد التأثير، وهو بالتأكيد ما سيضع التضخم المحلى محل اختبار حقيقى.
من ناحية أخرى، قالت إن ارتفاع أسعار الغاز المسال المترتب على الهجوم قد تفسح المجال لمصر بأن تحقق عوائد أكبر من حصيلة تصدير الغاز المسال خاصة بعد أن أعلنت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» أنها ألغت بالفعل المزايدة الخاصة بتصدير 3 شحنات من الغاز الطبيعى المسال التى كانت سيتم تصديرها خلال سبتمبر وأكتوبر المقبلين مدفوعا بانخفاض الأسعار المقدمة.
شريف عمر ومنى عبدالباري