عصىّ «ترامب»..فى دواليب «بايدن»

عصىّ «ترامب»..فى دواليب «بايدن»
شريف عطية

شريف عطية

6:31 ص, الثلاثاء, 22 ديسمبر 20

أمر فاق الحدود لندرة حدوثه، إن لم يكن لاستحالته فى الديمقراطيات المعاصرة ، كون عناد الرئيس الخاسر انتخابيًّا رفض الاعتراف بهزيمته أمام منافسه، كما الحال منذ نوفمبر الماضى إبان السباق الرئاسى الأميركى بين «ترامب» و«بايدن» ، بل وأن يعمد أولهما- ومعاونوه- لوضع العراقيل للثانى خلال الأشهر الثلاثة الانتقالية الفاصلة عن مراسم تسليم السلطة فى يناير المقبل، لإفشال ما يزمعه «بايدن»- وإدارته- من سياسات شملها برنامجه الانتخابى، فضلًا عن إعلان «ترامب» نواياه فى التغيب عن حضور مراسم تسليم السلطة الذى اختاره توقيتًا غير مسبوق لإعلان ترشحه للانتخابات القادمة 2024، ضاربًا بذلك عرض الحائط فى خطوة لم تحدث من قبل، بالبروتوكولات الإجرائية المصاحبة لعملية الترشح للدخول إلى البيت الأبيض، الذى شهدت أروقته 2017-2021 أصداء الغرائبيات المزاجية للرئيس المنتهية ولايته، سواء على الصعيد الداخلى أو الخارجى، ما سيظل مادة للتندر لفترة طويلة، كونها تمثل ظاهرة سياسية مأساوية عن مدى الانقسامات المجتمعية والأيديولوجية، المرشحة للتصاعد، التى وصلت إليها أقوى دول العالم، لربما يلحق مصيرها بالتفكك الذى أصاب الإمبراطورية السوفيتية قبل ثلاثة عقود.

إلى ذلك يبدو «بايدن» وزمرته الليبرالية اليسارية من الحزب الديمقراطى، جاهدًا في السعى لترميم ما يرونه خاطئًا من سياسات اليمين المحافظ الشعبوى خلال الفترة الرئاسية لسلفه من الحزب الجمهورى، داخليًّا وخارجيًّا، وسواء فى منطقة الشرق الأوسط أو فى تخفيف حدة التوتر بين الولايات المتحدة مع كل من حلفائها الأوروبيين أو حيال منافسيها الشرقيين (روسيا والصين)، على سبيل المثال لا الحصر، حيث تأتى العلاقات الأميركية مع الصين فى مقدمة اهتمامات الرئيس الجديد المنتخب، من بعد أن شن سلفه حربًا تجارية مع الصين، كأكبر قوتين اقتصاديتين فى العالم، فضلًا عن مواجهات أيديولوجية، وفيما يتصل أيضًا بالمناخ والوباء.. إلخ، ما سوف يتطلب من واشنطن العمل على التجاوب مع استعداد الصين للتعاون مع إدارة «بايدن» حول عدة أولويات، بحسب وزير الخارجية الصينى، الذى حذر واشنطن من تبنى نزعة «مكارثية» معادية للصين من شأنها- بحسبه- تجاهل المصالح المشتركة للبلدين، الأمر الذى من المتوقع معه أن يتخذ «بايدن» موقفًا أقل عدوانية من «ترامب» الذى سارع من جانبه، وفي معرض اتهام روسيا بالقرصنة الإلكترونية، إلى إلصاق التهمة بالصين التى تشن- بحسبه- أكبر عملية قرصنة إلكترونية على أميركا، أما عن منطقة الشرق الأوسط التى من المتوقع أن تولى إدارة «بايدن» اهتماماتها إزاء تجديد العمل بالاتفاق النووى الإيرانى، كما بالنسبة للمسألة الفلسطينية، إلا أن «بومبيو» وزير الخارجية في إدارة «ترامب» سارع إلى لفت الأنظار إلى تخطئته قرارات «أوباما» السابقة إزاء إيران.. التى سمحت إدارته بتدفق شيكات النقد عليها بالتوازي مع إبرام الاتفاق النووى معها منتصف 2015، فى حين أنها تركت «حليفتنا الحقيقية إسرائيل»، ولم تفعل شيئًا فى الواقع لدعم السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، مستطردًا أن «ترامب» كسر قواعد اللعبة هذه، ورفض وضع تسوية النزاع الإسرائيلى – الفلسطينى فوق مهمة تعزيز الاستقرار الإقليمى (انتهى الاقتباس)، كما أنه ليس بآخر أن تتهم إدارة «بايدن» رجال «ترامب» الذين عيّنهم مؤخرًا فى البنتاجون بعدم تعاونهم مع فريقها الانتقالى فى تقديم المعلومات إليهم.

ما سبق نماذج عن غيض من فيض، قبل أن تشهد العاصمة واشنطن، مطلع يناير المقبل، بالتزامن مع جلسة الكونجرس للتصديق النهائي على نتيجة الانتخابات الرئاسية، مظاهرات حاشدة لأنصار ترامب؛ تعبيرًا عن الانقسامات الجارية فى الولايات المتحدة على الصُّعد الحزبية والأيديولوجية والعِرقية، سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى، إذ سوف تهدد استمرارها بفقدان هيبة الأحادية الأميركية لإحكام السيطرة على زعامة العالم بمفردها، ما بقيت الفرقة على نفس الحال بين عصىّ «ترامب».. فى دواليب «بايدن».